الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقيدة الوحش المجنَّح

محمد علي عبد الجليل

2013 / 11 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان هناك قوم يعتقدون أنَّ في الغابة المجاورة وحشاً ذا جناحين جسدُه جسدُ إنسان ورأسُه رأسُ حيوان يُخرِج من فمه ناراً تقتل كلَّ من يدخل الغابةَ. وقد طوَّروا هذه العقيدةَ وورَّثوها لأبنائهم. ومع الأجيال، أصبحَتْ هذه العقيدةُ دِيناً له طقوسُه وقرابينُه ورِجالُه وكتُبُه المقدَّسة.

وذات يوم ذهبَ أحدُ أبناء القوم من المشكِّكين لاكتشاف حقيقة هذا الوحش الغريب ولم يَــثْــنِه عن ذلك تحذيراتُ "عقلاءِ" القوم وأكابرهم. وبعد عدة أيام عاد الشاب المستكشف حياً إلى قومه ينبئهم ببطلان ما يعتقدون به، إذْ إنه جابَ الغابةَ كلَّها ولم يرَ أيَّ وحش وها هو رجعَ إليهم سالماً. فقال لهم:

"إنَّ عقيدتكم عن الوحش المجنح لا يقابلها شيءٌ في الواقع وليست سوى صورةٍ مؤلَّفة من عدة أجزاء مأخوذةٍ من واقعكم ركَّبَــتْها أذهانُكم ومخيِّـلاتُكم تحت دافع خوفكم وجهلكم".

فوصفه أهلُه وقومُه بالجاهل والمجنون. ولجأ أحدُ رجال الدين منهم إلى ما يسمَّونه بـــ"المنطق" لإقناع المستكشف بالعودة إلى دين آبائه قائلاً له:

"هل من المعقول أنْ يكون كلُّ أبناء القوم على باطل وأنتَ على حق؟ هل يُعقَل أنْ يُخطئَ آباؤنا وأجدادنا جميعاً وتصيبَ أنتَ وحدك؟ ألا تشعر بوجود الوحش في داخلك؟ ألا تشعر بخوف منه؟ أليس الوحشُ المجنَّح هو الذي يحميكَ ويحمينا؟ ثمَّ ما هي أدلَّــتُــكَ المنطقية على عدم وجوده؟ هل كنا سنعيشُ في أمان طيلةَ هذه السنين لولا حمايةُ الوحش العظيم ولُطفُه بنا؟ إنَّ المنطق يقول إنَّ كلَّ فعلٍ يحتاج إلى فاعل. فانظر إلى نعمة الأمن التي نعيش فيها. أليست دليلاً كافياً على وجود وحشٍ حافظ حفيظ قوي عزيز متين أمين؟"

وأمامَ إصرارِ الشابِّ على موقفه المبنيِّ على التجربة، وأمامَ خوفِ القوم من انتشار عدواه بين الشباب، قرَّر من يسمَّون بـــ"عقلاء" القوم ورجالُ دينهم إمهالَ هذا الشاب المرتدّ عن عقيدتهم ثلاثةَ أيام وخيَّروه بين: الرجوع إلى العقيدة أو الرحيل عن أرض الأجداد. وقد طالبَ بقتله، دفاعاً عن الوحش، بعضُ المؤمنين مِن الذين ضربَت حرارةُ إيمانهم العاليةُ خلايا دماغِهم.

ولم يكنْ أمامَ الشابّ المستكشف سوى مغادرة قومه حزيناً عليهم ليكمل حياته في مكان آخر. ولم يمنعِ الطردُ والتهديدُ بالقتل القليلَ من أبناء قومه مِن اختبارِ ما اختبرَه وتلَــقِّي المصيرِ نفسِه.

واستمرَّ القومُ في عقيدتهم وطقوسهم. وانقسموا فيما بعدُ واقتتلوا فيما بينهم. وقُـــتِـــلَ منهم بشرٌ كثيرون. ودنَّسَتْ دماؤهم الأرضَ دفاعاً عما يسمُّونه بـــ"المقدَّسات". ولكنهم حتى الآن وعلى الرغم مما قُـــتِـــلَ منهم لم يتخلَّوا عن دينهم. وما زال كثيرٌ منهم مستعداً للقتل أو للموت من أجله. "ولكنَّ أكثرَ الناس لا يعلمون"، كما تقول أحدُ كتبهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 11 / 16 - 01:02 )
تم التعليق في خانة الفيس بوك ؛ تحت اسم (أبو بدر الراوي) , و السبب : سعة مساحة الكتابه .

تحياتي


2 - عقيدة الجحش المجنح
ألأمل المشرق ( 2013 / 11 / 16 - 05:00 )
الفيلسوف الكاذب ابوبدرعبدالواوي خلف الذي يختفي خلف فيسبوك زوكربغ كل ما أتى به من قص ولصق هو كلام ملفق
هذا ما يقوله ستيفن هوكينغ :
عندما يسألني الناس إن كان الله قد خلق الكون، اجيب ان السؤال نفسه لا معنى له. لم يكن الزمن موجوداً قبل الإنفجار الكبير، لذلك لم يكن هناك (زمن) يستطيع الإله فيه خلق الكون.. هذا يشبه السؤال عن إتجاه السير نحو حافة الأرض، فالأرض كروية لا توجد لها حافة والبحث عن حافة للأرض ما هو إلا مناورة عقيمة.. كل واحد منا حر بأن يؤمن بما يريد. ولكن حسب وجهة نظري فأن أسهل تفسير هو :
الله غير موجود
لم يخلق أحد الكون
ولا أحد يقرر مصائرنا
وهذا يقودني إلى إدراك عميق بأن ليس ثمة جنة ولا آخرة أيضاً، لدينا فرصة في هذه الحياة الواحدة لكي نحترم التصميم المعقد للكون.. وعلى هذا، انا بغاية الإمتنان
youtu.be/1zblTCsThDE

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س