الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ البذاءة في لمسرح العربي !!

فاضل خليل

2013 / 12 / 2
الادب والفن


استهن الكثير منالفنانين العراقين غزو المسرح التجاري وعدوه واحدا من افرازات الحروب التي ساهمت بشكل أو بآخر من تشجيع هذه الظاهرة بحجج كثيرة. أكثر تلك الحجج رواجا، هو أن المشهد العراقي المأساوي، لابد له من مسرح يساهم في ترطيب الاجواء الساخنة التي تشعلها سلسلة الحروب التي عاشها وما زال يعيشها. لكننا وبنظرة فاحصة بعض الشئ الى بعض الظواهر المسرحية التي مرت بتاريخ سنجد بأن هذه الظهرة ليست طارئة، بل ان لها جذور راسخة في القدم. ففي تاريخ العراق القريب وفي اربعينات القرن الماضي بالدقة عرف البغداديون نوع من النشاط التمثيلي أطلقوا عليها اسم (الأخباري ). غير الذي تعارفنا عليه فيما بعد من الذي نشاهده في القاعات النظامية المغلقة. والأخباري نوع من المشاهدة التمثيلية كانت تعرض في الكباريهات الليلية، على شكل حوار كوميدي متهكم ممزوج بالسخرية والشتائم بين شخصين أو اكثر من ضمنهم امرأة. والأخباري نشاط جاء كنتيجة لأن "أهل بغداد سئموا ذلك الرقص الخليع وتلك الأغاني الرخيصة، وان عمل( الكابريهات ) آخذ بالتقهقر الشنيع مما قد يؤدي إلى الخسارة المالية، فضموا اضافة إلى جوق الرقص، جوق تمثيلي هزلي مؤلف من عدة أشخاص، ويسمى هذا الجوق( أخباري )"(30). ومن اشهر ممثلي جوق ( الأخباري ) هو ممثل الكباريهات الفطري ( جعفر لقلق زاده ) الملقب بـ ( سلمان البهلوان ) والذي اشتهر خلال فترة مابين الحربين، ورغم الملاحظات الكثيرة على لقلق زاده والرأي السائد في تدني ماكان يقدمه ألا انه اسهم في تطوير المشهد (الأخباري) إلى حد ما علما بأن عمله هذا لم يكن على مسرح خاص بل كانت أعماله بمثابة (سكتشات)، وهي عبارة عن مشاهد هزلية ونكات بذيئة تقدم في ملاهي بغداد الليلية بين الفواصل هدفها الاساس امتاع الحاضرين من رواد الملهى. أما أهل المهنة في الملاهي فكانوا يطلقون على فواصله ( الشانو). وظل هذا النوع من الفعاليات يراوح في مكانه بتكرار ممل لكنه مقبول عند رواد الملهى . وهذا الجوق كان يمارس نوعا من التقليد للمشاهد الهزلية التي كانت تقدمها الفرق التركية العاملة في بغداد أواخر العهد العثماني في العراق، وهو نوع من تأثيرات الفنون التركية التي نقلها البغداديون ممن كانوا يفضلون قضاء اجازاتهم في تركيا، اضافة الى الزيارات الدورية لبعض الفرق التركية التي تأتى إلى بغداد حتى أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين. كما ورد ذلك في كتاب (تاريخ المسرح التركي) للكاتب التركي المعاصر (موتن اود ) الذي نشره باللغة الانجليزية. اضافة الى ان الكثير من العراقيين كانوا يفضلون الدراسة في استانبول. وقد ماثل في مصر نوع من الفعاليات يمارسه الغجر قريب في بذاءته من ( الاخباري )، ففي مصر ازدهرت أصول المسرح الشعبي مع بدايات القرن الثامن عشر وقد كتب الرحالة ( كارستن نيبور )- الذي وصل الإسكندرية في 26 سبتمبر 1761 ومكث فيها سنوات طويلة، عن فن ( الغوازي ) أي ( الغجر ) فقال: - تتكون الفرق فيه من عدد من الراقصات الغجريات يرقصن بمصاحبة الموسيقى لقاء اجر، يصحبهن رجل يعزف على آلة موسيقية، وعادة تصحبهن امرأة مسنة تعزف على آلة الطمبور.(1) تتخلل تلك الفعاليات نوع من الكلام البذئ والحركات البعيدة عن الحشمة. ويعود تاريخ هذا النوع من الفعاليات الى العصر العباسي الذي كانت يقدم فيه نوع من المشاهد التمثيلية من قبل جوق يطلق عليه اسم ( السماجة )، يعود تاريخه الى الفترة العباسية كما اسلفنا. وقد ورد في كتاب ( سيدات القصر ) للدكتور مصطفى جواد أن وجه الخليفة العباسي المنتصر بالله (247هـ) باستدعاء السماجة ليقوموا بتقديم بعض ألعابهم، في القصر أمامه وأمام ضيوفه "عندما قام بختان ولده دعى ( السماجة ) إلى قصره ليقيموا له بعض ألعابهم – والسماجة هم الممثلون – وكان يختلط بهم، فلما دخل عليه أخوه في أحد الأيام حذره من الاختلاط بهم خوفاً على حياته منهم، فامتنع المعتصم، واخذ يجلس في شرفة القصر، والسماجة يقومون بألعابهم في ( السماجة )(1). واسباب خوف أخ المعتصم على أخيه من ( السماجة ) في تصوري انهم كانوا يشكلون نوع من العصيان والتمرد السياسيا أوالاجتماعي شبيه بحركة ( العيارين )، و( الصعاليك ) و( الطفيليين )، وسواهم في فترات معلومة من التاريخ العربي.
كما كان أيضا ( خيال الظل ) الذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر الميلادي، هو الآخر كما أشارت بعض المخطوطات التي أرخت لبدايات فن التمثيل عند العرب. وقد ورد في كتاب ( خيال الظل ) لمؤلفه ( محمد بن دانيال الموصلي ) المتوفى سنة 1311 ميلادية وهو طبيب عيون كان يسكن القاهرة أيام السلطان ( الظاهر بيبرس ) حين قدم أليها من مدينة الموصل في العراق. ويعود ( خيال الظل ) الى عهود اقدم من هذا التاريخ " فقد جاء في التاريخ مثلا" أن السلطان المشهور صلاح الدين ( المتوفى سنة 1183 م ) كان يحضر مثل هذه التمثيليات ومعه وزيره القاضي الفاضل"(2). ومن مصر انتقل( خيال الظل ) إلى تركيا، بعد أن اعجب السلطان سليم الأول عام 1517 – بلاعب ( خيال الظل ) حين "قدم أمامه محاكاة لطريقة شنق السلطان (طومان باي ) على باب (زويلة ) وانقطاع حبل المشنقة به مرتين. فانشرح السلطان سليم لذلك، وانعم على اللاعب بثمانين دينارا، وخلع عليه قفطانا مذهبا من القطيفة، وقال له: إذا سافرنا إلى استنبول فامض معنا حتى يتفرج ابني على ذلك"(3). فذهب معه لاعب ( خيال الظل ) وبواسطته انتقل فن ( خيال الظل ) إلى ( تركيا ). وأزدهر فيها وطغى على كل الفنون، ومنها انتقل إلى ( اليونان ) ثم انتقل إلى ( إيطاليا ) في أواخر القرن السادس عشر.

الهوامش
1-البروفيسور الألماني باول كالي : ( مسرح التمثيل بخيال الظل في مصر ) الأقلام ، العدد (6).
1- السماجة: وهم مجموعة من الأفراد كانوا يقدمون عروضا" من التمثيل بشكل ساخر لا يخلو من الهجاء والضحك.
2- أبو الحسن بن محمد الشابشتي: (الديارات) الناشر: كور كيس عواد، مطبعة المعارف1951 – بغداد.
3-هو الأديب المسرحي الشيخ ( شمس الدين أبى عبد الله محمد بن دانيال بن عبد الله الخز اعي الموصلي المتوفى سنة 1310 / 1311 ميلادية، وكان شاعرا" مهما " في عصره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد