الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر البعث والفساد والحوار مع أمريكا

منير شحود

2005 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ما زال نظيفو اليد في سورية, وكل من يهمه العيش في وطن لا يعشِّش الخوف في ثناياه, ولا يقبع فيه لصوص في مواقع المسؤولية...مازالوا يأملون ويحلمون بذلك الوطن, عاجزين عن الفعل, وليس لديهم سوى كلمة الصدق, ونصائح تتطاير كالفراشات التائهة, بينما تجول الضواري في الأرض, تتقافز وتتصارع. كتبوا وكتبنا معهم عن الإصلاح, وفي لحظة ما, كانت قلوبنا مفعمة بالأمل, ومع كل يوم يمر, يتفاقم اليأس, ويتضاءل شعاع الضوء في النفق المتباعد.
ونسمع كل يوم بما هو النتيجة المنطقية لما كان...حقائب تملأ وتبحث عن مخابئ لإيداع ما سرق من كدح فقراء سوريا وقوت أطفالهم, بينما ننتظر مكبلين في زوايا الوطن التي نحسبها آمنة, علَّنا نختبئ من صخب الأكاذيب.
جمعتني المصادفة بأحد المقربين من جهات مستفيدة في السلطة, وكان يتحدث عن الوضع في سوريا, وفيما يلي ألخص أهم ما جاء في حديثه: "في الاقتصاد, يكون الحل ببيع القطاع العام وخصخصته", وهو حله المقترح لنهب هذا القطاع. والحق يقال فإن ما كان يقصده ذلك الشخص المقرب من بعض دوائر الفساد هو أن يشتري القطاعَ العام من سرقه, وليس خصخصة بالمعنى المتعارف عليه كحل حقيقي في دولة القانون. أما بالنسبة للفساد والنهب, يضيف هذا "المحلل": يجب أن "يُترك السارقون وشأنهم ليحاسبهم الله يوم القيامة!". ومما قاله أيضاً إن "عارف دليلة ورياض سيف وأمثالهم أعداء الوطن", تبعاً للتهمة المعروفة لكل من يتجرأ ويتجاوز الخطوط المرسومة لأمن السلطة. أما الشعب السوري فهو "لا يحب التمرد ولا يثور على سلطته...إنه شعب من نوع خاص".
ومن جهة أخرى, وكأنَّ مصائبنا مع ذئاب الداخل لا تكفي حتى يأتينا من انهزموا في معارك بعيدة عن العدو, باحثين عن المغانم تحت يافطات سُرقت من أصحابها الحقيقيين. إن أمثال هؤلاء الذين تدور الشكوك حول ممارساتهم السابقة, أو تقر الوقائع بأن أياديهم تلطخت بالدم, أو امتدت إلى المال العام, لا بد أن يعبروا إلى الوطن من خلال بوابة القانون, لا قانون المحاكم الاستثنائية, إنما قضاء النزاهة والشفافية وتحت أنظار الجميع في الداخل والخارج.
إن مكافحة الفساد هي المحك بالفعل, مع أن ذلك مستحيل في ظل الأوضاع الحالية, نظراً لهرمية الفساد وتغلغله في دهاليز السلطة نفسها, بحيث يمكن القول أن لا براء من هذا الداء في الظروف الراهنة. والأمر لا يعدو كونه محاولة من راعيي مؤتمر البعث من أجل تفريغ مطالب المعارضين لاستمرار هذا النهج من مضمونها, وامتصاص غضب من وصل إلى المؤتمر من قواعد الحزب حاملاً معه بعضاًً من معاناة, وذلك برفع هذه المطالب كشعارات لا تلبث أن تزوي وتذبل, كما حدث لشعار التحديث والتطوير. لكن تثبيت الداخل أو تكبيله لم يعد يكفي, فقد صار العامل الخارجي منذ سنوات هو دينامو حركة الداخل الذي استعصى على الإصلاح.
وفي مقال له يطرح الكاتب عبد الرزاق عيد أحد الخيارات المنطقية جداً, مع أنها لا تعدو كونها أمنيات: أن يخرج رياض سيف من السجن ليتبوأ رئاسة مجلس الوزراء لفترة انتقالية. فمن جهة غلاة السلطة, يعد مثل هذا الطرح غريباً ولا ريب, باعتبار رياض سيف وأمثاله مصنفون تبعاً للمفهوم الشمولي القراقوشي أعداءً لـ "الوطن", وهذا صحيح من وجهة نظر من يعتبر الوطن مزرعته. مع العلم أن ذلك قد يمثل أحد الحلول التي يمكن أن تشكل مخارج لهؤلاء الغلاة أنفسهم عوضاً عن تجديفهم اليائس في عرض البحر, ومحاولةً لاستعادة بعضاً من إرث سوريا الديمقراطي الذي يحاول منظرو الحاضر البائس أن يطووه, ويقيموا على أنقاضه نصبهم المتهالكة. وبعيداً عن التنظير والتمنيات فإن لا خلاص إلا بتنامي الأفعال الملموسة الديمقراطية والسلمية على الأرض لتشكل جنين التغيير القادم في كل الحالات, فلا جزر منعزلة في عالم اليوم...هيهات!.
إن التوصية الأكثر مصداقية في مؤتمر الحزب هي الرغبة في الحوار مع أمريكا, لأن ذلك هو الذي يمكن أن يضمن تلك الصفقة المريحة لأولي الأمر. بيد أن تلك الوصية مآلها التبخر ليس إلا, بعد أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه. والخشية كل الخشية من أن يكون المنحى قد اتخذ تلك الوجهة التي قد تفضي إلى "الحوار" بوسائل أخرى!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم