الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نزيف الثلج ...والمنفى .

سيمون خوري

2013 / 12 / 17
الادب والفن



ينزف الثلج في بلادنا برداً وفقراً ودماً . وهنا في منفانا الجميل ننزف حزناً وحسرة ،
على ما آلت اليه حالة أوطاننا . وكيف إبتلع العنف الراهن ،المستقبل . وحول البشر الى وقود لألهة مغيبة في حرب مأزومة مشبعة ، برائحة النفط والمصالح .
كيف لا تحزن .؟ والصورة القاتلة للشرق تطرق ذاكرتك عبر مختلف وسائل الميديا .فوجئنا بحجم العنف والقتل العشوائي . صدمتنا وعرتنا الصورة . فالأنظمة بلغت سن اليأس السياسي ، بيد أن القوى المعارضة لم تبلغ سن النضج السياسي . توهم البعض أنهم قبضوا على التاريخ والمستقبل معاً . من خلال بعث الماضي الذي لم يكن أكثر من كلام . فتحول التراث الى خطاب أثري إبتلعته رؤى مغايرة للعصر ، توهمت أنها هي المستقبل . في الوقت الذي قتلت فيه الفرح والانسان معاً. قوى جيشت العواطف وصحرتها ، وحالت دون إستثمار موسم الربيع ، بل وأدته . على من تراهن ..؟!
****** ****** ******
للمرة الاولى تنهال كافة اللعنات على ويتحول رمز السلام والمحبة الى ناقل للبرد والجوع والموت في شرقنا المنكوب بأنظمته ومعارضيه .
وشئ مأساوي حقاً ، ان يتحول رمز الفرح الى رمزاً للموت والبرد والجوع معاً. وتجري عملية تشويه لصورتة المحببة للأطفال . ماذا بقي لأطفالنا ..؟
ففي هذا الشرق تتحول كافة الطقوس الى أصدق شاهد غائب عن الحالة المآساوية لشعوبنا في هذا الزمن الماضوي الذي يغلب عليه . وتتحول حوارات المنفيين واللاجئين الى مراسيم عزاء للفرح . وإجترار ذكريات الماضي ، والسؤال عمن تبقى حياً . ولم يبتلعة بحر ما أو مكان تيهه الجديد. وليس الحلم بديمقراطية قادمة على حد السيف .
ترى عندما تغيب ثقافة الفرح ..ماذا سيتبقى للإنسان . ؟
هل قادم الأيام يمكن لها أن تنهض خالصة من أذيال الماضي . وهل الذاكرة يمكن لها أن تحلق خارج تراكمات الصورة الراهنة ..؟ ثم ذاكرة الأطفال ..؟! معارك وقذائف وقتلى بالجملة .... وفيضانات. ومراكب غرقى ، وهواجس وأحلام وآمال وخيبات .
ونحاول التغلب على آلام الغربة واللجوء القسري بالكلام . ودائماً الغربة ومشاعر الحنين تفتح الشهية على الكلام . لكن أي كلام ..؟ كلام لا يوفر أحداً من رب الثلج الى رب الموت.
عاش جيلنا رعب أكثر من حرب واحدة . ورعب القهر والفقر والإستبداد . تعرفنا على معنى ان تكون لاجئاً بلا وطن . ولم تغادرنا صورة مخيمات اللجوء والوعود بالعودة . حتى < كرت > الإعاشة أحطناه بإطار وعلقناه على الجدار كشاهد على نكبة ساهمت بها ذات القوى التي تساهم الأن بقتل الفرح . بيد أنه لا عودة حصلت وضاع ما تبقى مما تبقى لك . ولم يبقى سوى الذاكرة تحتفظ ببعض الصور المهشمة بسبب الرحيل والتهجير الدائم . صورة كيس الطحين ، ووابور الكاز وبطانية التضامن الأمريكي مع الشعب الفلسطيني. صورة تطرد صورة لكي تحل محلها وليس لكي تنهيها من الوجود . . وتمسكنا بايديولوجية تستحضر أرواح الماضي كما في جلسات تحضير الأرواح في فيلم سينمائي قديم ؟، بيد أن تحقيق تلك الأيديولوجية عبرت عن حالة فصامية ومنفصلة عن الواقع . ولا زال الجيل الحاضر يعيش ذات الحالة إضافة الى رعب ممثلي وعاظ السلاطين . الذين إحتكروا لأنفسهم مبدأ الحقيقة والصواب على أساس الإقتناع الذاتي .ومارسوا جميعاً أنظمة واحزاباً وديانات عجائبية خارج التاريخ وصاية على عقل الفرد . الحاكم ورجل الدين وقائد الحزب أو الجماعة جميعهم بائعي كلام .
ترى ماذا لو إستنطق الأطفال وعامة الناس ما رأيهم بكلمة < ثورة > ...؟ لاسيما في تلك البلدان التي تعتاش على ما ينتجه الأخرين أو في بلدان التغيير من السئ الى الأسوء ..؟!
يخيل لي أن النتيجة ، والجواب أصبح معروفاً . فهي النتيجة التي أرادها الفاعلون الأقليميون في المنطقة ، وأدت الى تحول في أدوار الفاعلين الصغار..؟ الباحثين عن وهم الجنة التعويضية كبديلاً عن بؤس واقعهم . لكي تبقى المنطقة أسيرة مفهوم الراعي القطيعي . لأن سياسة القطيع لا تحتاج إلا الى راع وحمار وكلب .
لذا عندما يتوقف القتال بين ممثلي الفاعلين الإقليميين ، سينتهي هذا الإله الذي يمارس فيه القتل تحت رايته . وما هو مستقر في الأذهان من ثوابت. وتوأد سياسة القطيع ، منذ الزمن الذي تحول فيه الراهن الى مغارة للماضي .فيما تعيش الشعوب الاخرى زمن الصورة والمعلوماتية. وزمن إعادة النظر في معنى الموت ذاته.
ما نخشاه حقاً هو تآكل هذه المجتمعات بسبب ما يمكن اعتباره صداماً ثقافياً بين الماضي والمستقبل .وتحوله الى سلسلة من الصراعات تدفع مجتمعاتنا نحو مزيد من الانفجار الكارثي وتفتت الجغرافية وتنهي حالة التنوع الأثني .
****** ****** ******

مسكين الثلج .. هنا احتفلنا به . أنتظره الأطفال ككل عام . إحتفلنا به في جاليتنا الفلسطينية في اليونان . والجاليات العربية الأخرى . فرح الأطفال . بيد أن قلوبنا كانت مع أطفال بلادنا اللاجئين في مخيمات الذل في الاردن ولبنان وتركيا والعراق . وفي سجون البلدان < العربية > الأخرى ومع الأطفال المهجرين داخل بلادهم . وتمنينا أن تكون أخر الحروب والمآسي . حتى اصبح شعار حق العودة الفلسطيني مطلباً وشعاراً عربياً. حق عودة كافة اللاجئين والمهجرين والمنفيين الى بلادهم .
< بابا نويل > أو أيوس فاسيلي ، لم يهبط من مدخنة المنزل حاملاً هداياه للصغار . بل إن الصغار في العديد من المدن اليونانية قدموا هداياهم ، لتوزيعها على الأطفال المنكوبين بأنظمتهم ، وأحزابهم التي أخفقت في معركة الحفاظ على الهوية والوطن والإنسان معاً. وخلفت حالة مريعة من القهر النفسي . والإحساس بالعجز واللاجدوى. وصورة سوداوية لمفهوم التغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلمة إلى : ســيــمــون خــــوري
غـسـان صــابــور ( 2013 / 12 / 17 - 16:53 )
سيمون خوري.. يا صديقي الرائع الطيب
كلماتك عن نكباتنا أصفى من الحقيقة الحقيقية.. وأوضح من كل الجراح التي مزقت آمــالــنــا.. وما زال تجار الكلام الخشبي والفتاوي الرخيصة والحكام والأمراء, يتركون لنا بقايا فتات موائدهم, حتى لا نطالبهم بوطننا الذي باعوه.. ولن يعود.. لأنهم باعوه وقبضوا الثمن.. وشاركوا بالجريمة والخيانة.. وما زالوا يتمرغون بوحول البطولات المزورة الكاذبة... ويوهمون الغلابة.. أننا أفضل أمـة عند الله... وكل الآلهة تــخــلــت عنا من أزمنة بعيدة...
يا صديقي.. صــرخـتـك وصرختي لن يسمعها العربان... لأنهم يـحـشـشـون في وادي الطرشــــان...
وحتى نلتقي.. لك كل مودتي وصداقتي واحترامي... وأصدق تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا


2 - الاستاذ المبدع سيمون خوري
عبله عبد الرحمن ( 2013 / 12 / 17 - 20:32 )
تحية اعجاب استاذي العزيز سيمون خوري
اشتقنا لابداعك
الحقيقة ان ظلام الحاضر يجعلنا نكل عن انتظار المستقبل
الاستاذ المبدع سيمون خوري في زماننا هذا وحين لا يعرف القاتل ضحيته فأن ثقافة الفرح لا بد ان تكون مغيبة
اشكرك
ودامت صحتك بكل الخير
كل عام وانت بالف خير


3 - كارثة إنسانية
سيمون خوري ( 2013 / 12 / 17 - 21:07 )
أخي غسان صابور المحترم وأختي عبلة المحترمة .شاهدنا اليوم حالة مخيمات اللجوء في هذا البرد القارس ، شئ يدمي القلب. ويعجز الانسان في التعبير أو وصف هذه الحالة . نتمنى لسورية الأستقرار والديمقراطية . لكن قبل ذلك عودة اللأجئين الى ديارهم . . مع التحية لكم


4 - الغالي سيمون
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 12 / 18 - 03:28 )
تحية و سلام و محبة و احترام
و نحن على ابوابها نهديك ومن خلالك للجميع التهاني مع الامنيات بان تكون احسن مما فات
محطات عديده تقاسمت السنوات مالحها و مرها اسودها و اكحلها
بين رعب و إرعاب(أن صح القول)كنتَ لاجئاً بلا وطن و كنا لاجئين في وطن
هشَّم صورك الرحيل و هشَّم صورنا البقاء
صورة كيس الطحين لا تختلف عن صورة البطاقة التموينية وقت الحصار
صور تَفَّرقكم دفعتكم للتفكير باللقاء و السعي اليه
و صور لمتُنا دفعتنا للتفكير بالفرقه
الفاعلون الفاعلين صغار و وسط و كبار
القادم يتم اعداده ليكون مغارة للماضي
القتال مع الاسف سيستمر لأن الكبار تطحنهم الازمة و تائهين بين مبدل لقيم ثورته بصفقة سلاح و مبدل لتاريخ ما قدم شعبه ببيع نادي كرة قدم
اكرر التحية


5 - مسكين حقاً الثلج.. ما دخله بهمجية أمراء الحرب؟
ليندا كبرييل ( 2013 / 12 / 18 - 04:14 )
تحياتي أستاذ سيمون
شاهدت فيديو من فترة، بل قل فيديوهات، لكن الفيديو الأخير الذي يعلم فيه مجنون شاذ أطفال مدرسة ابتدائية، أن مصير النصيري والنصارى والشيعة الذبح ، بعد مشاهدتي هذه تأكد لي أن مغادرة هذا الوطن الموبوء عمل عظيم، فلتبقَ ( الخرابة ) لهؤلاء المجانين ليفنوا بعضهم بعضاً
أما الكلام الوطني حول أرضنا المقدسة، ووطن الآباء والأجداد، فكله كلام ، ولا أصدق إلا الوطن الذي يعطيني السلام والأمان
أشفق على هؤلاء المتشردين تحت الخيام في هذا البرد القارس . وليس لي إلا الكلمة لأعزيهم بمصابهم،
عندما تأذن مصالح الدول الكبرى سيستقر السلام، أما غير ذلك فهو من التمنيات الأقرب للأحلام والأوهام

تفضل تحياتي وتمنياتي لشخصك الكريم بالصحة والعافية ( والسعادة ) التي تجدها في وطنك الثاني، حيث لن تجدها ولا في الحلم في بلادنا وشكراً


6 - رد الى الأحبة
سيمون خوري ( 2013 / 12 / 18 - 16:15 )
أخي عبد الرضا حمد جاسم المحترم تحية لك وأشكرك على تعليقك الذي يأتي دائماً لكي يقدم
اضافة جديدة . نهديك من أثينا أجمل تحية بمناسبة الأعياد . . هنا بالرغم من الأزمة الأقتصادية وطوابير العاطلين عن العمل تبرع الأطفال بألعابهم القديمة والعديد من العائلات بالثياب. لصالح اليونسيف ومنظمات رعاية الأطفال . تحت عنوان إبتسامة الطفل. المحزن هو كما تفضلت أنه تصرف على شراء الأندية وموائد القمار من الأموال ما يكفي لسد حاجة كل المحتاجين في العالم . أخي عبد الرضا تحية لك


7 - أختي ليندا
سيمون خوري ( 2013 / 12 / 18 - 16:21 )
أختي ليندا المحترمة تحية لك وكل عام وأنت والعائلة الكريمة بخير. أسعدني مرورك. ، واتفق معك في النتيجة التي وصلت اليها . رغم أني لم اشاهد أي فيديو . . ولا أرغب بمشاهدته . التقيت في أثينا ببعض الحالات التي فرت من حلب في طريقها الى بلدان الشمال وسمعت قصص لا تصدق . شئ مرعب وصادم وفق كافة المعايير. مع التحية لك


8 - كل عام وانت والعائلة وكل من سيمر من هنا بالف خير
رويدة سالم ( 2013 / 12 / 19 - 23:27 )
استاذي هل لللمنفيين والمهجرين ان يأملوا بحق العودة ومن بقي في الاوطان ينتهكه الوطن ويقصيه ويحرمه حتى ابسط حقوقه وهو بين جدرانه
لا اقدر ان اجزم ان كان العيب فينا ام في زماننا فاسلحتنا كلها مكسورة وساحة الصراع مسيجة بالشوك والعوسج والزمن يتبرأ منا ومن مآسينا
ليس لنا الا نأمل ان المستقبل سيكون يوما افضل لكي نقدر ان نستمر
مودتي استادي الفاضل


9 - أختي رويدا سالم
سيمون خوري ( 2013 / 12 / 20 - 11:13 )
أختي رويدا سالم المحترمة تحية لك سررت بمرورك وكذلك بوجهة نظرك .حول موضوع حق العودة رغم أمه حق مبدأي للجميع . بيد اني اعتقد فيما يخص الحالة الفلسطينية، الموضوع صعب وهو مجرد شعار وربما تخشى منظمات وفصائل العمل الوطني الفلسطيني من التصريح علناً أنه لا
عودة
أما في الحالة السورية إذا استقرت الأوضاع بإمكان الناس العودة الى بلدهم سورية لا تعاني من احتلال اسرائيلي
المشكلة أن هذه الحروب وخاصة في الحالة السورية ولدت كم هائل من الحقد والعنف الطائفي. والتعامل مستقبلاً مع النتائج تحتاج الى قيادات من نوع لم يتوفر بعد.مع التحية لك


10 - هل يوجد اشد قسوة من فراق حبيب لم نشبع منه؟
رويدة سالم ( 2013 / 12 / 20 - 12:04 )
حق العودة مشروع ولا نقاش فيه ابدا فاوطاننا هي ما نحمله فينا في اعماق ذاكرة تنتهك كل يوم اكثر لاالساحات التي نتوه فيها مهما كان قدرما توفره لنا من سلام وامان يبقى دوما شيء عزيز يعوزناهو حنين صارخ باعماقنا لطعم حلو بالحلق لم نشبع منه وسرق منا على حين غرة دون ان ندرك اننا نجرد منه
منظمات العمل الفلسطيني باعت كل شيء وقبضت الثمن وما تسوقه هو مجردحبوب مخدرة لكي لا تتعبهاضمائرهااكثر ولا تثير حفيضة من تستمد منهم بعض شرعيتها
هل اصلحوا الحال الداخلي وخلقوا وطنا واحدا يجمع كل ابناءه مهما فرقتهم الافكار لكي نامل في مصداقية يخضعون لها كلما خطبوا على المنابر؟
الحال السوري ليس افضل ولن يكون استاذي وانت تعرف ذلك اكثر مني الشتات يبدأ بخطوة ولن تكفي كل سبل الدنيالجمعه من جديد ولاعادته للمسار الصحيح
سورياهي وجه أخر لجرح يشتت الاحبه وسيحملون شظاياه دوما ما عاشوا فما من مستقبل مشرق ننتظر نوره بل حروب اهلية وان اقصِّي الحاكم والثورجية من الميدان
جسد منهك تتوالى عليه طعنات بنيه لحد اضعافه النهائي
الحرب ستنتقل للمحيط الهادي امريكا ضد الدب الصيني واروباستغرق في ثواراتها وسرائيل ستبتلع ما تبقى دون ان يشعرالعالم


11 - أختي رويدا سالم
سيمون خوري ( 2013 / 12 / 20 - 22:45 )
أختي رويدا سالم تحية لك ، اتفق مع وجهة نظرك ، أحياناً يبدو لي أن اوطاننا لم تعد تتسع حتى لأبناءها والهجرة عامل من عوامل اضعاف الصلة الفعلية بين الوطن والمواطن . العلاقة هنا تبقى فقط في الإطار العاطفي ومع الزمن تضمحل هذه العلاقة . لننظر الى الجاليات الأجنبية في أمريكا الشمالية والجنوبية معاً كمثال على ذلك. ترى أي عودة ؟؟؟

اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار


.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها




.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع


.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض




.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا