الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية- الإخوان المسلمين- والسلطة من حكاية الذئب وإلية الشاة

محمّد نجيب قاسمي

2013 / 12 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حكاية" الإخوان المسلمين" والسلطة من حكاية الذئب وإلية الشاة
جاء في الحكاية الشعبية المليئة حكما وعبرا أن ذئبا عثر في طريقه على إلية شاة نجدية انفتحت لها شهيته وهو شديد الجوع و كان قد قطع مسافة طويلة في الأودية الوعرة بحثا عما يسد رمقه ,فتوقف بحذر ملتفتا يمنة ويسرة مشتبها في الأمر وعوض الانقضاض عليها قال في نفسه :"لا شك أن لهذه الإلية قضية ورزية ,,,لاشك أنها وُضِعت لي و دُسَّ فيها السم لقتلي" ,,فانتْصَرَ للجوع والسلامة وهزم في نفسه الشّره والندامة , وقد نجا من الموت المحقق حيث كانت تلك الإلية طُعْما وُضع لقتل ذئب آخر كان قد افترس تلك الشاة في ليلة سابقة,
ولا شك أن حال الإخوان المسلمين جميعا في الانقضاض على السلطة على إثر زوال الأنظمة السائدة في بعض أقطار الوطن العربي هو من حال ذئب الحكاية الشعبية, ولكن مع فرق جوهري هو حكمة الذئب هناك وتسرع الإخوان هنا,
لا ينكر عاقل أن حركة الإخوان المسلمين تمثل تيارا واسع الانتشار في بلاد المسلمين وهي حركة لها تاريخ طويل وتأثير عميق في مختلف الأوساط وخاصة الشعبية منها كما أن لها الكثير من الايجابيات وخاصة في الجانب الدعوي والاجتماعي مثلما أن لها الكثير من الزلات على المستوى السياسي خاصة , وبذلك فهي جزء أساسي من المكونات السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع العربي ولا سبيل إلى إنكارها أو تجاهلها بل الواجب احترامها وقبولها لا الانتشاء بسبها وشتمها وتتبع سقطاتها,
لقد كانت القوة التنظيمية لدى حركة الإخوان المسلمين بفروعها الكثيرة وانتشارها في أعماق المجتمع وتاريخها الطويل في صراعها مع السلط الحاكمة وما تجرعته منها من آلام كثيرة السبب الرئيسي في الخطإ الكبير الذي وقعت فيه بالتسرع في المسك بدفة الحكم
فقد كانت تلك الفروع في تونس ثم مصر القوة الأساسية المنظمة سياسيا في أحزاب منضبطة من أبرز ما يتمتع به أنصارها التضامن الشديد بينهم بحكم تاريخ " النضال المشترك" والتكافل الوثيق بعد سنوات طويلة من المعاناة,بيد أن تلك المقومات التي بدت إيجابية شكلت في الآن نفسه نقطة ضعف حركة الإخوان المسلمين حيث كانت,, فقد أخذتها العزة بالكثرة العددية والانضباط الحزبي إلى الفوز في الانتخابات والشعور ببلوغ درجة "التمكين" والوصول إلى سدة الحكم رغم أنها في مصر خاصة أطلقت قبل الانتخابات بوقت طويل وعودا في غاية الحكمة والذكاء بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية وبالترشح بقدر معلوم للانتخابات التشريعية ثم نكثت تلك الوعود وكانت هي الضحية الوحيدة لعدم الالتزام بذلك الوعد
ذلك أن حركة الإخوان في تونس ثم في مصر لم تكن لها الشرعية الثورية إذ لم يشهد لها بإشعالها شرارات الثورات ولا بالمشاركة الحاسمة فيها ثم إن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والأمني في البلدان الثائرة لم يكن يسمح لأية جهة بإحداث تغييرات جوهرية سريعة فيها تلبي طموحات شعب ثائر سقف طموحاته عال جدا ومن ذلك أن المطلبية بلغت ذروتها إلى درجة أن فئات اجتماعية محسوبة على الرفاه مثل القضاة والأساتذة الجامعيين والأطباء والطيارين شاركوا بكثافة في إضرابات واعتصامات تطالب بتحسين الدخل
ولذلك عوض أن يساهم الإخوان مع غيرهم قلوا أو كثروا في إعادة الاستقرار وتهيئة الظروف الملائمة طيلة فترة انتقالية محترمة تعجلوا في اقتسام المناصب وتحالفوا مع قوى شديدة الانتهازية كثيرة الشغب قليلة السلب امتصوا منهم دماء كثيرة ثم ناصبوهم العداء عبر تكوين تشكيلات حزبية أخرى سرعان ما تتكاثر دون ضوابط والحال أن لا امتداد شعبي لهم سوى في المقاهي السياسية والصالونات السفسطائية
وبوضوح عوض أن يتم الاتفاق رغم الانتصار الانتخابي على تكوين حكومة " واقي صدمات" تؤمن للجميع فرصة كتابة الدستور في هدوء تلقفوا الكرة الملتهبة نارا والمسماة بالسلطة فكان ما كان وما يكون ,
ثم أنّ الأخطاء المتتالية هناك في مصر وهنا في تونس سواء في العلاقات الإقليمية ومثال ذلك سوريا وفي العلاقة بالكيان الصهيوني وفي إعلاء النعرات الطائفية والمذهبية وفي التعاطي مع الملفات الاقتصادية والأمنية وفي سوء الأداء الإداري وفي السعي المحموم لأخونة كل شيء بدعوى أهل الثقة أولى من أهل الكفاءة، كل تلك الأخطاء ساهمت في تراجع التعاطف الشعبي وانكشفت حقيقة مرة تقول ببساطة أن الأتقى والأكثر ورعا دينيا ليس بالضرورة هو الأفضل في النهوض بالشأن العام للناس وإلا لكان الكنفوشيوس في اليابان الذين لا يدينون بالإسلام ولا يقتدون بسيرة المصطفى هم الأسوأ في النمو الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي,,,
ولذلك آن الأوان للإخوان لمراجعة أنفسهم والقبول بأن الحكم الشمولي قد ولى وبأنهم مع غيرهم جزء من مكونات المجتمع وعلى الآخرين أن يقاسموهم هذه البديهيات ولا يظنوا أنهم البديل الجاهز والناجح لمجرد عدم توفق الإخوان إن لم نقل فشلهم,,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شعار رابعة أسوء شعار لحزب سياسي
رمضان عيسى ( 2013 / 12 / 22 - 23:04 )
أحدث تحليل لشعار رابعة : أربع أصابع تعني أن الاخوان قد أُصيبوا بردة بيولوجية و،هم من أنصار العودة بالانسان الى أن يحبو على أربع بدلا من السير منتصبا على قدمين ، واللون الأصفر دلالة على المرض وفقر الدم ، أما اللون الأسود فدلالة على الظلام وفقدان النور ، وبهذا يكون شعار رابعة أسوء شعار يتبناه حزب في القرن الواحد والعشرين .

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س