الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغيير مقر اتحاد العمال التونسيين: موسم الهجرة إلى الضواحي

يوسف بوقرة

2014 / 1 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كانت العواصم و ما تزال في كل دول العالم المدن الأبرز و الأكثر أهمية سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا فهي مركز القرار السياسي و عادة ما يؤرخ لسقوط الدول و الإمبراطوريات بسقوط عواصمها في أيادي العدوّ من قرطاج إلى روما مرورا بدمشق و بغداد و قرطبة و وصولا إلى برلين.
لم تشذّ تونس العاصمة عن هذه القاعدة فهي مركز القرار السياسي و نجد فيها كل المؤسسات الحيوية كالقصور الرئاسيّة التي شيدت لتلائم الفصول الأربعة و مبنى الوزارة الأولى التي هُـمِّـشت و هُـمِّـش ساكنها طيلة ثلاثة و عشرين سنة ثم عادت إلى الأضواء بفضل ثورة 17ديسمبر2010.
عمل النظام البورقيبي على إبعاد المؤسسات الجامعية الكبرى عن وسط العاصمة كالمركب الجامعي الذي سرعان ما أصبح يتوسط أحد أرقى أحياء العاصمة، و كلية الآداب بمنوبة التي كانت إلى حدود تسعينات القرن الماضي كلية نائية، الطريق المؤدي إليها موحش نهارا و مظلم ليلا و سيارات الأمن الجامعي ترابط في بطحاء الحافلات الصفراء و أمام البوابة الحديد ية المزدانة بصور باللونين الأبيض و الأسود لمفتش عنهم، صور دون مكافأة عكس صور الخارجين عن القانون في أفلام الغرب الأمريكي.
و جاء العهد النوفمبري فأكمل هدم ما بدأ سابقه في هدمه، فعمل على الحطّ من شأن الثقافة و رجالاتها و تجلى ذلك على سبيل الذكر لا الحصر في إبعاد الأكشاك التي كانت تزين وسط الشارع الرئيسي للعاصمة إلى أطرافه، أكشاك لم تكن منظمة كما هو حال أكشاك اليوم لكنها حبلى بأمهات الكتب و الدوريّات و الصحف و المجلات، و تعويضها بمقاه فخمة و محلات تبيع الوجبات السريعة و البطيئة، واقع يرضي الباحثين عن غذاء البطون لا غذاء العقول.
غير بعيد عن الشارع الرئيسي كان يقام معرض تونس الدولي للكتاب في قصر المؤتمرات بشارع محمد الخامس، موقع يسهل الوصول إليه إذ يكفي أن يترجل قاصدوه من مختلف وسائل النقل و يسيروا عشرات الأمتار ليبلغوه.
لم يرق للنظام البائد ذلك فكان قرار نقل مقرّ المعرض إلى ضاحية الكرم شمال العاصمة و بدأت أهمّيته تتراجع سنة بعد أخرى و لم يعد له من صدى يُذكر سوى لافتات تعلق هنا و هناك أيام المعرض، لافتات لا تضاهي مثيلاتها المخصّصة لمعارض الأثاث و التأثيث.
ثم جاء الحدث الأهمّ و الأبرز هذه الأياّم و هو تدشين المقرّ المركزي الجديد للاتحاد العامّ التونسي للشغل، المنظمة الشغّيلة الكبرى في تونس، و ذلك بمناسبة الذكري الثامنة و الستين لتأسيسه و هو مقرّ بمواصفات عصريّة جدّا و يحتوي على كل المرافق الضرورية من مأوى سيارات و مكاتب و قاعة مؤتمرات و متحف و غير ذلك لكن هذا التغيير لم يرُق للكثير من النقابيين الذين لا يزالون متمسكين بالمقرّ المركزي القديم الكائن بساحة محمد علي لرمزيته و مكانته، ذلك المقرّ الذي كان يعسُر الوصول إليه في الأيام الخوالي و الذي كان قاصدوه يتعرضون إلى "تحويل وجهة" إلى الأنهج المجاورة.
لابد من ادراج هذا الحدث في سياق التغييرات التي تشهدها تونس، فقد جلس أعضاء المركزية النقابية جنبا إلى جنب مع أعضاء اتحاد الأعراف، و هاهو المقر المركزي للمنظمة الشغيلة يتحول إلى ضاحية حي الخضراء حيث يوجد مقرّ اتحاد الأعراف، انتقال يوحي بأنّ للثورة حسابات أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة