الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فعاليات موسم الحج إلى أبيدوس

سامي حرك

2013 / 12 / 28
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الحج إلى أبيدوس
في مقال سابق أشرنا إلى أهمية التنمية الثقافية للآثار المصرية, وقد أخذ المقال عنوان جانبي "سياحة المليارات", لأن ذلك هو ما ينتظر أي برامج تنمية ثقافية ناجحة لآثارنا, ولعل إستثمار فعالية الحج إلى أبيدوس تكون مثال عملي لذلك.
• يغطي موسم الحج كامل النصف الثاني من شهر كيهك, من 15 : 28 كيهك (24 ديسمبر : 6 يناير), ويقضى الحجاج اليومين الأخيرين في توديع بعضهم وتوثيق معارفهم.
• يتوافد الحجيج (رجال ونساء وأطفال) من كافة مدن وقرى مصر بالقوارب النيلية أو مشيًا في إتجاه مدينة أبيدوس, حيث مقام دفن رأس أول الشهداء.
• يبدأ الموسم بعيد "أوزير الشجرة", وأمام المقام (المعبد) يزرع الكهنة شجرة كبيرة, من الأنواع دائمة الخضرة, ثابتة الأوراق, بينما يحرص كل حاج على إحضار شتلة أو فرع صالح للزراعة, وفروع أشجار الصفصاف كمثال, يزرعونها حول المقام هدية لروح أوزيريس, ورحمة على أرواح أمواتهم, آملين أن يتمتعوا بالحياة في قرب أوزيريس من خلال تلك الأشجار.
• يقضي الحجاج أيامهم بين العناية بأشجارهم والمشاركة في طقوس تمثيلية (مسرحيات) تجسد أحداث الأسطورة الأوزيرية.
• من أكثر الطقوس إثارة, تكوين فريقين من كل مجموعة, كل فريق يكون من بلد واحد, ويتبادلون أدوار أبطال الأسطورة الأوزيرية, خاصة المحاكمة وتقديم حجج كل فريق وإبداء وجهة نظره, تنتهي المسرحية عادة بمعركة رمزية (تحطيب) بين ممثلي دور أنصار "ست" وممثلي دور أنصار "حورس", الفصول السبعة للمسرحية الأوزيرية محفوظة بعناية على جداريات معبد أدفو, وقد شرحها محسن لطفي السيد في كتابه الهام "أساطير معبد أدفو".
• يتخلل تلك الطقوس التمثيلية يوم السعي (22 كيهك) وينشغل فيه الحجاج بتقليد إيزيس في بحثها وتنقيبها في أرجاء أرض مصر عن أجزاء الجسد الشريف, فيأتي الحجاج من البلد المدفون فيه اليد اليمنى –مثلا- فيقولون لقد بحثنا ونقبنا حتى وجدنا اليد اليمنى للشهيد, وتركناها في أمان يرعاها أهلنا حتى نعود إليهم فنشاركهم ذلك, وهكذا كل بلد من الـ 13 بلد الموزعة عليهم أجزاء جسد أوزيريس, لأن كل جزء تم دفنة في إقليم (محافظة), وترد عليهم كاهنة برداء أبيض (تمثل دور إيزيس) توصيهم بمواصلة العناية بما لديهم من أمانة.
• يوم 26 كيهك, مهرجان سوكر أو بتاح سوكر, وهو أقنوم يمثل إمتداد أو تجلي لأوزير وحورس, حيث الإحتفال بإنتصارات حورس القضائية والحربية, على عدوه وعدو والده, ويتبادل الحجاج التهاني بإنتصار الخير وظهور الحق, كما ينخرطون صفوفًا منغمسين في أناشيد ورقصات السُكر (الزكر) كما في الموالد الصوفية الآن.
• يوم 28 كيهك ختام موسم الحج بُرفع عمود الـ "جد" , وهو طقس إحتفالي ختامي رمزي , يمثل قيامة أوزيريس, والعمود على شكل مومياء رأسها هو عمود الـ "جد", من الخشب الملفوف جيداً بالحبال , ثم يتوجه الملك مع الحاشية إلى مكان العمود ليقوم برفعه على شكل الراية في الميدان, كما يُرفع الآن عمود الخيمة في الموالد, أو كما هو رفع العلم في طابور الصباح, مع صيحات وصلاصل وطبول من الحاضرين , نجد المزيد من تفاصيل ذلك الطقس عند "أدولف إرمان" في كتابه القيم "مصر والحياة المصرية في العصور القديمة", كما نجد في الفصل (155) من كتاب الموتى (بر-م-هرو) إشارة إلى أن رفع عمود الجد يمنح جسد المتوفي القوة والدوام (الخلود), وفي حالة ممارسة هذا الطقس كختام لمراسم الحج فإن ذلك يعني ضمان القوة والخلود للوطن.
كما ترون حضراتكن, وحضراتكم, فإن الحج إلى أبيدوس هو من أغنى صور الإستثمار الثقافي للتاريخ والآثار المصرية, وبنظرة واحدة يمكننا أن نتخيل أعداد ومجاميع العاملين والممثلين والموسيقيين ومصممي الديكورات والملابس والمخرجين والفنيين من كافة التخصصات, والمقاهي والفنادق والمطاعم ووسائل المواصلات والإتصالات المشاركة في الحدث, وما قد يساهم به كل ذلك في تحسين الأحوال الإجتماعية والإقتصادية للمصريين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي