الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عز الدين ميهوبي: لا يمكن تصور اتحاد يعلق عضوية الأدباء العراقيين والفلسطينيين

طالب عبد الأمير

2005 / 6 / 9
مقابلات و حوارات


رئيس الاتحاد العام للكتاب العرب، منصب تم استحداثه بعد خلافات حادة وصراعات خلف الكواليس، أطرافها مختلف الوفود العربية المشاركة في المؤتمر، والتي كادت تشق صفوف الاتحاد، ليتم بعد ذلك اتفاق وسطي، استهدف رأب الصدع بين التيارين المتنازعين حول قيادة الاتحاد. وتم على أساسه تجديد انتخاب السوري علي عقلة عرسان في منصب الأمين العام، واستحداث منصب جديد هو رئيس الاتحاد. تحدثت «الشرق الأوسط» على هامش لقاء الشعر العراقي في الكويت إلى الكاتب ميهوبي، حول المؤتمر الأخير وكيف رآه؟ ولماذا الإصرار على تجديد انتخاب أمينه العام لثلاث مرات متتالية بشكل مخالف للشروط الداخلية للاتحاد؟ هنا حوار معه حول هذه القضية وقضايا أخرى:
* ماذا تحضّرون للمؤتمر العام المقبل للاتحاد الذي سيُعقد في القاهرة عام 2006، وهل نعد أنفسنا بتغيرات كبيرة؟
ـ المؤتمر السابق انعقد في الجزائر بعد 20 عاما من الغياب، وأردناه وسيلة للخروج من عزلة بعد أزمة سياسية وأمنية صعبة، ولنعيد تطبيع علاقاتنا مع العالم العربي. الاتحاد في هذا المؤتمر، للأسف لم يلتزم بنصوصه التي تقول لا يمكن للامين العام ان يترشح لأكثر من دورتين، وتسعة أعضاء من الاتحاد قدموا مقترحا يقضي بتجديد انتخاب الدكتور علي عقلة عرسان بمسوغ سياسي أكثر منه قانوني، فأثار هذا نقاشا استمر ثلاثة أيام. وكان لابد من اللجوء إلى صيغة أخرى، وهي إيجاد منصب رئيس والإبقاء على منصب أمين عام الاتحاد. وهكذا انتخبت الجزائر كرئيس للاتحاد العام لدورة واحدة وتم التمديد للأمين العام لدورة واحدة، بمعنى ان المؤتمر القادم للاتحاد سيشهد إعادة النظر في نصوص الاتحاد. ونأمل ان تكون إعادة النظر مُعمقة، في ما يخص مهام الاتحاد والرئيس، وان يتجاوز الاتحاد نطاقه العربي لينفتح على التنظيمات الثقافية والهيئات الغربية والعالمية عموما.

* لكن الأمل شيء والعمل شيء آخر، فهل ثمة اتحادات في الأمانة العامة جادة في التغيير نحو الأفضل؟

ـ هناك اتحادات يمكن التعويل عليها، كاتحادات المغرب والجزائر والأردن، وربما بعض من الخليج. كما قد نجد أفكاراً لدى الاتحادات العربية الأخرى، خاصة اننا سنتعزز بانضمام اتحاد كتاب السعودية بعد ان تأسس، ونأمل بأن يُسمح للكتاب العُمانيين بتأسيس اتحادهم حتى تتوسع شبكة الروابط. النية موجودة، ولا يمكن ونحن نعيش في عالم متغير، ونظل في البلدان العربية بمعزل عن هذه المتغيرات. وما يجب ان ننظر إليه بجدية هو عضوية الاتحاد العام، خاصة وأنه حصل الكثير من حالات التعليق والتجميد لاتحادات، مثل اتحاد كتاب مصر واتحاد كتاب فلسطين وحاليا اتحاد كتاب العراق الذي جمدت عضويته ليس في مؤتمر الاتحاد في الجزائر، ولكن في اجتماع المكتب الدائم الذي انعقد في ديسمبر 2003 في القاهرة، عندما قدم عرسان تقريرا عن وضعية اتحاد أدباء وكتاب العراق. الاتحاد السابق سقط بسقوط النظام في العراق، وبالتالي أصبحنا أمام وضعية مختلفة. الكتاب العراقيون عقدوا مؤتمرا جديداً في غياب الاتحاد الذي كان يفترض حضوره. والتقارير التي وصلتنا عن المؤتمر تشير إلى مشاركة جيدة وانتخاب قيادة جديدة للاتحاد، لكن اجتماعين لاحقين لمكتب الاتحاد العام للكتاب العرب; واحد في عمان وآخر في الخرطوم، لم يتم فيهما رفع تعليق عضوية اتحاد العراق. ونأمل ان يتفهم أعضاء المكتب الدائم في اجتماعهم القادم الذي سينعقد في طرابلس في 10 يوليو(تموز)، وان يعيدوا النظر في قراراتهم، ومثلما تعاملوا مع الاتحادات التي مرت بظروف مماثلة ان يتعاملوا مع اتحاد كتاب العراق. هناك اتحادات لم تعقد مؤتمراتها لحد الآن، وهي تمارس عضويتها.

* تعهدت أمام الجميع بأنك ستستقيل من منصب رئاسة الاتحاد العام للكتاب العرب إذا لم يتم إعادة اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين إلى الاتحاد العام، كيف ترى موقف الأمانة من هذا؟

ـ هذا اقل ما يمكن ان يقوم به إنسان مؤمن بموقفه، إذ لا يعقل ان يكون العراق غائبا عن اتحاد هو أحد مؤسسيه. العراق بقامته الثقافية، لا يمكن للاتحاد العام ان يتعامل معه بهذه الطريقة، التي تعامل بها مع اتحاد كتاب فلسطين. نتحدث عن فلسطين واتحاد كتاب فلسطين غائب. القضية الفلسطينية جوهرية ندافع عنها في الاتحاد العام ولكن اتحاد كتاب فلسطين غائب، يجب ان يعود الفلسطينيون مهما كان وضعهم. لنترك لهم الفرصة ليلموا شملهم، وهذا الشيء ينطبق على اتحاد كتاب العراق.

* هل تشاطرني الرأي في أن الاتحاد العام ظل ولعقود طويلة مهتما بالسياسة أكثر من العمل الفكري. وعندما يظلم الكتاب والمبدعون يُسجنون ويُعذبون وتغيِّبهم المعتقلات والمقابر الجماعية، ويشردون في المنافي، يصم الاتحاد أذنيه عن النداءات التي يطلقونها، ويأتي الجواب أن الاتحاد العام لا يتدخل في السياسة!

ـ الحريات، مسألة أساسية في العمل النقابي والاتحاد له شكل نقابي، وعندما نقول هو نقابي نعني ان هذا التنظيم من واجبه الدفاع عن حرية المثقفين. ولا يمكن ان نتصور اتحادا لا تتوفر فيه هذه القضايا البديهية. الاتحاد جرى على نهج معين في الإدارة، ولا أريد ان احمل المسؤولية لأحد، لكن أقول حصلت حالة رتابة، تشبه تلك الموجودة في الأنظمة العربية. ولذا فالاتحاد بحاجة إلى هزة عنيفة بداخله.. كيف ننتظر حتى يأتي كاتب أجنبي مثل غانتر غراس الحاصل على جائزة نوبل، إلى اليمن للدفاع عن كاتب يمني هو وجدي الأهدل، الذي تعرض للتهديد بالموت لكي نتحرك. كان المفروض باتحاد الكتاب العرب أن يكون سباقا ولا ننتظر ان يأتي كاتب مهما كان وزنه، من بلد غير عربي للدفاع عن كاتب عربي فنحن أولى بالدفاع عنه. أتصور ان الاتحاد لم يقم بواجبه في موضوع الدفاع عن الحريات، ولذا عليه ان يقوم بهذا الدور بدون ربط ذلك بمواقف سياسية، وإن لم يقم بذلك عليه ان يغلق أبوابه ويصمت.

* هل أنت متفائل بأن الاتحاد سيتجاوز هذه السلبيات؟

ـ هذا ممكن! يجب علينا ألا نظلم الاتحاد في كل شيء، فهو خلال 50 عاما أدى خدمة كبيرة للثقافة العربية، حيث استطاع ان يمد جسورا، لكن لابد له أن يغير نهجه وسياسته وأن ُيجدَّد بدماء جديدة. لا بد من آليات جديدة وإعادة لهيكلته، وان يكون في مقدوره مواكبة تطور المجتمعات. أعتقد أن الاتحاد العام بإمكانه ان يمد جسورا بين المثقف العربي والأجنبي. نحن أمة متهمة بالانغلاق الفكري والانحطاط وعدم القدرة على التجاوب مع الآخر. إذاً نحن مطالبون بإعادة تمحيص الصورة لتصويب المسائل وفق ما يخدم مصلحتنا أيضا.

* في لقاء سابق أجريته مع هوراس اينغدال، السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية التي تمنح جائزة نوبل في الأدب، نشرته «الشرق الأوسط» على حلقتين، رد اينغدال على سؤال حول أسباب عدم وجود أسماء عربية مرشحة للجائزة، منذ نجيب محفوظ، بالقول ان الأكاديمية لم تصل إليها ترشيحات لأسماء عربية! أليس من واجب الاتحاد العام للكتاب العرب القيام بهذه المهمة؟ ـ الاتحاد يمكن ان يكون مكاناَ لوضع آليات للتعامل مع الآخر. لكنني اعتقد أن أهم نقطة هي الترجمة. لا يقرأنا الآخر، لأننا لا نقدم أنفسنا إليه. فعندما نقيم ندوة عربية ـ عربية، نتحاور فيما بيننا، نصفق لبعضنا، وينتهي الأمر. لكن عندما نقيم صلات مع الآخر، يجب ان تتم ترجمة المنتوج الثقافي العربي إلى كل اللغات المتاحة. الاتحاد العام قام بمجهود في هذا المجال، حيث قام بترجمة 150 رواية، هي من أفضل الروايات العربية إلى عدة لغات، أكثر من ست عشرة أو سبع عشرة رواية إلى الروسية ومثلها إلى الصينية. لكن نحن بحاجة إلى ان تلعب المؤسسات المتكفلة بالترجمة دورا اكبر، لأن الآخر حين لا يعرفك يتخذ موقفا منك ويتهمك بالجهل، لكن عندما تصل إليه، يكتشف ان هناك عقلاً يفكر. لقد وصلنا إلى الآخر، من خلال صورة العنف والإرهاب، وهذه هي التي رسخت في الأذهان. بما أن الآخر ينظر الينا نظرة فولكلورية، مجتمعات غير منتجة. لهذا على مستوى العمل، يجب على الحكومات العربية ان تدعم باتجاه ترجمة الأعمال الأدبية. لو كل بلد قام بدعم ترجمة 20 مؤلفا سنويا، لنقل،: إلى خمس أو ست لغات عالمية لكانت الحصيلة كبيرة، وستلغي كل ما جاء في تقرير التنمية البشرية لعام 2003 الذي نص على ان العرب لم يترجموا، منذ عهد المأمون إلى الآن، سوى 10 آلاف عنوان فقط. اذاً هذه مأساة يجب ان نواجهها.

* من جهة أخرى، الأكاديمية السويدية تأتيها ترشيحات لأسماء أدبية من مختلف بلدان العالم، إلا من البلدان العربية ـ هناك كتاب عرب يكتبون بغير العربية، فهل يحق لنا نحن الذين ننضوي تحت راية الاتحاد ان نرشحهم. وإذا نال هؤلاء الجائزة، هل يعتبر هذا خدمة للعربية أم للغة التي يكتبون بها والدولة التي يكتبون بلغتها. عندما تقول مثلا محمد ديب، أو رشيد بوجدرة أو الطاهر بن جلون أو غيرهم، أسماء لها حضور في الثقافة الغربية ولها حضور في الإعلام العربي، لكنها تكتب بغير العربية. بمعنى أنها تضيف إلى لغات أخرى. لكن فيما يخص الذين يكتبون بالعربية فإن ترشيحهم يثير، أحيانا، حفيظة. فلو أردنا ان نرشح كاتبا عربيا فسوف لا نتفق على اسم، حيث سيقول السوري أنا أرشح هذا، ويقول اللبناني سأرشح ذاك ولن نتفق. ولذا فمن المفروض على اتحاد كل بلد ان يرشح اسما أو أكثر لتكون لدينا أسماء نقترحها على الأكاديمية.

(عن الشرق الأوسط)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن