الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوباما وروحاني متشابهان !

أحمد سالم أعمر حداد
(Ameur Hadad Ahmed Salem)

2013 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لاشك أن اتفاقية جنيف التي وقعت يوم 24 نوفمبر الماضي في جنيف، بين الدول الكبرى 5+1 وإيران حول البرامج النووية الإيرانية، مثلت نصرا كبيرا للجهود الدبلوماسية التي بذلتها الدول الموقعة على الاتفاق، وترجيحا للحوار السياسي والأمني بدل سياسات الحصار الاقتصادي،والتهديد بمشاريع التدخل العسكري التي تكاد تصبح السمة الرئيسة لدبلوماسية النظام العالمي الحالي؛ كما أن الاتفاقية قد تكون بداية لاختفاء مصطلحات ظلت مسيطرة إلى أمد قريب على السياسات الخارجية وأجهزة الإعلام الدولية، وهي : "الشيطان الأكبر الأمريكي"،و"محور الشر الإرهابي الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وقد تؤدي الاتفاقية إلى تخفيف حدة التوتر في الشرق الأوسط؛ وقد تشكل هذه الصدفة التاريخية نهاية حقيقية لحالة العداء والجفاء والشتائم التي استدامت طيلة 34 عاما الماضية بين إيران والولايات المتحدة.

لكن في الوقت ذاته، أعتقد أن التوصل لتوقيع الاتفاقية نتيجة طبيعة لعوامل غير دبلوماسية أو تفاوضية، وهي تتعلق بتشابه السمات الشخصية للزعيمين الأمريكي باراك أوباما، والإيراني حسن روحاني، نظرا لما تميزا به كشخصيتين سياسيتان، من ميول واضحة للسلام، وعقول سياسية مرنة تتميز ببرجماتية منقطة النظير؛ وهي بلا شك محصلة نظرة جديدة للمعانة السياسية التي ميزت الإرث الياي والاقتصادي والأمني الذي ورثه الرجلان .

لقد عانى كلا الرجلين، نفس المعاناة.الرئيس باراك أوباما أتي إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أفسد سلفه جورج بوش سمعة الولايات المتحدة الأمريكية، وأثر سلبا على مكانتها في الشرق الأوسط، بعد غزو العراق سنة 2003 والإطاحة بنظام صداع حسين. وبعد سنوات من تحطيم العراق بسبب تسويق مزاعم كاذبة ومخادعة من قبيل إحلال الديمقراطية، وتدمير بنيته التحتية، وصب الزيت على نيران خطوط التماس الطائفي والمذهبي، انسحب الجيش الأمريكي الذي وعد بالديمقراطية وحقوق الإنسان من العراق في عهد الرئيس أوباما، مهزوماً محطماً تاركاً العراق لمصير مظلم من الفوضى السياسية والأمنية، حيث القتلى بالمئات يومياً إضافة إلى التصفيات الجسدية والاقتصاد المدمر والشلل السياسي والفراغ الدستوري.

على الجانب الآخر،أتى الرئيس حسن روحاني إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد أن أدت سياسات أحمدي نجاد المتطرفة ولهجته اللاذعة اتجاه الغرب، إلى مزيد من العقوبات الاقتصادية في حق إيران وارتفاع التضخم إلى أكثر من 30 في المائة وإلى رفع معدل البطالة وإضعاف الريال الإيراني.

بشكل مفاجئ، ومرن، عبر الرجلان عن إدراكهما أن الصراع الأمريكي – الإيراني هز الجانبين ولم يجلب أي انتصار مطمئن لأي جانب؛ فلا الولايات المتحدة الأمريكية تمكنت من إسقاط النظام الإيراني أو السيطرة عليه، ولا إيران أيضا تمكنت من إبعاد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من المنطقة. ومع بقاء إيران صامدة على الرغم من الحصار والعقوبات الصارمة للولايات المتحدة الأمريكية عليها، استمرت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في الحفاظ على قواهما ضد جميع مساعي إيران.
من جهة ثانية يؤشر توقيع اتفاقية جنيف حول البرامج النووية الإيرانية، إلى اعترافات ضمنية تفيد فشل التصورات والسياسات الأمريكية والإيرانية في الشرق الأوسط.

لقد دعمت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاطئ فوضى ثورات ما سمي بشكل متعسف ربيعا عربيا. فقد أظهرت إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما عجزا كاملا عن التأثير في الأحداث في مصر هذا البلد الحليف لها – بل إنها أثارت سخط واستياء كل الأطراف السياسية في مصر. فعندما تدخلت الجيش المصري يوم 3 يوليو وأزاح الرئيس محمد مرسي – الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين التي باتت محظورة – تحولت إدارة الرئيس اوباما إلى أضحوكة لدى المصريين – وبقية الشعوب في الشرق الأوسط – حيث أنها راحت تتخبط ولا تدري ما إذا كان ستعتبر أن ما حدث في مصر يمثل «تحولا» أو «تصحيحا» أو «انقلابا».

وفي المقابل شاركت إيران الولايات المتحدة الأمريكية فشلها في مصر بعد دعمها الفاشل لجماعة الإخوان المسلمين، الذي أربك استقرار مصر وأضر باقتصادها ، كما أن إيران ظلت إلى حدود عشية توقيع اتفاقية جنيف الداعم والحليف الرئيس لنظام بشار الأسد؛ وحرصت على طول خط زمن الأزمة السورية على مده بالمقاتلين والسلاح، لكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها الإستراتيجية عبر الأزمة السورية، بل ساهمت بشكل درامي في إيصال سوريا إلى وضعية غير مسبوقة من الفوضى السياسية والأمنية، وسحب ملفها النووي المزيد من التعقيدات على الملف السوري.

إن هذا التطابق التاريخي بين السمات الشخصية للرئيسين أوباما وروحاني؛وركونها معا، بشكل مفاجئ للواقعية السياسية ، يطرح العديد من الأسئلة الملحة من بينها :

- هل تؤدي اتفاقية جنيف إلى تغييرات جذرية في السياسات الإيرانية، إزاء الأزمة السورية؟

- هل يمكن اعتبار اتفاقية جنيف تشجيعا من الغرب لإيران، على استكمال خطتها في سوريا، على اعتبار أن الإدارة الأمريكية لا ترغب في إفشال صفقتها السياسية مع إيران، ولو على حساب ما تزعمه من رغبتها في مساندة الثورة السورية، والتحول الديمقراطي بها، وإنهاء معاناة الشعب السوري، وتخليصه من براثن ديكتاتورية بشار الأسد ونظامه؟

- هل تترك الإدارة الأمريكية، والغرب عموما، وإيران بالتبعية سوريا إلى مصير مطابق لما حدث في العراق، من حروب طائفية ومذهبية، وفوضى سياسية وأمنية ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة