الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية 51

حبيب هنا

2013 / 12 / 8
الادب والفن


- 51 -
لنعد إلى التجربة التي عزمنا أمرنا الخضوع لها كي يضع كل واحد منا نفسه في المربع الذي ينبغي أن يكون فيه .
لعل أول شيء يستوقف المرء، واعتبر ذلك ينسحب على الجميع، عندما يجد الشخص الموضوع في مربع أكبر بآلاف المرات من أي مربع فيه الآخرين، التساؤل : لماذا أنا بالذات وضعت في مربع بهذا الحجم ؟ وكيف يمكن النظر إلى نفسي وأنا لا أساوي جزءاً ضئيلاً منه ؟ وهل أستطيع إملاء الفراغ المحيط بي مهما بلغت من المكانة والقوة ؟
يقيناً سيقول، هذا المربع أكبر من حجمي الطبيعي ولا أستطيع إملاءه، أرجوكم أخرجوني من هنا وأنا على استعداد للتنازل للخضوع لهذه التجربة، والشيء ذاته سيقوله الجميع . ليس رغبة منكم في التواضع بقد ما هو خوفاً من حالة الفراغ التي يمكن أن تعيشوا بها باعتبار أن الجميع سيكتشف كم أنتم صغار أمام هذا المدى الواسع .
وبعكس ذلك، تصوروا أن كل الناس يستطيعون قراءة الواقع برموزه المشفرة، هل كنا بحاجة إلى قادة ومحللين سياسيين ؟ بالتأكيد لا، لأننا عندئذ سنكون قد ساوينا بشكل مطلق بين مختلف الأشياء ولم نعد بحاجة إلى تعقيد الحياة والبحث عن مفاتيح الحلول التي تؤدي إلى تبسيط الأمور ومحاولة خلق حالة من التجانس بين المتنافرات .
وحدهم فقط أصحاب العقول النيرة الذين يستطيعون الربط بين مختلف الأشياء بروح ايجابية تقود إلى ما يخططون الوصول إليه، بغض النظر عما إذا كان في مصلحتهم خدمة البشرية أم بما يخدم مصالحهم على نحو ما .
فهم بطريقة ما يفهمون اللغة التي ينبغي عليهم التعامل من خلالها مع الآخرين وتبسيط لما ليس بحاجة إلى التبسيط وتعقيد المعقد والإيغال في الغموض حتى لا يتمكن كل الناس من معرفة الطريقة التي يفكرون بها، وبالتالي يفقدون قدرة تأثيرهم على مجريات الأمور .
وتصوروا أيضاً أنكم قبلتم الوضع الجديد الذي يحدد المربعات التي ينبغي على كل واحد أن يكون فيها، ماذا ستفعلون عندما تروون أنفسكم مهمشين تقفون على قارعة الطريق ترقبون الأحداث بعيداً عن التأثير في مجرياتها ؟ هل ستكررون ما كنا نسمعه منكم دوماً أم أن هناك جديداً قد تكونون استفدتموه في أعقاب تجربتكم المريرة ؟
إذا كانت الإجابة نعم، فهذا يعني أنكم بتم مستعدون للانخراط في حياة الناس وتحسس أوجاعهم وعدم الوقوع في الخطأ مرتين، وبهذا تكون أولى خطواتكم على طريق الصواب والسعي نحو تحقيق حلم الشعب بالحرية والاستقلال والمساواة والعدالة الاجتماعية التي تجاهلتموها طوال الفترة الماضية، وكان همكم الحصول على أكبر قدر ممكن من جني الأرباح في محاولة لمحاكاة الشركات الاحتكارية التي تغزوا الأسواق بأساطيلها التجارية والعسكرية .
على ضوء كل هذه التعقيدات وما ترافق معها من مآسي، فما زالت التجربة أمامكم مفتوحة بعد الإفادة من أخطائكم السابقة، فأنتم لم تصلوا بعد مرحلة صاحب التجربة الأولى في صناعة المتفجرات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا