الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تكتب الرؤوس المقطوعة حكايتها : قراءة في رواية - حكايتي مع راس مقطوع - للروائي تحسين كرمياني

سمير عبد الرحيم اغا

2014 / 1 / 9
الادب والفن



يتدفق السرد الروائي في " حكايتي مع رأس مقطوع " في حركات متتابعة تجعل القارى يتنقل من صفحة الى اخرى وهو في حالة انجذاب للحدث الروائي المثير الصاخب بالاسئلة الممزوج بالخيال المفترض والحقيقة المرة والقاسية التي مر بها مجتمعنا العراقي خلال الاحتلال الامريكي وماحدث في قتل ورمي الرؤوس البشرية بلا رحمة ولا انسانية في المزابل....
هنال تعامل مع راس بشري مقطوع اي مفصول الجسد مع مفارقة ان هذا الراس المقطوع لا يعرف صاحبه مما جعل الكاتب تحسين كرمياني يتكلم معه بحوار سردي متوازي حتى نهاية الرواية يملي على الكاتب او الراوي كتابة شهادته وسيرته التدوينية لينسج لوحةاو حكاية تخطى فيها نمطية التحليل التنظيري : كون هذا التحليل للشخصية يمكن ان ينطبق على روايات تعالج موضوعا روائيا بعيد عما تعيشه الشخصية الروائية التي تحتاج الى استحضار علم النفس والاجتماع خاصين بهما وحدها
لان معاناة الانسان العراقي لم يعشها اي شعب من شعوب العالم حتى في اكثر انعطافات تاريخه ماساوية وظلاما، لقد نجح الكاتب تحسين كرمياني في تطبيقه التحليلي للشخصية الوحيدة في الرواية الشخصية الممتلئة بالاحلام و الكوابيس .. لتتراجع في نغماتها عاطفة الحب مع هيمنة القلق والموت وعدم القدرة على تجاوز حاجز الموت
بطل الرواية "سالم " و هو الكاتب يضعنا منذ افتتاح الحكاية على حركة فنية يمزج فيها بين حالات الوعي واللاوعي كما في فكرة السينما ( فيلم اللعبة ) متجاوزا لغة الشعر في تصوير الموقف الدرامي والكاتب في الكثير من الاعمال الروائية والقصصية يلجا الى هذه اللغة كاداة اساسية لتجسيد رؤيته
ينطلق البطل في عتبة الاستهلال عندما يسافر مع زوجته المهووسة بالتغيير وشراء الجديد بين كل حين وآخر حتى لحظة شرائها دمية ناطقة ثم بعد ذلك ندخل في بناء الرواية الحدث المركزي حيث المفاجاة في نهاية الرواية سريعة
" القيت نظرة الى زاوية الصالة وجدت جسد الدمية شاخصا كعادته لكنه بلا راس ، فقدت صلتي بالاشياء كانت عيون زوجتي تمتلىء بالنيران ، تفاقم تعبي لم امتلك وسيلة اخرى صعدت الى غرفتي ركضا ، بيتما بدات زوجتي تصرخ :
- اين اخذت راس الدمية ياسالم ..!!! ص 134
وهي ليست حكاية جديدة على مجتمعنا ...........(العثور على راس بشري في كيس ملقى في القمامة ) يصرخ باسمه .. ويطلب منه ان ينقله من القمامة الى غرفته وبين الصدمة والخوف يحمل الكاتب الراس الى غرفته دون علم احد حتى زوجته ويدور لحظتها لغط كبير في المدينة ان راسا وضحية يتم البحث عنها في كل مكا ن .. ويبدا الحوار السردي المشحون بتفاصيل غاية في العمق والدراية .. منها ان الراس يعرف سيرة البطل وهناك صراع فكري بين العقل والجسد ومن منهما المحرك لحياة الانسان الراس ام الجسد ، في لغة فنتازية فيها الغرابة اكثر من الحقيقة .
" هذا الراس يمتلك مخيالا متقدا ..... ، يتكلم بلسان سلس ما سر بقائه متعلقا بالحياة ، الراس حين ينفصل عن الجسد يهمد ، لم لم يهمد هذا الراس االموجود في غرفتي .. راس من هذا " ص 107.
يحاول المولف ان يخفي عن زوجته سر الراس البشري المقطوع لاجل ان لاتروع وهناك اتصال فكري او مناظرة كما قلنا بين دمية تحسين كرمياني والدمية " تشاكي " في فيلم
اللعبة " الامريكي التي تتكلم وتحكي مع بطلة الفلم ثم تتغير الى دمية قاتلة .
اخيرا ان الكاتب تحسين كرمياني وهو يسرد روايته كانت عينه على الواقع وقلمه على الصيغة التي كتبتبها الرواية وعكس بها واقع مدينته جلولاء بعد ان وصل الوضع فيها وفي البلد الى حد ان تمزق الناس بعضها وتكشف عن صدر لوعتها ببشاعة وقبح .. كيف تكتب الرؤوس المقطوعة حكايتها ؟ وهي تنزف دما لتسقط جثة ملقاة على المزبلة لايستطيع احد ان ينقلها الى مثواها الاخير ويدفنها في القبر ... ويتبين في نهاية الرواية ان الراس المقطوع الذي ادار به "تحسين كرمياني " رحى الاحداث لم يكن حقيقيا وان الحوار الفنتازي لم يكن سوى راس دمية انتزعها سالم في غفلة عن ابنته وزوجته ..
ان الكاتب قد وثق من خلال روايته الحرب وويلاتها التي طالت كل مكان وبيت
رواية " حكايتي مع راس مقطوع " تنقل الواقع بلغة سردية جميلة مكثفة بكتابة تعبر عن كيفية فهم الروائي المحترف طريقة نقل الواقع
..................................
حكايتي مع راس مقطوع : رواية ..تحسين كرمياني ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع