الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلام لمانديلا واللعنة على زعامات التسلط

عبد الرزاق السويراوي

2013 / 12 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أحيانا ينعدم منطق المقارنة بين شيئين رغم شرعيته , فللمقارنة معاييرها مثلما للشرعية معاييرها أيضاً . نيلسون مانديلا الزعيم الذي رحل أخيراً , هو نمط خاص وفريد للمناضل الذي يشعر معه المرء , كأمثاله من الذين أفنوا حياتهم من أجل مبادئهم , يمزج القول بالفعل . فقوله فعلٌ. وفعله ترجمة أمينة لما يعتقده ويراه صحيحاً بعيداً عن كلّ شعارات الزيف والكذب الذي يتقن فنونه زعماءُ الظلّ و الزور المتسلطين على شعوبهم , فيعملون على العكس مما يعلنون . فلا نجد في أفعالهم غير محاربة مواطنيهم وتدمير الدنيا , من أجل البقاء على سدّة الحكم . ومن هنا ربما يأتي عدم مقبولية المقارنة بين نيلسون مانديلا كمناضل يطبّق ما يقوله بإتجاه الحرية والسيادة وإستقطاب شعبه دون تمييز ونضاله التحرري ضد التمييز العنصري , وبين نمط لزعماء , يقولون ما لا يفعلون . ومن أقواله كمصاديق على ذلك "حاربْتُ ضد سيطرة البيض، وحاربت ضد سيطرة السود، لقد كنت أسعى من أجل مجتمع حر ديمقراطي يعيش فيه الجميع بسلام وتكون الفرص فيه متساوية. هذا هو المثال الذي أتمنى أن أعيش من أجله وأن أحققه." هكذا كانت إمنياته ,بل هكذا هي سجيّته المفعمة بالنبل الوطني والإنساني , يقول " وإذا اقتضت الحاجة، فأنا مستعد للموت في سبيل هذا." فهل أخلّ بوعوده ؟ كان يفهم ما هي تبعات وقيمة ان تكون زعيماً يرتهن مصير الملايين من شعبك بما تسلكه وتقرّره , فالزعامة الحقيقية الناجحة , هي ملكُ أتباعها وليس العكس , كما هو عليه حال ( زعمائنا ) الذين قلبوا المعادلة لتكون الجماهير في خدمتهم وليس العكس , وهذا شقُّ آخر يجعل من المقايسة بين زعيم كمانديلا وبين ( زعماء ) تُسْفكُ دماء شعوبهم يومياً , ربما بتحريض منهم , أو في الأقل , أنها تتم بمباركة منهم .
ويقول مانديلا ايضا " "يبدو أن قدر المحاربين من أجل الحرية ألاّ ينعموا باستقرارٍ في حياتهم الشخصية ... أن تكون بمثابة الأب لدولة , شرفٌ كبيرٌ، لكن أن تكون الأب في أسرة , فهذا مدعاة سعادة غامرة."فأين هو الشرف الكبير يا زعمائنا لأن تكونوا أباءً لملايين من مواطنيكم ؟ وهل تذوقتم فقدان نعمة الإستقرار لحياتكم الشخصية والعائلية , وأنتم تسكنون القصور والفلل ؟ أو ليس الأمر معكوساً تماماً ؟ ألم يكن كلّ جهدكم الحثيث من اجل منافعكم الشخصية من خلال سرقة المال العام , علناً وجهاراً ؟ . إذاً كم هو الفرق بين مانديلا وهؤلاء الزعماء ؟ حتى اننا سمعنا , بأنّه حتى الفيفا أمرَتْ بتنكيس الأعلام حزناً وأسفاً على المناضل الكبير نيلسون مانديلا فضلا عن حزن ملايين الأحرارمن العالم , بينما زعماء الخردة , يُلعنون صباحاً ومساء , وهم أحياءٌ , بل يُبصقُ على شاشات التلفاز التي يظهرون عليها بوجوههم الكالحة . من هنا يموت منطق المقارنة بين ميّتٍ رحَلَ وهو حيٌّ من خلال إخلاصه لقضيته ومبادئه . وبين أمواتٍ وهم أحياءٌ يعتاشون على ما تكسبه أيديهم وأفعالهم الشيطانية من فواحش السياسة وقذاراتها على حساب مصالح شعوبهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح