الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوية العراقية .. إلى أين؟

حسن رحيم الخرساني

2014 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الهوية العراقية .. إلى أين؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسن رحيم الخرساني

أ ـ محطة ٌ لابدّ منها .
ــــــــــــــــــــــــــ

حتى نعبرَ منطقة َ التصادم لابدّ لنا أن نقرأَ جغرافية المكان والزمان اللذين يضعان ِ أصابعهم وبلا ريب على الشخصية التي تعيشُ في دائرتيهما، وكذلك الرياح الخارجية التي تحيطُ بتلك َ الدائرة.
كلُ هذا لَه ُ الأثر الأساسي والمتين في بلورة الهوية الثقافية للفرد.
إننا اليومَ أمام َ هوية ٍ معقدة ٍ ولها أبعادها الروحية والتأريخية بالإضافة ِ إلى التأثيرات المباشرة والغير مباشرة الواقعة على تلك الهوية والحاملة معها تيارات مختلفة لا علاقة لها بتلك الهوية الأم.
وبما أنني قررتُ أن أختارَ هذه ِ الهوية والتي هي (( الهوية العراقية))، كان لابدّ لي أن المّ وبالقدر المستطاع جميع َ الخيوط العاملة في فعل ِ تلك الهوية والراسمة معها الكثيرَ من الملامح وما لها من إنعكاسات على الواقع الحاضر والمستقبل.

ب ـ الذات ـ الشخصية العراقية ـ ضوء خاص من وجهة نظري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأنا أفرشُ التأريخ َ بين يديّ قديما وحديثا ً وأتنزه ُ في حدائقَ أسراره ِ أجدُني مبعثرا ً مثل ذلك َ التأريخ المتلاطم بأمواجه ِوأمواجا ً أخرى أقتحمتْ خلاياه ذات الأبعاد الغير مستقرة بسبب الإنسان والطبيعة وقدر هذا الكائن في العيش ضمن قوانين متشابكة وسوداء ولا علاقة به ِ إلا من حيث البقاء للأقوى وليذهبْ الكون بما فيه إلى الجحيم.
من هنا علينا أن نحللَ فلسفة الفرد العراقي في الحاضر والذي هو نتيجة متكاملة من مسافات ـ ( زمانية ، مكانية ) ـ مظلمة ٍ ومشعة ٍ في نفس الوقت ، وهذا الخليط الغير متجانس في تربة ِ الذات سيكشف لنا حقيقة تكون في النهاية هي الميزان الوحيد في مستقبل العراق وبالتالي جوهر الهوية الثقافية للإنسان.


ج ـ هل الهوية ذات قالب ٍ محدد، أم إنها تفلت ُ من التحديد؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذات ـ الشخصية ـ هي فعلٌ متعلم يتطور مع الزمان والمكان بأتجاهات ٍ مختلفة ٍ وأخرى متشابة ، فهي تلعبُ دورَ المرسل وكذلك دور المتلقي، تلعبُ دور الجاذبية من الأعلى إلى الاسفل وأيضا من الأسفل إلى الأعلى، تحتفظ لنفسها بحق الحب كما تحتفظ لنفسها بحق الكراهية،...
الذات ـ الشخصية ـ لا لونَ لها ولا شكل ، تتكورُ تارة ثم تتربع وتستطيل ، لها ما تشاء من الرغبات التي تُحيلها إلى لعبة ٍ تشبع ُ وتجوع ،،إنها الدائرة التي لا تدور ثم تدور ، تفتح أبوابها وتغلقها ، كلُ شيء ٍ يتحقيقُ بثوان .
من هنا نكتشفُ ماهية الذات التي لايحددها لونٌ، بل تفلتُ من التحديد بعاملين أساسيين ، الأول : ترابُ تلك الذات وما يحملُ من صفات لها أفعالها التي لاتُحد. ثانيا : الخارج ، الذي هو الداخلُ بقوة الفعل وما يحققه ُ في رسم تلك الذات ـ الشخصية ـ
وعليه ِ لابدّ لنا أن نؤمن َبالتغير المستمر، وهذا التغير يمكن ُ أن يكونَ فعالاً أو غير فعال حسبَ مبدأ الفائدة وتقبلها أو رفضها. المهم وجود فعل التغير ، وهذا ما وددتُ التطرق إليه ِ هنا.

د ـ إلى أين ....والهوية العراقية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تقودُني مفردةُ المستقبل إلى طريق الشمس، حيثُ حدائق العمران والثقافة التي تفكر، أي الثقافة ُ المنتجة من أجل البناء العمراني والحضاري، وإلا لا يوجد مستقبل لأي بلد ٍيحملُ رؤوسَ دائرية الداخل، تهرولُ حولَ نفسها، وتنظرُ إلى قاماتها على أنها جبالُ أمام قامات الآخرين الذين هم أعلى منها تفتحا وتوهجا ً في تشيد الأساس الحقيقي للمستقبل!
لقد تعرضتْ الذات العراقية ـ الشخصية ـ إلى فيضانات متعددة من الداخل والخارج، وكانت نتائج الحاضر تعكس الفعل الحقيقي لما تركتْه ُ تلكَ الفيضانات على زهرة الذات ـ الشخصية ـ التي أصابتْها فيروسات عبثتْ بجمالها التكويني و الفعال مما جعل تلك الذات ريشة ً ملطخة ً في كامل ِ مجرتها ، بالإضافة إلى فعلها الحياتي الذي ينتج المستقبل ويرسمُ له ُ ملامحَه ُ القادمة.


لقد لعبَ التأريخ دوراً كبيرا في بلورة ذات الفرد العراقي وكونَ لها طريقَها الذي لابدّ أن تسلكَه ُ اليوم وغدا، كما أنه ُ حدد لها المفاهيم التي ستبقى جسورا تتمطى عليه َ تلكَ الذات والتي لا يمكن التخلص من كمائن تلك المفاهيم ما لم تقوم الشخصية ـ الذات ـ بالإنتفاضة على نفسها والتخلص من براثن ٍ عمياء تجاهدُ دائما ً في إبقائها تحت سلطةٍ راسخة ٍ في القدم ، لهذا علينا أن ننتبه وبحذر ونركز وبشدة كي نفهم حقيقة ِ ذواتنا حتى ندخل َ إلينا ثم نعيد ُ ترتيبنا من أساس ٍ مغيب منتفخ ٍ بطحالب ٍلا لونَ لها سوى أن تجعلنا نرفس ُ في دوائر ٍ عمياء تحيلُنا إلى ريش ٍ يتطاير برياحها الصفراء، إلى أساس ٍ ثابت مبني ٍعلى أسس ٍ علمية ٍلا تجادلُ على نفسها أبدا.
ولا أختلف ُ معكم بأنّ الطريقَ إلى الوصول صعبٌ لايتحملُه ُ إلا اصحاب المبدأ الثابت والإيمان الراسخ حتى وإن كلفَ ذلك التضحية بالنفس والتي هي أقصى غاية الجود ِ.

ج ـ الخارج ـ الداخل إلى الذات ـ بطريقة ٍ عرجاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في كل ِ الزوايا ثمة َعين تريدُ وأصابع ُ تفكر
وبما إننا نعي ما يتحرك فوق الطاولة ِ وتحتها وعلى جانبيها فإننا يجب علينا أن نجلسَ وبهدوء ٍ تام ونحدد َدون أن نلتفت إلى الهوى كي نضعَ القوانين التي تصونَ لنا كرامتنا وكرامة الوطن ،
وإلا ستبقى تلكَ الحلزونات تأخذ ُ دورها فينا وبلا رحمة.
نعم، بلا رحمة، فبعد عام 1979 م وتربع صدام حسين على دفة الحكم ، ودخول العراق في حرب مع أيران، قام صدام بتشغيل أفران التصفية لجميع الساسة والعسكرين وأصحاب الشأن في الساحة العراقية من أجل تأسيس القاعدة القوية والمتينة لبقاء حكمه والشبكات التي كانتْ ترسمُ لهُ دورَه ُ في المنطقة، وقد بدأ الفعل الأول في قيام الحرب مع أيران، وهذا الفعل أخذ على عاتقه ِ القيام بإلغاء الفكر المنتج للفرد ليحل محلَه ُ ترسيخ قاعدة الخضوع التام المادي والمعنوي من أجل تأليه الدكتاتور المتجسدة في شخصية الرئيس والتسبيح لها وإلى أفكارها الحبلى بسموم المخططين لها، ومن هنا بدأتْ تتحرك الحشرات التي أخذتْ على عاتقها نشر وصيانة ما يليق بهذا القائد المقدام الذي سيحرر القدس ويضع العراق في صدارة الدول المتقدمة،وكان لها ذلك بما أُتيح من أرض ٍ تساعدها على تحقيق مآربها فيها
.كلُ هذا كان له الأثر الكبير في تغير وإنحراف الهوية العراقية التي كانت تتشكل في الذات البيضاء للمواطن تجاه البلد وأنتقالها من ذلك الجوهر إلى بقعة ٍ تتناسبُ مع الحفاظ على كرسي الدكتاتور وتأمين روح الشر والخوف والإنهزام في داخل كل ِ فرد ٍ عراقي.
لقد لعبتْ الحقبة الغابرة من عام 1975م إلى سقوط الدكتاتور 2003 م دورا بارزاً في العبث وتهديم كلَ خلايا وزوايا الإنسان العراقي مما أدى بالتالي إلى فقدان الهوية العراقية ، والتي أصبحت أسيرة خلايا مهملة لم يفكر ولن يفكر بها المواطن العراقي.
وبعد عام 2003 م ونتيجة الحروب الداخلية الطائفية منها والأيدلوجية وكذلك القادمة من الخارج، كل هذا راح يسحق المواطن العراقي ويضعَه ُ في دوائرٍ لا تنتهي ومسرحيات ليس لهُ فيها ناقة ولا جمل، مما أدى إلى تلاشي تلك الهوية العراقية وتشبث الفرد بهويات تقود الجميع إلى النزول تحت قطار المطامع الشخصية منها والداعمة لها من دول أخرى.
ونحن الآن في عام 2014م ومازلنا نعاني تلك الأزمة الحقيقية للسلام في بلدنا الحبيب العراق، الذي تحمّل تلك الطعنات الصفراء من أيد ٍ ملطخة ٍ بالدماء، لهذا علينا إعادة حساباتنا تجاه مفهوم الوطن والمواطنة بالشكل الحقيقي الذي سوف ينقذُ ما تبقى من الكارثة التي يعاني منها المواطن العراقي والوطن.
وإذا لم ننتبه إلى ما يدور حولنا من أشكال المؤامرات السامة سوف تنتهي وإلى الأبد تلك الهوية العراقية ونكون نحنُ جميعنا في خبر كان، إذا ظلتْ كان تتأملُ أرض َ السواد.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س