الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير: هكذا قسم البريطانيون العالم العربي

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2013 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


شكل تطور الدول العربية الحديثة في العالم العربي إلى ما آلت عليه اليوم عملية فاتنة ومفجعة في الآن نفسه بحسب تقرير نشره موقع لوست إسلاميك هيستوري (التاريخ الإسلامي الضائع). فقبل 100 عام بالضبط كانت معظم الأمم العربية واقعة في إطار السلطنة العثمانية أو دار الخلافة وعاصمتها اسطنبول. أما اليوم فتظهر الخريطة السياسية للمنطقة كمتاهة معقدة، بدأت منذ نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 مع هزيمة العثمانيين وصعود القوميات المتسابقة على أراضي الشرق الأوسط، مشتتة المسلمين عن بعضهم البعض. وبينما تقف عوامل مختلفة خلف هذا التفكك، فإنّ الدور البريطاني كان رئيسياً فيه، بل كان أهم من أيّ دور آخر في المنطقة. فقد عقد البريطانيون 3 اتفاقيات منفصلة مع 3 أطراف مختلفة واعدين كلاّ منها بالدعم. فكانت النتيجة فوضى سياسية قسّمت جزءاً كبيراً من العالم الإسلامي.

اندلاع الحرب العالمية الأولى

أدت العديد من الظروف المعقدة من سباق تسلح وطموحات استعمارية إلى اندلاع الحرب عام 1914، وهي الحرب التي أودت بحياة حوالي 12 مليون نسمة بين عامي 1914 و1918. ومن جانب "الحلفاء" تشكلت القوى من بريطانيا وفرنسا وروسيا. ومن جانب "المحور" من ألمانيا والإمبراطورية النمساوية- المجرية.

بدء الحرب

قررت السلطنة العثمانية في البداية البقاء على الحياد. كما لم تكن قوية كفاية كباقي الأمم التي خاضت الحرب منذ بدايتها، كما كانت تهدد السلطنة انقسامات داخلية وأخطار خارجية. ولم يكن السلطان يومها أكثر من صورة في الحكم خاصة بعد ثورة 1908 التي قادتها الحركة القومية التركية على السلطان عبد الحميد الثاني واستبدلته بحكومة عسكرية بقيادة الباشاوات الثلاثة. وكان هؤلاء من جمعية "تركيا الفتاة". ومالياً كان العثمانيون في وضع خطير ويقعون تحت طائلة ديون للقوى الأوروبية لم يكن باستطاعتهم دفعها. وبعد محاولتها الإنضمام إلى جانب الحلفاء ورفض طلبها، انضمت السلطنة إلى دول المحور في تشرين الأول (أكتوبر) 1914.

عندها بادر البريطانيون مباشرة إلى تصور خطط لتقسيم السلطنة، وتمديد إمبراطوريتهم الشرق أوسطية، فقد كانت لديهم بالفعل سيطرة على مصر منذ عام 1888 وعلى الهند منذ عام 1857. ووقعت السلطنة بالضبط بين هاتين المستعمرتين البريطانيتين العظمتين وكان البريطانيون مصممين على إبادة السلطنة كجزء من الحرب العالمية.

الثورة العربية

إحدى خطط البريطانيين كانت في تأليب العرب على الحكومة. وقد وجدت بريطانيا استعداداً لذلك في الحجاز من خلال شريف مكة الحسين بن علي الذي دخل في اتفاق مع البريطانيين لقيادة الثورة العربية ضد العثمانيين. ولم تتأكد ظروف قبوله بالإتفاق مع البريطانيين ضد مسلمين آخرين. أما احتمالات دوافعه فكانت سياسة التتريك التي مارسها نظام الباشاوات الثلاثة على العرب، أو بكلّ بساطة طموحه في تولي الملك.

بدأت المعارك الحربية في جدة في 13 حزيران (يونيو) 1916، وانهزمت الحامية التركية وسقطت مكة في 9 تموز (يوليو) في عام 1916، وبعد شهرين تقريبا حرر العرب ثغري "الليث" و"اومليح" على البحر الأحمر بين الحجاز واليمن، وفي 23 أيلول 1916 استسلمت الطائف، وفي تموز 1917 سقط ميناء العقبة، كما احتل البريطانيون بغداد واحتج الحسين لكن بريطانيا علقت أنه تدبير عسكري مؤقت وغير مهم سياسيا. وبين عامي 1916-1917 انضم للجيش العربي عدد من الضباط من سوريا وفلسطين ممن كانوا في الجيش العثماني، وبعد ذلك حررت بيروت وحلب وحماه وطرابلس وصيدا وصور وحمص. وفي تشرين الأول (أكتوبر) تم تأليف الحكومة العربية الأولى في بيروت، ورفع العلم على سرايا بيروت. وبذلك تمكنت الثورة من طرد القوات التركية من الحجاز، ومن مناطق في شرق الأردن، وساعدت المجهود الحربي البريطاني عسكريا وسياسيا في المشرق العربي. اقترب العرب من إقامة الدولة العربية الموحدة في الجزيرة والمشرق، وكانت بريطانيا تمارس دعماً عسكرياً مسلحاً بالإضافة إلى تقدم جيوشها.

ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أنّ معظم العرب لم يؤيدوا الثورة، فقد كانت حركة أقلية قادها بعض القادة ممن سعوا إلى زيادة سلطاتهم الخاصة. أما خطط الشريف حسين لتأسيس مملكته العربية فقد كانت تسير على ما يرام حتى الآن نظراً للوعود البريطانية المعروفة له (رسائل مكماهون).

اتفاقية سايكس- بيكو

ما لم يعرفه الشريف الحسين هو الخطط البريطانية- الفرنسية لتقاسم الشرق بينهما في إطار اتفاق سري ما بين الدبلوماسيين البريطاني مارك سايكس، والفرنسي فرنسوا جورج بيكو. وهو الإتفاق الذي فضحته روسيا بعد ثورتها البلشفية 1917 وانسحابها من الحرب.

وبموجب معاهدة سايكس ـ بيكو، قسمت بريطانيا وفرنسا المشرق العربي ـ باستثناء شبه الجزيرة العربيةـ إلى خمس مناطق، ثلاث مناطق ساحلية هي المنطقة الزرقاء (السواحل اللبنانية السورية وأعطيت لفرنسا بما في ذلك جنوب تركيا)، الحمراء (السواحل العراقية من بغداد إلى البصرة وأعطيت لبريطانيا)، والسمراء (فلسطين)، ثم منطقتين داخليتين رمز لهما بحرفي (أ) للمنطقة الداخلية السورية، و(ب) للمنطقة الداخلية العراقية. وبذلك لحظت الإتفاقية طموحات الحركة الصهيونية في فلسطين حيث يقرر مصيرها لاحقاً.

وعد بلفور

أو تصريح بلفور هو الإسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

حين صدر الوعد كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5 في المئة من مجموع عدد السكان. وقد أرسلت الرسالة قبل أن يحتل الجيش البريطانى فلسطين.

أما نصه فقد جاء كالتالي:

"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

3 اتفاقيات متضاربة

وبحلول عام 1917 كان البريطانيون قد أجروا 3 اتفاقيات مختلفة مع 3 مجموعات متباينة تعد كلاّ منها بمستقبل سياسي مختلف عن الآخر في الوطن العربي. وفيما أصر العرب على نيل المملكة العربية التي تعهدت بريطانيا للشريف حسين بإقامتها، كانت فرنسا تتوقع (والبريطانيون كذلك) التقسيمة التي تحدث عنها اتفاق سايكس- بيكو. أما الصهاينة فقد كانوا يتوقعون نيل فلسطين وطناً لهم بحسب وعد بلفور.

ومع نهاية الحرب بانتصار الحلفاء عام 1918 والدمار الكلي للسلطنة العثمانية، فقد باتت كلّ أراضيها تحت وطأة الإحتلال الأوروبي المباشر. انتهت الحرب وبدأت أزمة الشرق الأوسط الطويلة، والمستمرة حتى يومنا هذا، بدءاً من انتداب المناطق العربية بحسب اتفاق سايكس- بيكو، وتعديل خرائط الدول تحت الإنتداب الذي فرض في مؤتمر فرساي الذي أقر انتهاء الحرب بلا غالب ولا مغلوب، وصولاً إلى السماح لأبناء الشريف حسين بتأسيس إمارة شرق الأردن بالنسبة لعبد الله، وبتسلم الملك في العراق بالنسبة لفيصل، ومع ذلك فقد استمرت المنطقتان خاضعتين للسيطرة البريطانية والفرنسية. أما الصهيونية فقد مهد لهم الإنتداب البريطاني بين العشرينات والأربعينات عبر هجرة اليهود إلى فلسطين تأسيس دولتهم إسرائيل عوضاً عن فلسطين بحلول العام 1948.

ويختم التقرير بالقول إنّ الفوضى التي ارتكبتها بريطانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى تستمر آثارها إلى يومنا هذا. والإنقسامات التي أرستها المملكة المتحدة في العالم الإسلامي تستمر على زخمها اليوم بالرغم من مرور 100 عام كاملة عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال