الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مفهوم اليسار و ما يترتب عنه

علي فقير

2013 / 10 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إلى حدود التسعينات لا نجد في قاموس الصراع الطبقي بالمغرب إلا مفاهيم/نعوت: الثوري، التقدمي، الإصلاحي ،الرجعي، الملكي، الجمهوري. وكان طرفا التناقض الرئيسي يتشكلان من القوى التقدمية ( الحركة الاتحادية، الحركة الماركسية اللينينية، حزب التحرر و الاشتراكية، الحركة النقابية عمالية و طلابية، اتحاد الكتاب...)من جهة، و القوى الرجعية ( القصر و كل من يلتف حوله) من جهة ثانية.

من بداية التسعينات، برزت مفاهيم/نعوت جديدة، اختفت معها التقدمية و الثورية، لصالح مفهوم / نعت: اليسار/اليساري.

إن ترويج مفهوم اليسار بدل التقدمية له عدة خلفيات:

- الردة: كان هناك العديدة من المناضلين الذين قطعوا جميع علاقاتهم (تنظيميا، سياسيا و فكريا) مع الحركة الماركسية اللينينية المغربية، لذلك فضلوا استعمال مفهوم "اليسار الجديد" بدل من الحركة الماركسية اللينينية المغربية بهدف خلق غموض، و محو جزء من تاريخ الصراع الطبقي بالمغرب من الذاكرة الجماعية.

- المراجعة (التحريفية؟): هناك من تأثر بالموجة العالمية المناهضة للشيوعية، و التي ركزت نقدها الهدام على التجربة البلشفية عامة، و على المنظور اللينيني للثورة خاصة، هذا ما جعل العديد من "الماركسيين اللينينيين" القدماء يقتصرون على مفهوم الماركسية فقط و " تتشوك لحومهم" عند سماع أسماء لينيني، ماو...

- هناك العديد من الشباب يتأثر بآخر كتاب (إن لم نقل مقال) قرأه، فالوقت الذي لم يطلعوا بما فيه الكفاية على كتابات انجلز، ماركس، لينين، ماو...

- هناك بطبيعة الحال أموال باهظة تنفقها البرجوازية لترويج الفكر المعادي للثورة، المعادي ل اللينينية كممارسة ثورية، في محاولة تقديم الماركسية كممارسة إصلاحية (مختلف الأحزاب الاشتراكية الغربية، و في مقدمتهم الحزب الاشتراكي الفرنسي، يتبنون الماركسية كمرجعية فكرية).

أين يكمن الفرق بين التقدمية (حتى لا أقول الثورية)، و اليسار؟

اليسار هو مفهوم مرتبط بالمكان، و التقدمية مفهوم مرتبط بالزمان و المكان، مفهوم يعبر عن دينامية، مفهوم مناقض للجمود، فكر و ممارسة يتناقض مع الفكر المحافظ و مع الممارسة الإصلاحية...

مفهوم اليسار يفتح الباب أمام قوى غير تقدمية، أمام قوى رجعية لتدخل الجبهات الشعبية و تقودها نحو بدائل أكثر رجعية، نحو بدائل انغلاقية، نحو بدائل أكثر اختناقا ( étouffantes) للحريات العامة و الفردية.

ليست التقدمية عبارة فقط عن موقع في الصراع السياسي ضد نظام معين، فزيادة عن الموقف السياسي من النظام السياسي، فهي منظور فلسفي للعالم، مشروع سياسي، اقتصادي، اجتماعي، ثقافي ، مجموعة من القيم الإنسانية. إن التقدمية بديل يتماشى مع منطق عجلة التاريخ.

نجد في مغرب اليوم، أن طرفي التناقض الرئيسي يتشكلان من النظام المخزني و مختلف القوى المرتبطة به (أكانت "حداثية" أو إسلامية)، حيث تشكل الملكية الأسمنت الذي يرص صفوفها، هذا من جهة، و مختلف القوى المعارضة ( أكانت "يسارية"، ديمقراطية أو إسلامية) من جهة ثانية.

و يمكن الحديث عن التنقاضات الثانوية داخل الكتلة السائدة، رغم أنها محافظة في مجملها (الاتفاق حول الملكية، الرأسمالية، و المذهب السني)، فالفرق مثلا بين الاتحاد الاشتراكي و العدالة التنمية يتجلى في: ، الأول يريد بعض الإصلاحات في اتجاه " الحداثة"، و العدالة و التنمية تريد بعض الإصلاحات في اتجاه الماضي ألظلامي.

إن مشاريع المعارضة تتناقض كليا فيما بينها. فإذا كان الجميع مناهض للمخزن، فالبدائل المطروحة لا تسمح بتشكيل جبهة موحدة ذات أسس متينة. فالمشروع التقدمي ، مشروع مرتبطة بالمستقبل، مرتبط بالقيم الإنسانية التحررية، بالمساواة و في مقدمتها المساواة بين المرأة و الرجل، بإلغاء الاحتكار لوسائل الإنتاج و ما يترتب عنها من استغلال الإنسان للإنسان، مرتبطة بالعلمانية (عدم حشر و استغلال الدين في الصراع السياسي، و في تدبير الشأن العام...)،فالوقت أن البديل الإسلامي يطرح كشرط أساسي للتعامل مع الآخر "الاعتراف بإسلامية الأمة "، "رفض أي قانون يتعارض مع المرجعية الدينية" كالمساواة الفعلية بين المرأة و الرجل، يرفض إلغاء احتكار وسائل الإنتاج (باسم "فضل الله بعضكم على البعض في الرزق")...فهو مشروع ماضوي، مشروع رجعي، يتناقض كليا مع القيم الإنسانية.

هذه تناقضات فعلية، لكنها لا تعلو إلى مستوى تناقض عدائي. فالنضال الوحدوي الميداني ضروري في المرحلة الراهنة، على أساس الاحترام المتبادل، و هذا لا يعني المهادنة في الصراع الفكري، و المقارعة البرنامجتية.

العدو، عدو مشترك، عدو واحد: المخزن بكل تشعباته و امتداداته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألأخ علي فقير !
ماجد جمال الدين ( 2013 / 10 / 21 - 15:49 )
مقالتك أكثر من رائعة ، لأنها تنير ماذا يجري على أرض الواقع حينما نستخدم كلمات مبهمة من مثل يساري ويميني بدل نقدمي ورجعي .. وأنا تحدثت عن هذا الأمر في مقال خاص عن موقع الحوار المتمدن الذي يصر على أنه يساري .. أرجو بحماسة أن تقرأ هذا المقال ::
(ما معنى كلمة اليسار ؟ وما هي الهوية اليسارية ؟؟؟)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=337031


ألمشكلة أن أكثر ألأحزاب الشيوعية و ( اليسارية ) هي ألآن أكثر رجعية مما كنا نعتبره يمينا تقليديا ( ورجعيا بالمعنى ) .. والدليل موقفها من القضايا الحيوية في منطقتنا كمسألة الثورة السورية مثلا ..
شكرا لك على المقال الهادف ... ولكن لي رجاء أخير ..
حين أقرأء أخبار ألمغرب أو مراكش ولا أدري ألتسمية الأصيلة للبلاد ، يفاجئني مصطلح المخزن . والحكومة المخزنية وما أشبه ..
هل لك أـن تنيرني والقرأء من أين أتى هذا المصطلح ؟ ولك جزيل الشكر ..
تحياتي


2 - مصطلحات فقدت قيمتها مع نهاية المعسكر الاشتراكي
ابولؤلؤة ( 2013 / 10 / 22 - 11:47 )
مشكلة المتياسرين عندنا انهم يعيشون على الاطلال البعيدة عن الواقع المعاش . ان مصطلح اليسار والتقدمية كان صالحا في ستينات وسبعينات القرن الماضي . اما اليوم فان استعمال هذه المصطلحات الفاقدة للمعنى هو التمسك فقد بقشرة البعير التي لا تعكس الوضع الحقيقي للحزبوية السائدة . ومن ثم استعمال كلمة يسار او تقدمي او يميني او رجعي هي للتنفيس عن ازمة ايديولوجية وفلسفة فقدت بريقها في مهد هذه المصطلحات ، اي اوربة . ان اكبر ارتداد الذي حرف المناهج وافقد قيمة المعنى والمصطلحات هو تحول الاحزاب الاشتراكية والسيوعية الاوربية الى اكثر من احزاب يمينية ، فما بالك بالنسبة للمغرب الذي ينقل كل شيء عن اوربة . وهنا اين تضع الاشتراكي الموحد والطليعة . هل هما يساريان او تقدميان ؟ نفس السؤال بالنسبة للنهج . ثم اين تموضع جبهة القوى الديمقراطية ، التقدم والاشتراكي ، الاتحاد الاشتراكي ، الحزب العمالي قبل التحاقه بالاشتراكي ؟ اين مكانة المؤتمر الوطني الاتحادي وايتام ( ج 8 ) الخضر او الحمر ؟
ثم هل الحزب الحاكم في موسكو والحزب الشيوعي الروسي هما يساريان ام تقدميان ؟ ونفس الشيء عن الحزب ( الشيوعي ) الصيني ؟

اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا