الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء الكنائس في الشريعة الاسلامية

رامي رفعت

2013 / 12 / 11
المجتمع المدني


نظرا لما حدث من سوء فهم في مقالنا السابق عن الجزية وحتى لا يتكرر هذا مرة اخرى اود ان اوضح نقطة مهمة ، هدف المقالة السابقة الخاصة بالجزية وتلك المقالة والمقالات القادمة باذن الله هو توضيح موقف الشريعة الاسلامية فيما يتعلق بغير المسلمين . مفهوم الشريعة الاسلامية الذي نعتمد عليه في الشرح هو المنهج السني مع كامل احترامنا للمذاهب الاخرى كالشيعة او المدارس الاخرى كالقرآنيين . الهدف هو توضيح تلك المفاهيم كما شرحها العلماء وقد راعينا – قدر الامكان – طرح كل الاراء ان وجدت حتى لا نتهم بالتحيز لفكر متشدد او متحرر . تلك المقالات موجهة بالاساس لغير المسلمين حتى يعرفوا طبيعة موقف الشريعة منهم وللمسلم غير المتبحر لعله يجد ما لم يكن يعلمه من اراء العلماء والفقهاء وللمسلم المتبحر ليصحح لنا ما قد نقع فيه من اخطاء كوننا لسنا جهة علم او اختصاص .
حين كنت في الجامعة كنت اظن ان الكنائس وبنائها شأن تنظمه الدولة فقط دون الرجوع للشريعة الاسلامية كون الامر يعتبر نوع من انواع حرية المعتقد التي ضمنها المصريون حين دخل العرب مصر ، الا اني كنت واهما في تلك النقطة حيث عرفت ان تلك القضية لها في الفقه الاسلامي اراء لكبار العلماء حول جواز البناء او عدم جوازه وما هي شروطه . لذا ساقدم للقارئ بعض اقوال العلماء في تلك المسألة .

كتاب احكام اهل الذمة لابن القيم
( وهذا الذي جاءت به النصوص والآثار هو مقتضى أصول الشرع وقواعده ، فإن إحداث هذه الأمور إحداث شعار الكفر ، وهو أغلظ من إحداث الخمارات والمواخير ، فإن تلك شعار الكفر وهذه شعار الفسق ، ولا يجوز للإمام أن يصالحهم في دار الإسلام على إحداث شعائر المعاصي والفسوق ، فكيف إحداث موضع الكفر والشرك؟! .
فإن قيل : فما حكم هذه الكنائس التي في البلاد التي مصرها المسلمون ؟ قيل : هي على نوعين :
أحدهما : أن تحدث الكنائس بعد تمصير المسلمين لمصر فهذه تزال اتفاقا
الثاني : أن تكون موجودة بفلاة من الأرض ، ثم يمصر المسلمون حولها المصر ، فهذه لا تزال ، والله أعلم )
ثم يورد الامام اجابة الشيخ ابن تيمية على سؤال وجه اليه حول الرأي الفقي في الكنائس
( فأجاب ( يقصد الشيخ ابن تيمية ) : " الحمد لله ، ما فتحه المسلمون كأرض خيبر التي فتحت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكعامة أرض الشام وبعض مدنها وكسواد العراق - إلا مواضع قليلة فتحت صلحا - وكأرض مصر ، فإن هذه الأقاليم فتحت عنوة على خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
[وقد روي في أرض مصر أنها فتحت صلحا ، وروي أنها فتحت عنوة ، وكلا الأمرين صحيح - على ما ذكره العلماء المتأهلون للروايات الصحيحة في هذا الباب - فإنها فتحت أولا صلحا ثم نقض أهلها العهد ، فبعث عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يستمده ، فأمده بجيش كثير فيهم الزبير بن العوام ، ففتحها المسلمون الفتح الثاني عنوة
... فما فتحه المسلمون عنوة فقد ملكهم الله إياه كما ملكهم ما استولوا عليه من النفوس والأموال والمنقول والعقار .
ويدخل في العقار معابد الكفار ومساكنهم وأسواقهم ومزارعهم وسائر منافع الأرض ، كما يدخل في المنقول سائر أنواعه من الحيوان والمتاع والنقد ، وليس لمعابد الكفار خاصة تقتضي خروجها عن ملك المسلمين ، فإن ما يقال فيها من الأقوال ويفعل فيها من العبادات إما أن يكون مبدلا أو محدثا لم يشرعه الله قط ، أو يكون الله قد نهى عنه بعدما شرعه .
وأما أنه هل يجوز للإمام عقد الذمة مع إبقاء المعابد بأيديهم ؟ فهذا فيه خلاف معروف في مذاهب الأئمة الأربعة : منهم من يقول : لا يجوز تركها لهم ؛ لأنه إخراج ملك المسلمين عنها وإقرار الكفر بلا عهد قديم
ومنهم من يقول : بجواز إقرارهم فيها إذا اقتضت المصلحة ذلك كما أقر النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر فيها ، وكما أقر الخلفاء الراشدون الكفار على المساكن والمعابد التي كانت بأيديهم
فمن قال بالأول قال : حكم الكنائس حكم غيرها من العقار ، منهم من يوجب إبقاءه ، كمالك في المشهور عنه وأحمد في رواية
ومنهم من يخير الإمام فيه بين الأمرين بحسب المصلحة وهذا قول الأكثرين ، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه ، وعليه دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قسم نصف خيبر وترك نصفها لمصالح المسلمين
ومن قال : يجوز إقرارها بأيديهم ، فقوله أوجه وأظهر فإنهم لا يملكون بهذا الإقرار رقاب المعابد كما يملك الرجل ماله ، كما أنهم لا يملكون ما ترك لمنافعهم المشتركة كالأسواق والمراعي ، كما لم يملك أهل خيبر ما أقرهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المساكن والمعابد ، ومجرد إقرارهم ينتفعون بها ليس تمليكا كما لو أقطع المسلم بعض عقار بيت المال ينتفع بغلته أو سلم إليه مسجد أو رباط ينتفع به لم يكن ذلك تمليكا له ، بل ما أقروا فيه من كنائس العنوة يجوز للمسلمين انتزاعها منهم إذا اقتضت المصلحة ذلك كما انتزعها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل خيبر بأمره بعد إقرارهم فيها ، وقد طلب المسلمون في خلافة الوليد بن عبد الملك أن يأخذوا من النصارى بعض كنائس العنوة التي خارج دمشق ، فصالحوهم على إعطائهم الكنيسة التي داخل البلد وأقر ذلك عمر بن عبد العزيز أحد الخلفاء الراشدين ومن معه في عصره من أهل العلم ، فإن المسلمين لما أرادوا أن يزيدوا جامع دمشق بالكنيسة التي إلى جانبه وكانت من كنائس الصلح ، لم يكن لهم أخذها قهرا فاصطلحوا على المعاوضة بإقرار كنائس العنوة التي أرادوا انتزاعها ، وكان ذلك الإقرار عوضا عن كنيسة الصلح التي لم يكن لهم أخذها عنوة .
ومتى انتقض عهدهم جاز أخذ كنائس الصلح منهم فضلا عن كنائس العنوة ، كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ما كان لقريظة والنضير لما نقضوا العهد ، فإن ناقض العهد أسوأ حالا من المحارب الأصلي ، كما أن ناقض الإيمان بالردة أسوأ حالا من الكافر الأصلي .
... وأما تقدير وجوب إبقائها فهذا تقدير لا حقيقة له ، فإن إيجاب إعطائهم معابد العنوة لا وجه له ولا أعلم به قائلا فلا يفرع عليه ، وإنما الخلاف في الجواز
... وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار ، ومذهب جمهورهم في القرى ، وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين ينفذ ذلك ، ويعمل به مثل عمر بن عبد العزيز الذي اتفق المسلمون على أنه إمام هدى فروى الإمام أحمد عنه أنه كتب إلى نائبه عن اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين ، فهدمها بصنعاء وغيرها
وروى الإمام أحمد عن الحسن البصري أنه قال : " من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة
وكذلك هارون الرشيد في خلافته أمر بهدم ما كان في سواد بغداد
... وملخص الجواب : أن كل كنيسة في مصر والقاهرة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد ونحوها من الأمصار التي مصرها المسلمون بأرض العنوة فإنه يجب إزالتها إما بالهدم أو غيره ، بحيث لا يبقى لهم معبد في مصر مصره المسلمون بأرض العنوة ، وسواء كانت تلك المعابد قديمة قبل الفتح أو محدثة ؛ لأن القديم منها يجوز أخذه ويجب عند المفسدة ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تجتمع قبلتان بأرض فلا يجوز للمسلمين أن يمكنوا أن يكون بمدائن الإسلام قبلتان إلا لضرورة كالعهد القديم ، لا سيما وهذه الكنائس التي بهذه الأمصار محدثة يظهر حدوثها بدلائل متعددة ، والمحدث يهدم باتفاق الأئمة
وأما الكنائس التي بالصعيد وبر الشام ونحوها من أرض العنوة ، فما كان منها محدثا وجب هدمه ، وإذا اشتبه المحدث بالقديم وجب هدمهما جميعا ؛ لأن هدم المحدث واجب وهدم القديم جائز ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
وما كان منها قديما فإنه يجوز هدمه ويجوز إقراره بأيديهم ، فينظر الإمام في المصلحة : فإن كانوا قد قلوا والكنائس كثيرة أخذ منهم أكثرها ، وكذلك ما كان على المسلمين فيه مضرة فإنه يؤخذ أيضا ، وما احتاج المسلمون إلى أخذه أخذ أيضا
وأما إذا كانوا كثيرين في قرية ولهم كنيسة قديمة لا حاجة إلى أخذها ولا مصلحة فيه ، فالذي ينبغي تركها كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه لهم من الكنائس ما كانوا محتاجين إليه ثم أخذ منهم .

كتاب الاحكام السلطانية للماوردي
( ولا يجوز أن يحدثوا في دار الإسلام بيعة ولا كنيسة ، فإن أحدثوها هدمت عليهم ، ويجوز أن يبنوا ما استهدم من بيعهم وكنائسهم العتيقة )
قول الامام السبكي ( فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها )
وقول العلماء كابن حزم في المحلى وشمس الدين ابن قدامى في الشرح الكبير والبهوتي في كشاف القناع ان الوصية التي تنص على بناء كنيسة باطلة (مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَحِلُّ وَصِيَّةٌ فِي مَعْصِيَةٍ – لَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مِنْ كَافِرٍ – كَمَنْ أَوْصَى بِبُنْيَانِ كَنِيسَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] . )

ثم الفتوى الصادرة من دار الافتاء المصرية للشيخ عطية صقر في مايو 1997
( السؤال
ما حكم الدين فى بناء بيوت العبادة لغير المسلمين فى بلاد الإسلام ؟
الجواب
روى أحمد وأبو داود عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" لا تصلح قبلتان فى أرض ، وليس على مسلم جزية" قال الشوكانى " نيل الأوطارج 8 ص 64 " : سكت عنه أبو داود ، ورجال إسناده موثقون . وقال المنذرى : أخرجه الترمذى ، وذكر أنه مرسل ، لكن له شواهد كثيرة . قال صاحب المنتقى بعد إيراد هذا الحديث وقد احتج به على سقوط الجزية بالإسلام ، وعلى المنع من إحداث بيعة أو كنيسة
وروى ابن عدى عن عمر بن الخطاب عن النبى صلى الله عليه وسلم" لا تبنى كنيسة فى الإسلام و لا يجدد ما خرب منها " 1 -
2 - وروى البيهقى عن ابن عباس قال : كل مصر مصَّره المسلمون لاتبنى فيه بيعة و لا كنيسة و لا يضرب فيه ناقوس و لا يباع فيه لحم خنزير. وهو ضعيف
3 - أخرج البيهقى : كتب إلينا عمر: أدبوا الخيل ، ولا يرفع بين ظهرانيكم الصليب ولاتجاوركم الخنازير. وسنده ضعيف
4 - جاء فى كتاب " الإقناع "للخطيب وحاشية عوض عليه (ج 2 ص 265، 66 2) فى فقه الشافعية : أنه يمنع أهل الذمة من إحداث كنيسة وبيعة وصومعة للرهبان فى بلد أحدثنا5 كبغداد والقاهرة [المسماة بمصر الاَن ] أو أسلم أهله عليه كالمدينة الشريفة واليمن ، لما روى أنه صلى الله عليه و سلم قال " لا تبنى كنيسة فى الإسلام " ولأن إحداث ذلك معصية، فلا يجوز فى دار الإسلام . فإن بنوا ذلك هدم ، سواء شرط عليهم أم لا
ولا يحدثون ذلك فى بلدة فتحت عنوة كمصر [ وهى مصر القديمة ] وأصبهان ، لأن المسلمين ملكوها بالاستيلاء، فيمتنع جعلها كنيسة، وكما لا يجوز إحداثها لا تجوز إعادتها إذا انهدمت ، ولا يقرُّون على كنيسة كانت فيه [ أى فيما فتح عنوة ] لما مر
ولو فتحنا البلد صلحا كبيت المقدس بشرط كون الأرض لنا وشرط إسكانهم فيها بخراج أو إبقاء الكنائس أو إحداثها جاز، لأنه إذا جاز الصلح على أن كل البلد لهم فعلى بعضه أولى، فلو أطلق الصلح ولم يذكر فيه إبقاء الكنائس ولا عدمه فالأصح المنع من إبقائها ، فيهدم ما فيها من الكنائس ، لأن إطلاق اللفظ يقتض صيرورة جميع البلد لنا
أو بشرط الأرض لهم ويؤدون خراجها قررت كنائسهم ، لأنها ملكهم ولهم الإحداث فى الأصح
5 - وجاء فى تفسير القرطبى(ج 12 ص 70)وهو مالكى المذهب ، فى المسألة الخامسة ، قال ابن خويزمنداد : تضمنت هذه الآية وهى آية { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع . . } [ الحج : 40 ] المنع من هدم كنائس أهل الذمة وبيعهم وبيوت نيرانهم ، ولا يتركون أن يحدثوا ما لم يكن ، ولا يزيدون فى البنيان لا سعة ولا ارتفاعا ، ولا ينبغى للمسلمين أن يدخلوها ولا يصلوا فيها، ومتى أحدثوا زيادة وجب نقضها، وينقض ما وجد فى بلاد الحرب من البيع والكنائس ، وإنما لم بنقض ما فى بلاد الإسلام لأهل الذمة ، لأنها جرت مجرى بيوتهم وأموالهم التى عاهدوا عليها فى الصيانة ، ولا يجوز أن يمكنوا من الزيادة لأن فى ذلك إظهار أسباب الكفر
6 - وجاء فى كتاب المغنى (ج . 1 ص 609) لابن قدامة الحنبلى
فى أقسام أمصار المسلمين الثلاثة :
أحدها : ما مصَّره المسلمون ، كالبصرة والكوفة وبغداد وواسط ، فلا يجوز فيه إحداث كنيسة ولا بيعة ولا مجتمع لصلاتهم ، ولا يجوز صلحهم على ذلك ، بدليل ما رواه أحمد عن ابن عباس : أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا، و لا يشربوا فيه خمرا، ولا يتخذوا فيه خنزيرا . . . وما وجد فى هذه البلاد من البيع والكنائس مثل كنيسة الروم فى بغداد فهذه كانت فى قرى أهل الذمة فأقرت على ما كانت عليه
والقسم الثانى : ما فتحه المسلمون عنوة ، فلا يجوز إحداث شىء من ذلك فيه ، لأنها صارت ملكا للمسلمين ، وما كان فيه من ذلك ففيه وجهان : أحدهما يجب هدمه وتحرم تبقيته ، والثانى يجوز، لأن حديث ابن عباس يقول : أيما مصر مصَّرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه فإن للعجم ما فى عهدهم ، ولأن الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئا من الكنائس ، ويشهد لصحة هذا وجود الكنائس والبيع فى البلاد التى فتحت عنوة . ومعلوم أنها ما أحدثت ، فيلزم أن تكون موجودة فأبقيت
وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله ألا يهدموا بيعة ولا كنيسة ولا بيت نار، ولأن الإجماع قد حصل على ذلك ، فإنها موجودة فى بلد المسلمين من غير نكير
الثالث : ما فتح صلحا وهو نوعان ، أحدهما أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عنها، فلهم إحداث ما يحتاجون فيها، لأن الدار لهم ، الثانى أن يصالحهم على أن الدار للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا ، فالحكم فى البيع والكنائس على ما يقع عليه الصلح معهم ، من إحداث ذلك وعمارته ، لأنه إذا جاز أن يقع الصلح معهم على أن الكل لهم جاز أن يصالحوا على أن يكون بعض البلد لهم ، ويكون موضع الكنائس والبيع معنا ، والأولى أن يصالحهم على ما صالحهم عليه عمر رضى الله عنه ، ويشترط عليهم الشروط المذكورة فى كتاب عبد الرحمن بن غنم : ألا يحدثوا بيعة ولا كنيسة ولا صومعة راهب ولا قلاَّية
وإن وقع الصلح مطلقا من غير شرط حمل على ما وقع عليه صلح عمر وأخذوا بشروطه فأما الذين صالحهم عمر وعقد معهم الذمة فهم على ما فى كتاب عبد الرحمن بن غنم مأخوذون بشروطه كلها . وما وجد فى بلاد المسلمين من الكنائس والبيع فهى على ما كانت عليه فى زمن فاتحيها ومن بعدهم وكل موضع قلنا يجوز إقرارها لم يجز هدمها، ولهم رمُّ ما تشعث منها وإصلاحها، لأن المنع من ذلك يفضى إلى خرابها وذهابها ، فجرى مجرى هدمها ، وإن وقعت كلها لم يجز بناؤها ، وهو قول بعض أصحاب الشافعى ، وعن أحمد أنه يجوز، وهو قول أبى حنيفة والشافعى ، لأنه بناء لما استهدم فأشبه بناء بعضها إذا انهدم ورم شعثها ، ولأن استدامتها جائزة، وبناؤها كاستدامتها . وحمل الخلال قول أحمد : لهم أن يبنوا ما انهدم منها ، أى إذا انهدم بعضها ، ومنعه من بناء ما أنهدم ، على ما إذا انهدمت كلها ، فجمع بين الروايتين
7 - وجاء فى كتاب " تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعى ج 3ص 279" : ولا تحدث بيعة ولا كنيسة فى دارنا ، لقوله عليه الصلاة والسلام " لا خصاء فى الإسلام ولا كنيسة " والمراد بالنهى عن الكنيسة إحداثها ، أى لا تحدث فى دار الإسلام كنيسة فى موضع لم تكن فيه ، ويعاد المنهدم من الكنائس والبيع القديمة ، لأنه جرى التوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا بترك الكنائس فى أمصار المسلمين ولا يقوم البناء دائما ، فكان دليلا على جواز الإعادة ، ولأن الإمام لما أقرهم عهد إليهم الإعادة لأن الأبنية لا تبقى دائما ، ولا يمكنون من فعلها فى موضع آخر، لأنه إحداث فى ذلك الموضع حقيقة . . . وهذا فى الأمصار دون القرى، لأن الأمصار هى التى تقام فيها شعائر الإسلام . فلا يعارض بإظهار ما يخالفها . ولهذا يمنعون من بيع الخمر والخنازير وضرب الناقوس خارج الكنيسة فى الأمصار لما قلنا . ولا يمنعون من ذلك فى قرية لا تقام فيها الجمع والحدود وإن كان فيها عدد كثير، لأن شعائر الإسلام فيها غير ظاهرة ، وقيل يمنعون فى كل موضع لم تشع فيه شعائرهم ، لأن فى القرى بعض الشعائر، فلا تعارض بإظهار ما يخالفها من شعائر الكفر. والمروى عن أبى حنيفة كان فى قرى الكوفة ، لأن أكثر أهلها أهل الذمة . وفى أرض العرب يمنعون من ذلك كله ولا يدخلون فيها الخمر والخنازير
وفى الهامش لشهاب الدين أحمد الشلبى " ص 280" قال فى الفتاوى الصغرى : إذا أرادوا إحداث البيع والكنائس فى الأمصار يمنعون بالإجماع ، وأما فى السواد ذكر فى العشر والخراج أنهم يمنعون ، وفى الإجارات أنهم لا يمنعون
واختلف المشايخ فيه ، قال مشايخ بلخ : يمنع . وقال الفضلى ومشايخ بخارى : لا يمنع . وذكر السرخسى فى باب إجارة اسور والبيوت من شرح الإجارات : الأصح عندى أنهم يمنعون عن ذلك فى السواد . وذكر هو فى السير الكبير فقال : إن كانت قرية غالب أهلها أهل الذمة لا يمنعون ، وأما القرية التى سكنها المسلمون اختلف المشايخ فيها على نحو ما ذكرنا
وهل تهدم البيع القديمة فى السواد؟ على الروايات كلها لا، أما فى الأمصار ذكر فى الإجارات أنها لا تهدم البيع القديمة بل تترك ، وذكر فى العشر والخراج أنها تهدم . اهـ )

وفي النهاية اعرض فتوى اخرى للأزهر الشريف والتي وجدناها في موقع طريق الاخبار نقلا عن صحيفة اليوم السابع بتاريخ 12 اكتوبر 2011
( أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه يجوز للمسيحيين فى الديار المصرية، وفقًا للشريعة الإسلامية بناءُ الكنائس فى ظل الدولة الإسلامية، إذا احتاجوا إلى ذلك فى عباداتهم وشعائرهم التى أقرهم الإسلام على البقاء عليها، وذلك وفق اللوائح والقوانين التى تنظمها الدولة المصرية فى ذلك الأمر . وأشارت دار الإفتاء، فى بيانها الصحفى الصادر اليوم الأربعاء، إلى أنها أكدت سلفا فى معرض ردها على سؤال حول مشروعية بناء الكنائس للمسيحيين فى مصر، أنه لا يخفى أن سماح الدولة الإسلامية لرعاياها ومواطنيها من أهل الكتاب ببناء الكنائس ودور العبادة عند حاجتهم لذلك يعد هو المصلحة الراجحة والرأى الصائب التى دلت عليه عمومات النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وأكدها عمل المسلمين عبر العصور والأمصار، وأيدتها المقاصد الكلية ومرامى الشريعة هذا بالإضافة إلى المتغيرات العالمية والدولية والإقليمية والمحلية، وقيام الدولة المدنية الحديثة على مفهوم المواطنة الذى أقره النبى صلى الله عليه وسلم فى معاهدة المدينة المنورة، ومبدأ المعاملة بالمثل بين الدول ..... وبينت الفتوى، أنه قد سبق لدار الإفتاء المصرية فى عهد الدكتور نصر فريد واصل المفتى الأسبق إصدار فتوى عام 1999 ميلادية بجواز بناء الكنائس فى بلاد الإسلام؛ حيث جاء فيها: "أن الإسلام يعطى أهل الكتب السماوية نصرانية أو يهودية أو غيرهما الحرية الكاملة فى فى ممـارسة طقوسهم الدينية وإقامة معابدهم وتركهم وما يدينون، طالما أنهم لا يعادون الإسلام ولا يعينون عليه أحدًا " ..... وأن ما قاله جماعة من الفقهاء بمنع إحداث ( إنشاء) الكنائس فى بلاد المسلمين: هى أقوال لها سياقاتها التاريخية وظروفها الاجتماعية المتعلقة بها؛ حيث مرت الدولة الإسلامية منذ نشأتها بأحوال السلم والحرب، وتعرضت للهجمات الضارية والحملات الصليبية التى اتخذت طابعًا دينيًّا يغذيه جماعة من المنتسبين للكنيسة آنذاك، مما دعا فقهاء المسلمين إلى تبنى الأقوال التى تساعد على استقرار الدولة الإسلامية والنظام العام من جهة، ورد العدوان على عقائد المسلمين ومساجدهم من جهة أخرى. ولا يخفى أن تغير الواقع يقتضى تغير الفتوى المبنية عليه؛ إذ الفتوى تتغير بتغير العوامل الأربعة (الزمان والمكان والأشخاص والأحوال ) )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقصلة شــــريعة حقوق الانسان
كنعان شـــــــــماس ( 2013 / 12 / 11 - 20:39 )
اظن مقصلة شـــــريعة حقوق الانسان حين يفــــــور تنورها سيكون رايها الفاصل وهو ما ( اجمع عليه العلماء ) والله اعلم تحية

اخر الافلام

.. مفوض عام وكالة الأونروا يحذر من مجاعة بعد تردي الأوضاع في غز


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مفوض عام الأونروا يحذر من أن المج




.. اعتقال رئيسة وكالة مكافحة الفساد في الجبل الأسود بتهم تتعلق


.. لازاريني: المجاعة -تحكم قبضتها- على قطاع غزة • فرانس 24




.. مجازر وجرائم مستمرة وتفاقم الوضع الإنساني في غزة