الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سجلات نحتية ترسم من الماضي ما يحاكي به - عدنان يحي - قصة الحياة والموت
ضحى عبدالرؤوف المل
2014 / 2 / 2الادب والفن
سجلات نحتية ترسم من الماضي ما يحاكي به " عدنان يحي " قصة الحياة والموت
يحاول " عدنان يحي" اخراج فن النحت من طوره التقليدي الى طور معاصر ، متجها بذلك نحو الحداثة بفكر تشكيلي يجسد رؤى لنصب هي جزء من مفهومه الكلي عن احترام الانسان لانسانيته التي تؤرخ لتاريخ الحياة او الموت، فشواهد القبور في اعماله النحتية هي سجلات بنحتية ترسم من الماضي ما يحاكي من به " عدنان يحي" قصة الحياة والموت التي يكتبها وفق تشكيل مستقبلي نحتي ، وتكويني من مادة لا عضوية يمنحها رؤيته الخاصة . لتجسد فكرة تدور حول القضية الانسانية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص، فهو يعكس التطورات السياسية التي تطرأ على الفلسطيني، وما يصيبهم من انتهاكات وتشرد وقتل ، وتهجير من اراضيهم الى شواهد على العصر نحيث حت كل كتلة منها بابعاد ثلاثية متعددة الرؤى والمفاهيم ، وحتى ما كتبه على بعض منها يمثل حركة الموضوع الانساني في مفهومه النحتي الذي يعالج به العمق المتأزم في قضية فلسطين التي عايشها شخصيا، فما من تهشيم في منحوتة لا فراغ فيها ، الا ويترك الندوب او الثقوب ، وهذا ما يوحي بما تعرضت له حتى الشواهد الخاصة بأموات لهم تاريخهم النضالي ، لرصاص او تفجير او انتهاكات حتى للقبور او لتراث فلسطيني او لارواح شهداء ما زال وميض ارواحهم يزف دماء الاحياء ليولد السلام.
الوان ضوئية تناغمت بدرجاتها ، وموجاتها المركبة ضمن المادة اللاعضوية النحتية التي تؤدي دور المعنى، فالاخضر الضوئي المنسجم مع الازرق هو هوية تتخذ بعدا روحيا له مكنونه، لما يرمز له " عدنان يحي" من سكينة ارواح ضجت في حياة لم تمنحها السلام . انما هي سجلات تاريخية من جنين الى قانا حتى غزة، وكأن عين قوى الشر في العالم تتبع الانسان من مكان الى مكان ، ولكن دائما هناك ما " يستحق على الحياة على الارض"، وهذا ما نحته على عمل يرمز الى الثبات من خلال رمزية القدم المهشمة لينشىء " عدنان يحي" اعمالا فنية تسجيلية لمراحل زمنية ومكانية، ولاحداث مؤلمة لم تميز بين الاحياء والاموات في قوتها، ولا بين بيوت او قبور . الا انها سلبت من الانسان حيويته وتركته مع اللون والازرق وسط لغة لونية تناغمت مع ازرق واخضر. لنجد انه في تاريخ ممزوج بالخير والشر. ليضعنا امام مستطيلاته بابعادها الثلاثية امام منطق فلسفي يعالج من خلاله رؤاه التاريخية التي يؤرشفها بمنحوتات سجل عليها اسماء المدن التي شهدت مجازر ومذابح من قبل يد الشر العظمى في العالم.
تشفيرات ذات غايات نحتية مجهولة بمستطيلاتها، ومصقوله بقياساتها وفوارقها بين الطول والعرض وتناسقها مع الاشكال الاخرى ، ومعلومة بأسماء امكنه وكلمات صاغها ، كتقاطعات ذهنية ترابطت من خلالها الاشكال والفراغات الداخلية ضمن الغائر والنافر، وضمن الدائرة والمستطيل، ليحاكي المكونات ضمن اختزالات مشفرة تتضمن الابعاد والفضاءات التخيلية المكثفة نحتيا ، فهي ذات هندسة معمارية لها بناءات وظفها وفق الطول وانسجامه مع الدائرة التي وضعها كنصب تذكاري يرسخ جمالية الواقع، ويدحض كل تدمير تعرضت له الانسانية ، وتسببت لها بتشويهات مكتفيا بدلالات رمزية لها اصولها النحتية المبنية على مادة حساسة، وشفافة بعيدة عن التعقيدات، فهي تأويلية الحركة وذات بينية تسمح بامتدادات زمنية تداعب الذاكرة ، وتعيدنا الى غزة وقانا وجنين، وما الى ذلك من ايحاءات عميقة تركها في كلمات ذات جذور عربية ، واصول مخبأة في دهاليز المعنى، والكيانات النحتية البنائية ذات النعومة والدقة التصويرية الغرقة باسلوب نحتي له رؤيته الانسانية الخاصة.
مادة تقاوم الزمن فلا تمتد اليد العبثية عليها، ومع ذلك ترك " عدنان يحي" فيها الثقوب مشيرا الى اداة القتل الموجهة الى كل عنصر جمالي ينبض بالحياة،. لكنه لم يتحرر من صلابة المادة ايضا ، ولم تظهر الفراغات الا مع الثقوب السوداء والندوب، والرأس الملفوف بغموض تصويري، درامي مبني على مشهد انساني ينادي بالانسانية، وبحقوق الاحياء والاموات. بل والشهداء الاحياء وفق كل رمز نحتي وضعه ضمن مستطيل لا يمكن الخروج منها . الا بدائرة تعيد الحقوق لاصحابها او لمن مات وعاش، ولمن سيحيا في مستقبل مجهول الهوية. وهذا ما يجعل من كل منحوتة تفردت بموضوعها وفكرتها ان تكون كسجلات لا يطويها الزمن. لانها من مادة لا عضوية منفية من الحياة رغم وجودها فيها ، وهذا ما اراد الفنان " عدنان يحي" ايصاله للتاريخ. ليبقى في ذاكرة النحت رؤية تصرخ من اوجاع شعوب لم تبقى مغلقة على ذاتها. بل خرجت من قبورها المظلمة نحو النور او اللون الضوئي الاخضر والازرق، والمؤثرات المتزنة بصريا منتقلا من قوة وصلابة في المستطيل الى الخطوط اللامتناهية في الدائرة الموضوعة على رأس كل مستطيل تميز بمعناه الخاص .
استطاع الفنان " عدنان يحي" ابراز الرؤية النحتية بشكل متقن من حيث العمق الظاهر والباطن، المتعلق بالمحاكاة الحسية والبصرية متحديا صعوبات المادة الحساسة في النحت المصحوبة باسقاطات تاريخية . هي نتيجة حدث وطني وانساني بامتياز مأخوذ من مشهد حسي حقيقي نحته وفقا لاحاسيسه المؤلمة ، وناتجة عن صراعات الخير والشر او الموت والحياة الا انه" هناك دائما ما يستحق الحياة على الارض"
عمال النحت للفنان الفلسطيني عدنان يحي من مجموعة متحف فرحات
http://yahyaart.wordpress.com/
بقلم ضحى عبدالرؤوف المل
[email protected]
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح