الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربَّما يَحْدُثُ شيءٌ كهذا...

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2013 / 10 / 28
الادب والفن


ربما يحدثُ شيء كهذا...
أن توقِعَ اللّيلَ في شِبَاكِ نفسِهِ، ويعتذرُ عن حصانِهِ الأعمى، وتقولُ لنفسِكَ وأنتَ تحرسُ طفلاً ضاعَ أبوهُ وسطَ الحكاياتِ الكثيرة: لا أنا وحدي ولا قلبي مليءٌ بالأحبّةِ، وترفعُ قطعةَ خبزٍ عن الأرضِ مخافةَ أن يدوسَها المارّون، تلقيها جوارَ حائطٍ مهترئ، وتجلسُ بعيداً متراً واحداً تراقبُ سربَ النملِ يفتّتُها ويحوّلُها إلى قوتٍ سنويّْ.

ربما يحدث شيء كهذا...
أن الولدَ الذي كان صامتاً لا يظلُّ صامتاً، فقط يتأمّلُ النافذة، والنافذةُ ما كانت خارطةً للحنين... كانت مجرّدَ نافذةٍ يغريها الصمتُ ويعجبها النظرُ، ولا وظيفة لها مع الكلام...

ربما يحدث شيء كهذا...
في المحاولة الخمسين لمعرفة الفرق بين أنفاسِكِ وضحكات الموج، بين لونِ جلدِكِ وظلال المراكبِ على الماء، بين شعركِ وأمنيات الريح، بين أصابعكِ والجداول الصغيرة باتجاه البحر، بين وقتِكِ وصبر الأشجارِ على الفصول، بين خفّةِ القصبِ في حركتِكِ الراقصة والعشب الطويل، بين لمستِكِ ومداخل الحدائق، أنجحُ فقط في رسمِ مدينةٍ ذات بحرٍ وسماواتٍ ملوّنة، وأجدُ اغترابي ما زال في خزائنهِ، كلصٍّ مبتدئ لم يعرف بعد أن الظهورَ هو أفضل طرق الاختباء.

وربما يحدثُ شيء كهذا...
أن تغلي أمي أوراقَ دعائها في عُلبةِ نومي المفتوحةِ دائماً، وتسكبَها تحتَ وسادتي كحلمٍ في ورقِ هدايا، وتحميني من كلّ الخطايا قبلَ أن تسجّلها الملائكةُ في دفترِ ذنوبيَ الكبير، أمي التي لا يستطيعُ أحدٌ إقناعَها بأني لي أخطائي في الحياة، لذلك لا أقولُ لها أي شيءٍ عن نزيفي اليومي، كي لا تنزفَ أكثر مني.

وربما يحدثُ شيء كهذا...
أن أراكِ تسيرين ببطء غيمةٍ تقاومُ الريح، وتسيلين كموالٍ لراعٍ لم يتعدّ حدودَ الجبلِ منذُ أن خُلِق، تعرفُكِ الأعشابُ والجديان المولودةُ حديثاً كما تعرفُهُ تماماً، الفرقُ بينكما، أنه كان دائماً هناك، وأنتِ مررتِ في أحلامِهم كوردةِ ماءٍ لا تُقاوَمْ.

ربما يحدث شيء كهذا...
أن يعجزَ ولَدٌ عن بناء بيتٍ من رملِ البحرِ، وأن يكونَ الماءُ المالحُ خيالَهُ المطلقَ الموغلَ في الظلال، المحروسَ بلغةٍ لا يفهمها، وكلُّنا سنتواطأُ ونقولُ: هناكَ كوارثُ أكثر سوءاً من هذا، لكنّهُ سيلعنُ وقتنا، ولن يبكي كطفلٍ غادرته الناياتُ، لكنّهُ سيصيرُ محارِباً بقلبٍ من البرونز، مهمتُهُ الوحيدةُ منعُ الأطفالِ الآخرين من الوصولِ إلى البحر.

ربما يحدث شيء كهذا...
أن تصيرَ البلادُ وقفةً في ساحةٍ محاصرة، أن تُخبرَ الأمُّ أبناءها عن ثعالبَ مرّت في غابة الكلامِ وصارت مع الوقت مقدّسةً بمخالبَ من أساطير، وسيصدّقُ الأبناءُ وسيبحثونَ عن نجمةٍ في الأفقِ كي يسيلوا مثلَ جدولٍ على منحدر، ولا يعودونَ أبداً كي ينقذوا الأمَّ من أسطورتِها، ولا تجدُ الأمُّ أبناءً كي تقصَّ عليهم نواياها، سيلتقونَ في ساحةٍ بعد أجيالٍ كثيرةٍ، ولن يعرف أحدٌ أحداً...

ربما يحدث شيء كهذا...
أن
لا
يحدث
شيء...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد