الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة الى كل التونسيين :موالاة ومعارضة ومن هم على قارعة الطريق

محمّد نجيب قاسمي

2013 / 12 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


رسالة مفتوحة الى كل التونسيين :موالاة ومعارضة ومن هم على قارعة الطريق .

تونس إلى أين؟

تنقضي هذه الأيام ثلاث سنوات على تونس، وهي مجهدة بحالة ثورية، استسهلها شعبها في بداية الأمر، فصنع ثورته ب"مجهود شعبي"، توّجه بالإطاحة برأس النظام السابق وأجهزته الرسمية .ثم تنازل شيئا فشيئا عن منجزه وهو مازال في المهد لصالح قواه السياسية دون أن يتنبّه إلى أن رياحا كثيرة تعصف بها وسوسا ضخما ينخر كياناتها وتناقضات جوهرية تمزّقها ,وكان أن سترت تلك القوى عيوبها وتناقضاتها في البداية بسيل من الشتائم المشتركة على النظام المطاح به واستعراض عضلاتها على جسد ميت والتغني بأمجاد وبطولات معظمها وهمية ,بل أن أكثر الأصوات الصاخبة بالثورية كانت الأقرب إلى حثالات الماضي والأكثر استفادة من فتات موائد لصوصه.
ثم مرت تلك الفترة بسرعة فوجدت تلك القوى نفسها تتواجه بحدة وتتصارع بشدة على سلطة هي أعظم شبها بكرة اللهب من يمسكها أطول يكتوي بها أكثر ومن يدرك ضرورة التخلص من حريقها يلقيها بقوة فيتلقفها الأكثر غباء والأشد طمعا وهكذا دواليك.
وبذلك دخلت تونس دوامة الصراع على السلطة في زمن كانت في أمس الحاجة لإعادة الاعتبار للسلطة نفسها وفي الوقت الذي كانت فيه جميع القوى غير قادرة بمفردها على إعادة تدجين الفوضى وتهدئة النفوس ولملمة الجراحات .وعوض توجيه كل الجهود - كل بحسب قدراته - لحل المشكلات اللامتناهية ،بذل كل طرف كل جهوده للتغلب على الآخر ...على النفس ,,,على الوطن. والنتيجة: اقتصاد في أحرج وضعية وأمن في غاية التدهور وأسعار غالية ونفوس متشائمة ووجوه بائسة وعيون شاردة ومجلس تأسيسي تحول الى مهزلة فملهاة فمأساة.
ولاشك أن الوضع مرشح لمزيد التأزم والانغلاق والتعقد فلا مؤشرات على التحسن لا في الأمن ولا في الاقتصاد ولا في عودة الوعي .بل تتفاعل جهود كثيرة محلية وخارجية على دفع الأمور نحو الانهيار أكثر فأكثر . وكل يلعب لعبته بالشكل الذي يمتعه أفضل .فالقوى الخارجية لا تنفك تمارس لعبة المصالح لتكسب هناك مما يتراءى خسارة هنا وحتى في حالة الخسارة فهي لا تتوقف على كل حال عن ممارسة ما احترفت فيه .أما القوى المحلية فمنها ما هو أداة للخارج وهو في كل الأحوال يقبض أجره بسخاء ومنها ما هو متشح ب"النقاوة الثورية" فلا حول له ولا قوة ومنها ما يسعى جاهدا للمشي على حبال رجراجة فيعثر مرة ويعود الى توازنه بسرعة ويهوي أخرى ..والفضل في المحاولة وبذل الجهد. وفي كل الأحول فإن الشعب "الشّعبي "وحده التائه ووحده الخاسر ووحده الأبله ...
والمطلوب اليوم أن يعود الينا الوعي بسرعة بأننا نجرم جميعا في حق هذا الشعب إن واصلنا في هذا الدرب الخاطئ ،درب نهش بعضنا البعض وكأننا كلاب مسعورة .المطلوب أن نقر جميعا بأننا مقصرون وأن يتخلص كل واحد من درنه بنفسه ثم نتفق على الأدنى الممكن تحقيقه ثم نلتزم كلنا بأخلاقيات الثوري التي لا تكون سوى إقبالا منقطع النظير على العمل وتقديره وعلى الإنتاج وتكثيره . فخير لنا أن نتصارع وبطوننا ملأى لا خاوية وخير لنا مجابهة مشكلات التنمية لا مشكلات التخلف ،خير لنا أن نبني مصنعا لا أن نرمم مصنعا محترقا ..
تونس بلد صغير في مجاله وفي تعداد سكانه وفي ثرواته فلا تتحمل صراعات الكبار عليها ولا تتحمل زعامات كثيرة ولا أحزاب متعددة ولا طوائف متصارعة,لقد سلمنا إياها الآباء والأجداد – بعد قرون من تفاعلهم مع واقعهم - متجانسة في تركيبتها السكانية و الدينية والثقافية .فلماذا نعبث بهذا المكسب العظيم الذي كان يمكن أن نتغلب به على محدودية المجال والكثرة والثروة ؟
لماذا لا نستغل أحسن استغلال كل ما هو جميل وثمين فينا ؟ نحن من الشعوب العريقة ذات التاريخ المجيد ، نملأ موقعا جغرافيا ممتازا استراتيجيا ومناخيا وخصوبة ،ونسجل أرقاما عالية في التمدرس والتعليم والمهارات ،ولنا قدرة عجيبة على التأقلم وعلى خلق الثروة وغير ذلك كثير . ما الذي ينقصنا – غير الإرادة وصدق العزم – لنحسن التصرف في إمكانياتنا ؟
أول الدروس التي يجب استخلاصها ..الصبر ..الصبر على الأذى والصبر على بعضنا البعض والصبر على الانضباط للطابور ,,سيأتي دور كل واحد حسب ضوابط منطقية ومعلومة لدى الجميع
وثاني الدروس ألاّ نقصي أحدا بل نستفيد من هوايات الجميع و إبداعاتهم وقدراتهم
أما ثالث الدروس أن ندرك أن الحزبية ليست غاية في حد ذاتها بل هي مجرد وسيلة ممكنة لبلوغ أهدافنا فلا ننتشي بأننا انتسبنا إلى أحزاب ولا نعادي بعضنا البعض على انتماءاتنا . إن فضل الحزبية في العمل الجماعي المنظم لأن الفرد وحده غير قادر على النهوض بالشأن العام فيحتاج الى آخرين معه تجمعهم الرؤية المشتركة والأسلوب الواحد المنظم.ولا يمكن في العصر الحديث جمع الناس كلهم في حزب واحد ولا حتى في كل الأحزاب لأن الكثيرين يرفضون الدغمائية والتحنيط والدفاع على آراء ليست آراؤهم ولذلك فلا معنى للسعي الغريب المحموم لجمع أكبر عدد ممكن من الانخراط .فلتبق الأحزاب ماكينات انتخابية يديرها ناشطون مهرة لا يكلون ولا يتعبون أما باقي الناس فليبقوا ناخبين واعين متيقظين يعطون أصواتهم للأقدر ويقصون الفاشل والقاصر
ورابع الدروس أن نرفع لواء التفاؤل في أحلك الظروف فهناك دائما بقعة ضوء في آخر النفق ...
وللحديث بقايا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.