الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلوجة والرمادي: قصة مدينتين

يوسف بوقرة

2014 / 2 / 10
السياسة والعلاقات الدولية


يوم التاسع من نيسان أفريل 2003 دخلت القوات الأمريكية عاصمة الرشيد في مشهد درامي يعسر وصفه، إلا أن الأمريكان وحاكمهم العسكري وكل من ساندهم من عرب وعجم لم يضحكوا كثيرا إذ سرعان ما بدأت المقاومة العراقية في التحرك الميداني وشهدت المدن العراقية عدة انتفاضات، انتفاضة في الشمال مطالبة بالانفصال وتأسيس كيان جديد رأس ماله مدينة غنية بحقول النفط وانتفاضة في محافظتي الرمادي والأنبار ضد القوات الأمريكية الغازية وشتان بين الانتفاضتين.
وجاءت معركة فلوجة الأولى وهي من أشد المعارك ضراوة بين القوات الأمريكية من جهة وجماعة التوحيد والجهاد وغيرها من الفصائل من جهة أخرى وخسر الأمريكان باعترافهم 135جنديا من صفوة جنودهم وفشلوا في السيطرة على المدينة وكانت تلك أولى الرسائل إلى بقية المحافظات العراقية كي تحذو حذو الفلوجة وترفع السلاح في وجه الأمريكان وهي الطريقة المثلى للتعامل معهم تماما كان الحال في الفيتنام في أواخر ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي عندما سطّر الفيتناميون أبهى الملاحم، ملاحم لم تُـصنع في استوديوهات هوليود بل في غابات وأحراش الفيتنام.
لم ينس الأمريكان خروجهم الذليل من مدينة الفلوجة وكان لابد من معركة ثانية أسوة بحرب الخليج الثانية واستعانوا في هذه المرة بالباحثين عن أمجاد الأيام الخوالي والحالمين بامبراطورية السند والهند الجنود الانقليز وحاصروا المدينة عدّة أشهر ونجحوا في رمضان 2004 في دخولها والقضاء على عناصر المقاومة بعد قصفها بالأسلحة مختلفة الأوزان والنوعيات.
غير بعيد عن الفلوجة عاشت الرمادي في أواخر عام2013 أحداثا مشابهة في الأهداف وهي رفض الاحتلال ومركزية القرار السياسي والتمييز الطائفي ولكنها اختلفت في الوسائل اذ اختار أهالي الرمادي سياسة سلمية تمثلت في الاعتصامات فاحتلوا الساحات والميادين احتجاجا على سياسة المالكي وسادته القاطنين شرق العراق كما ساند المعتصمين نواب اختاروا الانسحاب من البرلمان لذات الأسباب، ورغم إعلان زعماء العشائر المحليين استعدادهم لفض الاعتصام بطريقة سلمية إلا أن ذلك لم يمنع وقوع اشتباكات بين الشرطة من جهة والأهالي من جهة أخرى أدت إلى مصرع عشرة مدنيين في أواخر كانون الأول ديسمبر2013.
لم يكن اعتصام الرمادي الفصل الأخير من فصول المقاومة فقد عادت مدينة الفلوجة إلى واجهة الأحداث في العراق مطلع العام الحالي بعد سيطرة مسلحي العشائر على أغلب أحيائها وها هوحاكم العراق «الجديد» ينتهج ذات السياسة التي انتهجها سادته قبل غزوهم للعراق في آذار مارس2003 إذ بدأ بفرض حصار خانق على المدينة، وها هوالجيش العراقي يطبّق أولى الدروس النظريّة التي لقّنها إياه الجيش الأمريكي من قصف جوي ومدفعي مكثف لإنهاك مدينة منهكة أصلا كحال البلد الذي تنتمي إليه.
نعلم جيدا أنّ موازين القوى بين الجانبين غير متكافئة وندرك أن معركة الفلوجة الثالثة قادمة لكننا نعلم أيضا أن المدينة التي واجهت «محترفي القتل» من أمريكان وإنقليز وألحقت بهم خسائر معتبرة لن يعسر عليها مواجهة «هواة الجيش العراقي».
ليس هناك نفط أو مزارات مقدسة أو نظام «ممانع» أو غاز طبيعي أو اصطناعي في الرمادي والفلوجة لأنه لوكان ذلك كذلك لتسابقت دول ومنظمات وتنظيمات إليهما كل يغنّي على ليلاه.
لم ينجح الراحل وخالد الذكر صدام حسين في جعل مغول العصر ينتحرون على أسوار بغداد كما وعد في خطابه الشهير لأسباب يطول شرحها، لكن معارك أم قصر والرمادي والفلوجة وغيرهم من المدن العراقية كشفت أنه مازال هناك رجال يريدون حفظ ماء وجه العراق أو ما تبقى منه من قطرات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة