الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاناة المثقف والاعلامي الكردستاني في الخارج

نعمت شريف

2013 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



مما لاشك فيه ان دور المثقف الكردستاني في الخارج متمم لدوره في الداخل من غير ان يتعارضا او يكونا بديلين لبعضهما البعض. ومن هذا المنطلق نجد ان المثقف الكردستاني في الداخل قد قطع شوطا كبيرا في السنوات الاخيرة لما اتيح له من مساحة في التفكير والتعبير ووسائله المتاحة. بينما نرى تراجعا في دور المثقف الكردستاني في الخارج نتيجة لعدم تطوره بالسرعة نفسها بالمقارنة مع شقيقه في الداخل، وهذا يرجع بشكل رئيسي ومباشر لسببين: اولهما الامكانيات المالية المتاحة وثانيهما التغيير الذي حصل في التوجه الثقافي نحو الداخل وعودة العديدن منهم بعد ان كانوا في الخارج الطرف المميز لما كانوا يتمتعون بها من حرية التعبير والنشر بالمقارنة بالداخل في العهود البائدة.

وقبل ان نخوض في التفاصيل اكثر لابد ان نقول ما قلناه لحد الان ينطبق على دور الاعلامي الكردستاني مع فارق واحد وهو ان الاعلام الموجة كان يديره الاحزاب الكردستانية في معظم الاحيان. لا ينكر انه كانت هناك ولا تزال جهودا لا بأس بها على مستوى الاشخاص رغم صعوبة ظروفهم المادية من جهة ومحدودية الجهود الفردية من جهة أخرى. واما الاعلام الكردستاني بشكل عام فقد كان ولا يزال ليس بالمستوى المطلوب، وربما تراجع بعض الشئ في السنوات الاخيرة.

بلا شك ان الداخل هو المنبع الرئيس ينهل منه المثقف، يتفاعل معه عن قرب او عن بعد، يتأثر به ويؤثر فيه، ينقل منه وينقل اليه، ولا يكتمل دور المثقف الا اذا قدم نفسه نموذجا للثقافة لقرائه في الداخل والخارج. ومن هذا المنطلق نجد تفاوتا كبيرا بين المثقفين انفسهم كافراد وكمجموعات في الداخل والخارج. دعنا نضع موضوع المثقفين والاعلاميين في الداخل جانبا، فهذا ليس موضوعنا الان، ولنركز قليلا على معاناة المثقف الكردستاني في الخارج.

يمكننا ان نصنف اسباب معاناة وعدم استطاعة المثقف والاعلامي الكردستاني في الخارج ممارسة مهامه بشكل رئيسي الى صنفين:

-- البعد الجغرافي وما يولد ذلك من معاناة نفسية واجتماعية وثقافية لانعدام الاحتكاك اليومي للمثقف الكردستاني ببيئته الثقافية والاعلامية وما يتبع ذلك من وسائل النشر والتفاعل مع الجماهير.

-- البعد المادي وما يولد ذلك من محنة أنسانية. فالمثقف الكردستاني يعاني من معضلة العيش في المجتمعات الغربية فلا بد له ان يعمل ليحصل على قوته وقوت عائلته مما يملأ جل وقته، ورغم معاناته يصعب عليه ممارسة مهامه الثقافية. لا يقل معاناة الاعلامي عن معاناة نظيره المثقف وكثيرا ما يجتمع الاثنتان في شخص واحد مما يضاعف شعوره بالاحباط. وهكذا يتحول المهمة الى هواية يمارسها أنى أستطاع اليه سبيلا. وأذا حاول المثقف والاعلامي الكردستاني ممارسة أدوارهما، فلابد ان يقنع بالفقر لنفسه ولعائلته في احسن الاحوال.

دعني اقول كلمة ولو بأيجاز شديد عن دور الاحزاب والمنظمات الكردستانية في هذا المضمار، ففي فترات النضال ومقارعة النظام البائد، كانت الاحزاب والمنظمات الكردستانية تتهاتف على جهود المثقفين والكتاب والاعلاميين وتشجعهم كدعم معنوي وكجزء من نضالهم القومي ولكن من دون اي دعم مادي. واما اليوم وقد تغير الحال في الداخل، ولكن لم يتغير شئ من الناحية المادية في الخارج، وحتى الدعم المعنوي والتشجيع فقد نضب، فهناك الفضائيات وهناك الاقلام التي لا تكتب الا بثمن، وهذا لا يعني انها مأجورة، ولكنها تمارس كمهنة توفر ليس فقط القوت اليومي، ولكن ربما في الكثير من الاحيان، العيش الرغيد. هاجر معظم المثقفين والاعلاميين الكردستانيين الى الغرب بحثا عن مساحة من الحرية يمارس فيها انسانيته، واليوم يعودون الى الوطن بحثا عن أشياء اخرى بعضها مادية بحتة وبعضها انسانية، ورغم مشروعيتها، فهم يتركون مساحات من العمل شاغرا يصعب ملؤها بغيرهم.

رغم كل هذه الصعوبات والمعاناة لابد من كلمة حق نقدمها وبتواضع لكل اولئك الذين ناضلوا وسهروا الليالي ليقوموا بأداء واجبهم القومي والوطني وأعلاء الكلمة الحقة، فلا امة بلا ثقافة ومثقفين ولا امة تعيش في فراغ، ومن هنا يبرز دور المثقف في الخارج ليس فقط بايصال ثقافة امته الى الامم الاخرى، ولكن ايضا باغناء تقافة امته ووطنه بالتفاعل مع ثقافات الامم الاخرى ونقلها الى الداخل.

في السنوات الاخيرة وخاصة سنوات مابعد النظام البعثي انطلقت ثورة اعلامية وثقافية كبيرة في الداخل ورغم بعض التراجعات الاخيرة، لا تزال هذه الثورة مستمرة في نظرنا وتبشر بالخير الكثير والعطاء الوافر، ولكنها لم تصل الى الخارج بعد، وعلى العكس ربما امتصت بعض الطاقات منه. ولذا نجد لزاما ان نذكر المثقفين والاعلاميين والمسؤولين في الداخل ليولوا اهتماما اكثر بطاقات الخارج، فمثلا نرى انه من الضروري ان تكون هناك مراكز اعلامية وثقافية، مراكز لاجراء البحوث والترجمة في الخارج يقوم عليها اشخاص اكفاء لهم استقلاليتهم الفكرية والمهنية وغير منحازين لهذا الطرف او ذاك. ففي نهاية المطاف تصب جميع الجهود ونتائجها في مصب واحد، في مصب خدمة الوطن الكردستاني، وقضيته الانسانية.

نأمل ان يكون هذا الطرح مدخلا وحافزا للكتاب والمثقفين والاعلاميين الكردستانيين خارج الوطن للمناقشة وطرح ارائهم وربما للعمل على تأسيس رابطة لهم في الخارج لتقريب الاراء ودعم بعضهم البعض لخدمة الوطن وفائدة الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة