الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم العقل قد شهد تحولات

عامر عبد زيد

2014 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


أجرى الحوار / رياض الدليمي
* مفهوم العقل قد شهد تحولات عديدة عبر مسارات فكرية في فلسفة الحداثة صوب ما بعدها ...
* ضرورة أن يكون المثقف له دور في معارضة السلطة وفضح العلاقة التي تقيمها مع المعرفة ....
* التعرية تهدف إلى مقاومة التزييف بكل أشكاله الأصولية مسيحية يهودية إسلامية .... ثمة مجازفة نخوضها أنا وأستاذ الفلسفة د عامر عبد زيد ونحن نقلب إشكاليات كبيرة في المعرفة وعلى مر العصور ، ونتناول النقد المعرفي الموضوعي لنظريات ومناهج وفلسفات مهمة مابين الحداثة وما بعد الحداثة والاستشراق ، ونتطرق إلى أهم الرؤى بالبحث بين عدة مجايلين وما سلف منهم ، ونتطرق في حوارنا هذا كي نسلط الضوء معرفيا نقديا على رمزية التصوف ومد جسور ثقافية بين الآخر ، لكي ننبذ التطرف والغلو لإشاعة ثقافة التسامح والعيش المشترك .
إنها فعلا مجازفة ثنائية نخوض غمارها لأننا بكلا الأحوال لا تتسع هذه المساحة الصغيرة أن نتناول فيها كل هذه الإشكاليات ..
-في كتابك الموسوم - الحداثة ومأزقها في خطاب فرانكفورت ، هل يمكن أن نحدد معالم واضحة للصراع الفكري مابين الحداثة وما بعد الحداثة ، وأين مصير العقل والتاريخ بين الفلسفتين - وخاصة إننا نفهم ما بعد الحداثة هو مصطلح غير واضح المعالم تسوده الفوضوى اللانقدية ووقوفه بوجه التاريخ والدراسات التاريخانية ؟
عامر عبد زيد :
في هذا السؤال هناك ثلاثة محاور لكلِّ منها سماتٌ مختلفةٌ ، فيما يتعلقُ بالكتاب بوصفه باباً في توصيف الصراع ما بين الحداثة و ما بعدها ، الحقُّ أقولُ : إني في هذا الكتاب كنت تناولتُ بالبحث موقف مدرسة فرانكفورت ، وما جاءت به من نقد للحداثة سواء كان ذلك من باب التجذير للحداثة عند الآباء المؤسسين وتحولات الخطاب الحداثي من التجريبية وصولا الى التنوير والتحولات التي مهدت الى التحول الصناعي وارتباطها بالخطاب الكولونيالي الذي تحول الى مستثمر الى قيم الحداثة من اجل نشر الهيمنة الغربية . لقد جاء النقد عنيفاً من قبل كلٍّ من هوركهايمر ، ادورنو ، ماركوز ،هابرماس ، حنه ارندت ، وهو خطاب شكّل عتبة مهمة مهدت الى النقد المابعديات التي طرحت تصوراً مفتوحاً للعقل لا يمثل انتكاسة عن العقلانية بقدر ما يمثلُ وثبةً تقدم تصوراً جديداً للعقل وتعطي ملامح لهذه الراهنية التي يشغلها الحقل الفلسفي من خلال القول إنَّ مفهوم العقل قد شهد تحولات عديدة عبر مسارات فكرية في فلسفة الحداثة صوب مابعدها .الذي اتسم بالتشتت بدل التماسك ولهذا ماتت المعرفة المطلقة ومات معه المشروع التوحيدي للميتافيزيقا وتفكك في المحصلة الاخيرة . هكذا كان المحور الثاني اما الثالث فإنَّ مابعد الحداثة كانت رداً على تجبر العقل الحداثي الا أنها تمثل اليوم في ظل العولمة ثقافة كونية تركت أثرها قويا في الخطابات مابعد الكونيالية وفي البعد الكوني للثقافة العالمية القائمة على التعددية والنسبية والتنوع والهجانة الثقافية ، الا أنها تبقى في أبعادها الإشكالية مرتبطة بالثقافة الغربية
هل يلتقي ( ميشيل فوكو وادوارد سعيد ) في نقد العقل الأوربي والاستشراقي ؟ ، وأين يكمن مواضع الاختلاف بين مدرستين مختلفتين ؟ وهل استطاع فوكو وآخرين الوقوف بشكل جدي ضد الاستشراق ؟
عامر عبد زيد : كما قلت كانت من نتائج مابعد الحداثة هو حضورها في الخطاب الثقافي لدى نقاد مابعد الكولونيالية التي من رموزها ادوارد سعيد وهومي بابا وغيرهما ممكن ثاروا على التنميط الذي تركه الخطاب الكولونيالي على العالم الثالث المستعمر ، ومن هذا تلك العلاقة التناصية بين فوكو وادوارد سعيد لقد استعار سعيد مفاهيم مهمه من مشيل فوكو ونقد للفكر الغربي وقد وظف ، الا أنه اختلف معه في مفاهيم مثل: موت الانسان والخطاب الجبري المهيمن الذي كان فوكو قد تصوره عن الابستيم؛ الا أنَّ سعيد المثقف العضوي كان يرى ضرورة ان يكون المثقف له دور في معارضة السلطة وفضح العلاقة التي تقيمها مع المعرفة من اجل تبرير هيمنهتا وتوظف في سبيل هذا المثقفين من اجل إسباغ الشرعية في حين سعيد يرى الممانعة ممكنة ، ولعل هذا يكمن في رؤية الانسية القائمة على النقد وتعرية التمثيل الذي تفرضه الأطراف المهيمنة .
-هل يمكن أن يخرج النقد ما بعد الحداثة من خيمة القراءة المخيالية للتراث العربي والإسلامي؟ ، وما هو أساس الخلاف مابين المنهجيين الاستشراقي والكولونيالية وهل أحداث ضرب مركز التجارة الأمريكي تعد نقطة تحول يرسخ لهذا الأمر ؟
عامر عبد زيد :
اعتقد هنا أكثر من ممكن تطرحه في علاقة الاستشراق بمابعد الكونيالية من جهة والثاني القراءة النقدية والخطاب الأصولي والأحداث الأخيرة ؛ سوف أقدم لك إجابة فيها جمع شتات الموضوعات في تقيم كل من محمد أركون وسعيد للاستشراق طبعا انا هنا أتحدث عن مفكرين لهما على تماس عميق مع مابعد الحداثة على صعيد المنهج فقد نظر محمد أركون الى الاستشراق من زاويتين: الأولى ايجابية تمثلت بان القراءة الاستشراقية مهمة وأكثر تقدما من القراءة التبجيلية التراثية والتي من تمظهراتها الخطاب الأصولي المتصاعد عنفه اليوم والإسلام السياسي وقراءته المعاصرة للتراث ، فهو ينتقد هذه القراءات ويجد ان الاستشراق أكثر تقدمية في نقد التراث الإسلامي ، اما القراءة الثانية وهي السلبية التي تنظر الى التراث الإسلامي نظرة فيها تمايز عن التراث التوحيدي وتقزمه على انه خارج تاريخ النجاة فهذه القراءة تغدو متخلفة منحازة يحاول أركون ان يستثمر كل المنتجات العلمية لما بعد الحداثة في نقد التمركز الغربي اتجاه الإسلام ويحاول التعامل مع التراث التوحيدي على قدم المساواة واعتقد أنَّ أركون كان هنا يهدف الى إقامة خطاب ابستمولوجي إسلامي ينتج رؤية جديدة عن الإسلام تتوافق مع المنطق المدني ، وأيضا ضمن منطق التناهي المعرفي ومن اجل هذا هو يمارس نقد العقل الغربي (الاستشراقي خصوصا) اما قراءة ادوارد سعيد تجمع بين الجانب الابستمولوجي والجانب النضالي كما عند بورديو وتشومسكي فهو يمارس تعرية الخطاب الاستشراقي وما أقامه من تمثيل ينطلق من خطاب مابعد الحداثة المتمثل- بالإضافة الى ما سبق -الميتا خرافة ، والتجريد ، التورط ، السخرية ، التمثيل ، ولعل هذا الأخير ظهر لدى سعيد أكثر من غيره فهو خلاف التمثيل السياسي يتجلى: صورة مرئية أو لفظية، او سمعية او قصصيا او سلسلة من الصور والأفكار ، ويمكن ان يكون منتوجاً ايديولوجياً انه يستهدف الايديولوجيا عكس اليوتوبيا، التي تميل الى النقد والتقويم . طبعا سعيد كان يمارس تحليل المخيال او التمثيل وكيف تم التعاضد بين المعرفة والسلطة الاستعمارية فظهر الاستشراق . وهذا ظهر أيضا في الرواية التي ظهرت في الفضاء الاستعماري/ الكونيالي ، التعرية تهدف الى مقاومة التزييف بكل أشكاله الأصولية مسيحية يهودية إسلامية . لكن ماذا يمكن ان نرصد هنا ان الخطاب النقدي سواء كان سواء عند اركون او سعيد ، الا ان هذا لا يعيق أننا ممكن ان نشترك بالخطاب الكوني لما بعد الحداثة ضمن تداولية المعرفة ورهانات العيش المشترك لكن ضمن أفق تعددي يعطي كل ثقافة راهنها وافقها .
-هل يمكن إعادة كتابة التصوف بمنهج تفكيكي وتأويلي ليسهل تلقيه معرفيا وفكريا بلا ادلجة منذ نشأته إلى الآن وخاصة بعد محاولات للجهات التي رفضته التي تفاوتت بين الاختزال والرفض والإلغاء والتهميش والقتل الرمزي للخطاب ؟ وكيف يمكننا الفصل مابين الدال عن المدلول، واختلاف التجربة الصوفية عن الوظيفة الفقهية. ؟

عامر عبد زيد :
إنَّ التورط في ممارسة النقد للخطاب الصوفي امر جداً ضروري في ظل تاريخية المعرفة الاسلامية من ناحية ومن ناحية اخرى ثمة حاجة الى إزالة التخندق الذي ظهر بفعل ثقافة التمذهب العقائدي التي يراد لها اليوم ان تعود من خلال التخندقات الطائفية بكل ابعادها التراثية المستعاده في الاسلام السياسي انا اجد ان القراءة التاريخية تنفتح على الفهم الكوني والتعددية الدينية في ظل مفهوم الدين المدني انطلاقاً من هذه الرؤية يمكن معالجة ظاهرة التصوف التي لها بعدان، الأول البعد العالمي سواء في ماضي هذه التجربة أم اتساعها في كل الديانات والثقافات، وهذا يؤكد أن الإنسان يمتلك حساً عميقاً يكاد يكون من صفاته القريبة هذا الحس الذي يتوحد فيه الخالق مع المخلوق سواء كان ذلك عبر ذوبان الذات في الخالق أم حلول مقدرة الخالق في المخلوق وهي حالات أبداً لا يمكن أن تؤخذ على حرفيتها بل إنها ذات بعد مجازي تخيلي يعبر بها المتصوف عن تجربة ذات أفق لامتناهٍ وغير القابل على أن يترجم إلا عبر اللغة وبالتالي فإن كل المحاولات تغدو في عقلنة هذه التجربة تمثل حالة تجن مارستها السلطة الفقهية فحملت الكلمات معاني حرفية فأسقطت اللا محدود في حدود المحدود وبالتالي أعطيت معنى حرفياً قضى على الاستعارات فاتهم المتصوفة بما لم يقولوه، ومارست الدراسات المعاصرة ذات أفق الابستمولوجي على التصوف فجعلت منه أفقاً ظلامياً مستقلاً وما نريد قوله إن الأفق العالمي التصوفي لا يعني زوال هويته الإسلامية أو التوحيدية بل يؤكد عمق التجربة وتجذرها في المخيلة الإنسانية، وعلى هذا يمكن أن تجد جذوراً للتصوف مصرية تركت تأثيراً فيما بعد على المسيحية المصرية وتجدها في الفكر اليوناني والإيراني القديم وهي كلها قد تتماثل في المنهج والرؤية وتتحد تلك التجربة أفقياً فتلاحظ تنوع التجربة الصوفية في الفكر الهندي والصيني البوذي وغيرها من الثقافات التي تنوعت منظوماتها الصوفية بتنوع استعاراتها الممتدة-
-هل يمكن أن يلتقي الغرب المسيحي واليهودي مع الشرق المسلم في جماليات التصوف الموسيقي الذي يبحث عن جمال الروح ونبذ التطرف والعنف والقلق الوجودي وان يكون جسرا ثقافيا وحضاريا مابين الغرب والشرق ؟ ولقد تناولتم في كتابكم الموسوم ( من اجل أخلاقيات التسامح في ظل ثقافة اللاعنف ) ما ذهبنا إليه في سؤالنا ؟
عامر عبد زيد : أنا حاولتُ في هذا الكتاب ان اطرح مفاهيم مركزية ثلاث التعايش ، التسامح ، الاعتراف ) وهي ذات افق ارتقائي التعايش يقوم على قبول الاخر ، التسامح السماح للاخر ان يكون مختلف عني ومع هذا انا اتسامح معه ، اما اللحظة الثالة ان اعترف بالاخر كشريك مواطن مساوي لي في الحقوق وعلية نفس الواجبات مع الاعتراف باختلافه بمعناه في الغرب كانت هناك عملية دمج المكونات في هوية واحده من خلال الهوية القومية الا ان الغرب بعد قيام الاتحاد الاوربي وبعد قيام الحرب في البوسنه قدموا مشروع يقوم على منح المكونات حرية في ادارة شانها الداخلي ضمن هويتها ولغتها هذا مر ضروري يلغي التغيب وازالة الاخر تخويا او تكفيرا هذا حل مهم لكن بحاجه الى ان يكون اكثر دراسة في مناقشة واقعنا السياسي اليوم . اما على الصعيد العلاقة مع الاخر يجب ان تكون استقلالية فالبلد معرض الى التفتت على اسس اثنية لان يجني منها احد شيء فلابد من الايمان بالتعايش والحوار على المستوى الوطني قبل ان نطلبه على المستوى العالمي فهذه رفاهية نحن لانمتلكها فلابد من الايمان بتنوعنه وان الحوار هو الطريق المشترك وان لغة الاقصاء لا تفيد الا في زيادة المصيبة وتنوعها .
-الفلسفة تتوقف عند حدود العقل أما الأسطورة والحكمة والدين فتواجه العالم هذا ما قاله - فراس السواح - يجعلني أن اتخذ منه منطلقا لسؤالي : هل تعد الأسطورة مكوناً من مكونات الدين ، وهل الدين يعتبر اليوم وأمس من الأسس الضاغطة على الإنسان بفعل الادينة والادلجة له ؟ وخصوصا لقد تناولت في كتابك الموسوم ( مقاربات في الديني والسياسي رهانات الانعتاق والاستحواذ ) حيث قلت فيه : قد أصبح الديني والسياسي قوة تحرك الواقع وتصنعه في آن واحد .
عامر عبد زيد :
لقد مرت الأسطورة بوصفها موضوعا للبحث والدراسة بمراحل متعددة تأثرت بها وبالمعنى الذي تم إضفاؤه عليها إذ علينا أن نميز بين المعنى الحرفي الملاصق لخطاب ما ، وبين أثار المعنى المتولد عن قراءته لدى القراء . فقد يفهم القراء إيحاءات وأشياء في النص لم يكن يقصدها المؤلف ولم يفكر بها . فالقراءة تخلق النص أيضا .بمعنى إن هناك معنى خاصا بالنص ( الأسطورة ) مرتبطاً بالظرف التاريخي الذي كان يحيط بالنص ، فكل الحوادث التي حصلت في تاريخ البشرية تعتمد على التمفصل المبتغى مباشرة من قبل المبشرين والقديسين والإبطال التاريخيين ومن المعلوم إن مقدرة هؤلاء جميعا على توليد أثار معنى لكن هذه القراءات متنوعه بتنوع المقاصد والارضية المعرفية التي تنطلق منها فالمشكل ان الفكر اليوم بين اغلاق افق القراءة على معنى يحيط به الغريب والساحر ويراد تلقيه على انه حقيقه دون ان تكون هناك قراءة تاويلية او تفسيرية تتوافق مع قيم العقل والمنطق بل ان هذه الرؤية التراثية هي بين ان يتم قراءته بصوره متزمته وادلجته من اجل صناعة العنف واقصاء الاخر او يتم علمنتها كما فعلة الحداثة عندما ارادة نزع الاسطوره عن العالم هناك اليوم قراءة ثالثة تعتمد على المقاربه التاويلية التي تريد الانطلاق من حاجات المعاصرة صوب التراث تتحاور معة وتسعى الى حلق انصهار افاق بين الماضي والحاضر من اجل صناعة مستقبل رحب تعددي متسامح .
-لقد شاركتم مع مجموعة من الباحثين في كتاب جمعكم عنوانه ( فلسفة التأويل المخاض والتأسيس والتحولات ) هل تشيد فلسفة التأويل جسور قطيعة مابين النهضة الإنسانية المدنية والمؤسسة الدينية المنغلقة على النص المقدس ؟ وهل يمكن مد جسور بنيوية مابين المؤسستين ؟
فالقراءة التي تنفتح عليها مشاريع التأويل هي قرءات تحاول خلق أفق أكثر رحابة وانفتاح بعيد عن التأبيد تجعل هناك إمكانية إلى قراءات جديدة تمنح النص مزيدا من الدلالة ، لعل هذا الكتاب الذي جاء جزء من أعمال الرابطة العربية الأكاديمية التي تحاول خلق حراك فكري عربي من اجل خلق أفق جديدة نيّرة ومتنوعة إلا أنها ترى أن يحاول أن يخلق معالجات إلى واقع عربي يعاني من الأزمات الكثيرة لكن مهما ضاقت حول عالمنا دائرة النور اتسع ليل الوجود ليس عليه ان يتراجع لان الاستقالة تعني الانتحار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر