الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيكولوجية الحظ : أنا محظوظ ، فأنا سعيد !!!

علي عبد الرحيم صالح

2013 / 12 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كثيرا ما نسمع اقربائنا واصدقائنا وزملائنا يصفون شخصا ما بأنه محظوظ أو سعيد الحظ أي أن هذا الشخص ظروفه يسيره في تحقيق امنياته ورغباته والوصول الى ما يطمح اليه من اشياء مثل الحصول على بيت او سيارة او وظيفة او النجاح في الامتحان ، في حين يصفون البعض الأخر بأنه تعيس الحظ أي أن هذا الشخص خائب ومتعثر في مسعاه وغير موفق فيما يبتغيه ، وبين هذا وذاك تمارس هذه العملية مفعولها السحري على الاشخاص وعلى افكارهم ومعتقداتهم بخصوص انفسهم ومستقبلهم والحياة التي سيعيشونها فيما بعد .
ويقصد بالحظ كما يراه عالما النفس (Wiseman & Watt ,2004) بأنه تلك الاحداث التي لا يسيطر عليها الفرد ولها تأثير على نصيبه وأمنياته ورغباته ، فأما تساعده على تحقيقها أو تعرقلها . وبغض النظر عن هذا التعريف فان الحظ مفهوم أدراكي اجتماعي يقدر من خلاله الشخص مدى تحالف الظروف معه والوقوف الى جانبه في تحقيق اهدافه ومبتغاه ، وكلما كانت الظروف يسيره في تسهيل مهمته او حل المشكلة التي تواجهه مثل امتحان صعب أو تقديم لوظيفة أو معاملة إدارية فأنه سيصف نفسه بالمحظوظ في حين اذا كانت الاحداث التي صادفته في انجاز مهمته سيئة ومعرقلة فان الشخص سيعتقد بأنه سيء الحظ وغير موفق في حياته. وعلى العموم فان وعي الفرد بدور الحظ لا يتشكل من أول موقف نفسي يصادفه كما يشير عالم النفس الاجتماعي (Rotter,1975) بل نتيجة تكرار المواقف النفسية التي يمارس فيها الحظ تأثيره على الفرد (ما يحقق من نتائج ايجابيه) مع اعتقاده بأن لا يستطيع ان يحقق اهدافه لوحده لولا الحظ أي اعتقاده بأن قدراته لوحدها غير كافية في تحقيق مطالبه ، ومن ثم فأن هذا سيجعله يؤمن بقوى الحظ ، والذي سيشغل حيزا كبيرا في تفكيره وتفسيره لما يقع له من احداث.
ويشير علماء النفس ومنهم (Riesman , 1954) و (Marks, 1998) إن اعتقاد الاشخاص بحسن الحظ او عدم التوفيق له تأثيرا كبيرا في مفهومنا لذاتنا وصحتنا النفسية ، وهو ما اشار اليه (Riesman , 1954) بأن الاشخاص الذين يصفون انفسهم بأنهم محظوظون أو أن الحظ واقف الى جانبهم نجدهم متفائلين ، ويعطون ثقة كبيرة لحظهم في تحقيق مطالبهم أو انجاز مهماتهم وتحقيقها ، وبأنهم سيعيشون حياة جيدة في المستقبل لأن هناك قوى خيرة او غامضة ستساعدهم في كلا الاحوال ، فضلا عن ذلك نجد ان الاشخاص الذين يؤمنون بحسن الحظ لديهم مفهوم ايجابي حول انفسهم ، ومغامرين ، ويقيمون ذواتهم على نحو افضل . في حين يشير (Marks, 1998) بأن الاشخاص الذين يعتقدون بسوء الحظ نجدهم متشائمين بشأن مستقبلهم ، وعاجزين وغير نشطين لأنهم يعتقدون أنهم مهما بذلوا من جهد فأنهم سوف لا يوفقون في تحقيق أهدافهم ، لذا يشعر هؤلاء الاشخاص بالتعاسة ، والظلم ، وأن هناك قوى شريرة تحاول اعاقة مسيرتهم في الحياة ، ومن الطريف ان تعساء الحظ بدلا من ان يبحثوا عن الاسباب الحقيقة التي تعرقل تحقيق اهدافهم (مثل ضعف قدراتهم) نجدهم يبحثون عن اشياء خارجية تحسن من حظهم مثل البحث عن خرزة الحظ أو تعويذة سحرية .
واخيرا احب أن اشير ان الظروف قد يكون لها دورا في حياتنا الشخصية والاجتماعية او ما نكسبه من نتائج ايجابية ، فإن الاعتماد على الحظ فكرة غير عقلانية لأنه الشخص هنا سوف لا يثق بقدراته ومهاراته بل سيضع كل إمكاناته وجهوده جانبا وسيعتمد على قوى خارجية غامضة قد تحالفه مرة وتتركه وحيدا مرات عديدة ، وكذلك سيصبح كسولا وخاملا لأنه لا يبذل جهدا كبيرا في تحقيق أهداف بل كل الذي يحدث أنه سيعتمد على حظه فقط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي