الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارمع كاتب الدولة الأسبق في التضامن و العمل الإنساني الأستاذ حمو أوحلي

عبد الرحيم العطري

2005 / 6 / 17
مقابلات و حوارات


حوار مع كاتب الدولة الأسبق في التضامن والعمل الإنساني
الأستاذ حمو اوحلي
• محاربة الفقر لا تنجح إلا بالتضامن والتعبئة الشاملة
• المراحل التي مر منها المغرب كان العامل الاجتماعي فيها أكثر تضررا
أجرى الحوار : عبد الرحيم العطري
محاربة الفقر، تقليص الفوارق الاجتماعية ومحو التفاوتات بين العالمين القروي والحضري... كلها عناوين عريضة لمشروع مجتمعي تلح حكومة التناوب على تكريسه واقعيا عبر برامج وأوراش طموحة...ولكن العام الأول من عمر التناوب قد انقضى فما الذي تحقق؟.. وما الذي بقي بعيدا عن دائرة التنفيذ؟ وكيف السبيل إلى حل الإشكالات الاجتماعية التي تضررت كثيرا في ألأعوام الماضية؟ وماذا عن التضامن والعمل الإنساني كأسلوب راق لرفع التحديات وبلوغ التنمية المستديمة؟..
تلك وأسئلة أخرى اعتملت قويا في أعماقنا، حملناها إلى السيد حمو أوحلي كاتب الدولة في التضامن والعمل الإنساني، فكان هذا الحوار.. وكان الانفتاح على خصوصيات التحول السياسي الهام الذي شهده المغرب وصعوبات هذا الانتقال، وضرورات التضامن والاتحاد من أجل القضاء على الحاجة.و فوق ذلك كله كان التأكيد القوي على أن الشفافية والنزاهة هي أقصر وأنجع الطرق إلى النجاح، وأن التغيير ممكن، ولكن بالتضامن والتعبئة الشاملة.
تحول سياسي
 السيد الوزير أطفأت حكومة التناوب ولنقل أشعلت شمعتها الأولى، باعتباركم تشاركون في هذه الحكومة وتتحملون فيها مسؤولية قطاع اجتماعي إنساني بامتياز ما رأيكم وكذا ما ارتساماتكم حول هذه السنة الأولى في عمر التناوب؟
- أولا أود أن أشكركم على اهتمامكم بهذا الموضوع. والواقع أنه فيما يخص تقييم حصيلة التناوب خلال سنة كاملة, بفرض علينا الاعتراف في البداية بأن هذا التقييم لم يكون مشابها وبنفس المقاييس مقارنة مع الدول الأخرى التي قطعت أشواطا مهمة في التناوب كممارسة سياسية وكعرف عام.
ولهذا فالتناوب على الحكم يكون في بدايته محكوما بالتعرف على الملفات وتشخيص الواقع لتجاوزه، في حين يكون الأمر مختلفا بالنسبة للدول الأخرى التي تأصل لديها هذا الخيار في مشهدها السياسي, فهناك يكون العمل مباشرة بعد تحمل المسؤولية.. وعلى كل يمكن القول بأن هذا العام الأول في عمر التناوب بالمغرب كان مناسبة للتعرف على الملفات وللعمل أيضا، فقد أمكن لنا تشخيص الوضع والعمل على تغييره نحو الأفضل طبعا.. فهناك أعمال وإنجازات في أكثر من مجال.
فالمسألة المهمة والإيجابية في هذا العام هي هذه الحكومة في حد ذاتها، وهذا التحول السياسي المهم الذي عرفه المغرب والذي تمثل بالخصوص في تكريس التناوب على الحكم. و بالإضافة إلى ذلك فإيجابية هذه التجربة تتجسد في الانسجام الحكومي التام الذي كان يطرحه الملاحظون بحدة في السابق, ليتأكد لهم جميعا بأنه حاضر بقوة بين جميع الفرقاء المشاركين في صنع التغيير.
سمة أخرى ميزت وتميز هذه التجربة وهي أن جميع أعضاء الحكومة يقومون -كل في اختصاصاته وميدانه- بأعمال جدية، وأبرز دليل على ما نقول الكلمة السامية والرقيقة التي أثلجت صدورنا جميعا، والتي فاه بها صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني نصره الله في المجلس الوزاري الأخير والتي نوه فيها بمجهودات الحكومة داعيا إياها إلى بذل المزيد.
صعوبات التناوب
 كل تجربة لابد وأن تجابهها صعوبات!. فما هي أهم الصعوبات التي واجهت حكومة التناوب خلال هذا العام؟
- طبعا هناك صعوبات، وفي نظري يمكن تقسيمها إلى نوعين، فمنها ما يتصل بانتظارات المواطنين التي دامت لعقود طويلة وتراكمت بشكل خطير ومباغت.. وهي انتظارات ثقيلة على الحكومة أن تقلص منها. وبذلك لم يعط الوقت الكافي لهذه الحكومة لكي تلبي هذه المتطلبات التي تبقى مشروعة ولكنها تتطلب سقفا زمنيا معينا لا يمكن تحديده في عام واحد.
أما النوع الثاني فيبدو لي في الالتفاف حول الحكومة، فمن حق المواطنين أن يطالبوا الحكومة بالتغيير ولكن لابد أيضا من التكتل. فعلى جميع المنظمات الموازية للأحزاب المشاركة في الحكومة على الأقل الانخراط في تعبئة شاملة لإنجاح المشروع التغييري الذي جاءت به حكومة التناوب. فأحيانا نلاحظ نوعا من الخصاص في هذا الجانب.. ولكن مع ذلك فهذه المسألة آخذة في التحسن، ولم تعد هذه الصعوبات تطرح بنفس الحدة كما كان الأمر في البداية.
وبطبيعة الحال فهناك معيقات مادية بالأساس، فالاحتياج كبير والإمكانيات المادية في الميزانية محدودة. ولكن من حسن الحظ فنحن لا نراهن فقط على الميزانية لحل المشاكل، هناك أفكار وابتكارات تصلح لمواجهة التحديات.. فعلى الإنسان أن يكون خلاقا ومبتكرا لإيجاد حلول ناجعة للقضايا التي تنطرح أمامه، وفوق ذلك كله نراهن على التضامن لبلوغ أهدافنا التنموية.
الأكثر تضررا
 طبعا لا يمكن مواجهة التحديات الكبرى إلا بالتضامن، السيد الوزير إنها المرة الأولى التي تخصص حكومة مغربية كتابة دولة خاصة بالتضامن والعمل الإنساني.. لماذا هذا الاختيار؟
- التضامن يفرض نفسه في أي مشروع تنموي. فبعد المراحل التي مر منها المغرب والتي همت بالأساس التوازن الماكرواقتصادي والوضع المالي للبلاد، كان العامل الاجتماعي فيها هو الأكثر تضررا، الشيء الذي أفرز عدة مشاكل اجتماعية اتضحت بجلاء في الفوارق الاجتماعية تحديدا بين العالم القروي والعالم الحضري, بين الرجال والنساء, بين فئات المجتمع حسب التطور السوسيواقتصادي. وبذلك أصبح مفروضا على الحكومة الجديدة أن يكون هناك تنسيق في إطار العمل التضامني، وبالتالي خلقت كتابة الدولة في التضامن والعمل الإنساني. وطبعا ليس من أجل الاضطلاع بمسؤولية حل جميع المشاكل الاجتماعية المطروحة.. ولكن من أجل إثارة الانتباه أولا ثم القيام بالعمل التنسيقي من جهة ثانية. فكل قطاع حكومي إلا ونجده يقوم بدوره – بشكل او بآخر – في محاربة الفقر والتقليص من الفوارق الاجتماعية. وهذا ما يستوجب ضرورة التنسيق والتضامن.
 إذن ما هي أهم المحاور التي ترتكز عليها استراتيجية عملكم في مجال التضامن والعمل الإنساني؟
- نشير في البداية إلى أن الأهداف التي نتغيا تحقيقها واضحة, وتصبو بالأساس إلى التقليص من الفوارق الاجتماعية والعناية بالشرائح الأكثر تضررا واحتياجا، إذن فأهدافنا المركزية جد واضحة, أما فيما يخص آليات العمل، فيجرنا الحديث عنها إلى التأكيد أولا على أن الحكومة وبالرغم من الصعوبات المالية التي تقابلها, فإنها تتوفر على معطيات مشجعة كالعمل مع الجمعيات مثلا في إطار اتفاقيات الشراكة وكذا إثارة انتباه أطراف حكومية أخرى, ونحن في كتابة الدولة نعتمد في استراتيجية عملنا على هذه المقاربة التي تبدو ناجحة في معالجة الملفات والقضايا التي تواجهنا في عملنا اليومي.
فالأهداف وكما أسلفت تتحدد في محو الفوارق والتفاوتات ومحاربة الفقر، وهذا بالطبع لا يمكن تحقيقه إلا بالتضامن والتعبئة الشاملة بين جميع الشركاء من قطاعات حكومية وجمعيات ومنظمات. فالاتحاد ضد الحاجة هو الحل.
وحملة التضامن التي ترأسها صاحب السمو الملكي ولي العهد سيدي محمد, والتي التفت حولها كل الشرائح أبرزت أن التضامن كنز كبير يساهم فعلا في حل الكثير من الإشكاليات المجتمعية. فهذه الحملة ساهم فيها المواطنون بشكل مكثف, وهذا مكسب وطني هام.
 على ذكر حملة التضامن ما هي أهم الخلاصات أو الدروس المستفادة منها؟
- الخلاصات والدروس المستخلصة من هذا العمل التضامني يصعب حصرها على وجه الدقة. ولكن لابد في البداية من الإشارة إلى مسألة من الأهمية بمكان تتعلق بالرمز الذي قاد هذه الحملة, وبالظروف التي مرت منها. فالحملة وكما هو معلوم تمت تحت الرئاسة الفعلية لصاحب السمو الملكي ولي العهد سيدي محمد, وهذا رمز له أكثر من دلالة. وبطبيعة الحال فحملة تحظى أيضا بالدعم المولوي السامي لصاحب الجلالة لا يمكن أن تقابل إلا النجاح. هذا الأخير الذي نجم أيضا عن طريقة التنظيم. فتنظيم هذه الحملة التضامنية كان عصريا بامتياز.
كما أن أسباب النجاح كانت مرتبطة بأريحية المواطنين وتشبعهم بالثقافة الإسلامية الداعية إلى التضامن والتعاون والتكافل الاجتماعي، فضلا عن الشفافية في العمل والتي اعتبرها من أبلغ الدروس المستفادة من هذه الحملة. فالشفافية تقود إلى النجاح.
تحت عتبة الفقر
 حسب إحصائيات رسمية هناك أزيد من 13% من المغاربة يعيشون تحت عتبة الفقر، فماذا أعدت كتابة الدولة في التضامن وباقي القطاعات الاجتماعية في الحكومة لهذه الفئة ولغيرهم خصوصا وأن عيد الأضحى لا تفصلنا عنه سوى أيام قليلة؟
- أولا فالفقر ظاهرة عالمية ولا نختص بها وحدنا من دون دول المعمور, فإحصائيات الفقر نجدها أكثر ارتفاعا حتى في أغنى دولة في العالم، ففي الولايات المتحدة الأمريكية نجد أكثر من 50 مليون من الفقراء. ففي ظل هذه التركيبة الاقتصادية التي يعرفها العالم تظل فئات اجتماعية كثيرة معرضة للفقر, وهذا يعني أن البرامج الاجتماعية والاقتصادية يجب أن تسير بتوازن, لأنه لا يمكن أن نهمش بعض الفئات ونتركها على الرصيف, ونولي الاهتمام البالغ لفئات معينة على حساب أخرى.. فهذا شيء غير معقول.
ولهذا نولي عناية أكبر للجانب الاجتماعي في برنامجنا الحكومي، إذ نهتم بالدرجة الأولى بكل التدخلات التي بإمكانها أن تساهم في التقليص من هذه الفوارق.
ونحن في الحكومة نعمل بشكل جماعي لحل هذه المعضلة، فمثلا عندما تقوم وزارة الفلاحة بعمل تنموي لفائدة العالم القروي، فحينئذ تكون قد تقاطعت مع أهدافنا وساهمت فيها، فالأهداف واحدة وأشكال التدخل مختلفة لكنها تصب في نفس البؤرة.
والحلول المقترحة في هذا الجانب تكون على المدى المتوسط أو القريب وكذا بصيغ استعجالية، فمثلا عندما يتعلق الأمر بظواهر مزرية كتشرد الأطفال، فالتدخل يكون استعجاليا. ولمحاربة الفقر وكل المشاكل التي تنتج عنه يستلزم ذلك تخطيطا للإدماج السوسيواقتصادي، فنحن لا نراهن على الحلول الجزئية والظرفية بل نبتغي الوصول إلى حلول جذرية ولهذا فما يتعلق بعيد الأضحى أو ما قمنا به خلال رمضان، فهذه عمليات لها أهميتها القصوى، لكنها لا تمنع من الاعتراف بضرورة التخطيط.
 إذن هل من مكان أو أهمية لهذه القضايا المجتمعية في المخطط الخماسي الذي يجري إعداده حاليا؟
- طبعا هناك أهمية خاصة أولتها الحكومة للجاني الاجتماعي في هذا المخطط، وفي إطار الإعداد له تم تشكيل لجنة للتضامن والعمل الإنساني شاركت فيها جميع الفعاليات نظرا للإحساس النوعي لكل المتدخلين بحساسية الموضوع وملحاحيته. وشارك في صياغة مقترحاتها وبرامجها أيضا جانب مهم من مكونات المجتمع المدني، الشيء الذي ساعدنا على الخروج بتوصيات وبرامج إيجابية فيما يخص هذا المخطط الذي يحتوي على جميع التدخلات الاجتماعية للقطاعات والهياكل الأخرى التي تسهم بحظ وافر في التضامن والعمل الإنساني كالتعاون الوطني والإنعاش الوطني والجمعيات المهتمة وذلك كله في إطار متكامل ومندمج.
ثقافة التضامن
 ألا تفكرون في إعادة هيكلة لتدخلات القطاع من خلال تأسيس ثقافة جديدة في هذا العمل التضامني؟
- التضامن والأعمال الإنسانية عموما لا يمكن لأحد أن يحتكرها تحت أي مبرر كان، فإن كان هناك من شيء لا يمكن أن نجد فيه لا معارضة ولا أغلبية فهو التضامن.. فالجميع يبدي الرغبة التامة في رفع التحديات ولو بأضعف الإيمان، والثقافة الجديدة أو الفلسفة التي نؤسس لها فهي تنبني على إشاعة روح التضامن، وتعزيز آليات التعاون بين كل مكونات المجتمع، فلابد من تعبئة الإمكانيات والموارد المتاحة لضمان النجاح المأمول.
فالذي كان يقع، وحتى عهد قريب, هو أن كل واحد كان يعمل في حدوده الخاصة ودونما تنسيق أو تعاون مع الآخر، وهو ما يضيع علينا فرصا ثمينة للتطور والارتقاء, وأود أن أسوق مثالا حيا على ما أقول، فالجمعيات أحيانا تكون لديها إمكانيات بشرية هامة, والإدارة بدورها تتوفر لديها إمكانيات أخرى، وللأسف فكل جانب يمضي في عمله بدون تنسيق مع الآخر وفي الأخير لا ينجح لا هذا الجانب ولا ذاك.
إذن فنحن في إطار هذه الثقافة الجديدة نريد أن نحد من تشتت الجهود وبالتالي تدعيم آليات التنسيق والتشاور والتعاون لهيكلة التدخلات ولبلوغ الأهداف من أنجع الطرق وبأساليب جماعية.
 كل عمل تنموي لا يمكن أن يستقيم إلا بتدخل جميع الفرقاء، والعمل التضامني بالتحديد لن يتكرس واقعيا إلا بالتعاون مع الجمعيات كأحد المكونات الفاعلة في المجتمع المدني، فإلى أي حد تنفتح كتابتكم على الحقل الجمعوي؟
- كتابة الدولة في التضامن والعمل الإنساني منفتحة على الفضاء الجمعوي وإلى أقصى الحدود، كما أنها تفتح الأبواب على مصراعيها أمام أي مبادرة جمعوية. إذ نقوم بعمل مشترك سعيا نحو شراكة حقيقية، ومؤخرا عملنا على تقوية الموارد البشرية لبعض الجمعيات, إذ نظمنا ورشة تكوينية لفائدتهم بتنسيق مع المركز البريطاني وذلك حول كيفية تدبير المشاريع، وقبلئذ عملنا على التقريب بين الجمعيات الكبرى والجمعيات التي يمكن أن نقول بأنها مبتدئة، لأن هذا هو التضامن، وليس أن تكون في المدن الكبرى جمعيات مؤثرة وفاعلة في حين يبقى العالم القروي محروما من هذا الفعل الجمعوي أو بدون أي تأثير.
ولهذا ركزنا على حدوث هذا التعارف بين الجمعيات الكبرى والصغرى وتبادل المعلومات والخبرات بينهما، حتى يتحقق الاندماج الفعلي بينهما. وكل ذلك بالطبع في صالح المسألة الاجتماعية.
 إذن من خلال انفتاح كتابتكم على العمل الجمعوي، كيف ترون واقعه؟
- هو متفاوت من حيث الأهمية وهو من جهة أخرى حديث العهد من الناحية المؤسساتية، وإمكانياته محدودة مقارنة مع الدول الأوربية مثلا. ولكن وبالرغم من ذلك فالعمل الجمعوي قوة جديدة ومهمة. يجب الاعتناء بها، ولهذا فقد دعا صاحب الجلالة الجماعات المحلية إلى الاهتمام بالجمعيات وتخصيص جزء من ميزانياتها لصالحها. وذلك لأنها تساهم في التنمية الشاملة للبلاد.
والحكومة بدورها واعية بأهمية وفعالية العمل الجمعوي، ولهذا تنفتح عليه عبر مختلف القطاعات بواسطة الشراكة والتعاون، فالجمعيات تقوم بعمل نضالي مهم لكنه يظل متفاوتا حسب الإمكانيات المتوفرة...
 ولكن بالرغم من ذلك نجد بعض الجمعيات التي تختص بالعمل الإحساني – في الدار البيضاء مثلا- تطلع علينا من حين لآخر بخروقات و تلاعبات مالية. ما هو تعليقكم؟
- على كل حال.. فالجمعيات تعمل في إطار قانون الحريات العامة, وإذا كان هناك من إشكالات فهي تعني أطرها بالأساس وذلك حسب ما تنص عليه القوانين المنظمة للجمعيات.
 إذن ألا يمكن أن نعتبر الورشة التكوينية الأخيرة حول "تدبير المشاريع" المنظمة لفائدة الجمعيات، كإشارة قوية لتصحيح الممارسة والارتقاء بالعمل الجمعوي؟
- تماما إنها إشارة قوية لتطوير العمل، فنحن في إطار كتابة الدولة نأخذ بيد الجمعيات ومساعدتها على المضي قدما، ولكن هذا لا يعطينا الحق في الوصاية عليها. فالجمعيات تقوم بأدوار طلائعية على الصعيد المجتمعي، وهي تعمل في إطار القانون، وإذا كان هناك مشكل ما فالقضاء يكون سيد الموقف. وما نطمح إليه هو أن يصير العمل الجمعوي أداة عصرية فعالة، وبالإضافة إلى ذلك فالشراكة لا معنى لها في ظل الوصاية فالشراكة تعني التدخل العادل والتنسيقي للشريكين معا دون أن يكون أي طرف وصيا على الآخر.
ففي التضامن هناك ثلاثة عناصر مهمة: الحكومة، الجماعات المحلية والجمعيات والعمل المشترك بين هذه العناصر يجب أن يكون يدا في يد لتحقيق المطامح العامة.
أين هو التغيير ؟
 السيد الوزير عام مضى على انطلاق تجربة التناوب والمواطن مازال يلح على أنه لم يلمس التغيير في المناحي الاجتماعية وغيرها فماذا أعددتم لكي يلمس المواطن هذا التغيير؟
- من الصعب أن يجيب الإنسان على مثل هذه الأسئلة بما لمسه المواطن وما لم يلمسه، فالأعمال تكون غالبا في العمق وانعكاسه بالتالي على المواطن لا يكون بصفة مباشرة وملموسة.. فهناك تقدم كبير في معالجة الملفات العالقة وإن كان لا يلمس أحيانا.
وبالنسبة للتضامن فهناك أولا التحسيس وهي مسألة نعتبرها من الأهمية بمكان، فخلال هذه السنة كان هناك تحسيس مهم بعمق المشاكل الاجتماعية فضلا عن تشخيصها وتأطيرها بشكل أكثر وضوحا أليس كذلك؟
 ولكن المواطن لا يريد فقط تشخيص المشاكل، فهو يعيها جيدا لأن معاناته معها متجددة بشكل يومي، المواطن لا يريد التشخيص بل يريد الحلول...
- ومع ذلك فالتشخيص له أهميته الخاصة, فالمواطن وإن كان يعاني من هذه المشاكل فهو لا يقدرها بشكل موضوعي بل تطغى عليه الذاتية, ولهذا فنحن كأداة حكومية ملزمون بتقدير وتشخيص هذا المشكل أو ذاك ومقاربته انطلاقا من الإمكانيات المتوفرة لتتحدد بعدئذ نسبة الحل هل ب 50% أو 70% أو 100% فهذه المعطيات ضرورية. والحلول لا يمكن أن تأتي من فراغ، بل تنبع من التشخيص السليم.
فلكي يكون هناك تضامن فعلي، فلابد من وعي عام يعمق المشكل، فهناك مواطنون لا يعرفون الحجم الحقيقي لمعاناة الفقراء أو المعاقين أو الأيتام كما أود أو أؤكد على أن إحداث التغيير في الجانب الاجتماعي يتطلب تدخلات متعددة وعلى أكثر من صعيد، ولا يمكن تحقيق هذا التغيير بين عشية وضحاها, فمحاربة الفقر لا يمكن أن يختص بها قطاع واحد فقط. اللهم إذا توفرت لنا إمكانيات خارقة للعادة! إنها مسؤولية مشتركة يتقاسمها الجميع ولهذا لابد من تدخلات متعددة.
 وبالنسبة للقانون المالي الذي يجري تحضيره حاليا، فهل سيضمن إشارات واضحة في إطار النهوض "بالاجتماعي" والتقليص من مساحات الفقر والفوارق؟
- في إطار الإمكانيات المتواجدة، سيحظى الجانب الاجتماعي، وكما أوضح التصريح الحكومي في وقت سابق، بأهمية بالغة، فالحكومة تعطي الأولوية للملف الاجتماعي وطبعا في حدود المتاح من الإمكانيات.
 هناك من يقول بأن كتابة الدولة في التضامن والعمل الإنساني هي وكالة إحسانية ما هو رأيكم في ذلك؟
- وكالة إحسانية لم لا؟ فهذا يشرفنا كثيرا، أن نختص بالإحسان فهذا فعل في غاية الأهمية، ولكن مع ذلك نقول بأن كتابة الدولة في التضامن هي قطاع حكومي فاعل يسعى إلى إدماج الفرد في النسيج السوسيواقتصادي العام. فيمكن أن نسميها وكالة إحسانية ولكن ليس بالمعنى الضيق الذي يمكن أن ينحصر في جمع صدقات من هنا وهناك وتسخيرها لغايات إحسانية، لأن هذا الخيار لا يحل المشكل بصفة جذرية ولهذا فنحن نستهدف الإدماج الفعلي للأفراد والجماعات في المناخ الاجتماعي والاقتصادي، فعندما نتوجه بعمل إحساني لأطفال الخيريات، فإننا نراهن على إدماجهم المهني والتعليمي عن طريق التربية والتكوين حتى يتمكنوا مستقبلا من الاندماج السليم في محيطهم المجتمعي, وبذلك فالعمل الإحساني هنا لا يقتصر فقط على توفير المأكل والملبس بل يجب أن يتجاوزه إلى التكوين والإدماج، وهذا ما نتغياه في إطار كتابة الدولة للتضامن والعمل الإنساني... التضامن من أجل الإدماج ومحاربة الفقر.
فعملية إفطار رمضان مثلا كانت ناجحة بامتياز، وقد أشرف عليها صاحب السمو الملكي الأمير سيدي محمد. وقد كانت واضحة الأهداف كسابقتها. لأن العمل في هذا الجانب ينبني على التخطيط المحكم، إذ نحدد في البداية الهدف المركزي وطرق الاشتغال ووسائل تحقيقه وكذا حجم الإمكانيات والتمويل المطلوب وعندما تنتهي العملية يرجع الباقي إلى مصادره وذلك سيرا على نهج الشفافية والوضوح الذين يضمنان النجاح وهكذا فقد كان تقديرنا الاجمالي للعملية هو 22 مليون درهم ولكننا لم نصرف إلا قرابة النصف، ولهذا رددنا الأموال إلى أصحابها، وهذه الثقافة الجديدة التي يجب أن يصطبغ بها العمل التضامني، إنها ثقافة الشفافية التامة.. ولهذا فلم يكن من الممكن تسخير الباقي لفائدة أعمال أخرى.
 السيد الوزير ما الذي تودون قوله في ختام هذا اللقاء؟
- أولا أشكركم على هذا اللقاء.. وأضيف بأن الصحافة المغربية تعاملت معنا بالشكل اللائق فيما يخص متابعة العمليات التضامنية, فلولاها لما أمكن إشاعة الوعي التضامني، فلقد قامت وسائل الإعلام المغربية جميعها بالتعريف بعملنا الإنساني وتشجيع المواطنين على المساهمة في حملات الفقر وهي تستحق الشكر الكثير على هذا المجهود.
وبالنسبة للمواطن المغربي فهو الآخر يستحق منا كل تقدير واحترام على مساهمته في عمليات التضامن التي أبانت لنا أننا نتوفر على ثروة عظمى إسمها الحس التضامني الذي يتمتع به المواطن المغربي، فالروح التضامنية التي يتحلى بها المغاربة تجعلنا نطمئن على مستقبلنا وهي التي تبين أنه بإمكاننا الذهاب بعيدا نحو مراتب عليا من التقدم والازدهار. فالتضامن هو أكبر رأسمال وعلينا أن نعتني به وبآلياته، ونعمد في كل حين إلى تفعيل هياكله ومؤسساته لتقليص التفاوتات ومحو علامات الفقر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يواجه محاكمة جنائية بقضية شراء الصمت| #أميركا_اليوم


.. القناة 12 الإسرائيلية: القيادة السياسية والأمنية قررت الرد ب




.. رئيس الوزراء العراقي: نحث على الالتزام بالقوانين الدولية الت


.. شركات طيران عالمية تلغي رحلاتها أو تغير مسارها بسبب التوتر ب




.. تحقيق باحتمالية معرفة طاقم سفينة دالي بعطل فيها والتغاضي عنه