الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عن-البلح المر- للمبدعة دامي عمر
عبد الله مهتدي
2013 / 12 / 29الادب والفن
تكتب دامي عمر من خلال "البلح المر"، القصة القصيرة جدا، وكأنها تتنفس شعرا، تعبر بنا مسالك الكتابة بحساسية شعرية خاصة، وكأنما تستنفر حدسها الشعري ليكتب نفسه قصا.
إن مجموعتها القصصية "البلح المر"،عنقود كبير من بلح الواقع الذي لا يقل مرارة عن حبات الحنظل،لكن الشعر يجعل للمرارة مذاقا حلوا،لان الحس الإبداعي المرهف لدامي عمر يستفزنا لنمارس فعل القراءة بحواسنا وأحاسيسنا،منتقلين من القراءة الشاردة،إلى القراءة العاشقة.
نقرأ قصص دامي عمر ،وكأنما نمشي فوق حقول ألغام،نقطع المسافات ذاتها ،ثم نعيد قطعها من جديد،تنفجر فينا النهايات ،لتعيدنا إلى البدايات نفسها ،وكأننا في حركة سيزيفية لقراءة الواقع وإعادة بنائه،نعيد جمع شتات الكلمات التي تركت آثارها في دواخلنا ،وكأننا نعيد بناء ذواتنا اللاهثة خلف المعنى،وكأننا نعيد ترميم فهمنا للبوح القصصي في "البلح المر" وهو يقدم نفسه كأفق مغاير للحكي.
تدافع دامي عمر عن تجربتها القصصية،بشراسة جميلة ونادرة،وهي الواثقة من أنها تمارس فعل الكتابة كي تحرر الواقع من الصمت المتيبس في حناجرنا،الساكن مفاصل أرواحنا،تكتب كي تقول ذاتها في الآخرين،وكي يرى الآخرون في الشقوق التي تحدثها كلماتها على جسد الواقع،بعضا من الضوء المترنح ،تقوم دامي عمر بخلخلة المسكوت عنه ،المألوف،المتواطئ عليه،بوخزات اللغة الشاعرية،تفتت الواقع وكأنما تفتتنا،ثم تعيد بناء صلتنا بالمعيش على أسس مغايرة،ليصبح الواقع المر بتعقيداته أكثر قابلية للانكشاف.
تكتب المجموعة القصصية"البلح المر" دامي عمر بنفس شعري حاد،وكأن قدر هذا البوح القاسي أن يقتفي أثر الورد،كي يملأنا بأريجه الفاتن،تهرب الكاتبة من شراك التقريرية والمباشرة التي تقتل الإبداع إلى نوع آخر من البوح،تبدو فيه القصة القصيرة جدا وكأنها قصيدة لامتناهية،وكأنها رئة كبيرة لايسعها الحيز الضيق للورقة ،فتمتد فينا، تتقمصنا، تلبسنا،تفتح لنفسها فينا أفقا آخر لتراتيل الريح،كي تعيد تشكيل نواميس البوح حكيا مفتوحا على المعيش اليومي بقساواته،ومراراته،وانكساراته.
انه بذخ المعنى دون قطع الصلة بالواقع،هذه المعادلة الصعبة التي اقتحمتها دامي عمر بعدتها اللغوية وعتادها الحسي ليعلو منسوب الإبداعية في منتوجها القصصي.فهل تكتب الكاتبة نفسها شعرا وهي تحكي قصصا؟أم تحكي شعرا حكايات التيه والضوء والعدم والصمت والفرح والموت والماء والريح........؟
تفرض علينا "البلح المر" القراءة المتعددة لنصوصها،حتى نستطيع تمثل "المخيال الحكائي"للكاتبة الشاعرة،تخاطب دامي عمر فينا حواسنا كي لا نقرأ "عقدها الفريد" قراءة ميكانيكية،تستفز "مخزوننا القرائي"لنرى كشافات الضوء وهي تفضح الواقع وتعريه،لنعيد اكتشاف المعنى ،في ثنايا بوح قصصي ينفتح لينغلق في حركية انفتاح و انغلاق الواقع نفسه،هكذا ،لن تسعفنا القراءة الواحدة في تلمس الشظايا المتطايرة من نصوص "البلح المر"،وهي النصوص التي تحتفي بانفلاتها المستمر لتبني فينا عوالمها المتعددة.
قصص دامي عمر مثل مبضع الجراح،تتشابك مع المعيش،لكنها تتجاوز ذلك لإعادة البناء على أسس إبداعية مغايرة،شكرا دامي عمر.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح