الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لو انتصر الفقراء

علي الصراف

2014 / 1 / 22
المجتمع المدني


كما يعلم الجميع ان العراق هو بلد يطفوا على ثروات اهمها النفطيه و التي ارتفعت صادرات العراق الى مستوى جيد مقارنة بالاعوام السابقه كما انه من المتوقع ان رفع الصادرات النفطيه يزيد من دخل الدولة و الذي ينعكس ايجابا على الشعب و الذي يعاني اشد المعاناة من الفقر , فلا تزال الى يومنا هذا عوائل كثيره و التي تمثل اكثر من 4% و التي تعيش تحت خط الفقر .
ان واقع الحال المزري و المتجه الى مستقبل مجهول مهما كانت تطلعات السياسين و الشعب ايضا الى مستقبل مزدهر الى ان لا احد يستطيع التنبؤ بمستقبل العراق جراء الصراعات و النزاعات الطائفيه و السياسيه و حتى العرقيه و القوميه و التي تنعكس بالدرجة الاساس على الفقير اولا و قد لا تمس السياسين او قد تمسه قليلا في اخر المطاف , كما تضاف الى خلافات الساسه و الحكومة بصورة عامه ايضا هو ان ( نادرأ ) ما تجد موظف مسؤول يتسم بالشفافيه و النزاهه في العراق اذ ان حالات الفساد تستشري يوما بعد يوم و ليس من العجيب ان تجد الفساد ( جزء من تعاليم الدين و القيم الاخلاقيه و العادات العراقيه ) اذ ان الفساد بدل ان يكون حالة شاذه في المجتمع , اصبحت النزاهة حالة شاذه في المجتمع و ليس الفساد و القادم اسوء .
الا ان السؤال الاهم هل من الممكن ان يرتقي احد الفقراء في احد الايام ليكون رئيس وزراء العراق المقبل ؟ و كيف له ان يصل الى هذا المنصب ان كان فقيرا مهمشا يعيش في اطراف المدينه او داخل المدينه في احد ازقتها المتاهلكه , قريبا من بركة مياه اسنه او مياه امطار متجمعه , يفترش قليلا من الورق و ينام بصحبة الحيوانات الضاله متعرضا للبرد و الجوع و الامراض , و هل من الممكن ان تكوم احلامه برئاسة الوزراء في يوم من الايام ؟!
تنتشر في كل مدن العراق و حتى المدن النائيه المساجد و الحسينيات و التي تسمي ( بيوت لله ) و التي تغلق ابوابها و يمنع من دخوها طوال الليل ولا يسمح المبيت فيها ابدا حتى في اقسى الضروف و تحت اشد الضغوطات لا يسمح ذلك فبيوت لله مثلما تسمى لا تسمح للذين لا يملكون مأوى بالمكوث فيها على الاقل لليلة واحده للاحتماء من برد الشتاء او حرارة الصيف و الامراض على عكس شوارع العراق و ازقته فهي تكتض بالفقراء و المساكين و المعدومين و المهمشين و الذيين ينتشرون في الليل بالقرب من المحلات مفترشين الارصفه او بالقرب من مكبات النفايه .
هل من الممكن ان ينتصر الفقراء ؟
هو سؤال قد يطرح اي شخص يطلع على حالهم بصورة واضحه و يتعمق في حياتهم او تاريخهم , فمنهم من اصابه خلل في قواه العقليه جراء ما تعرض له في مسيرته في شوارع المدينه و منهم من اصابه ذلك جراء صدمة و منهم من تركه ذويه لاسباب ماديه او لمجرد شجار بسيط و منهم من تركه ذويه منذ سنين داخل مدينة لا يعلم ما هي ولا يعرف حتى اسمها او انه لم يراها طوال حياته , منهم من تركه ابنه داخل دار للمسنين و بعد عن تخلف عن دفع النفقات طرد منها و منهم و منهم و منهم الكثير و الكثير , و ان خرج احدهم ليلا الى شوارع المدينه يدور بين ازقتها سيجد الكثيرين منهم دون مأوى و هذا جزء من بلد كتب في دستوره ان الاسلام هو مصدر التشريع الاول و لا يطبق منه ( اينما تكونوا يدركم الموت ) .
ان انتصر الفقراء يوما و اعتلوا سدة الحكم و بدأ حياة تحت حكم الفقراء هل سيعامل الساسه و الحكومة بالمثل ؟ و هل من الممكن ان نجد اعضاء البرلمان يفترشون الارصفه ليلا و يتجولون في المدينة نهارا يبحثون عن لقمة العيش ؟ هم من الممكن ان نجد نجل رئيس الوزراء يلقى بوالده في احد دور الرعاية المجانيه و يتخلف عن دفع المستحقات و بعد اشهر نجد معاليه يتجول في شوارع المدينه بثياب رثه و جسم هزيل تنخره الامراض و التعب مثل العثه , و السؤال الاهم هل سيكون رد الفقراء على هذه المهزله و ان يكون شخص ما يتجول في المدينة دون مأوه ولا ينتفض منهم احد ؟ .
من وجهة نظري ان الفقراء ان اعتلوا سدة الحكم فهم اعلم الناس بحال الشعب و باحتياجاته و متطلباته و السبل و الطرق لمعالجة المشاكل المستعصيه منذ سنين و لم يستطع اي من الساسه او قادة البلد حل هذه المشاكل , اذ ان الجشع الحكومة اصبح اليوم لا يفرق بين شخص و اخر فالجميع في حماية الارهاب تحت سلطة الدولة في قانون ركيك و جهات تنفيذ حكم الاعدام بحق الشعب متعدده يسلم منها ذو النفوذ القوي و يكون الفقير فقط ضحيتها .
لو انتصر الفقراء فلا وجود للفقراء بعد اليوم , لو انتصر الفقراء تجد التواضع في قادة البلد , لو انتصر الفقراء فلا وجود للارهاب اذ ان الارهاب يتغذى على الجشع و المال و السلطه و لا وجود لهذه الصفات داخل الفقراء , لو انتصر الفقراء تعود ارصفة المدينه الى مكانتها الطبيعيه و هيبتها فلا حاجة بعد انتصارهم لافتراشها فقد خصصت لسير المواطن لا لنومه .
ولكن السؤال الاهم , كيف للفقراء ان ينتصروا و كيف سوف يسمح لهم بدخول العملية السياسيه و اي من الاحزاب سوف توافق على انتشال شخص معدوم من الرصيف الى البرلمان مباشرة , و حتى ان اجمع الفقراء على توحيد الصفوف و الدخول الى الانتخابات بقائمة موحده تحمي الفقير و تساعده على العيش بكرامة داخل وطنه لا العيش بذل و ندم على وجوده على هذه الارض فكيف لهم ان يقوموا بتمويل حملتهم الانتخابيه في حينها , هل يملك الفقراء اغطية فائضه لتوزيعها على المواطنين و حثهم على انتخابهم ؟ ام يملك الفقراء الاموال لتوزيعها على المواطنين ؟ ام يملكون الصلاحيات لتوزيع قطع اراضي ؟ ام يديرون دوائر الدوله لتوزيع الحوافز على الموظفين قبيل الانتخابات ؟ او قد يملك الفقير الصلاحيات لتوزيع الايفادات على موظفيه كي يعيدوا انتخابه ؟ و ان كان يملك كل ذلك فليس هو المقصود من كلامي .
و بالطبع هناك من يردد المقوله المشهوره " أطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت فان الخير باق فيها , ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت فان الشح باق فيها" الا ان جميع الموازين في العراق قد اختلفت و منذ زمن بعيد , معضهما تغير لما تقتضيه المصلحة الخاصه و لا شك ان هذه المقولة اليوم لا تعني شيئا اذ ان الواقع هو ما يخالف كل مفاهيم المقوله .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على الرغم من النسب التي تطرحها دوائر الدوله في نهاية كل عام عن مستوى الفقر و الذي حسب تقاريرهم تكون بانخفاض في كل سنة عن سابقتها الا ان الفقر اصبح اليوم مستشري في العراق و ليس فقر في الحالة الماديه و المعيشيه فحسب , فقد استشرى ايضا فقر الانتماء و فقر الدين و فقر الاخلاق و فقر الشعور بالمسؤولية و فقر حب الوطن و فقر احترام القانون و فقر مساعدة الاخرين و فقر النزاهه و فقر المصداقيه المصداقيه و كل هذه الانواع من الفقر لا تطرح الدولة نسبتها مع نسب الفقر المعيشي بل انها تتغاضى عنها كونها جزء لا يتجزء من حياة المواطن العراق و لا يوجد حل او علاج لهذه الانواع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط


.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا




.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد