الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتبهوا...أنهم يسرقون الله

ياسين سليماني

2014 / 1 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في وقتنا الحالي وأكثر من أي وقت مضى أخذت جماعات تتلبس بلبوس الدين وتتزيا. بزيه تصدر خطابها الظلامي بينما تدعي التنوير و..الرجعي بينما تزعم التقدم في معاني الخير والجمال والحق وتخفي الوحش الذي بداخلها والذي يتهيأ للقتل الرمزي والمادي للمخالفين/ الكفار بتعبيرها.
إن الدين قطعا ليس سببا في الشرور والآثام التي يعاني منها العالم. ليس الإسلام هو سبب اقتتال الشيعة والسنة في العراق ولا بين المسلمين والأقباط في مصر.ليس سببا في تنقيب تمتال أم كلثوم في القاهرة بعد أيام من. فوز الإسلاميين بالحكم أو في مقتل الجنود في رفحأو سيناء أيام رمضان. او في تفجير تماتيل بوذا في أفغانستان وهي إرث عظيم للإنسانية جمعاء.
ليس ا لإسلام سببا في ظهور القاعدة وهروب بن لادن والظواهري كالجرذان القذرة من مكان إلى آخر لزراعة الرعب في العالم.وبالطبع فإنه ليس مسؤولا عن السعار الجنسي الذي تعاني منه بعض الجماعات الإسلامية ويشكل تيمة أساسية في خطابها. إنني أرى الله الذي يصوره القرآن. عادلا رحيما غفورا يجيب دعوة الداعي إذا دعاه. وهو يرحم ويغفر أكثر مما يلوم أو يعاقب . وألتفت إلى النبي محمدا فأجد له شمائل الرجل وأخلاقه. وإني أرى الذين يدعون اتباعه ويملؤون المساجد فلا أرى إلا نماذج بائسة من التطبيق الرجعي لتعاليم الدين وانتهاج نهجه.
ليس السبب في الدين
أين يكمن المشكل الذي لهجت الألسنة وفرغت المحابر طرحا لقضيته وكشفا للمسكوت عنه فيه؟
إنه التدين.
وليس التدين هو الدين وليس التأسلم هو الإسلام.ولكن التدين تطبيق البشر لتعاليم الدين.وما دام البشر مختلفين فإن اختلافات التدين لا مناص منها. لذلك نجد الوسطية. ونجد التطرف في الإفراط والتطرف في التفريط.
وهذا التدين أو تمثل الدين عند البشر يحاول البعض من ورائه أن يبرر أفعاله وتصرفاته العدوانية ضد الآخر المختلف عنه. باستخدام الترسانة اللغوية التي يأتي بها الدين مما يحول هذه الممارسة إلى فاشية سوداء.
المشكلة الأساسية في خطاب هاته الجماعات أنها خطابات منغلقة على نفسها تؤمن بمركزيتها وأحاديتها كمرجعية. إنها هي ذاتها الدين وتطبيقاتها له هي المعيار الذي ينبغي اتباعه.
إنه ذاته ما أراد الله. على الرغم من أن الله ليس made in ليس علامة مسجلة باسم وهابيي السعودية ومن استحمر كاستحمارهم. من أصحاب العمائم واللحى في الجزائر .لم يمنح الله حق البث الحصري لتعاليمه وشرحها لهؤلاء. يقول آخر: إن الله ليس صديقا لأحد...
عندما كتب محمد الشيخ محمد مقاله الذي حبس بسببه لم يكن يرغب سوى في التفريق بين الدين والتدين . إن الدين مطلق جاء من مطلق في حين أن التدين أي تمظهر الدين في سلوكات البشر بطبعه نسبي لأن الإنسان نسبي في رؤيته للعالم والوجود ولنفسه أيضا. وتطبيقاته لما يسميه مطلقا لن يكون مطلقا وإنما تكتنفه النسبية بحيث يعتورها الخطأ والزلل ويخطئها الصواب كأي ممارسة بشرية في العالم عبر التاريخ.
ولهذا فكلام هؤلاء - أيا كان- لا يرتفع إلى أي مستوى من التقديس أو التنزيه.بل إن تقديس بعض الفقهاء أو علماء الدين يعيد الإنسان المعاصر إلى وثنية تجاوزتها الوقائع والأحداث.
إن غادامير يقول أننا نعيش في حضارة تزعزع فيها التحديات التي نواجهها تراث الحقائق الذي يعتمد عليه فكرنا. إن إيديولوجية ما يسمى بالسلف الصالح تؤسس لإفلاسها المعرفي أمام العقل الإنساني المعاصر الذي يستطيع تأسيس مرجعيته الفكرية بغير إكراه.
إن التدين- أي فهم الدين- هو الذي أنتج بن لادن تماما كما أنتج ابن تيمية وصنع الإخوان المسلمين الذين يذبحون الشعب المصري الآن بالضبط وأفرز لناابن باز وابن عثيمين و نماذج مقيتة من أئمة النفاق الديني .الذين يؤلهون ملكهم أكثر مما يؤمنون بإلههم. أليس آل الشيخ وزمرته من أفتى بأن مجزرة ملعب بور سعيد التي راح ضحيتها أكثر من سبعين شخصا قبل فترة هي عقاب إلهي سلطه الرب لأن اللاعبين يكشفون عوراتهم في الملعب أثناء المباريات؟!
ألم يئن الأوان اليوم لأن ندعو إلى ما بعد الدين. لا بمعنى الكفر أو الإلحاد كما قد يفهم البعض المنغلق ولكنه انفتاح الإنسان على خصوصيته كإنسان حر يمتلك مفاتيح ومغاليق نفسه فيؤمن أو لا يؤمن .يعتقد أو لا يعتقد متجاوزا كل إكراه من أي جانب وانفتاح على الإنسان في كونيته وشموليته بمعاني المشاركة في الأسرة الإنسانية سواء بسواء.
فما بعد الدين هو دعوة لحصر الخلافات التي لا تنتهي وركنها جانبا وتوسيع للأرضية المشتركة بين الناس حيث تكون المركزية فيها للإنسان لا للإله حيث يتراجع الاعتقاد بالإله ليكون تجربة فردانية خاصة. بكلام آخر : تجاوز ما هو مختلف فيه والتمسك بالشتركات الإنسانية على ما يكتب حمودة اسماعيلي في مقال مات له.
سأعود الآن إلى الدستور التونسي الجديد الذي هللت له ولا أزال. إن من حق كل واحد أن يعبر عن رأيه لذلك لا أجد غضاضة في الاعتصام الذي أعلنه البعض أمام المجلس التأسيسي في تونس احتجاجا على الفصل السادس من مشروع الدستور الذي يؤكد على حرية الضمير وتحجير التكفير. والتحريض على العنف. لكنني أدعو أن يتشبث التونسيون بهذا المكسب كما يتشبثون بأرضهم. فأي تونس هذه إن استبد بها دعاة الرجعية والأصولية فأرجعوها للخلف والثورة ما قامت عندما قامت إلا لتتقدم إلى الأمام ولتجد الحرية مكانها في الأرض الخضراء.
إن المجتمع الحداثي الذي تصبو إليه الآمال لا يتجسد إلا بسيادة القانون. ولعل الدستور التونسي يكون بادرة حسنة في هذا الاتجاه. وتطبيق مواده وتمثل أحكامه يوقف تطرف المتطرفين الذين حاولوا عبر مراحل تاريخية عديدة أن يسرقوا الله من الناس ليضعوه في جيوبهم. ألا أيها الناس...انتبهوا إنهم يسرقون الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحياة ايضا
علي العبيدي ( 2014 / 1 / 26 - 05:39 )
تزداد سرقاتهم لتشمل الحياة والحريه وكل ماهو جميل في الدنيا ليتركوا فقط الموت والجهل والخرافه والقبح!!!
هم مرضى ليس الا وبمرضهم هذا الناتج عن مرض الانا ينشرون سمومهم وسودايتهم في ربوع الارض باسم الله
لا علاج لهم او لمرضهم سوى بانضاب مصادر تمويلهم والتي تشمل المدارس الدينيه التي غزت كل بلداننا المبتلاة ومصادر تمويلهم الماليه بشركات تعددت والهدف واحد ادامتهم وادامة شرورهم

اخر الافلام

.. بعد 40 عاماً من تقديم الطعام والشراب لزوار المسجد النبوي بال


.. الميدانية | عملية نوعية للمقاومة الإسلامية في عرب العرامشة..




.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام


.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-




.. #shorts - 14-Al-Baqarah