الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا نجحت ثورة الإخوان

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2014 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


قد بدأت الموجة الأولى من الثورة في 25 يناير 2011 بالأساس كاحتجاج قوي من الشريحة العليا بالطبقة الوسطى المصرية ذات التعليم والوعي السياسي العالي، طلباً لمشاركة سياسية واقتصادية أوسع في وجه نظام تسلطي مغلق يقوم على حلقة ضيقة من المنتفعين ولا يترك متسعاً كافياً للتغيير والتداول السلمي على السلطة والثروة. في تلك المرحلة المبكرة، كان الثوار يشتكون من مظالم أكيدة ضد دولة تسلطية مستبدة ويطالبون بالإنصاف والعدل والديمقراطية فيما بين المواطنين، ويحملون النظام الحاكم المسؤولية الرئيسية عن ما آل إليه حال البلاد. لذلك، عندما نادوا بأعلى صوتهم ’الشعب يريد إسقاط النظام‘ لم يكن يخطر ببالهم أبداً أن أحداً من هذا الشعب يريد ’إسقاط الدولة‘ بالمرة مع النظام، لأن إسقاط الدولة ببساطة ما كان سيترك لهم سلطة ولا ثروة ولا أي شيء آخر ليشاركوا فيه، عدا الفوضى.

بمرور الأيام بدأت تتسرب خلسة إلى ميدان التحرير، شعلة الثورة ورمزها، مجموعات أعرض من الغاضبين وأصحاب المظالم ضد النظام والدولة من تيار الإسلام السياسي، بالأخص جماعة الإخوان المسلمين ثم تبعتهم في النهاية الجماعات السلفية. عندئذ أخذت البنية الديمغرافية، ومعها المطالب الثورية، تشهد تغيراً ملحوظاً وتميل شيئاً فشيئاً لصالح الإسلام السياسي، ليتحول المطلب الرئيسي للثورة من مجرد إسقاط النظام لكن مع المحافظة على الدولة وتقويتها ودمقرطتها إلى مطالب أخرى فرعية ومتناقضة لم تكن مطروحة من قبل مثل تطبيق الشريعة الإسلامية، أو ’أسلمة‘ الدولة بدلاً من دمقرطتها، الذي كان يعني بالضرورة الحاجة إلى إعادة بناء ’دولة جديدة‘ من الصفر على أنقاض نفس الدولة التي كانت الثورة قد اندلعت في الأصل ضد نظامها الحاكم فقط وليس ضد أركان وجودها الأساسية، خاصة الجيش والقضاء.

عند هذه النقطة حدث تحول جوهري وافتراق في طريق الثورة المصرية الأم، التي تفرعت في النهاية إلى ’ثورتين‘ منفصلتين ومتناقضتين في سواء في المرجعية أو الغايات- ’ثورة الدولة‘ ضد ’ثورة الدين‘. هكذا، من رحم ’ثورة الحرية‘ والديمقراطية الأم ولدت ’ثورة الدولة‘ ضد ’ثورة الشريعة‘ أو الإسلام. ولأن الميدان الأصلي ما كان يستطيع أبداً تحمل مثل هذا القدر من التناقض والعداء المتبادل في مكان واحد، كان لابد من إيجاد فضاء آخر ليعبر عن هذه الثورة الجديدة ويجسدها في رمزية جديدة. وبعد فترة من التيه الثوري ما بين ميدان النهضة بالدقي إلى مصطفى محمود بالمهندسين، استقر المطاف أخيراً بالثوار الجدد في ميدان ’رابعة العدوية‘ بمدينة نصر شرق القاهرة، الذي قد أصبح يشكل رمزاً مضاداً لرمزية ومطالب ميدان التحرير بوسط العاصمة حيث انطلقت شرارة الثورة. بعد رابعة العدوية وما حدث هناك، لم تعد هناك ذرة شك في أن الثورة المصرية الآن قد انسلخت في ثورتين متناحرتين- واحدة ضد النظام القديم لكن مع بقاء الدولة، والأخرى ضد النظام القديم والدولة معاً.

مع تطور الأحداث واحتدام المواجهة وسفك الدماء بين معسكري الثورتين، أخذ ثوار التحرير يميلون أكثر باتجاه الدولة حتى لو بثمن التضحية ’مؤقتاً‘ بمطالبهم الأولى بالحرية والديمقراطية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية. مهما يكن الثمن يجب إنقاذ حياة الأم- الدولة الوطنية المصرية- أولاً؛ بعد ذلك، بعده فقط، يمكن أن نجد ما نختلف ونتنازع حوله. في المقابل، قد أصبح هناك بين الدولة الوطنية والإسلام السياسي ما يشبه ’الثأر الوجودي‘، بحيث أن انتصار أي من طرفي المواجهة سوف يؤدي بالضرورة إلى إخراج الآخر من المعادلة، وربما للأبد.

تأكيداً لما سلف، قد أتت نتائج معركة الاستفتاء على الدستور مؤخراً تعكس بوضوح هذا الاصطفاف العدائي ما بين الدولة من جهة والإسلاميين في المقابل، وتفضح زيف ادعاءات السلفيين عن خروج صادق من معسكر الإسلام السياسي والالتحاق بسفينة الدولة بعد 30 يونيو 2013. عقب الاستفتاء، الاصطفاف أصبح مكتملاً، والعداء المتبادل حاضراً، وبقوة مخيفة.

في هذه الأجواء الانقسامية المشحونة بالتوتر وسوء الظن وانعدام الثقة، لا تدخر جماعة الإخوان المسلمين المطرودة من الحكم والموصومة بالإرهاب جهداً وتعمل بكل ما أوتيت من وسائل مكر وخبث ودهاء وخداع على تعميق وترسيخ حقيقة هذا الانقسام أكثر وتحويل قواعد اللعبة من مجرد معركة سياسية على السلطة بين مؤسسات الدولة وجماعات الإسلام السياسي إلى حرب شاملة تشنها الدولة ضد ’الإسلام‘ ذاته، واعتبار أنفسهم وحلفائهم الممثلين والمنتصرين لهذا الدين الضحية. في هذا السبيل، لم تتوانى الجماعة المنكوبة عن تذكية وتأليب وتأجيج وتجييش أبشع ما في النفس البشرية من مشاعر الغضب والكره والعصبية والمذهبية والطائفية ضد الدولة والمصطفين معها.

في النهاية، ها هم الإخوان المسلمين وحلفائهم في معسكر الإسلام السياسي يتوعدون بثورة جديدة يوم 25 يناير الحالي، موعد الذكرى السنوية الثالثة للثورة الأم. لكن يبقى السؤال: هل لا تزال هذه الثورة الإخوانية الموعودة تمت بصلة للثورة الأم الحقيقية في 25 يناير الأولى؟ وهل إذا نجحت هذه ’الثورة الإسلامية‘ المزعومة ضد الدولة العلمانية ستترك من الدولة الوطنية المصرية كما عهدناها شيئاً؟ وهل ساعتها سينقل السلفيون والأزهريون تحالفهم إلى معسكر الإخوان، أم سيقاتلون مع الدولة حتى النهاية؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السلف الصالح
على سالم ( 2014 / 1 / 21 - 19:54 )
بالطبع الجماعه السلفيه غادره وخائنه حتى النخاع وفى تقديرى انهم اسوأ والعن من جماعه الاخوان الارهابيه ,كل هؤلاء المجاذيب الاوغاد يوزعوا الادوار بينهم ولايوجد مجال للشك انهم سوف ينضموا الى جماعه الاخوان الاجراميه اذا دعت الضروره لذلك ,كان المفروض ان نستبعد تماما الجماعه السلفيه ولانعطى لهم اى شرعيه او اى مساحه اعلاميه او الاعتراف بهم ومن المؤسف ان الدستور الجديد به صبغه اسلاميه وتوجه متشدد بسبب اراؤهم الاسلاميه العفنه ,بل انا اعتقد انه كان يجب القبض على رؤوس هذه العصابه الارهابيه وايداعهم السجون نظرا لتاييدهم لقتله الاخوان فى ميدان رابعه بل والاشتراك معهم فى قتل الابرياء وسفك الدماء


2 - يناير عيد لكل المصريين
حسنين قيراط ( 2014 / 1 / 21 - 20:21 )
شعب + جيش + شرطة ) - (إخوان مسلمين ) = !!!!!! هل تعرف المحصلة)
رجائي في مقالك عن أي تحالف للإسلام السياسي عدم الزج بالأزهريين فهم رجال دين وليسوا تجار دين
يوم 25 يناير القادم عيد للثورة المصرية بكل طوائفها ضد فساد المخلوع وبطانتة ، ورغم إختلافنا مع الأخوان المسلمين وفشلهم في إدارة شئون الدولة عندما تولوا السلطة فلا يصح نكران دورهم في نجاح الثورة
حفظ الله مصر والمصريين جميعا


3 - إذا نجحت
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 1 / 26 - 17:02 )
الدين عقيدة
والعقيدة مسألة شخصية
بمعنى مسألة شخصية بين العابد والمعبود
الخالق والمخلوق
هذا هو الدين الذي جاءت به الأديان السماوية كما يزعم الناس
وبالأخص المؤمنون منهم
لكننا اليوم نجد عكس ذلك بحيث تحول الدين إلى سياسة وتجارة
ولم يعد للإيمان وجود هناك فقط تجارة ومصالح وسياسة ا ختلطت
بالدين فأعطت كل هذا الوسخ
والدين لا يتفق مع الديمقراطية لأن الدين يتحدث بالمطلق بينما الديمقراطية
إختلا ف لا يفسد في الود قضية

اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم