الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتحار هل هو حق أم هي ضغينة؟

سونيا ابراهيم

2014 / 1 / 16
حقوق الانسان


لقد قرأتُ في صحيفة محلية مؤخرا، خبراً أثار سخريتي و استهتاري في آن واحد، أعلم أن الأمر يبدو محبطاً، من بين سطور الخبر" وفد ايطالي يزور مدينة غزة"، تسأل إحدى الإيطاليات بعد أن زارت و شاهدت وضع العائلات الفلسطينية، و حالة السوء التي تعصف بهم بسبب برودة جو الشتاء، تتساءل: " رغم كل هذه البطالة و الفقر في غزة هل هناك حالات انتحار كما يحدث في ايطاليا بسبب فقدان الأفراد لوظائفهم؟"
و كانت الإجابة- التي من المفترض أن تكون مُفرِحة ظاهرياً رغم أنها مغبونة معنوياً- بأن حالات الإنتحار في غزة هي شبه معدومة.

و تُعتبر الدول التي يوجد فيها أعلى معايير الحياة رفاهية و وجدانية، من بين أكثر الدول التي تنتشر فيها حالات الإنتحار على سبيل المثال سويسرا، و يحاول بعض رجال الدين أو المتعصبين فكرياً إعتبار ذلك النوع من الحالات، كنوع من عدم الإيمان بقدرة الله أو انصافه لحياتهم. كما قد يعتبره بعض الأخصائين النفسيين نتيجة يسببها الإكتئاب أو ظروف الحياة الصعبة. و لكنه بالمقابل يستغرب أحد الأصدقاء العرب الذين يعيشون في أوروبا سبب زيادة حالات الإنتحار بينهم، يخبرني حذراً: هنا قد ينتحر مسئول اذا أقالوه من منصبه، أو مجرد شاب فقد فرصته في الحصول على العمل.

الغريب لأننا شرقيين، أتينا من ظروف لا نحتمل فيها أن يكون حتى لدينا أبسط حقوقنا؛ بأن نتصور أنه بإمكاننا أن نختار الحياة التي نستحق أن نعيشها. من السهل على من تُعنيهم النصوص الدينية و فتاوي رجال الدين أن يعتبروا هذه الحالة نوعاً من الكفر، أو حتى قد يتشدد بعضهم بإدعائه أنها تنتشر في البلاد المتحررة؛ لأن الله ينتقم من فجورهم و بُعدهم عن الدين؟ و إن كان يبدو هذا مسيئاً للإنسانية، و لكن يستحيل على رجال الدين أينما كانوا أن يتركوا للإنسان منطقاً أو منطلقاً فكرياً يتوجه نحو الإنسان بأعماقه. أود أن أحلم أو أختار قول الحقيقة، و إن كان يبدو هذا شبه مستحيل، و لكن كيف سيقدم على الإنتحار- مهما كان هذا مُحزناً و تعيساً- فرد لم يتعلم في حياته معنى حرية الإختيار؟ كيف سيقدم على قتل نفسه و هو ينشأ و يتربى منذ بداية طفولته على أنه مقيد؟ لا هو يعيش ولا هو يموت؟ لا هو انسان له كرامته، و لا صديق يعز على أحبته؟ الإنتحار هو ليس خيار، و لكنه موت و قتل لموضع الألم و إن كان يعني التخلص من أوجاع الحياة، و لكنها الحياة التي تخلو من المعاني التي يأملون العيش بها أو اختيارها- هي من يؤلمهم العيش من دونها فيقررون لذلك انهاء حياتهم من دونها. لا يجب أن يبدو بأي حال من الأحوال الإنتحار هو الخيار بل الحياة هي كذلك- كما أراها.

لا يختار المواطنون الشرقيون الحياة في بلدان تُهان كرامتهم بها دون أي استئذان، و لا يختار المواطنون الشرقيون الطريقة التي يجب أن يكملوا حياتهم بها حتى يختاروا سبيلاً مريحاً لموتهم، و لا يختار الأطفال أن تسئ لهم أمهاتهم حتى يحملوا ندوبهم من آباء مُعنفين مثلهم، و لا تختار النساء أن تُهان كرامتهن بأن يحدد كل ذكور العائلة و رجال الدين مصير حياتهن دون أي استئذان، حتى عندما يكون رجال الشرطة منهم.. لا أحد منا يختار شيئاً في هذه الحياة؛ لأن كرامتنا نضمدها مثل الجراح و نضع عليها مزيداً من العلقم حتى تطيب أو ننساها مع تفاقم الشعور بالألم.. نحن لم نختر مثل هذه الحياة، و لامثل هذه الإنتماءات، ولا مثل هذه العقد النفسية أو الإسقاطات البشعة التي يجبروننا على الحياة بها أو بمثلها.. فكيف سنسمح لهم بأن يحددوا شعورهم بالأسف تجاهنا: أنعيش أم تقتلنا الحياة لأننا لم نجرب معناها كما كنا نحلم بها طوال الأيام؟ أيهم أفضل أن نعترف به: أننا نُهان دون أن نختار الإهانة أم أن حياتنا ليست ملكنا لأنها تقتلنا بنفسها بدلاً من أن تعطينا الحب و تبادل الإحترام؟؟ أترك الإجابة لكم وليست لي.!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في


.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في




.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ