الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرحة المسلمين بذكرى مولد الرّسول الأكرم من الحلال الطيّب

محمّد نجيب قاسمي

2014 / 1 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فرحة المسلمين بذكرى مولد الرّسول الأكرم من الحلال الطيّب

دَرَجَ جمهورُ غفيرُ منَ المسلمين منذ عهودٍ طويلةٍ على الاحتفال بالمولد النّبوي الشّريف .كما امتنع عن ذلك جمهور ٌآخر دون أن تُثارَ بين الفريقيْن اتّهاماتُ تبديعٍ ولا تعطيلٍ. ونشأنا منذ الصّغر على الاستعداد لبهجة الذّكرى والانتشاء بما يُمتِع السّمع من ابتهالات وأذكار ولِمَ لاَ تَذوّق بعض الحلويّات التي يفرح بها الكبار قبل الصّغار..
ولمّا اكتشفت أمريكا بعد احتلال العراق أنّ خير سلاح تمزّق به الوطن العربي وتتحكّم في موارده هو سلاح الطّائفيّة غذّت ما بين السنّة والشيعة من فرقة خامدة منذ قرون فتلقّفت الأسر الحاكمة في بعض بلاد العرب الفكرةَ لتلهي النّاس البسطاء عن امتلاك مقدّراتهم دون حقّ فأنفقت أمولا طائلة لنشر أفكار غريبة عن الإسلام بدعوى محاربة أعداء الإسلام وأصحاب البدع والضلالات. فكان القول بحُرْمة إظهار النّاس الفرحة بذكرى مولد الرسول الكريم لأنّه بدعة وضلالة تُغضب ربّ العزّة وتُودي بصاحبها إلى جهنّم.
وأصل الحكاية وسبب هذا التجريم لاحتفال بسيط لا ضرر فيه أنّ نشأة فكرة الاحتفال بالمولد النّبوي الشريف كانت شيعيّة..نعم شيعيّة .إذ انطلقت في عهد الفاطميين بمصر......وعوض مصارحة النّاس بهذا غلّفوا فتواهم بأنّ المسلمين لا يحقّ لهم الاحتفال سوى بعيدين اثنين فقط سنّهما الرّسول صلى الله عليه وسلّم هما الفطر والأضحى وكأنّهم بذلك يمنعون الفرحة والبهجة والبسمة عن النّاس خارج العيدين المذكورين في ذات الوقت الذي جعل الله التّحريم استثناءً والإباحة أصْلاً. ذلك أنّ استخلافَ الخالق للبشر في الأرض وتسخيرَ ما فيها لهم يجعلهم دائمي الشّكر له بإظهار نعمته عليهم لا بإخفائها ، بإظهار زينتهم وسرورهم وحبورهم لا بإعلان الحداد الدّائم...فلو كانت أيام بني آدم كلّها أعيادا لكان ذلك ما يُفرح الموْلى عزّ وجلّ لا ما يغضبه.
ويزعم بعضهم أنّ هذا الاحتفال بدعة مستحدثة في الإسلام فلم يأمر بها النّبي صحابته ولم يُجِزْهم عليها ولذلك فهي ضلالة تفسد عقيدة صاحبها .والصّواب أنّ استحضارنا لهذه الذكرى لم يُبطل فريضةً ولم يَستحدث أخرى وإنّما يجري على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم وحبّ الاقتداء به وتذوّق الحلال من نعم الله لا أكثر.
أمّا ما يُقال مِن أنّ هذا الاحتفال تشبّهُ بالنّصارى فنحن وإيّاهم نعلم أنّ للنّصارى دينهم ولنا ديننا ونحن جميعا نعلم بأنّ أمّة النصارى لهم الغلبة في الصّناعات والعلوم والتنظيمات في هذا العصر ومنهم نأكل ونلبس ونسكن ونتواصل ونتقاتل فمن أراد عدم التّشبّه بهم فليخرج من جلده ولْيرمِ جانبا ما بيده من أدواتهم .
ثمّ..... ، ما المُنكْر في الاحتفال بمولد الهدى؟ أتلاوة القرآن وترديد البُردة واستحضار قصّة ولادة محمّد صلّى الله عليه وسلّم عام الفيل وقصّة رضاعته لدى حليمة السعدية إلى بعثته من فعل الحرام الذي يخرجنا من الإسلام إلى الإثم و الشّرك والكفر ؟
تعوّدنا في تونس أن تَصْدح إذاعتنا وفضائياتنا كلّ صباحِ ذكرى المولد ب"زاد النّبي وفرحنا بيه " فنطرب أيّ طرب وتنتشي الرّوح فينا فنردّد مع المُنشدة " صلّى الله عليه" ويحدّث كبارنا صغارنا عن الإسلام والرّسل ونتبادل التّهاني ونزرع البسمة في وجوهنا ونرطّب ألسنتا وألسنة فلذات أكبادنا بالصّلاة والسلام على رسول الله وببعض حلوى "عصيدة الزّقوقو" حلوة المذاق ذات الفوائد الصّحيّة الكثيرة على أجسادنا . فما البدعة في ذلك ؟
و"عصيدة الزّقوقو" هذه لمن لا يعلم هي عصارة بذرة الصّنوبر الحلبي – فرّج الله كُربة حلب الشّهباء – ومن غابات الشمال التونسي التي التهمت النيران أجزاء واسعة منها بعد الثّورة يجمعها فلاحون قرويّون فقراء إلى حدّ العراء على امتداد أيّام طويلة شاقّة ثمّ يبيعونها بأثمان بخسة في الأسواق ومن محصولهم الزّهيد لا يأكلون ولا يشربون ولا يلبسون إلاّ مَا لا بُدَّ لهم منه . ..وأهل تونس جميعا لا يشترون تلك السلعة إلاّ في هذه المناسبة فقط.وتصوّروا بعدها مآل هؤلاء وأبنائهم لو انقطعت هذه العادة الحميدة التي لا تمنع عبادة ولا تحرّفها...
وبذلك يحقّ لنا القول بأنّ إحياء ذكرى المولد الشريف من الحلال الطيّب .فهنيئا لنا بدين سَمْحٍ يسير مسرّاته دائمة والحمد لله.

فصل من كتاب لنا غير منشور بعنوان" الإسلام من وجهة نظر مغايرة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53