الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أنا حقا علماني ؟

احمد عبدول

2014 / 2 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تُشكل عليّ زميلة لي في مكان عملي بأنني على خلاف ما أدعي فانا والكلام لها لست علمانيا , بل أنا إنسان طائفي على الرغم من كل ما أقوله واسطره وادّعيه , زميلتي تقول: ان العلمانية ابعد ما تكون عن الدين والمذهب والطائفة ,هذا ما تكرره كلما رأتني أتكلم بغضب وحدّة عن التنظيمات الإسلامية المتشددة التي تروج لمفاهيم الحقد والتكفير والكراهية ,بل انها لا تكتف بذلك حينما تعلن استغرابها وانأ أتحدث عن جذور وحقيقة ما انتمي إليه من طائفة عندما تكون هنالك ضرورة للخوض في هكذا أحاديث , فهي تقول لي إنها لم تلتق يوما بشخص علماني يمتلك كل ذلك الحماس والحساسية لطائفته وأبناء مذهبه .
الحق أقول لكم ان زميلتي باعتراضها هذا إنما تطرح إشكالية كبرى علمت أم لم تعلم, فهي تطرح إشكالية تستحق منا ان نتوقف عندها كثيرا,الإشكالية التي تطرحها زميلتي على محدودية ثقافتها تتلخص في آلات ,هل ان العلمانية كفكر تتعارض مع اتخاذ موقف حازم صارم ضد الإرهاب والتكفير بمختلف تنظيماته ومسمياته وانتماءاته السياسية والمذهبية ؟
هل ان العلمانية تقف حائلا بيني وبين إبراز مظلومية ما انتمي إليه من مكون اجتماعي عقائدي عانى ما عاناه وعلى مر العصور من ظلم وجور وإقصاء وتهميش ؟
هل ان العلمانية تتعارض مع الاعتزاز بهويتي المذهبية والطائفية التي درجت على احترام ثوابتها ومتبنياتها لا سيما تلك الثوابت والمتبنيات التي تدعو للوحدة والوئام والتكاتف ونبذ الفرقة والتمييز والتعالي على سائر الفرق والمذاهب الاخرى ؟
هل ان العلمانية تحول بيني وبين التذكير بمآثر قيادات ومرجعيات ورموز طائفتي ممن قارعوا الظلم وحملوا مشاعل الثورة والتصدي لكل ما هو فاسد ومنحرف وعنصري ؟
عندما أرى وأتلمس مقدار ما تتعرض له طائفتي من سلسلة منظمة من عمليات الطعن والانتقاص والتخوين والتهوين والتنفير والتكفير فهل يحق لي ان اكتف ان اسمّى علمانيا دون ان احرك ساكنا إزاء ما تتعرض له طائفتي من حيف وظلم وإقصاء على مدار الحقب وتعاقب العصور ؟
هل ان علمانيتي تجيز لي ان أتنصل من تاريخ طائفتي المطرز بأروع المواقف الوطنية والسياسية على امتداد التاريخ ؟
هل ان علمانيتي تمنعني من التصدي لمن يريد بطائفتي ان تختفي من مسرح الوجود الديني والسياسي والاجتماعي ؟
هل أكون غير علماني عندما أضع طائفتي في مكانها الطبيعي وانأ أتحدث للآخرين عنها ؟
هل أكون غير علماني عندما العن أنظمة الجور والظلال واستغلال أبناء المجتمعات البشرية أسوء استغلال ؟
لا شك ان العلمانية تعني فيما تعنيه الحياد الايجابي بين الأديان والمذاهب كما إنها تعني عدم زج الدين بالسياسة واجتياز حدود الطوائف والانصهار داخل بودقة الوطن الواحد والمصير الواحد .
كل ذلك الكلام لا غبار عليه , لكنه إنما يصح في وقت تكون فيه الأجواء غاية في العدالة الاجتماعية , مع شيوع قيم ومفاهيم الوطن والمواطنة , إنما يصح مثل ذلك الكلام عندما تكون الأنظمة السياسية الحاكمة انظمه عدل وإنصاف لعموم شرائح المجتمع , عندما تحكم الأنظمة بالعدل وتدعو الى الإنصاف وتسير بأبناء المجتمع سيرة حسنة ,فلا تفرق ولا تتعنصر ولا تتحزب لمكون دون اخر , لكن عندما يكون هناك استهداف واضح ومبيت ضد مكون ما , على امتداد حكومات متعاقبة تعاقب قطع الليل المظلم ,آنذاك يكون السكوت بمثابة الجرم المشهود بحق الدين والطائفة والوطن والمسؤولية الأخلاقية .
ان العلمانية لا تتعارض بحال من الأحوال مع دفاعك عن قضية تحمل طابع إنساني ووطني ومذهبي إطلاقا , فليس هنالك أدنى عيب في ان تعتز أنت واعتز أنا بفرقنا وطوائفنا على ان لا يكون ذلك على حساب الانتماء للوطن الكبير الذي تنصهر داخل بودقته سائر الانتماءات والهويات والولاءت الفرعية الاخرى.
ان العلمانية شيء والاعتزاز بما انتمي إليه من طائفة شيء اخر ,العلمانية شيء وعملية إبراز الصفحات المشرقة والمضيئة من تاريخ طائفتي شيء فهو أمر مطلوب من قبل جميع أبناء الطوائف الذين يشكلون بمجموعهم الفسيفساء الدينية والمذهبية والاجتماعية لهذا البلد او ذاك وهذا ما تشهده سائر بلدان العالم وهو سنة من سنن المجتمعات البشرية الخلاقة التي تدفع بأبناء تلك المجتمعات للرقي والتقدم وليس العكس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنت ليس علماني
عادل البحراني ( 2014 / 2 / 8 - 21:29 )
الأجابة على أسئلتك توصلنا بأنك غير علماني وزميلتك في العمل على حق وهي ليست محدودة الثقافة بل هي واعية بما تعنيه العلمانية وما يواجهه العلماني من صعاب في ظل الأستقطاب والتخندق الطائفي ، الطائفة مهما حل عليها من ظلم وأضطهاد من قبل طائفة أخرى فهي نقيضة لمفهوم الوطن والمواطنة لا ينبغي على العلماني التلحف بلحافها بل العمل على هدمها من خلال العمل على وحدة العلمانيين بشتى مشارب أفكارهم تحت شعار وبرنامج وطني يميزهم عن باقي القوى الطائفية حتى ولو هذه القوى الطائفية أظهرت ثورتها على الواقع المزري فالنضال يحتاج الى خارطة طريق مثل ما يحتاج تشييد البيت الى خارطة بناء ومهندس وأدوات كذلك تغيير الأنظمة يحتاج الى مهندس وأدوات من أجل أن يكون التغيير من أجل الأفضل لا فقط من أجل التغيير الذي قد يكون الأسوء من سالفه فنحن نعيش تحت حكم استبدادي سياسيا وفاسد من ناحية الأقتصاد والادارة لكنه يتيح هامش من الحرية الشخصية للمواطنيين واذا ما نجح التغيير وحل حكم الطائفة المضطهذة فسوف تعاني الأمرين الأستبداد السياسي والأجتماعي علاوة على الفساد الأقتصادي والاداري


2 - الأخ العزيز عادل البحراني
احمد عبدول ( 2014 / 2 / 10 - 18:16 )
قبل كل شيء أنا شاكر لتعليقك على مقالي الأخير (هل انا حقا علماني )إلا إنني أود أن أذكر شيئا مهما لربما كان علي أن أبينه في ثنايا مقالي الأخير .ان الفرق كبير بين مفردتي الطائفة والطائفية فالاولى مكون ديني اجتماعي نعتز به جميعا ولا سبيل أمامنا للتنصل منه سواء كنا متدينين أم غير متدينين علمانيين أم غير ذلك ومن هنا فإن العلمانية ليست ضد الطائفة وإنما هي ضد الطائفية وهذا ما عنيته بالضبط , أما ان أكون داعية من دعاة حكم الطائفة فهذا ما لم اذهب إليه منذ ان عرفت يميني من شمالي كما يقال كل ما في الأمر اني اعتز بطائفتي لكني لا أومن بحكم الطوائف بل أؤمن بحكم القانون الوضعي (الدستور )الذي ينظم العلاقات بين شتى الملل والنحل على أساس المواطنة وقيم الحب والخير والتكاتف .
شكرا مرة اخرى على تعليقك الأخوي (

اخر الافلام

.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس


.. قوات الاحتلال تمنع الشبان من الدخول إلى المسجد الأقصى لأداء




.. صرخة آشور بانيبال ..هل هي نبؤة؟


.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: أي دور للقوميين المسيحيين؟




.. 71-Al-Aanaam