الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس -ما بعد- النهضة : نقاط من أجل التقييم ومن أجل خارطة طريق ديمقراطية تقدمية.

بيرم ناجي

2014 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


(أربعون نقطة للتقييم والتخطيط)

مقدمة:

يعد سقوط حكومة حركة النهضة- الترويكا ( دون خروجها من الحكم) و تعويضها بالحكومة المؤقتة الجديدة ( و بها مساوئ كبيرة) و بعد اعلان الدستور ( و هو في عمومه ديمقراطي و تقدمي رغم النقائص) تحولا هاما في تاريخ تونس ما بعد ثورة 14 جانفي 2011. و أول ما يجب تسجيله هو ان النتيجة لم تكن بارادة حزب النهضة الاسلامي و الترويكا( كما سيحاولون الترويج) و لا حتى بارادة المعارضة الداخلية لوحدها أيضا و لكن نتيجة ظروف و موازين قوى داخلية و خارجية متشابكة و معقدة.

ان أول هذه الظروف عوامل بنيوية تاريخية تعود الى تاريخ تونس الحديث و المعاصر و يمكن تلخيصها في ما يلي :

1- اقتصاد شبه متوازن عموما ومنفتح على الخارج صمد نسبيا حتى اثناء الأزمة الاقتصادية و أزمة ما بعد الثورة

2- نظام سياسي جمهوري ترسخ منذ 1957رغم نقائصه

2- أهمية الطبقة الوسطى التونسية

3- تطور المستوى التعليمي

4- تحرر كبير للمرأة و حيوية الحركة النسائية

5- أهمية خصوصية للتنظيم النقابي و للحركة النقابية

6- أهمية نضالية خصوصية للحركة اليسارية

7- أهمية نضالية خصوصية للحركة القومية العربية

8- دور حيوي لجمعيات و منظمات المجتمع المدني الحقوقية و الانسانية

9- حركة ديمقراطية ناشطة

10- حركة شبابية عريقة في الحقل التلمذي و الطلابي زاد فعلها في الثورة

ان ثاني ما يجب التنبيه اليه هو الأسباب الداخلية المباشرة التي أدت الى النتيجة الحالية المذكورة أعلاه وذلك كما يلي:

11- تعطل المساندة المالية لحكومة النهضة و الترويكا من قبل أصدقائها قبل أعدائها مما عمق الأزمة و ذلك بسبب ترقب المانحين هدوء الوضعية من أجل الاقراض و الاستثمار و غيره.

12- بقاء الجيش و الأمن خاصة و الادارة ( بشكل أقل) بعيدين نسبيا عن السيطرة المطلقة للنهضة و الترويكا رغم كل التسللات

13- انعدام خبرة النهضة و الترويكا في الادارة و الحكم و انسجانها في تصورها التقليدي الاسلاموي رغم محاولاتها البلاراغماتية التي لم تنجح بسبب ضغط حناحها اليميني و ارتهانها باصولها الايديولوجية

14- اتراء حلفاء النهضة في الداخل بسبب محاولاتهم البروز كملكيين أكثر من الملك أحيانا و بسبب كون قوتهم انتخابية لا غير دون قوة هيكلية تنظيمية و بسبب ضعف نخبتهم السياسية و المعنوية – الاخلاقية و غيرها

15- سوء علاقة النهضة بالاسلاميين الآخرين خاصة بعد انطلاق مسلسل الاغتيال بالشهيد شكري بلعيد و لكن كذلك لأسباب بنيوية مع حزب التحرير و بسبب تغير موقف الحركة السلفية خصوصا بعد ما حدث في مصر

16- سوء ادارة النهضة و الترويكا للملف الأمني و تعاملها الوحشي مع الحراك الشعبي منذ انتفاضة سليانة خاصة

17- ضعف تأثير حركة النهضة في اتحاد الأعراف رغم تشكل شبكة أولى من رجال الأعمال الممولين لها

18- فشل محاولاتها في ضرب اتحاد الشغل و احتوائه فشلا ذريعا

19- رداءة اعلام النهضة الحزبي و قوة الاعلام المضاد رغم كل عيوبه

20- دفعها الى توحد كل المعارضة السياسية ضدها خاصة بعد استشهاد الحاج محمد البراهمي و تلاعبها بخصوص الجولات الأولى للحوار الوطني مما عزلها عن الجميع تقريبا

أضافة الى هذا لعبت الظروف الدولية المحيطة بالبلاد دورا كبيرا في النتيجة المذكورة أعلاه و ذلك كما يلي:

21- صمود الجزائر و تجنبها موجة "الربيع العربي"

22- خراب ليبيا ما بعد القذافي و مصائب الاسلاميين فيها

23- تأثير انقلاب الجيش المصري على الاخوان و تنكر حزب النور السلفي لمساندتهم

24- صمود سوريا و تهافت المقاومة الاسلامية هنالك و جرائمها و فضائحها

25- أزمة قطر و بوق دعايتها "الجزيرة" مما أدى الى تغيير ملكها

26- أزمة تركيا الداخلية و رهاناتها على الدخول الى الاتحاد الأوروبي و لو على حساب حلفائها الاسلاميين

27- مساندة السعودية و البحرين و الامارات و الكويت و الأردن و الكويت للانقلاب العسكري المصري بما يعنيه من موقف تجاه تنظيم الاخوان المسلمين العالمي

28- صمود ايران و حزب الله و فضيحة دعوة الاخوان المسلمين العالمية الى استهدافهما مع النظام السوري مقابل صمتهم عن النضال ضد اسرائيل و اهتراء حماس في موقفها مما اسقط الورقة الفلسطينية من رصيد هم

29- ممانعة قسم كبير من دول أروبا القارية في مساندة الاسلاميين الا عندما يساعدون في تدمير النظم الوطنية و القومية و لعب هذه الدول على كل الأوراق حماية لمصالحها القوية في المنطقة و من بينها تونس

30- أزمة الادارة الأمريكية في اتباع سياسة واضحة خاصة بعد الانقلاب المصري و بسبب تردد الادارة المتقاسمة بين الديمقراطيين و الجمهوريين

النتيجة العامة و خطة الطريق الديمقراطية التقدمية:


31- ان الخروج من الحكومة لم يكن سوى نتيجة لكل هذا و ليس خيارا و هو محاولة للتنصل من فشل أكثر قساوة في المستقبل و التقاطا للأنفاس من أجل المحافظة على النفس تحضيرا للانتخابات المقبلة و ايقافا للمسار الكارثي الذي كان محتملا .

32- محتوى الدستور التونسي الجديد لم يكن سوى نتيجة الصراع و ما أفرزته موازين القوى ، بما في ذلك التأثيرات الدولية، و دليل ذلك مقارنة بسيطة بين النسخة القديمة للدستور و النسخة الحالية و كل المماحكات و الصراعات التي تمت حول أهم الفصول التي تراجعت النهضة عن صياغاتها القديمة وقبلت الجديدة منها و بالتالي فالدستور ليس دستورها بل دستور عكس حجم هزيمتها و حجم قدرتها على التنازل.

33- النتيجة العامة لما حصل هو تقليم أظافر النهضة كثيرا مما جعلها تبحث عن مغازلة من كانت تريد اقصاءهم تماما مثل نداء تونس و ذلك خاصة بعد اهتراء حلفائها في الترويكا ( الذين يعيشون موتا سريريا) و ضعف الاسلاميين الآخرين و عدم الثقة بهم و معاداتهم المسار الانتخابي بطبيعتهم و بسبب انعدام الأمل في تنسيق محتمل مع الجبهة الشعبية التونسية – و كل هذا من أجل العودة بأقل الأضرار لا حقا مما يستوجب انتباها شديدا لهذه المسألة

34- تجنبا للتحول الى قوة سياسية ضعيفة جدا و ما يمكن ان ينتج عنه من المرجح ان تسارع النهضة بخطوات حثيثة في الهرولة نحو نداء تونس ليس فقط من اجل اقتسام الكعكة و لكن من اجل توقي الانتقام و تحسبا لعودة صقور التجمع عبر بوابة النداء – و قد تقوم حتى بمؤتمر استثنائي في الأشهر المقبلة لتغيير نسبي في خطتها

35- سيكون من المهم مواصلة الضغط على النهضة و تقييم سياستها و نتائجها الكارثية على الثورة و البلاد و لكن من المهم القيام بذلك فكريا و سياسيا فقط دون تشدد و تشنج ضدها لمنعها من لعب دور الضحية الدائم و ربما دفع بعض اجنحتها الى القطع مع التصور التقليدي للاخوان المسلمين و الاقتراب أكثر من الحياة السياسية التونسية

36- من المهام المركزية في المرحلة المقبلة سد الطريق أما عودة النهضة بنفس قوتها القديمة و دون اقصائها و لكن بالحد من نفوذها حتى يتمكن بعض مصلحيها – ربما – من القيام بمراجعات فكرية سياسية جذرية في اتجاه ما أمكن من المدنية و الديمقراطية و لا بد من تجنب الميل الى السلوك الاقصائي القطعي تجاهها لأن ذلك قد يعطيها الفرصة للعب دور الضحية فعلا و التركيز على النضال الديمقراطي السلمي دون غيره

37- لا بد من مراقبة حزب نداء تونس و ميله في الأشهر الماضية الى اعادة رسكلة صقور التجمع الدستوري و بارونات المال و دفع مناضليه من أصول نقابية و يسارية و ديمقراطية و مستقلة الى لعب دورهم في سد الطريق أما م عودة التسلط التجمعي الدستوري ما أمكن

38- لا بد من اعادة صياغة العلاقات مع قوى الوسط مثل التحالف الديمقراطي" و " الحزب الجمهوري" و غيرهما و كذلك مع حركة الشعب القومية و لا بد أن يلعب حزب مثل "المسار الاجتماعي الديمقراطي" دوره هنا في الربط بين الوسط و الجبهة الشعبية لتكوين تقاطعات سياسية و انتخابية بطرق مرنة ما أمكن لأن الخارطة السياسية التونسية كلها مرشحة للتغيير في القريب العاجل و يمكن ان يدخل ضمن هذا حتى من ينفصل عن حزبي المؤتمر و التكتل ممن لا يكونون قد تورطوا في سياسة الترويكا الفاسدة

39- على القوى الديمقراطية حسن التصرف مع الاتحاد العام التونسي للشغل و الكف عن مطالبته بالقيام بما يعجزون عنه و دعم دوره "الراعي" للتوازنات السياسية و الاجتماعية دون تسييس مفرط حماية للمنظمة و للحركة النقابية من الانفجار و حفاظا على ماكنته التنظيمية الضروري للتصدي لاحتمالات التطرف اليميني الديني و الليبيرالي المتوحش

40- لا بد للجبهة الشعبية من اعادة هيكلة تنظيمية و اعادة صياغة سياسية- تكتيكية حتى تتحول من جبهة رفض و احتجاج فعالة الى حد الآن الى جبهة سياسية انتخابية قادرة على مجابهة ضرورات المحطة الانتخابية المقبلة بكل مرونة تمنع تغول اليمين و تكون قادرة على التأثير و لو نسبيا على موازين القوى الانتخابية و الكتل البرلمانية المقبلة . و لكن قبل ذلك عليها العمل على الاحتفاظ بجبهة الانقاذ لمواصلة مراقبة المرحلة المقبلة و الضغط على الحكومة المؤقتة الحالية و منع احتمالات التحالف التي تبحث عنها اجنحة من النهضة و اخرى من النداءو عليها الابقاء على هذه الجبهة الى آخر لحظة لمراقبة تحولات النهضة و تحولات نداء تونس مع قيامها بكل ما تستطيعه من نضالات خاصة و مستقلة تحسبا لأي ظرف يطرأ من هنا أو هنالك و تجنب سياسة الحزمة الواحدة و المسطرة الواحدة التي قد لا تكون ناجعة في ظل تطورات كبيرة يحتمل حدوثها في ما تبقى من أشهر قبل الانتخابات المقبلة .

خاتمة:

هذه النقاط التقييمية و التكتيكية لا يمكنها أن تأخذ بعين الاعتبار ما يمكن ان يحصل من قبل الحكومة المؤقتة الجديدة و ما سيكون له من أثر على الحركة الاحتجاجية لا حقا. و لذلك فهي مجرد نقاط عامة حسب ما يجري في الحاضر فقط و يمكنها طبعا ان تتغير بتغير الأوضاع سلبا أو ايجابا لأن ما قد يحدث في الأشهر المقبلة يمكن أن يفوت في عمقه – ايجابا أو سلبا – مراحل كاملة من التاريخ بسبب احتمال تسارع الأحداث أو تباطؤها .

30 جانفي 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي