الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا نكذب على أنفسنا الأوضاع الاجتماعية والمعيشية ليست على ما يرام

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 12 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


منذ مدة والوضعية الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم. بجانب تقهقر الأوضاع المعيشية ما زال سائدا الشطط في استعمال السلطة وعدم تعميم تطبيق القانون ومحاسبة كل من يخل به. فخانات الإقصاء والتهميش ودوائر الهشاشة اتسعت في السنوات الأخيرة بشكل لم يسبق له مثيل. كما أن أحزابنا السياسية ماتت، وأضحت مجرد أطياف وأشباح، وبعد هذا الموت، ظهرت كائنات سياسية تقود هذه الأحزاب برأسمالها الوحيد، وهو الشعبوية والتنافس من سيتألق منهم كأحسن "كلون" (مهرج) في عيون الشعب الذي نفض يديه من كل الأحزاب منذ أمد طويل لأنه خبرها وخبر صدقيتها بما فيه الكفاية وزيادة. مفارقة غريبة نعيشها، فقد استفاد المخزن من انتهازية الأحزاب بشكل كبير، إذ ظل يتقوى - مهما كانت الظروف – في حين ظلت الأحزاب السياسية - كل الأحزاب بمختلف تلاوينها العقائدية والإيديولوجية– تتقهقر.
وما زال الكثير من المغاربة يتلمسون طريقهم في الشبابية نحو يقع الضوء الذي تخلصهم من الاستغلال والقهر والفقر والفساد والرشوة. وما زال الكثير من المغاربة ينتظرون انقراض الفئة التي "تكرّشت" بفعل ما نهبوه من أموال الشعب.
فقدت الصناعة والفلاحة وقطاع الخدمات عدة مناصب شغل وما زالت ستفقده إن ظلت دار لقمان على حالها. وبتفاقم معدل البطالة وغلاء المعيشة واستفحال المعضلات الاجتماعية الموروثة على امتداد أزيد من 4 عقود. علما أن من أكبر الأخطار التي نعيشها اليوم معدل البطالة في أوساط الشباب الذي لم يتوقف عن الصعود، وهناك فئة مهمة جاوزوا الأربعين ربيعا وهم معطلون. في حين ما فتئت نسب البطالة بين الخريجين الشباب وترتفع وجميع المؤشرات تؤكد المزيد من ارتفاعها واستفحالها بين حملة الشهادات العليا، علما أن مناصب الشغل التي يحتلها الشباب حاليا هي في الغالب عارضة وأقل أجرة.
هذا في الوقت الذي ظلت فيه التفاوتات الاجتماعية تتعمق مقابل تدهور التماسك الاجتماعي، وهذا يشكل خطر على الاستقرار، أراد من أراد وكره من كره.
فما يناهز 80 في المائة من المغاربة غير راضون على الإطلاق على أوضاع حياتهم اليوم، علما أن مستوى رضا السكان على عيشهم يتأثر إلى حد كبير بالسن، ويرتفع كلما ارتفع المستوى الدراسي والمهني والدخل. هناك عدم رضا عام، سواء فيما لخص السكن أو الدخل أو الشغل أو الصحة أو التعليم...
فما زال أكثر 13 من مليون مغربي يعيشون على عتبة الفقر ، ويصارعون من اجل البقاء. وحسب التقارير الدولية، إن أكثر من خمسة ملايين نسمة بالمغرب يعانون الفقر بشتى ألوانه ، ويشكلون أكثر 15 في المائة من السكان، فيما يعيش 25 في المائة على عتبة الفقر أو تحت خط الفقر، أي ما يفوق 8 ملايين مغربي. والصحة في بلادنا، تعد من بين أدنى المعدلات في المنطقة.
وأشارت تلك التقارير إلى أن أكثر من 50 في المائة من السكان المغاربة، يعيشون في دائرة الفقر والضعف الاقتصادي، ويحيون تحت وطأة الأمراض والإعاقات، أو ظروف الطقس. مما يرسخ تواتر حدة الحراك الاجتماعي ما بين الطبقات الفقيرة والغنية وفاحشة الثراء، لاسيما أن الجميع يعلم اليوم دور الفساد والاستبداد والشطط في السلطة والقرب من دوائر صناعة القرار، دور كل هذا في الثراء غير المشروع . هذا علاوة على آثار الفساد والمحسوبية على الفقراء، والفوارق والعوائق الاقتصادية والفوارق بين المناطق.
والحقيقة، إنه في واقع الأمر، وضع مظلم فيما يخص الرأسمال الاجتماعي، على اعتبار أن الفساد يحابي الأثرياء الذين يوجدون في مواقع القوة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
الأكيد أن الواقع المغربي أثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن من أسباب هذا التدهور المسترسل لمختلف المؤشرات، غياب ثقافة تدبير المال العام وخدمة الصالح العام ، حيث لا زال المنطق السائد لدى الكثير من المسؤولين في إدارات ومؤسسات الدولة والقائمين على الأمور، هو منطق اعتبار البلاد ضيعة خاصة وبقرة حلوب في صرف أموال الشعب وتبذيره على حساب انتظارات المغاربة منذ الاستقلال.
فما زال الفساد المالي مستشريا بالرغم ما يقال بخصوص التصدي إليه، مما يعرقل بقوّة تجسيد دولة الحق والقانون على أرض الواقع والعمل بمبدأ عدم الإفلات من العقاب وتخليق الحياة العامة للتصدي للوبيات الفساد التي وتحصّنت، اليوم أكثر من الأمس، للحفاظ على مصالحها ومكاسبها، حتى غير المستحقة وغير الشرعية منها. فمازالت هناك هوّة فظيعة بين فئة لا تمثل إلا 1 في المائة من مجموع الساكنة تستولي على 80 في المائة من خيرات وثروات البلاد، وفئات عريضة من الشعب تعيش فقرا مدقعا .
إذن هناك قلق كبير بخصوص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وما آلت إليه من تدهور متزايد، واستهداف للقدرة الشرائية للمواطنين، واتجاه نحو التمكين للفساد والاحتكار، والسكوت عن مظاهر الاختلالات البنيوية التي تنعدم معها كل معاني الشفافية والتنافسية وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، مما ينذر بأوخم العواقب.
إن سِمَة الوضع البارزة جمود اﻷ-;-جور وتزايد مؤشر البطالة وغلاء المعيشة وعزلة مناطق كبيرة من البلاد وافتقارها إلى أدنى الخدمات اﻷ-;-ساسية وتعذر استفادة فئات اجتماعية واسعة من شروط العيش الكريم. وما يزيد الأوضاع سوءا تغَوُّلُ الدولة على القدرة الشرائية للمواطن من خلال التمادي والإصرار على تبني سياسة رفع الأسعار دون مراعاة لأوضاعه أو إحساس بمعاناته أو شعور بمحدودية مداخيله.
وعموما ما زال تفاقم الاختلالات التي يعرفها الاقتصاد المغربي في تفاقم متواتر، مما يجعل الجزء الكبير من الجهد المبذول سواء من حيث الاستثمار أو الاستهلاك لا ينعكس على معدل النمو الاقتصادي بسبب اعتماده الكبير على الواردات، إذ كلما استهلك المغاربة أو استثمروا يضطرون إلى الاستيراد بسبب نقص الإنتاج المحلي ومحدوديته، لذلك فبدل أن يشكل الاستهلاك والاستثمار محركات لعجلة نمو الاقتصاد الوطني، فإن المستفيد منها هي اقتصادات البلدان التي نستورد منها. وهذه هي معضلتنا بسب الاختيارات التي اعتمدها المغرب منذ الاستقلال، مما كشف بجلاء وفي رابعة النهار الاختلال البنيوي في النموذج التنموي المعتمد حاليا، والذي يجعلنا نخدم اقتصاديات البلدان التي نستورد منها وننميها بدل تنمية اقتصادنا خلقها.
ألا تكفي كل هذه المصائب للعمل فورا، ودون انتظار، على إعادة النظر – وبطريقة جذرية، في هذا النموذج التنموي، لأنه إذا كان يخدم مصالح 10 في المائة من المغاربة ولا يضرها، فإنه يضرّ بـ 90 في المائة من الشعب ولا يخدم مستقبل البلاد القريب والبعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام