الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الخامس عشر من آذار:هزيمة الثورة المضادة رهنٌ بوحدة اليسار الثوري

حسان خالد شاتيلا

2014 / 1 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ثورة الخامس عشر من آذار:
هزيمة الثورة المضادة رهنٌ بوحدة اليسار الثوري

يُسجِّل يوم الخامس عشر من آذار للعام 2011 منعطفا تاريخيا نحو حالات من السيرورة، وإن كانت كلا من هذه الحالات متفاوتة في بينها من حيث وتيرتها وسرعتها ومضمونها، كسيرورة الدولة، والثورة، والصراع الطبقي، والحزب، ونمط الإنتاج الرأسمالي، وثورة الطبقات الشعبية العفوية، والثورة المضادة، والتكفيريين، والجبهة اليسارية، إلخ، إلا أن هذه المسارات تلتقي في بينها في كل واحد، طالما تسير كلها نحو تغيير التكوين الاقتصادي الاجتماعي، إن لم يكن بصورة شاملة، فبصورة جزئية ومرحلية، على مسار من الانتقال نحو الاشتراكية، وذلك بالرغم من أن الثورة المضادة تُسجِّل في ما حضر انتصارا عارضا، لن يلبث أن يتبدِّد إذا نجح الشيوعيون والاشتراكيون الثوريون والديمقراطيون العلمانيون بتوحيد صفوفهم. هذا التكوين الاقتصادي الاجتماعي يشكِّل المصدر الرئيس للثورة الشعبية في سورية. ذلك أن الأحوال المعيشية والحياتية للطبقات الشعبية تدهورت بصورة ملموسة، لا سابق لها، في منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، من جراء توسيع الانفتاح الاقتصادي والسياسي نحو كل من الليبرالية، والسوق الدولية للعولمة النيوليبرالية، والاتحاد الأوروبي، وكبار المزارعين على أكتاف صغار الفلاحين. هذا الانفتاح، كان وجد متسعا له مع نمو الملكية الخاصة، والقطاع الخاص، منذ استيلاء الجلاد حافظ أسد على السلطة.

1-) الليبرالية والإمبريالية لن تتخلى كلٌ منهما عن السلطة والعنف والفوضى:
لقد استفادت الرأسمالية البيروقراطية وحدها من توصيات البنك الدولي ل/"إصلاح الاقتصاد" كما كان يردِّد السفاح بشار أسد. "إصلاح" يأتي لصالح الرأسمالية البيروقراطية من حيث اتساع تراكم رأس المال لدى أصحاب السلطة والسوق. يرافق هذه "الإصلاحات الاقتصادية" التي كانت الشغل الشاغل للسفاح بشار، ومبررا، حسب خطابه، لتأجيل الإصلاحات السياسية إلى ما بعد الانتهاء من "الإصلاحات الاقتصادية"، تدهورُ الأحوال المعيشية والحياتية للطبقات الشعبية التي لم تستفد البتة من هكذا "إصلاحات". بل وإن تراكم رأس المال بصورة واسعة، ومنه المالي والمصرفي بوجه خاص، كان يرافقه ارتفاع الأسعار، وتخريب القطاع العام بأيدي السلطة، وارتهان الأجور والأسعار بسوق الأوراق المالية، وفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية عبر الترخيص للبنوك الأجنبية بفتح فروع لها. ذلك، في ما ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل، وهبط مستوى الفقر إلى ما دون الخمسين بالمائة، وعمَّ الفساد الذي طال كل نواحي الحياة، وتضاعفت ساعات عمل المواطن مثنى وثلاثا تحت وطأة الفقر والجوع وتدني الدخل، والافتقاد إلى الحد الأدنى منه لسد الحاجات المعيشية للأسرة.

لكن الأسباب السياسية للثورة، ضمن التكوين الاقتصادي الاجتماعي ونمط الإنتاج الرأسمالي، تحرِّض بدورها الطبقات الشعبية على الثورة. إذ إن الدولة بسلطاتها الثلاث، نَحَتْ بمنحى من الانهيار منذ احتكار الجلاد حافظ أسد لكل السلطات بيد واحدة. ما يؤدِّي إلى توسُّع أجهزة الاستخبارات توسعا مبالغا فيه، وكسوف إيديولوجية الدولة، إيديولوجية البعث. حتى أن سلطات الجيش والاستخبارات التي كانت تتسع باطِّراد، لم تترك للدولة، أيديولوجيتها وحزبها، أثرا لها. بل، وإنها حلَّت محلها. ثم إن فتك الجيش السوري بالثوار الفلسطينيين والحركة الوطنية الديمقراطية في لبنان، ومشاركة الجيش السوري بالحرب ضد العراق ل/"تحرير" الكويت، والتزامه الصمت أمام الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، فضلا عن أن أي مواطن حر لم يَفلَت من إرهاب أجهزة الاستخبارات. كما نال الأكراد حصَّتهم من القتل، السجن والتعذيب.

ما لم يتَّحد الشيوعيون، فإن السياسة الدولية التي تقع تحت سيطرة الإمبريالية منذ سقوط حائط برلين، والصهيونية، والسلطة المهيمنة، و"المعارضة" المزعومة أو الثورة المضادة، تَحُول، ضمن هذه الظروف والشروط،، تَحُول في ظروف الأزمة الثورية، أو الاقتال ما بين كثرة من السلطات المتصارعة على السلطة، دون بناء دولة القانون والديمقراطية. هذا، إن لم تكن السياسة الدولية تقف، في جميع الأحوال، عائقا أمام أي استقرار في سورية، وكانت الطبقات الشعبية معادية لحكام المرحلة الانتقالية، وكانت جيوش التكفيريين تفتك بالوطنيين والديمقراطيين، ناهيكم والشيوعيين، خبط َعشواء. هذا وذاك من مكوِّنات الأزمة الثورية، يجعل من الفوضى الشاملة عنوان المرحلة الانتقالية. الفوضى وحدها مرادفٌ للانتقال المزعوم. إنها وليدة "معارضة" مرشَّحة من قِبَل جنيف الثاني للحكم، كي ما يتيسر أمام السياسة الدولية أن تَهبُط بمجتمع الطبقات الشعبية، بوجه خاص، وسورية بوجه عام، إلى الحضيض. "معارضة" (كذا) انصرفت عن تنظيم الثورة الشعبية، ولم تفعل أكثر من لحس جزمة السياسة الدولية، توفِّر كل الشروط اللازمة لتعميم الفوضى. هذه الفوضى عنوان المرحلة الانتقالية ومرادفها، إن هي لم تكتفِ بسرقة ثروات البلاد، واستغلال الطبقات الشعبية بلا حدود، والخضوع للصهيونية، والذوبان بالعولمة النيوليبرالية أو الإمبريالية الجديدة، فإنها سَتغْطُس بسورية إلى أعماق الجحيم لإخلائها من أية مقاومة لسياستها. إن مستقبل الديمقراطية بأوسع معانيها الاجتماعية والسياسية، شأنها شأن العلمانية، والنمو، والتطور، والتحرر الوطني، مرهون، أولا، بوحدة الشيوعيين، ويتوقف، ثانيا، على تشييد الجبهة اليسارية الثورية، ولن يجد، ثالثا، طريقا له إلى حيِّز الواقع، ما لم تنشأ الجبهة الديمقراطية العلمانية.

إن الظروف الثورية الموضوعية تكوَّنت منذ العقد الأول للقرن الواحد والعشرين. إنها، بالمقابل، مرشّحة، من حيث هي أزمة ثورية، للتفاقم خلال المرحلة الانتقالية، ما يرافقها وما يليها. الأمر الذي يملي على الشيوعيين توحيد صفوفهم وراء برنامج سياسي يهدف في المقام الأول الى الانتقال بالثورة من حالتها العفوية المستمرة طوال السنوات الثلاث من تاريخها، إلى العمل الواعي المنظَّم. فليستعد الشيوعيون، منذ الآن لخوض معركة الطبقات الشعبية ضد الثورة المضادة ومرحلتها الانتقالية. إن هذه الظروف ملزِمَةٌ للشيوعيين، لأن وحدتهم تشكِّل شرطا لا بد من توفُّره كي ما يتحد، في الوثبة الثانية لهم، اليسار الثوري في جبهة واحدة. الوثبة الثالثة استمرار لسابقتها. فالظروف الموضوعية، ملزِمَةٌ للشيوعيين والجبهة اليسارية، من جهة ثالثة، بتشييد جبهة ديمقراطية علمانية، هي وقف على الوثبتين الاثنتين السابقتين لها.

2-) الظروف الموضوعية للثورة المستمرة متوفِّرة على المدى القريب والبعيد: المرحلة الانتقالية المزعومة:
إن الأزمة الثورية التي نشأت بين سلطة الرأسمالية البيروقراطية المهيمنة، وسلطة الطبقات الشعبية التي تنبض بالحياة، على حين غرة، في ضواحي المدن الكبرى وأحيائها الشعبية، وفي الريف حيث ينتشر صغار الفلاحين، متأتيةٌ من عجز السلطات المتسلطة عن الاستمرار بالحكم لعجزها عن تلبية الاحتياجات المعيشية والحياتية للطبقات الشعبية، وذلك في ما لم تعد الطبقات الشعبية تقوى على تحمُّل ظلم السلطات المهيمنة، واستغلال حكم الرأسمالية البيروقراطية، ساعة إضافية واحدةً. مما أدى، في نهاية المطاف، إلى نشوب الصراع ما بين هاتين السلطتين في الخامس عشر من آذار للعام 2011، مؤذنة بنهاية الاقتصاد الرأسمالي البيروقراطي، والتحوُّل نحو الاقتصاد الإنتاجي، بما يلبي احتياجات الطبقات الشعبية ومهام التنمية والتطور. أما وقد تحوَّل الصراع في ساحة الأزمة الثورية ما بين هاتين السلطتين الاثنتين، الرأسمالية البيروقراطية والطبقات الشعبية، إلى صراع ما بين أكثر من سلطتين، أو كثرة من السلطات تشكِّل في ما بينها الثورة المضادة، أي ما يسمَّى ب/"المعارضة"، والجيش الحر، وجيوش من التكفيريين الوهابيين، والسياسة الدولية الإمبريالية التي مَسَخت تحت أنظار "المعارضة" وبتأييد منها ثورة الطبقات الشعبية إلى قضية دولية إقليمية، فإن استمرار الأزمة الثورية خلال المرحلة الانتقالية، ما بين السلطة الليبرالية والطبقات الشعبية لن تتوقف، ما دام التكوين الاقتصادي الاجتماعي هو مصدر الثورة، وما دامت الظروف الموضوعية للمجتمع كانت وما تزال وتبقى ظروفا ثورية. بما يجعل منها، بالرغم من أن الثورة الشعبية ما تزال في نهاية السنة الثالثة لنشوئها عفوية تلقائية والرغم من أن الأزمة الثورية بين السلطات المتنازعة في ما بينها للاستيلاء على السلطة، فإن هذا التكوين، وهذه الظروف، تَفرُض بدورها الظروف الموضوعية للثورة المستمرة. فإذا كانت كفة الثورة المضادة، في نهاية السنة الثالثة من تاريخ الثورة هي الراجحة، ما يؤذن منذ اليوم بسيطرتها على السلطة خلال المرحلة الانتقالية، إلا أن استمرار الأزمة الثورية لا مفر منه، حتميٌ، ما بقي التكوين الاقتصادي الاجتماعي على حاله تحت تسلط وهيمنة الرأسمالية بجميع أنماطها، وما لم ينل التكوين الاقتصادي الاجتماعي تغيير بمنحى شعبي ووطني. فإذا كانت، أيضا، الليبرالية المتوحشة هي التي تتسلط خلال المرحلة الانتقالية، بالرغم من أنها عاجزة عن ضبط الفوضى التي تسود من جراء سياستها اللاهثة وراء الجزمة اللإمبريالية، وإهمالها بصورة كاملة لتنظيم الثوار سياسيا، فإن الليبرالية المتوحشة، أو الفوضى، إن لم يكن كلاهما معا، يُكَوِّن، أيضا ومرة ثانية وثالثة، منذ السنة الأولى للخامس عشر من آذار، ظروفا موضوعية للثورة المستمرة في كفاحها لدحر الثورة المضادة بوجهيها، السوري والإمبريالي.

لذا، فإن الشيوعيين يضعون على رأس مهامهم الكفاح لإسقاط سلطة الرأسمالية البيروقراطية، ودحر الثورة المضادة. إن الشيوعيين، إذ هم يناضلون من أجل إعادة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية التي تَمنَح الطبقات الشعبية حيِّزا ذات فعالية في سلطات الدولة، إلا أنهم يناضلون لإجهاض أية ديمقراطية لا علاقة لها بالديمقراطية سوى الاسم، وهي المرشحة للحكم خلال المرحلة الانتقالية. فالكفاح الشيوعي من أجل الديمقراطية يناضل كي يحظى الشعب بأوسع السلطات الديمقراطية، سياسية واجتماعية وإيديولوجية. إنه، إذ يأخذ بالنضال النقابي والسياسي مع المجتمع، والطبقات الشعبية، ويدحض عقلية التآمر والإرهاب اللذين يفيدان البورجوازية وحدها، وغالبا ما يُلحِقان الأضرار بالنضال السياسي والنقابي للطبقات الشعبية، فإن برنامجهم السياسي خلال المرحلة الانتقالية يتضمن مهاما تُلزمهم بالمطالبة بحيِّز واسع للعمال وصغار الفلاحين وأصحاب الدخل المحدود في سلطات الدولة، لا سيما وأن تسلط الليبرالية المتوحشة والفوضى خلال المرحلة الانتقالية، يملي على الشيوعيين، بالإضافة إلى مطالبتهم بالديمقراطية الواسعة، أن يثابروا، على المدى القريب والمتوسط، الكفاح من أجل إحراز الانتقال الاشتراكي ما ان تتوفر الظروف الموضوعية لإنجاز هذه الثورة في مرحلة لا حقة.

3-) دحر الثورة المضادة، ومسار الثورة المستمرة، يُلْزِمان اليسار الثوري بالتحالف الاستراتيجي:
لكن الشيوعيين، حسب ما هو واقعي، يبدون وكأنهم مختفون عن ساحة الأزمة الثورية في سورية. فالحلقة الضعيفة أو المكسورة في ثورة الخامس عشر من آذار للعام 2011، تكمن في اختفاء أي أثر ملموس للشيوعيين في المعركة السياسية والعسكرية المحتدمة ما بين عدد من السلطات السورية والإقليمية والدولية لانتزاع السلطة. للتدليل على ذلك، ليس من برهان أفضل من عفوية الثورة الشعبية التي لم تنتقل الى عمل واعٍ منظَّم. فضلا عن أن الثورة سُرِقَت من الطبقات الشعبية، ومُسِخَت إلى قضية دولية وثورة مضادة. أما وقد رَجَحَت كفة الثورة المضادة في موازين القوى، بعدما تسَلَّلت "المعارضة" المزعومة والسياسة الدولية الإمبريالية عبر ما تركه الشيوعيون واليساريون الثوريون من فراغ في ساحة المعركة، فإن الظروف الموضوعية للحالة السورية تُلزم الشيوعيين بتوحيد صفوفهم وراء برنامج سياسي واستراتيجية ثورية يستجيبان للتكوين الاقتصادي الاجتماعي، من جهة، ويُعيدان، من جهة ثانية، الثورة إلى الطبقات الشعبية، ليحوِّلوا، من جهة ثالثة، العفوية الثورية إلى عمل منظَّم واعٍ.

هذه المهمة لم تعد قابلة للتأجيل. ذلك أن مؤتمر جنيف الثاني، أو سواه ومماثل له، الذي يَنعقد تحت سيطرة الإمبريالية، وإن كانت فرص النجاح المتوفِّرة أمامه تجد حيزا لها في ما هو ممكن، طالما تأتمر "المعارضة" بالسياسة الدولية، وتعوِّل عليها الآمال لاستلام الحكم في سورية، فإن جنيف الثاني، أو آخر مثيل له، الذي لا يوفر جهدا من أجل تدمير سورية وتفكيكها ضمن قالب جديد للمنطقة، سيضع البلاد بين أيدي الفاسدين المأجورين. الأمر الذي يرشِّح الأزمة الثورية إلى المزيد من حالات الصراع، لا سيما وأن حالةَ من القطيعة الحاسمة تفصل ما بين الطبقات الشعبية وحكام المرحلة الانتقالية المقبلة، وأن جيوشا من التكفيريين أصبحوا بفضل آل سعود والمعارضة جزءً من الأزمة الثورية، ولن يكون من المتيسر إلحاق الهزيمة بها. هذا، إن لم تتحول المرحلة الانتقالية بقيادة الفاسدين المأجورين للإمبريالية وآل سعود وآل خليفة، إلى حرب أهلية شاملة في عالم من الخراب والدمار، لا مكان فيه للطبقات الشعبية سوى المقابر، أو الموت بردا وجوعا. مؤتمر جنيف الثاني، أو أي مؤتمر سواه مشابه له، مؤهَّل، طالما يَنعقد تحت إشراف وبمبادرة من السياسة الدولية، لنقل الحالات العراقية والأفغانية والفلسطينية واللبنانية الى سورية، وذلك حتى غاية انفراد إسرائيل وحلفائها بالمنطقة كلها، وقد خلت من أية مقاومة لها، أو إلى أن تَدخل القضية الفلسطينية في حيزٍ من ذكريات التاريخ.

4-) ورشة عمل الشيوعيين:
في ضوء التكوين الاقتصادي الاجتماعي الذي يضع الأحوال المعيشية والحياتية للطبقات الشعبية في الحيز المركزي للسياسة الثورية، وبالنظر إلى الظروف الموضوعية للأزمة الثورية، فإن وحدة الشيوعيين، ومن ثم تشكيل كلا من الجبهة اليسارية، والجبهة الديمقراطية العلمانية، قد يدخل إلى حيِّز الممكن، إذا ما اجتمع الشيوعيون حول برنامج سياسي يتضمن، بين ما يتضمنه من مهام، مقترحات تكون موضعا للنقاش والحوار حول برنامج سياسي ثوري. كي يجتاز المتحاورون، عبر إقرار برنامج سياسي واستراتيجية ثورية، تفكُّكَهم وتشرذُمَهم، لينتقلوا، بالاستناد إلى ما انتهت إليه أعمالهم، إلى توحيد صفوفهم، وبناء الجبهة اليسارية الثورية مع حلفائهم، وتشييد الجبهة الديمقراطي العلمانية. الأمر الذي يملي على الشيوعيين أولا، ثم اليساريين الثوريين ثانيا، فالديمقراطيين العلمانيين ثالثا، أن يخرجوا من خنادقهم، كلٌ من موقعه الافتراضي، ليلتقوا في ساحة عامة ضمن ورشة عمل لتوحيد الصفوف. الأمر الذي يفسح المجال اليوم أمام تبادل الرأي، ويستدعي ، بالتالي، فتح "ورشة عمل الشيوعيين" عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لمناقشة المقترحات والآراء حول موضوع البرنامج السياسي.

في يلي أمثلة من هذه المقترحات:
1)- يناضل الشيوعيون على المدى القريب والبعيد على المسار الاستراتيجي للثورة المستمرة.
2)- يخوض الشيوعيون معركة بلا هوادة ضد الثورة المضادة.
3)- يكافح الشيوعيون من أجل أسبقية السياسة الثورية على النضال الثوري المسلَّح. بمعنى أن النضال الثوري ما لم ينضج سياسيا، وينجح بتعبئة الطبقات الشعبية، توحيدها، ومعالجة التناقضات في بينها، وتنظيمها، فإن النضال الثوري المسلح، ما لم يتوفر هذا الشرط السياسي، فإنه يؤدي إلى حجب النضال الثوري السياسي. هذا، ما لم تَجْمَع الاستراتيجية الثورية للحزب الشيوعي، منذ البدء، بين النضال السياسي والنضال الثوري المسلح، وذلك على غرار المثالين الصيني والفيتنامي.
4)- يدين الشيوعيون الإرهاب وسياسة المؤامرات، لا سيما ما كان منها ينال الضحايا الأبرياء بالموت والدمار. وينبِّهون إلى أن اٌلارهاب، شأنه شأن سياسة التآمر، لا تَفيد منهما إلا البورجوازية التي تسعى بشتى الوسائل إلى احتكار السلطة لنفسها بأي ثمن. إن هكذا سياسة تتناقض مع استراتيجيتهم الثورية التي تَعتَمِد على النضال النقابي والسياسي لتنظيم وتوحيد الطبقة العاملة، وصغار الفلاحين، وأصحاب الدخل المحدود، من أجل الفوز بالسلطات، وانتزاعها من البورجوازية.
5)- يؤيِّد الشيوعيون العنف الثوري من حيث هو مُدرَج في برنامجهم السياسية لأسباب تعزِّز الثورة الاشتراكية، ومن حيث هو وثيق الصلة بهذه الاستراتيجية الثورية.
6)- يناهض الشيوعيون كل مؤتمر دولي لمعالجة الأزمة الثورية، بما في ذلك مؤتمر جنيف الثاني أو غيره، ويناضلون بقوة من أجل انعقاد مؤتمر وطني يُعقَد بدمشق بين القوى السياسية الثورية السورية، مع رفض كل مؤتمر سوري يُنَظَّم على أسس قومية أو طائفية.
7)- يدعوا الشيوعيون إلى الديمقراطية بأوسع معانيها، بما في ذلك الاجتماعية منها، والرقابة الشعبية على السلطات الثلاث للدولة. لذا، فإن الشيوعيين يناضلون من أجل التأسيس لدستور ديمقراطي يَجمع ما بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية.
8)- يناضل الشيوعيون من أجل التأسيس لدستور يعترف بالمجالس الشعبية كسلطة مجتمعية مستقلة عن الدولة، تمارس الرقابة على السلطات الثلاث للدولة، من حيث هي سلطة معنوية سياسية مجرَّدة من صلاحيات السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
9-) ينتصر الشيوعيون للجان التنسيق التي انبثقت عن ثورة الخامس عشر من آذار للعام 2011، ويعتبرونها إحدى خصائص هذه الثورة. لذا، فإن جهودهم تنصب على المشاركة في أعمالها، والعمل على الارتفاع بممارساتها بحيث تكون القاعدة للمجالس الشعبية.
10)- يكافح الشيوعيون من أجل التأسيس لدستور ينص على تكريس الاقتصاد الوطني لتلبية الاحتياجات المعيشية والحياتية للطبقات الشعبية، بما يُلزم تناوب الحكومات على اختلاف انتماءاتها السياسية بهذا النص الذي يعترف، من جهة أخرى، بتوظيف الاقتصاد الوطني لمهام التنمية والتطور، بما يُقيِّد الاستثمارات الرأسمالية بهذا النص.
11)- يرفض الشيوعيون برامج إعادة إعمار البلاد من مصادر إمبريالية بما في ذلك صندوق النقد الدولي، والتي ستنهمر على الحكومات خلال المرحلة الانتقالية وما بعدها. ويدافعون بكل الوسائل عن الاستقلال الاقتصادي والسياسي لسورية. ويقاومون كل سياسة اقتصادية ترمي إلى تذويب سورية في العولمة النيوليبرالية.
12)- يناضل الشيوعيون من أجل الاعتراف بالحقوق القومية لقوميات متعاصرة عبر التاريخ، عربا وأكرادا وأمازيغا، وسواهم.
13)- لن يوفر الشيوعيون جهدا من أجل توحيد صفوفهم في حزب واحد، وراء برنامج سياسي واستراتيجية ثورية، يشكلان التكوين التاريخي لوحدتهم.
14)- يعتقد الشيوعيون أن توحيد صفوفهم يشكل ظروفا موضوعية مؤاتيه لتشييد جبهة يسارية ثورية، ومن ثم بناء جبهة ديمقراطية علمانية.
15)- يستعدُّ الشيوعيون والاشتراكيون الثوريون منذ اليوم لمواكبة ثورة الطبقات الشعبية خلال المرحلة الانتقالية التي تُسَجِّل تفوق الثورة المضادة على الثورة الشعبية العفوية. إن هذا الاستعداد يتكوَّن من الظروف الموضوعية للعمل الثوري مع الطبقات الشعبية لتطوير ثورة الخامس عشر من آذار للعام 2011 من حالتها العفوية إلى العمل الواعي المنظَّم، وذلك خلال المرحلة الراهنة، وعبر المرحلة الانتقالية، وما بعدها.
16)- إن "هيئة التنسيق للتغيير الوطني الديمقراطي" ألحقت أضرارا جسيمة بالشيوعيين واليساريين الثوريين. إذ إن غياب الشيوعيين عن ساحة الثورة يتأتى حتى اليوم عن التحاق اليسار الشيوعي والقومي بهيئة التنسيق. الأمر الذي يَفرض حالة من العزلة حول اليسار الثوري وليد ثورة الخامس عشر من آذار. فإذا كانت الهيئة إيَّاها انتهت إلى الانحناء أمام "المعارضة" المزعومة، كما استجابت لتوصيات روسيا والصين وإيران، فوافقت على المشاركة في مؤتمر جنيف الثاني تحت وصاية السياسة الدولية، فإن الشيوعيين يشيرون إلى أن الهيئة المذكورة جزءٌ من الثورة المضادة، ويعلنون عن مناهضتهم لها.
17)- بالرغم من أن استراتيجية كل من إيران وحزب الله وحماس ذات سند ديني، وكانت هذه الاستراتيجية معادية للاستراتيجية الشيوعية، إلا أن مناهضتهم للصهيونية يُشكِّل، بالرغم من ذلك، أسبابا تكتيكية كافية لتعاون الشيوعيين معهم في إطار محض تكتيكي. أما وقد التحقت كل من إيران وحزب الله عسكريا بالنظام المهيمن لتقاتل إلى جانبه دون أي تمييز ما بين الديمقراطيين والتكفيريين، وكانت شأنها شأن سياسة آل سعود تؤجِّج الاقتتال بين السنة والشيعة، أو بين آل سعود وحلفائهم، من جهة، وإيران، من جهة ثانية، فإن الشيوعيين يعلنون عن تجميد كل علاقة تكتيكية لهم مع إيران وحزب الله، إلى أن تنسحب قواتهما من الأراضي السورية.
17)- يُندِّد الشيوعيون بشدة بالأعمال الإرهابية التي تنتشر في سورية والبلدان المجاورة لها. ويُذَكِّرون أن الصراع على النفوذ الإقليمي، ومنه الدولي، والذي يلجأ إلى الأرهاب، قد جعل من سورية وجوارها من أوطان مسرحا للصراع بين آل سعود وإيران، أي بين السنة والشيعة. ويُنبِّه الشيوعيون إلى أن هذا الصراع بين أكبر مركزين لتراكم رأس المال والثروة في المنطقة الممتدة من بحر قزوين إلى جنوب شبه الجزيرة العربية، لا تفيد منه شيئا الطبقات الشعبية في نضالها من أجل الديمقراطية والتحرر الوطني والسلطات الديمقراطية الواسعة. بل، وإن هذا الصراع ينصب العقبات أمام نضال الطبقات الشعبية على مسار الكفاح من أجل الثورة الاشتراكية.
18)- الصهيونية وحدها هي التي تستفيد من اتفاقية أوسلو. حيث أنها تُعَمِّق جذور الصهيونية في كامل التراب الفلسطيني، وتنال الشعب الفلسطيني بالهوان والضعف والانقسام، وتنشر وهما مؤداه التعايش بين الدولتين، فلسطين وإسرائيل. إن الشيوعيين يؤكدون أن استرجاع الجولان بموجب سياسة وطنية تحررية وقفٌ على موازين القوى العسكرية، وأن مشروع الدولتين أسطورة تزيِّف واقع الصراع، وإن الصراع ضد الصهيونية ينتهي بتشييد دولة ديمقراطية علمانية على كامل التراب الفلسطيني.
19)- إن حالات الصراع السياسي والعسكري في سورية والبلدان المجاورة لها محض سياسي، طبقي وتحرري. لذا، فإن الشيوعيين يناهضون بقوة لا تلين كل محاولة ترمي إلى استبدال ما هو سياسي اجتماعي، طبقي ووطني، بما هو خطاب ديني، طائفي. وينبِّه الشيوعيون في هذا السياق إلى خطورة الأيديولوجية التي تغذِّي الطائفية كي تطمس المضامين السياسية والاجتماعية لحالات الصراع المنتشرة في سورية والبلدان المجاورة لها، أو المحيطة بها.
20)- يخوض الشيوعيون مسلحين بالمادية التاريخية الجدلية حربا ضروسا ضد الأيديولوجية السائدة التي تنشر الليبرالية والطائفية والفكر الميتافيزيقي، وتدافع عن العولمة النيوليبرالية، وتطمس خندق المعركة ما بين حركات التحرر الوطني والإمبريالية، وتشجع على اندماج المجتمع في السياسة الدولية والانفتاح نحو الإمبريالية والصهيونية. إن الشيوعيين يستمدون استراتيجيتهم من المادية التاريخية الجدلية التي تدحض الإيديولوجية من حيث هي ركن رئيس في بناء السلطة الرأسمالية.
21-) كي تجد هذه الاستراتيجية، وما يلحق بها من تعديل وتغيير، طريقها إلى التنفيذ على مسار من وحدة الشيوعيين، فإن الشيوعيين يتجاوزون أنماطا من الاستبداد، والمنافسة، والخلافات الشخصية والمذهبية، وكل ما من شأنه تشويه المادية التاريخية الجدلية من حيث هي استراتيجية ثورية، وينبذون غير هذه وتلك مما يسيطر على تنظيماتهم، وفي ما بينها. إن تفنيد ودحض كل رواسب الاستبداد الشرقي، والتي تتسلط حتى اليوم على بنيات مجتمعنا والانسان الاجتماعي، وهي سياسية وإيديولوجية وإن لم تكن اقتصادية، مهمة ثورية تتحدى الشيوعيين، وتقف عائقا أمام وحدتهم التنظيمية.

حسان خالد شاتيلا
أوائل كانون الثاني/يناير 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي