الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور 2013 لماذا نعم...؟

حسام الحداد

2013 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


بداية لابد من الاعتراف بأن هذا الدستور منتج بشري وليس منتج الهى اذ يكتنفه النقصان ويبحث عن الكمال ، فمن قام بكتابته بشر مثلنا يخطئون ويصيبون وانطلاقا من هذه القاعدة لابد ان نتعامل معه بشكل نسبي الاكتمال حيث انه من الممكن ان اكون متفقا على بعض المواد وانظر لها على انها جيدة وتخالفني الرأي فهي عندك ليست هكذا والعكس صحيح ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان تفسير مواد الدستور منوط بطبيعة القوى السياسية الحاكمة او ان شئنا الدقة صاحبة الاكثرية البرلمانية فان كانت هذه القوى من التيار المتأسلم ستتحول التشريعات التى يسنها البرلمان الى هذا الاتجاه وهنا العكس ايضا صحيح وسوف يكون هناك تفسيرات للمواد تتماشى مع الاتجاه المسيطر .ويحضرنى هنا اكثر من مثال
أولها : لمراجعتنا باب الحريات فى دستور 71 نجد انه رائع ويكفل الحريات جميعا ورغم هذا قد تم ممارسة القهر والاستبداد على المواطن المصرى فى ظل هذا الدستور فترتي حكم السادات ومبارك نظرا لعدم وجود قوى سياسية او جماعات ضغط حقيقية تدافع عن حقوق المواطن الدستورية هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تدجين النخب السياسية والثقافية واطلاق يد الاخوان فى الجامعات وخلق معارك ضارية بين الفصائل السياسية للوصول الى كرسى فى البرلمان ولم يكن يتم هذا الا من خلال صفقات مع الحزب الحاكم والتى طالت الجميع متاسلمون ويسار وليبراليون .
ثانيا : ان النصوص المقدسة قد اختلف حولها البشر فهناك اكثر من تفسير للتوراة والانجيل والقرآن وكل تفسير من هذه التفاسير للكتب المقدسة يعبر عن الطبقة الاجتماعية السائدة وما تفرضه من سياسات ومناهج فكرية وعلمية دفاعا عن مصالحها . وليس لدينا فى التاريخ الاسلامى اشهر من ارتفاع شان الشافعية تارة والحنابلة تارة اخرى والاحناف تارة ثالثة ناهيك عن المعتزلة والاشاعرة وكل لا يختلف حول قدسية القرأن او انه منزل من عند الله عز وجل ولكن الاختلاف حول تأويله فكل فرقة من الفرق الاسلامية أولته حسب ما يتفق ومصالحها الاجتماعية والاقتصادية فى لحظة تاريخية معينة .
وهذا ما يؤكد فكرتنا بان تفسير الدستور منوط بالقوى الاجتماعية السياسية والاقتصادية ذات الاكثرية البرلمانية .
ثالثا : ان دستور 71 كان ينص على ان الدولة منوط بها الحفاظ على القطاع العام وفى ظل هذا الدستور تم بيع القطاع العام وحينما رفعت دعوى امام المحكمة الدستورية بعدم دستورية البيع كان تفسير المحكمة متوافقا مع القوى الراسمالية التى كانت فى سدة الحكم فاقرت بيع القطاع العام تحت دعوى حمايته بالبيع لان شركاته خاسرة وان هذا البيع يحفظ المال العام .
واذا كانت ثورة 25 يناير وضعتنا فى اشكالية صعبة بالاختيار بين نمطين من انماط الرأسمالية ، رأسمالية تبعية ذات وجه عسكرى متمثل فى "الفريق شفيق "، ورأسمالية تبعية برداء دينى متمثلة فى "محمد مرسى" الا ان الوضع يختلف الان اختلاف جوهرى عن الانتخابات الرئاسية حيث ان التصويت ب " نعم" يحسب لفريق دون الاخر ، وايضا التصويت ب"لا" او المقاطعة او الابطال يحسب للفريق الاخر . وهناك فريقين لا ثالث بينهما اما التحالف الراسمالى مع ممثلين للقوى الديموقراطية وما نطلق عليه تجاوزا " التيار المدنى الديموقراطى" واما التحالف الراسمالى للتيار المتأسلم .
وهنا لابد ان نضع فى الاعتبار ان قوى اليسار مازالت قوى هامشية لا تمثل دورا جوهريا فى ميزان القوى بين الفريقين وان شئنا الدقة فانها لا تمثل جماعات ضغط حقيقى على الفريقين ومن اهم اسباب هذا تفتتها التنظيمى الذى افقدها وجودها الفعلى فى الشارع السياسي.
ولابد لنا من الاعتراف بان من وضع الدستور كما اشرنا فى مقالنا السابق هو تحالف الرأسمالية الحاكمة مع ممثلين للقوى الديموقراطية "على اختلاف توجهاتها" فتم وضع مواد جيدة الى حد ما تتعلق بالحريات والعدالة الاجتماعية والمرأة والتعليم والصحة ، بجانب الالتفات الى حد كبير لمحدودى ومعدومى الدخل.
والاهم من هذا فان الثورة لم تكن ذات طابع طبقى حتى ينادى البعض بدستور منحاذ طبقيا بل كان طابعها وطنيا ديموقراطيا وهذا ما جاء الدستور الذى بين ايدينا معبرا عنه ، كذلك لابد من الالتفات الى ان الاستفتاء على الدستور يقتضى نسبة معينة من التصويت حتى يتم اقراره ، لذا فان كل دعاوى الرفض والمقاطعة والإبطال انما تصب فى صالح الاخوان وحلفائهم مما يفتح الباب لاحتمالات كثيرة منها العودة لدستور 2012 او دستور 71 وتعديلاته اما اعلان دستورى يطيل الفترة الانتقالية .
اما ما يخص بعض المواد الاكثر التهابا وهى المواد المتعلقة بداية بالمحاكمات العسكرية فقد تحسنت كثيرا عن دستور 2012 من ناحية حزف صلاحيات رئيس الجمهورية فى تحويل قضايا للمحاكم العسكرية هذا بجانب تحديد الجرائم التى تستوجب محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية .
اما بخصوص المادة الثانية فقد كانت موجودة فى دستور 71 لم تطلب اى قوى اجتماعية تغييرها رغم عدم اتفاق البعض حولها بدعوى انها تفتح الباب لدولة شبه دينية وحسب اعتقاد ان اكثر الثوريين تطرفا لو كتب الدستور سوف يبقى على هذه المادة لمراعاة البعد الدينى العاطفى لدى غالبية الشعب المصرى .
اما بخصوص مادة تحصين وزير الدفاع ورغم انها انتقالية فنرى انها من الممكن ان تكون عاملا مهما فى عدم ترشح الرجل لمنصب رئيس الجمهورية ونعلم جميعا شعبيته التى تؤكد انه فى حال ترشحه سوف يتولى المنصب .
اخيرا على القوى السياسية او الثورية كما تحب ان تسمى نفسها اعادة قراءة الواقع قراءة جيدة من ناحية موازين القوى وما هو الممكن وما هو المتاح عمله وتحققه فى سبيل اتخاذ موقف يتسم بالموضوعية والعقلانية فى ان .
حسام الحداد
19/12/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي