الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قتلوك يوم خونوك

مسعود عكو

2005 / 6 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


إلى هذه اللحظة لا أستطيع كتابة أي رثاء يليق بجنابك ,إلى هذه اللحظة تبقى كلماتي أسيرة في حلقي تأبى الخروج من سجنها , إلى هذه اللحظة لساني عاجز عن الترحم عليك وكأنك لم تمت أو لا أصدق قتلك.

تبقى كل كلمات الكون فقيرة زاهدة لا تتجرأ على بوح ما بداخلها من هول المصاب الجلل الذي ألم بنا فمن يصدق أن تنتهي حياة علامة مثلك بنهاية كهذه الفاجعة ومن كان يستطيع أن يتخيل أن نجد يوماً ونحن في أمس الحاجة إليك, أن نريدك ولا نجدك, أن نطلبك وتكون مختفياً, أن نلتجأ إليك فلا نراك, من كان يصدق كل هذا.

سيدي الكريم أريد أن أنقل صورة درامية لما كان يعرض على مسرح الجريمة النكراء, ولا تهمني الجهة القاتلة في أداة رخيصة أرادت النيل منك بثمنٍ بخس, ولا أريد أن أحاكم جلاديك لأنهم أناس مؤتمرين, ولكن لا ولن أسامح تلك التماسيح عندما بدؤوا يذرفون العبرات على فراقك, يتباكون على موتك وقبل إعلان رحيلك بساعات كانوا يمثلون بجسدك الطاهر, كانوا يأكلون لحكم ميتاً فالعشرات منهم كانوا يتهمونك بالخيانة, بالعمالة, بالتبعية للأجهزة الأمنية وقالوا عنك الكثير, بالسوء طبعاً لا بالخير ,وأعظم قولٍ عندما اتهموك بأن اختفائك كان فبركة منك ومسرحية محاكة بينك وبين إحدى الفروع الأمنية, إن لم يكن كلها.

هؤلاء الجلاوزة الذين اغتالوا صوتك قبل جسدك, هؤلاء الكفرة الذين اغتالوا دينك وإسلامك قبل روحك , هؤلاء الذين مثلوا بفكرك وأرائك قبل أن يمثلوا بجسدك الطاهر.

هؤلاء اغتالوك قبل الجلادين, هؤلاء قتلوك قبل القاتلين, هؤلاء أكلوا لحمك ميتاً فعندما كنت تحت نير الطغاة كانوا يتهمونك بأنك في فنادق مليون نجمة, وعندما كنت تتجرع الذل والهوان كانوا يتهمونك بأنك معزز مكرم وذاهب في رحلة استجمام في إحدى الجزر للسياحة.

فأي تماسيح أنتم يوم بكيتموه في جنازته, وعلى قبره ,وحتى عندما ألقيتم كلماتكم التأبينية تحت خيمة عزاءه ,ألم يكن هو نفسه العميل الرخيص الذي كان معظمك يصفونه ألم يكن هو من أتى من وراء الكواليس بنية مبيتة فيها الضرر للشعب والأمة, ألم يكن هو الذي اتهمتموه بأن اختفاءه لعبة أمنية لإخراج بطل جديد يستنزف طاقات هذا الشعب .

ما أنتم من أصناف البشر ,وبكم وجهٍ تجوبون الشوارع ,وتضحكون في وجه هذا وذاك وما في قلوبكم إلا الغل والحقد الدفين وما الاتهامات الرخيصة إلى تلصقون بها كل الناس إلا هواية تمارسونها أو مهنة تمتهنوها وتقبضون عليها الكثير من الغنائم والنفائس قد لا تكون جاهاً أو مالاً ولكنها بطاقة توصية ترفعون فيها من شأنكم عند أسيادكم كالكلب الذي يلعق حذاء سيده بعد أن أتى بالعظمة التي رماها.

الشيخ الشهيد اعذرني على كلماتي فأقسم بما كنت به مؤمناً بأنه ليس بيني وبين أحد حقد أو كراهية ولكن كفى لهؤلاء الجلادين الحقيقيين الذين يمثلون يومياً بأجسادنا, يتجارون في كل لحظة بأرواحنا ويبيعوننا دائماً بأرخص الأثمان ,وما كنت سوى إماماً قادماً لتصلح هذه الرؤى ولكن قدومك قد أزعجهم إلى درجة تخوينك واتهامك بشتى التهم,

فطوبى لك هذا الموت العظيم وطوبى لك هذا الإرث الكريم من الفكر والطريقة الصالحة, وخسأ جلادوك والمتباكين عليك هؤلاء الذين قتلوك ومشوا في جنازتك ويعزون ذويك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله خلال الس


.. عاجل | الجيش الإسرائيلي يحذر: مطار بيروت سيكون هدفا في هذه ا




.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء أحياء في ضاحية بيروت الجنوبي


.. إعلام إسرائيلي: الهجوم الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت سي




.. النرويج.. مظاهرات تضامنية مع لبنان في أوسلو ضد العمليات الإس