الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمفونية بصرية تعزفها اوتار ريشة ادركت قوة المعاناة

ضحى عبدالرؤوف المل

2014 / 2 / 8
الادب والفن


سمفونية بصرية تعزفها اوتار ريشة ادركت قوة المعاناة
تمارس الفنانة “ فاطمة الحج” تطويع اللون. لتحاكي بلغتها الفنية الالوان السريالية، القوية بغرابتها البرتقالية الشديدة التياين والسطوع، فهي تتكلم لغة فنية ذات موتيفات سخرتها، لتؤلف بها سمفونية بصرية تعزفها اوتار ريشة ادركت قوة المعاناة في المعتقلات بشكل خاص، وفي الحياة بشكل عام. فالاطياف الوهمية التي ترمز للانسان في رحلة جنائزية بين الموت والحياة حيث الالوان المشتعلة والمتجمدة، كالبرتقالي الملتهب والاصفر الباهت مع البني الهادى في سكناته اللونية، اللزجة مقارنة مع الالوان الاخرى، والخطوط الاكثر ديناميكية ، فالخط العامودي والافقي هما في تماثل وتناظر داخل مرئيات لونية تضج بالحركة البصرية الناتجة عن قدرات اللون على امتصاص الضوء. ليحافظ على توازنات الرؤية البصرية. الا انها تفصل بين الالوان ضمن خطوط انحناء اكثر ليونة من الدائرة ، فالاشكال الهندسية في اعمالها تشكل قيمة جمالية لها رونقها وسحرها الخاص.
الوان معتمة لها سحرها ومذاقها الفني، وتقنيتها السيمترية في توزيع الخطوط بتقاربات تتساوى فيها الفواصل اللونية التي اختارتها لتوحي بخط الحياة الفاصل بين لون ولون، وبين الخير والشر، وبين الانا والاخر، وبين الحرب والسلام، فاللوحات تنطق بمعاناة لها خاصية معنوية تراعي من خلالها القيم الجمالية المتميزة بصريا بسماتها، ودلالتها وهندستها الداخلية، كتجريد تعبيري له خواصه التشكيلية ، وامكانياته التأثرية ذات الاهداف الدرامية التي تسعى من خلالها الفنانة " فاطمة الحج " الى بناء مشهد درامي ينطلق من رؤية الالم، ورمزية اللون الغارق بمؤثرات اضافت الى اللوحة قوة محاكاة ثلاثية بين اللوحة والمتلقي، ورؤية فنية تحمل مؤثراتها قوة معنى وظفتها في تحديد الاسلوب التجريدي الذي توحي من خلاله الى معتقل الخيام ، والمشاعر التي تتدفق مع لون الارض الغارقة بالاصفرار، وبقوة مشهد مصبوغ ببرتقالي يضج بالمشاعر الوجدانية القوية حسيا من حيث توزيعاتها، وتماسكها بالالوان الاخرى الباردة، وكانها ترمز الى البعد التاريخي. لتحاكي الاجيال المتعاقبة من خلال لوحة تتصف بالاتساق الديناميكي، وبحيوية لونية ذات مقاييس طولية بموجاتها وتدرجاتها، وذبذباتها حيث يبدو البرتقالي، كاحمرار شفق يحمل اسرار الكون من تآلف وتنافر وعقلانية تتجرد من الاشكال الكلاسيكية .
خطوط عميقة في جذورها المتصلة باللون من حيث المفاهيم التجريدية. المرتبطة بقياسات اللوحة التي نرى فيها الرؤوس كدوائر شفافة تترواح من شدة التوهج والخفوت ، وبين الايحاء والحقيقة. لتتشكل اللوحة تبعا لمعتقل حفظته الذاكرة كمكان تختفي فيه الحريات، ويتكاثر الموت ويبقى الانسان القوي بجمالية معتقة لا تدركها . الا ريشة منحت الحركة للون بصري شديد السطوع والتوهج المنسجم مع الموضوع والمشهد الدرامي الذي قدمته على الواقغ. لانها تركته ضمن تجريداتها الساخنة والباردة ، وضمن مفرداتها الفنية المتوازنة بصريا والمحسوسة بايقاعها وحركتها ، وفراغها الذي يحتضن الاشكال المتماهية مع الاسس البنائية التي اعتمدت" فاطمه الحج " على المحافظة على تماهيها الجذاب بصريا للحواس، ولفسيولوجية الرؤية التي تضفي على اللون قدرة على بث المعنى بدون الدخول في تفاصيل المشهد مضمونيا. مما يضفي احساسا بالدفء والحرارة ، واحيانا بتشتت بصري حيث نعيد في كل مرة اليها نحاول اعادة النظر اليها من جديد
اختلافات في الاتجاهات والمسارات. لخطوط عامودية افقية مائلة ومنحنية. كما انها تحتلف من حيث السماكة ، والمسارات الضوئية التي تسهم في خلق مؤثرات ثنائية الابعاد تتشكل بصريا ضمن مجموعات مستقلة. تتجمع ضمن كتل لونية تعتمد على التعتيم ، والخفوت برغم اشتعال الالوان الحارة. الا ان التكوينات ذات عمق رؤيوي يهدف الى تنشيط المشهد ، ومنحه حيوية نابضة بوصف سردي له دلالاته السردية المؤثرة بشكل ايجابي على الموتيقات، ومدى الانعكاس اللوني وتفاعلاته . الواضحة على سطوح لوحة هي بمثابة تكوين وصفي له مدركاته وتكويناته، وجماله الموضوعي المرتبط بالمضمون كمشهد تخيلي يستمد من معتقل الخيام رؤيته الخاصة . فهل تحمل الالوان افكارنا ، لنقرأها في لوحة تحاكي الحس والوجدان الوطني؟
نظم تكوينية وظفتها تجريديا لخدمة الفكرة في تحقيق بنية المشهد، ليؤثر على الخط واللون والمساحة، وخصائص كل فراغ نتج عن انفصال الالوان عن بعضها في لحظة تندمج حدود كل خط مع الاخر. الا ان نسبة الطول الموجي لكل لون عو عبارة عن تكنيك دينامي. صاغت درجاته الفنانة" فاطمة الحج" بدقة متناهية حيث تركت الاصفر الباهت ينقصل وينصل في اماكن منعددة من اللوحة، وحتى النعش المحمول على الاكتاف وسط ايحاءات تصويرية ذات تعبيرات لفتها بتجريد مرن ، وبتماثل سيمتري يمنح الوحدات الفنية قيمة جمالية ذات دلالات جمالية. تتزن فيها الاشكال التي تبدو كشخوص مكتظة حول حدث جمعهم يرمز الى معاناتهم التي تتضح على ملامح اللوحة وقدرتها على تصوير البعد المكاني من خلال اسلوب فني تشكيلي تتبلور من خلاله مواصفات الاعتقال وشدة الالم وتراجيديا الخط واللون في لوحة ذات انفعالات لونية سيكولوجية ذات تعبيرات ساخنة وباردة مطبوعة بمنظور لوني له ابعاده التشكيلية ومفرداته المتميزة باعتبارها وحدة فنية لها صفة مكانية تضج بالرموز.
http://www5.0zz0.com/2014/02/08/01/640135594.jpg
اعمال الفنانة فاطمة الحج من مجموعة متحف فرحات
بقلم ضحى عبدالرؤوف المل
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع