الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقال بلال فضل الممنوع من النشر

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2014 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لقد رفضت صحيفة الشروق نشر أحد مقالات الكاتب الصحفى بلال فضل وكان المقال يحمل عنوان "المريشال السياسى". ومن الواضح أن المقال جاء كرد فعل لترقية الفريق أول السيسى إلى رتبة مشير. المثير للدهشة أن بلال فضل فى مقاله يستشهد بعبارات وردت فى كتاب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل "زيارة جديدة للتاريخ". وهذه العبارات جاءت على لسان برنارد مونتجمرى الذى التقى به هيكل عند زيارته لمصر بعد مرور ربع قرن على الحرب العالمية الثانية. ومن المهم أن نشير هنا أن برنارد مونتجمرى كان برتبة فيلد مارشال إبان الحرب العالمية الثانية وقاد قوات الحلفاء الى تحقيق النصر على قوات المحور بقيادة روميل فى معركة العلمين فى عام 1942م وكان مونتجمرى أحد قادة الحلفاء فى معركة نورماندى حيث نجح قوات الحلفاء فى إلحاق الهزيمة بقوات هتلر. والأسئلة التى تسنح فى الذهن: ماذا قال مونتجمرى لهيكل؟ وهل ما قاله ينطبق على الوضع فى مصر؟ هل تم منع نشر مقال بلال فضل"الماريشال السياسى" لأنه ينتقد الوضع السياسى فى مصر بعد ثورة 30 يونيو؟ ومن وراء هذا المنع؟

وفى رأى بلال فضل فإن هيكل ذكر فى كتابه نص الحوار الذى دار بينه وبين القائد العظيم. لقد سخر مونتجمرى من رتبة المشير عبد الحكيم عامر على اعتبار انه لم يقم بتحقيق انجازات عسكرية عظيمة يستحق بسببها هذا اللقب العسكرى العظيم. كما إن المارشال مونتجمرى –على حد قول هيكل—انتقد تولى العسكريين مناصب سياسية وأنه رفض نصيحة تشرشل، رئيس الوزراء البريطانى آنذاك، حول المبادرة بالهجوم على قوات روميل وأرسل رسالة مطالبا وراجيا تشرشل بأن "يظل رئيس الوزراء في موقعه وأن يترك لي مكاني" ثم أضاف مونتجمري قائلا لهيكل "إنني لا أحب الساسة حين يتحولون إلى جنرالات، وأيضا لا أحب الجنرالات حين يتحولون إلى ساسة"، وأردف مونتجمرى متسائلا: "لماذا يتحول الجنرالات عندكم إلى ساسة؟". وفى الواقع فقد بحثت عن الرسائل المتبادلة بين تشرشل ومونتجمرى فلم أجد أية رسالة تشير الى تدخل تشرشل فى عمل المارشال مونتجمرى ولم أجد أية رسالة تشير الى رفض مونتجمرى لهذا التدخل.

الجدير بالذكر أن مونتجمرى لا يمكن أن يعبر عن رفضه لتحول الجنرالات الى ساسة وذلك لأنه يدرك حقيقتين. الحقيقة الأولى هى أن ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطانى الذى قام باختياره كان ضابطا فى الجيش البريطانى. لقد التحق تشرشل بكلية ساندهيرست العسكرية الملكية حيث تخرج فيها عام 1894 وخدم فى الجيش البريطانى فى عدة دول منها كوبا والهند ومصر والسودان وشارك فى الحرب العالمية الأولى وحسب ما جاء فى كتاب مارتن جيلبرت "ونستون تشرشل والقيادة فى الحروب" فإن تشرشل شارك فى آخر معارك سلاح الفرسان فى التاريخ. لقد شارك الرائد تشرشل خلال الحرب العالمية الأولى فى معارك على الأرض الفرنسية مع كتيبة حرس الفرسان وفيما بعد أصبح قائدا لكتيبة من كتائب الفرقة الخامسة حيث ضرب مثلا فى الشجاعة. ولم يتحول تشرشل إلى سياسى إلا بعد أن بلغ 25 عاما حيث تم انتخابه عضوا فى البرلمان البريطانى (مجلس العموم) ثم أصبح رئيسا للوزراء فى عام 1940م. الحقيقة الثانية أن ايزنهاور الذى كان قائدا لقوات الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية وكان زميلا لمونتجمرى أثناء التخطيط لإنزال قوات الحلفاء فى نورماندى استعدادا لغزو برلين استطاع أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لفترتين متتاليتين (1953-1961).

ورغم أن الكاتب بلال فضل أستطاع أن ينبش فى الكتب لكى يسترشد بأقوال أحد القادة العظماء (مونتجمرى) إلا أنه لم يشر إلى الرجل الذى قام بتعيينه قائدا: ونستون تشرشل. لقد كان بمقدور الكاتب أن يشير الى موقف تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية حيث استطاع أن يبدد روح الانهزامية والاستسلام الذى كان سائدا فى المجتمع البريطانى نتيجة تهديدات النازية. ولا ندرى لماذا لم يذكر بلال فضل الكلمات التالية التى نطق بها تشرشل حين شعر أن بلاده فى خطر: سوف نذهب إلى نهاية الطريق. سوف نقاتل فى فرنسا وسوف نقاتل فى البحار والمحيطات. سوف نقاتل بثقة متزايدة وقوة متصاعدة فى الجو وسوف ندافع عن جزيرتنا مهما كانت التضحيات. سوف نقاتل على الشواطئ وسوف نقاتل على الأرض وسوف نقاتل فى الحقول وفى الشوارع وسوف نقاتل فى التلال. لن نستسلم أبدا. هذا هو دور القائد الملهم حين يحيق الخطر ببلاده حيث لا يقف مكتوف اليدين وهو يرى مواطنيه يشعرون بالخوف والرعب جراء التهديدات التى تحاصرهم. لقد فعل السيسى ما فعله تشرشل حيث ساهم السيسى فى إدخال الطمأنينة فى قلوب الموطنين ووعدهم بمحاربة الإرهاب وخاطبهم قائلا إن القوات المسلحة منوط بها الدفاع عن الشعب ضد الخطر القادم سواء من الداخل أو الخارج وإن مقتل جنوده وضباطه لن يزيد القوات المسلحة إلا إصرارا وقوة فى مواجهة العنف والإرهاب.

ويبقى سؤال مهم لم نتطرق إليه: هل تم منع نشر مقال بلال فضل لأنه ينتقد الوضع السياسى فى مصر بعد ثورة 30 يونيو؟ إذا كانت صحيفة الشروق تفرض رقابة على مقالات الكتاب وتمنع من النشر كل المقالات التى تتطرق الى انتقاد السياسات التى تتبناها الحكومة فلماذا تسمح بالمقالات التى تنتقد كل شىء فى مصر كمقالات المفكر فهمى هويدى والصحفى بلال فضل. فمثلا، يقول هويدى فى مقاله بصحيفة الشروق بتاريخ 3 فبراير إن المجلس القومى لحقوق الإنسان يقف مكتوف اليدين تجاه انتهاكات حقوق الإنسان وإن هذا المجلس بات ديكورا من ديكورات الديمقراطية. وفى مقال آخر منشور بتاريخ 2 فبراير يذهب هويدى أن التونسيين "نجحوا فيما فشل فيه المصريون" على اعتبار أنهم "توافقوا فيه على دستور ثورتهم ومنحوا ثقتهم لحكومة مستقلين". الغريب أن هويدى لم يقل هذا الكلام حين تم إقرار دستور 2012م الذى تم من دون توافق مجتمعى وحين رفض الإخوان منح الثقة لحكومة مستقلة. وفى مقال ثالث بتاريخ الأول من فبراير يعبر هويدى عن تخوفه من المشكلة التى ستنجم عن خلو الانتخابات الرئاسية من منافسين للسيسى على اعتبار أن أحدا لن يجرؤ على خوض الانتخابات ضده. وحتى احتفالات 25 يناير انتقدها فهمى هويدى فى مقال بتاريخ 27 يناير واعتبرها احتفالا بعودة مبارك. أما بلال فضل فقد نشر عدة مقالات انتقد فيها الدفع بسيسى رئيسا لمصر فى مقاله المعنون "ما هو السيسى رئيسى فعلا!" والمنشور بصحيفة الشروق بتاريخ 29 يناير. وهنالك مقال آخر لبلال فضل بتاريخ 28 يناير بعنوان "غير الدم ما حدش صادق" حيث يشير إلى أن ثوار يناير مازالوا يتعرضون للبطش "ولم تتوقف دماؤهم عن الجريان حتى الآن". وهنا يجب أن نتوقف لنتساءل لماذا تم منع مقال "الماريشال السياسى" ومن وراء هذا المنع؟

لقد أشار البعض إلى أن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أو المشير السيسى ربما تدخل لمنع نشر المقال فى صحيفة الشروق. صحيح أن هيكل لديه ارتباطات بدار الشروق التى تتولى نشر معظم كتبه إلا أن هيكل معروف عنه عدم الرد على منتقديه. لم يحدث أن رد هيكل على مهاجميه رغم قدرته على ذلك ولا يمكن أن يمنع مقالا من الصدور. ولو لهيكل الرغبة فى وقف المقالات التى تهاجمه لفعل ذلك مع المقالات الكثيرة التى وجهت له انتقادات لاذعة فى صحف عديدة. وبالإضافة إلى ذلك فإن بلال فضل لم يوجه اتهاما لهيكل بل عبر عن بعض التساؤلات والهواجس والشائعات. أما المشير السيسى فهو فى الواقع يواجه اتهامات كلما منع مقال صحفى أو برنامج تلفزيونى. وحتى بالنسبة لرتبة المشير التى يحصل عليها القادة العسكريون فإنها تخضع للقوانين المنظمة للترقى فى القوات المسلحة وهى تختلف من دولة إلى أخرى. وفى هذا الصدد نتساءل هل كل الحاصلين على رتبة المشير فى تاريخ العسكرية المصرية وعددهم تسع قادة قدموا انجازات عسكرية عظيمة فى الحروب؟ ومع ذلك فإن الشعب هو الذى طالب بهذه الرتبة للسيسى على اعتبار أن الانجاز الذى قام ومازال يقوم به لمحاربة الإرهاب ولإنقاذ مصر والجيش من التمزق يستحق عليه أكثر من رتبة مشير. وفى ظنى فإن هنالك سببا آخر لم يكشف أحد النقاب عنه وراء هذا المنع ولا دخل للسيسى أو هيكل فى هذا الأمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح