الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمــاذا اليســـار الان ؟ قتـــل جـورج حـاوي خطوة علـى الطريـق وموعد مــع الحـرب على التنويـــر !

سليم النجار

2005 / 6 / 26
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


ايا ما كان حظ سيناريوهات الاغتيال على المسرح السياسي اللبناني الذي يفتح عنه الستار اليوم ، فان بعض المشاهد " الفعلية " في الكواليس تظل مهمة وموحيه .. ودالة :

1. صار لبنان فعليا ارضا مفتوحه لكل من له ثأر مع امريكا . مهما تباينت الدوافع والاسباب وصارت ارضه مقبرة تفتح كوتها كل يوم بعد ان صار القتل على الهوية السياسية ولمجرد الاشتباه .

2. الدماء ... والدماء فقط تكاد تكون العامل المشترك الوحيد بين قطع " البازل " المتناهية تلك والتي تبدو عصية على التركيب . فمعظم الرصاص الذي اعتاد اللبنانيون ازيره اليومي ، لانعرف مصدره او هدفه . من قتل مثلا الكاتب والصحفي سمير قصير ، او الحريري قبل اشهر .

3. حيث تختلط المقاومة المشروعة بالطائفة ، وحتى بالطائفة السياسية غير المشروعة ، تبقى حقيقة ان المقاومة اللبنانية بدون وجه سياسي تنويري ، وبالتالي بدون برنامج سياسي علمي .

*************

بحكم الجغرافيا يعرف لبنان وجيرانه ماذا تفعل الرمال المتحركة . هل يختلف الحال كثيرا عما يجري في لبنان ، ارضا ومشهدا . حيث لا شيء مستقرا .

من المصطلحات والمفاهيم التي التقرت معاينها في الكتابات والقواميس لعشرات السنين ما دت بها الرمال المتحركة .

فمفاهيم " السيادة " التي عرفناها في كتب السياسة والقانونيه الدولي منذ كنا طلبة . ليست هي السيادة التي سيقتع بها اللبنانيون بدءا اغتيال جورج حاوي . وكذلك المقاومة ، التبست معاينها واصحاب ثوبها الطاهر . بحكم التعريف . كثير من الشبهات . بعد ان صارت اراقة دماء اللبنانيين لا غيرهم من الطقوس اليومية هنالك . حتى هاجس الحرب الاهلية التي انتهت شكلا واستمرت مضمونا . وباشكال مختلفة ، وحدتهم يوما تحت الخوف من اعادتها عبر الرصاص اختلفوا علية .

**************

ما الذي حال حتى الان دون فتح ابواب الاجتهاد السياسي لتحريك حالة الجمود الديمقراطي والتجديد السياسي في لبنان ؟ وما هي جوانب التصور التي ساعدت على اغلاق الباب في وجه التجديد السياسي . و الابقاء على نخبة طائفية سياسية حاكمة اعطت لنفسها الحق في ان تنوب عن الجميع وتفرض استمرارها بالقوة الجبرية ؟ ولماذا تتقدم التجربة الديمقراطية خطوة ثم تتقهر خطوتين ؟

لقد ظل الخوف من التيار اليساري التنويري هو الهاجس المفزع الذي اقض مضاجع النخبة الطائفية السياسية الحاكمة ، واعاقها اتخاذ الخطوات السليمة في الاتجاه الصحيح . وبدلا من العمل مع تيار اليسار في اطار ديمقراطي يلزم الجميع . ظلت لغة الاغتيال لرموز هذا التيار ، لتخريب التجربة الديمقراطية من الداخل ، كابوسا مزعجا تذكية المؤسسا الامنية ، وتضخمة القوى الحزبية العاجزة عن النزول الى القواعد الشعبية ، والامن خلال الكوتا الطائفية .

ونجم عن هذه الرؤية غير الواقعية ، ان ازدات النخبة الحاكمة استئثارا بالسلطة ، واقصاء لاية عناصر جديدة تسمح بالتداول والتغيير ، واغلاق لابواب الاجتهاد والتجديد السياسي .... وكانت النتيجة الحتمية لذلك هي اضعاف المجتمع المدني واحكام الحصار حوله بسلسة من الاغلال القانونية التي اوهنت القدرة على الحوار وحق الاختلاف .

وتلاشى دور النقابات المهنية وازداد عجزها تحت وطأة التدخلات الامنية والخلافات الحزبية . ومن ثم فقدت قطاعات شعبية واسعه أي رغبة في ممارسة العمل السياسي والمشاركة في تحمل المسؤولية .

وهو ما دعا كثيرا من المفكرين الغربيين الى القول ان الامم الشرقية عرفت الدولة ولم تعرف المجتمع المدني بمفهومه الحديث .

وتولد عن هذا العجز بعض الحلول والاتجاهات البديلة في مجالات الاعلام .. فاعطيت الاحزاب السياسية صحفيا تتنفس فيها معارضتها وانتقاداتها .. ثم حلت ديموقراطية القنوات الفضائية محل الممارسات الديموقراطية الحقيقية ....

واصبح من السهل ان تمارس القوى السياسية حريتها سواء عن طريق الصحف ، او عن طريق الانغماس في مكالمات ومجادلات وحوادث قضائية . تستنفذ الطاقات . وتمنح الاحساس بالرضى الوقتي والاشباع الذاتي والاستسلام الى الامر الواقع .

*****************

ان ما يثير قلق المتأمل للمشهد السياسي اللبناني والعربي عموما ، من امثالنا الواقفين على شاطئ الانتظار ، هو انه بينما تتحرك دوائر الانتاج السياسي في العالم بسرعه هائلة ، وتتنوع وتتداخل وتتكاثر وتمتزج لتخرج اشكالا سياسية جديدة تعبر عن هموم الغرب واشواقه باكثر مما تعبر عن همومنا واشواقنا نستمتع معها عن بعد ، فان حالة السياسة في بلادنا ما زالت تدور في حلقاتها المفزعه التي اعتادت عليها منذ القرن التاسع عشر ، أي منذ بداية النهضة الفكرية والثقافية التي قادتها كوكبة المستنيرين منذ رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده ، ومن تبعهم من المفكرين امثال مصطفى عبد الرزاق وغيرهم من الرحيل الاول ، الذي ارسى دعائم النهضة الثقافية الجريئة ولم تلبت ان فقدت قدرتها على المد والتوسع ولانقتاح على افاق العصر .

**************

ان المجتمع اللبناني مهدد ، ان لم يكن يعيش بالفعل ، في ظل انشقاق ثقافي ومعرفي عميق يقسم هذا المجتمع الى لغتين رغم انها لغة عربية واحدة وعقلين رغم وجود عقل جمعي وفكري واحد . وثقافيين رغم عباءة ثقافية وحضارية وقيمية واحدة . ولا يهم هنا ان تكون لغة عامية او محلية او فصحى ، ولكنها لغة او لغات الخطاب التي تسود المجتمع والتي تتفاوت بسبب تفاوت المستويات الطائفية والحزبية الطائفية ، والثقافية الطائفية .

**************

من هنا نشأة فكرة حروب القتل والاغتيال الجديدة . فالامر هو انه ليس هناك ما يكفي منه فحسب ولن يكون هناك أي بديل للقتل باعتبارة الوقود الاساسي لاقتصاد الطائفة طوال السنين المقبلة اذا بقيت الطوائف هي التي تتحكم في مقدار السلطة في لبنان !

**************

ان ما يكتشفة العالم مرة اخرى في لبنان ان القتل سلعة اخرى كالبن او الكاكاو او عصير البرتقال . يستجيب للعرض والطلب . فهو يستجيب كذلك للسياسة والتخطيط الاستراتيجي وتوازن القوى . القتل " استراتيجي " كذلك بمعنى انه يمثل الدخل الرئيسي لمنتجيه ولذلك فلابد ان تكون لهم السيطرة علية ، تلبية احتياجاتهم السياسية .

**************

ان اليسار في لبنان كما هو في العالم العربي ، اشتغل على ثقافة المعرفة التي تختلف عن الثقافة التقليدية بعطياتها وادواتها وتقنياتها المتقدمه التي اتاحت استخدام التقدم الذي طرأ في مجال علةم الاتصالات . وثورة المعلومات والسرعه الفائقة في التقاطها وبثها في جميع انحاء العالم .

هذه الثقافة الجديدة ... ثقافة المعلومات المباشرة الزمنية الكاملة لاستعادة ما جرى في غرف التعزيب النازية .

وحقول الموت الصربية . وفظائع فيتنام الجنوبية . واصبح الفرد .. مهما كان بعيدا عن الحدث شريكا وفاعلا ومسؤلا عنه امام ضميره الاخلاقي والانساني . وهذه في المحصلة النهائية هي مهمة الثقافة التي طالب وناضل من اجلها البسار العربي التي ترتقي بالوعي الانساني ، وتفتح له افاق الوجود ، وتحضة من البلادة والجمود والتعصب وتجعله اكثر قدره على فهم السلوك الانساني وضبط نوازعه . وهذا التوجه ، كان مؤشر الشهيد جورج حاوي في اللقاء الاخير الذي التفافته فيه قناة الجزيرة القطرية مع المفكر العربي عبد الالة بلقزيز ، واخرون ، عندما انهى كلماته الاخيره ، ان هناك ثلاثة لاءات لكنها تختلف عن الاءات العسكر التي شاعت في المشهد الثقافي العربي اثر هزيمة عام 1967 وشتان ما بين الاثنين الاءات الشهيد ، لا لابن لادان لا لامريكيا لا للطغيان ..

ان رصاص الطوائف والامنى لم ترقاله لاءاء الشهد فكان الاغتيال جوابا على لاءاته

*************

ان الكفاح من اجل الديمقراطية ، هو كفاح ضد الجماعات الاصولية والسلطات الشمولية معا ، وهو كفاح لتحرير القوى الشعبية من اشكال الهيمنه كافة .

ان الكفاح من اجل الديمقراطية هو كفاح من اجل العلمنه كذلك ، فنفصل الدين عن السياسة المعارضة والحاكمة هو مقرطة سياسية واجتماعية عميقة ، وحين لايتم الفصل بينهما يتحول الكفاح الديمقراطي الى شعارات سياسية انتهازية . ولنذا ما حصل عند ما رفضت القوى الطائفية التحالف في الانتخابات البرلمانية اللبنانية الاخيرة في الجنوب مع الحزب الشيوعي اللبناني . تحت شعارات واهية وبالية .

ان ذلك بفتح الباب لحمامات دم غزيرة ، ويؤدي لا نهيارات الوحدات الوطنية وتفجر الحروب المذهبية .

ان المبدأية والتماسك الفكري والاخلاقي غدت اساسية في الصراع ضد التيارات السياسية التي تشغل الدين لاهداف انانية ومتخلفة ، ولم يعد من المقبول التلاعب بمشاعر المؤمنين عبر انتهازية وانتقائية للمواقف . وبعدم كشف الحقائق الموضوعية عن التاريخ والواقع لهم ، استخراجا لعلمانية شعبية كامنه صارعت كثيرا لوقف تقدم الهيفية الدينية الاقطاعية .

ان وطنا كـ " لبنان " ينتظر جهودا جريئة وكبيرة لكي يخرج من مستنقع الدم المعد بقسوة .
ان نظرة نقدية عميقة ، علمانية اصبحت ضرورة لاعادة تشكيل وعينا بالتاريخ و بالواقع المعاصر .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا