الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية 49

حبيب هنا

2013 / 12 / 1
الادب والفن


- 49 -
لم تكن من بقايا البرق في الليالي الماضية التي قضيتها وأنا أفكر فيك، لقد كنت نجمة تضيء حياتي وتلمع في أعالي السماء عندما يشتد ظلام الليالي بعيداً عنك، فتفوح منك رائحة الحضور المؤقت الذي يؤنسني في وحدتي ويخفف عنك أصوات الانفجارات التي تقتل الرياح المارة من أمام بيتكم .
أعرف انك تتعذبين من غيابي وأعرف أن قراري الذهاب إلى العريش لم يكن موفقاً أو ربما الحرب جعلت منه كذلك . ماذا بوسعي أن أفعل وأنا مازلت أعتبر مدينة العريش هي المدينة الوحيدة في العالم التي احتضنت حبي منذ لحظاته الأولى ؟ تماماً مثل الطفل الذي ولد في مدينة ثم هاجر منها لأسباب كثيرة، دائما يمني نفسه بالعودة إلى مرتع الطفولة ، يحن إليه على نحو يصعب وصفه مهما انخرط في الحياة الجديدة التي أبعدته عن ذكرياته الأولى .
ومع ذلك، مازال هناك ضياء المستقبل يلوح في أفق الحياة المشتركة التي ننوي بناءها على رمال الشاطئ الصفراء كأنها أنشودة يرددها أورال الأجيال القادمة خلال رحلات سفرهم المستحيل إلى أسواق الموت الذي يملأ الطرقات ما لم يضع العالم حداً لقوى بطش الغاصب الذي يهدد دوماً السلم العالمي دون أن يحرك العالم ساكناً.
أعترف إليك أنني مازلت ألاطف ذلك الممر الضيق الذي ينتهي عند القرميد الأحمر. أقف عند نهايته أداعب الرذاذ المتطاير من اصطدام الموج بحوافه وأنا أسبح في الهواء ترنيمة الحب الذي سيتحدث عنه ذات يوم من تعذر عليهم الحب بهذا القدر من الانتماء لكل ما هو إنساني يفرض سطوته علي مفتعلي الحروب والدمار وقتل المستقبل .
لقد شاهدت يا حبيبتي في إحدى الليالي الحالكة نجمة تضيء عليّ الحياة مع استمرار قصف غزة بالصواريخ من البر والبحر والجو . نجمة تعلن أن الانفجار القادم ستهب معه رياح التغيير لتكنس كل حكام المنطقة الذين يحتفلون بطريقتهم تكريماً لذبح أهل غزة، ولكنها تنبئ بقرب بزوغ فجر جديد وأوقات جميلة فيها يعلو صياح الديكة كلما أومأت نجمة الصباح بضيائها .
وسنروي أنت وأنا قصة حبنا لأطفالنا الذين مازلنا ننتظر انتهاء الحرب والدمار حتى نخطو خطواتنا الأولى نحو إنجابهم . عندها سيشعرون بالافتخار لأن أبويهما تعذبا كثيراً بغية المحافظة على الحب وديمومته رغم هول الحرب ومخلفاتها .
وأنا على يقين بأن الذين لا يؤمنون بهذا الحب، أيضاً لا يؤمنون بقدرة شعبنا على الانتصار مهما قدم من تضحيات ومهما استمر الصراع مع الاحتلال . وهم كذلك لا يؤمنون باستخدام مختلف الوسائل لتحقيق هذا الغرض والذي بدونه لا يمكن تحرير قطيع ماعز من ذئب يفترس الواحدة تلو الأخرى وهم ينتظرون أقدارهم باستسلام وخنوع لا تقبله شريعة الغاب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض