الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمهور...وتطور المسرح

فاضل خليل

2013 / 11 / 28
الادب والفن


وكما يستحيل وجود المسرح من غير ممثل ، كذلك يستحيل وجود المسرح من غير المتفرج . ذلك لان كليهما يحمل ذات الأهمية في عملية الإبداع في المسرح . فهما في حالة حركة ديناميكية مستمرة من إحراج أحدهما الآخر بقبول أو رفض ما يقدمانه لبعضهما من الموضوعات والأشكال التي تقدم لهما ومن خلالهما , عبر مجتمع يفرض عليهما بحتميته التاريخية المتطورة والمتصلة العديد من الأفكار . أذن فهذا الموقع المهم لدور المتفرج في المسرح الموازي في الأهمية نسبيا لدور الفنان . لأنه يهدينا عيوبنا ويساعدنا في ازدهار الظاهرة المسرحية ووصولها . ويعني بالضرورة ازدهار المجتمع ، والعكس صحيح أيضا لان المسرح والفنون عموما ترتبط بالجماهير ارتباطا وثيقا .
أن هذه الأهمية تدفع المخرجين لان يخصصوا الجزء الأهم من عملية اختيارهم للموضوعات التي تعتمد الدراسة الدقيقة للمجتمع وميوله ضمن المرحلة – دراسة سيكولوجيه – متعمقة مع طرح مجموعه من التساؤلات أهمها :
1- ما الذي يهم المشاهد في اللحظة الراهنة ؟
2- كيف يمكن إدراك متطلباته التي تشبع رغباته ؟
3- ما هي الحاجات الملحة للجمهور التي تتفق مع خصوصيته ؟
4ـ ما الذي يجري في حياته العامة، والداخلية في وجه الخصوص، وغير ذلك من الأسئلة التي تتراوح في أهميتها
وفي ضوء تلك المعرفة المتنوعة والمختلفة، تتنوع وتختلف المسرحيات التي يتم اختيارها كما يختلف تقديمها ضمن الزمان، والمكان، وطبيعة الناس في المجتمع الواحد – أي بمعنى آخر – كيف نستطيع أن نتوصل إلى تنوع عددي مقبول من الجميع عبر تنوع المقدم من العروض. ومثلما الكاميرا في السينما والتلفزيون هي عين المخرج والمشاهد، فأن المخرج هو عين المتفرج في القاعة – وهي قاعدة معروفه – يمكنه أن يختار من خلال معرفته لجمهوره ومجتمعه أن يختار نوع المعالجة للمسرحية وصولا إلى التكامل الفني في العرض. لان المخرج وفي كثير من الأحيان يتأثر عندما يبدأ عمله على التجسيد بأفكار الناس المغايرين لأفكاره، والناس الذين لهم علاقة به ويتفقون مع تفكيره من الذين يحملون ذات الهم الذي يشغله، كي يشتغل عليه. وفي النهاية تجد أن تلك المعالجة ستشمل إيجابيا مجموعه كبيره من الناس, أي أنها تشمل جمعا اكبر من هذا القليل الذي يعرفه ويتأثر به من هذا المجتمع الكبير, وهذا لا يخلو من خطورة قد تحجم الفنان مثلما تحجم الجمهور الخاص الذي يعرفه.
هذا الفهم المتقدم لدور المتفرج في المسرح يدعونا إلى التفكير بجدية، في البحث عن السبل الكفيلة بكسبه وباستمرار, لان غيابه ـ كما هو الحاصل اليوم ـ يؤدي إلى العديد من الأزمات, ابتداء من خلو قاعات العروض المسرحية من حضوره فيها, حيث تنتفي معها ضرورة البحث عن صالات عرض بمعزل عن المتفرج المتفاعل – المتطور والمطور – للظاهرة المسرحية, ومعها سيصبح من غير المجدي وضع البرامج والتخطيط والريبورتوار. يضاف إلى ذلك أن تقيم الأعمال تلك سينتهي من غير المتفرج. فمجمل النجاح الذي حققته أعمال النخبة من الفنانين دلت على استمرار تواصل الفرجه معهم. وهي محاولة جادة لإخراجه من دور التلقي السلبي في العملية الإبداعية. فهم اخذوا بنظر الاعتبار تطوير موقف المتفرج, ومحاولة إخراجه من موقف التلقي السلبي الذي تغذيه المسارح الاستهلاكية التي – متعمدة أو غير متعمدة – تبعده عن إيجابية التلقي التي يسعى لها المسرح الجاد في النهوض بالمسرح كظاهرة حضارية وكمؤسسه ثقافية مهمة في دورها الأهم في التغير والتحريض .
من العبث أن نقارن بين حالة الجمهور المستقرة والواضحة الأبعاد في المسارح العريقة وبينه في مسرحنا العربي الذي يراوح إلى الآن في إيجاد هويته وخصوصيته , وهي مسؤولية مشتركة يتحملها الاثنان معا المتفرج أولا والفنان . الأمر الذي يصعب معها تقديم دراسة مؤكدة للنهوض بهذا الواقع المشترك , وصولا إلى المتغيرات التي يمكن حصولها , ضمن فترة زمنية يمكن أن نحددها مسبقا بفترة زمنية يمكن حصرها بموسم مسرحي محدد أو أكثر زائدا نوع وكم الجمهور لهذا الموسم والموسم الذي سبقه والموسم الذي سيليه . مع دراسة أسباب التطور في العدد والنوع . هذا الطموح يكاد يكون من المستحيل استنتاجه أو حصره لأسباب عديدة أهمها: المزاجية التي يتميز بها هذا النوع من الجمهور, مثقفون, نقاد مسرح, عاملون في الصحافة , وحتى قسم كبير من العاملين في حقول الفن والمسرح على وجه الخصوص... وسواهم، في ادعاءهم لقبول هذا العرض من عدم قبوله, أو في ادعائهم القبول والانسجام معه كذبا في أحايين كثيرة, لأسباب منها، ما هو موضوعي، وأكثرها يدخل في المزاجية والقرارات الانطباعية الآنية التي لا يعول عليها علميا. والتي تدعوهم لرفض أعمال غاية في الأهمية وقبولهم عروض أقل أهمية منها. ورغم عدم أهمية تلك الآراء أو أهميتها في أحيان نادرة جداً تحرض قسماً آخر من الحضور الذي يظل أياماً من غير رأي حتى يستأنس بتلك الآراء الانطباعية. هذا النوع من تقييم الجهود المسرحية – وهو لا يخدم الظاهرة المسرحية ولا يطورها – يؤثر سلباً في تقييم المتفرج الذي نسعى للنهوض بهِ لأنه سيفقد الثقة برأيهِ وبالمسرح . والأنكى من ذلك فإن فشل عرض مسرحي لفرقة ما يعني فشل موسمهِ الذي لا يتسع لأكثر من عرض نتيجة للظروف الذاتية والموضعية والصعوبات التي تعترض تقديم ذلك العرض ضمن ظرف العراق وواقعه الآن .
هي وقفة إذن وتساؤل، حول: كم تؤثر تلك الآراء الانطباعية المتسرعة وغير المسؤولة على استمرارية وتطور المسرح محليا وعربياً ؟ لأن وجود أية أزمة بين المسرح والجمهور ستجعل من المسرح تابعاً ذليلاً لاهثاً وراء ذلك الجمهور ابتغاء إرضائهِ وتطمين رغباتهِ مثلما تمكنوا من بعض المسارح، وأرغمتهم على رفع شعار (الجمهور عايز كده). وسيكون المسرح حينها في عزلة عن الجمهور وسينغلق على نفسهِ ولن يحقق الصدمة المطلوبة بين الحين والحين الساعية إلى تمتين أواصر العلاقة بين المسرح والمتفرج سعياً في كسر مألوف والابتعاد عن التكرار في الشكل والمضمون النابعة من الصدق في التعامل ودقة الاختيار بالموضوعات ذات الصلة به، والمجيبة عن تساؤلاته، والباحثة عن ما يخلصه من مخاوفه، وفي مراعاة أسس التوافق النفسي بينه وبين ما هو معاصر ومطلوب من المفاهيم في الحياة والعمل، سعيا وراء التساؤلات الأزلية في الوجود والعدم، ابتغاء الوصول إلى الحرية المفقودة في أكثر الأحيان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا