الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تتحول المساجد إلى سجون

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2014 / 2 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كل عام ينفق النشطاء الإسلاميين أموالاً وجهوداً طائلة على بناء وإعمار المساجد، ما جعل أعدادها في أي أرض إسلامية مهما صغرت أو كبرت تفوق بكثير أعداد الأبنية الخاصة بأي مؤسسة أخرى من مدارس أو جامعات أو مستشفيات أو جمعيات أهلية أو شركات أو مقرات حزبية أو نوادي اجتماعية ورياضية أو أقسام شرطية أو محاكم أو سجون أو وحدات عسكرية...الخ. من ناحية أخرى، لا يكاد هؤلاء الإسلاميون ينفقون شيئاً يذكر تناسبياً على تطوير المحتوى الديني الذي يتردد صداه بنفس حرفه ولفظه وفحواه تقريباً منذ أكثر من ألف عام. في النتيجة، هذه المساجد الإسلامية رغم كثرتها الهائلة قد تحولت إلى ما يشبه ’الغيتوهات‘ التي تعيش في عزلة شبه كاملة عن عالم الواقع المتغير من حولها.

حين خرج السكان الأصليون لهذه الغيتوهات إلى واقع الحياة القائمة بعد ثورة 25 يناير 2011 كان من المتوقع أن يصدموا به، ويصدم بهم؛ لا هم استطاعوا أن يتحملوا متغيرات الحياة الطبيعية المتطورة، ولا هي تحملتهم. وكان من المتوقع إن عاجلاً أو آجلاً أن يسفر هذا الصدام الحتمي بين عالمين متناقضين عن غلبة أحدهما على الآخر. وكما تتكشف الأحداث يوماً تلو الآخر، لا يمكن بأي حال اعتراض سنن الحياة المتغيرة والمتطورة على الدوام.

الهزيمة الساحقة في ميدان الحياة الحقيقية قد جعلت النشطاء الإسلاميين يستسلمون أكثر فأكثر إلى السكينة التي تضمنها لهم جدران المساجد من صراعات الدنيا وأطماعها وعذاباتها. لماذا اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة؟! كان- في رأيهم- ترك الدعوة والنزول إلى متطلبات ومعارك الحياة ومكائدها السياسة خطأ كبير يجب تصحيحه. لهذا السبب، قد شرعوا يلوذون من صخب الثورات والاعتصامات والاحتجاجات والانتخابات والعمل الميداني والأحزاب والمجالس السياسية إلى خشوع الصلاة وقاعات الدرس داخل حرمات المساجد، التي عادوا ينفقون كل أموالهم وجهودهم وتحركاتهم كما من قبل على بنائها وإعمارها.

لكن هم لم يسألوا أنفسهم بعد السؤال المطلوب: لماذا هم اصطدموا بالواقع أصلاً، واصطدم الواقع بهم؟ هل العيب فيهم، أم في الواقع؟ وهل المسجد يشكل فعلاً مكون متوافق مع الواقع، أم هو واقع آخر نقيض لكل ما حولهم؟

المساجد، رغم كثرتها المذهلة، في جميع أرجاء الدول الإسلامية هي في الواقع ’سجون‘ لروادها، تعزلهم خلال فترة تواجدهم داخلها عن جميع متطلبات العالم المعاش من حولهم، وفور خروجهم منها كأنهم لم يدخلوها أصلاً- ببساطة لأنهم إذا ما حملوا منها شيئاً ولو يسيراً سوف يصطدم حتماً بحقائق عالم مناقض، الذي سوف يغلب عليهم لا محالة في نهاية الصراع.

لماذا لا يحاول النشطاء الإسلاميين أن يفتحوا ولو قليلاً باب رسالتهم الدينية إلى متغيرات الواقع المتطور، بدل أن ينكبوا بدأب ونهم لا نظير له في تعلية وزخرفة أسوار من الحجر تتحول في النهاية إلى ’سجون‘ لهم، شيدوها بأنفسهم؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد الشهاوي
يعقوب قطاطو ( 2014 / 2 / 13 - 23:52 )
اسمح لي أن اعدل عنوان الموضوع إلى
مساجدهم سجون عقولهم
دمتم بخير


2 - وأن المساجد لله فلاتدعو مع الله أحدا
عبد الله اغونان ( 2014 / 2 / 14 - 20:28 )

المساجد في الاسلام هي كل مكان طاهر نصلي فيه
في الحديث النبوي الشريف
جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
المساجد في عهد فراعنة زمننا أممت وصارت ملك النظام ووضع فيها من باعوا دينهم بعرض من لدنيا قليل
جل لمساجد بناها مؤمنون بأموالهم ويحتكرها الفراعنة لنشر فكر الخنوع والزيف والتغليط وخطباء لسلطة
اسألوا التاريخ من بنى الأزهر والقرويين والزيتونة؟
كل شيئ دبت اليه الخصخصة الا المساجد يحرص الحكام على تأميمها لهم خاصة
لكن الفكر لديني الحر كلهوااء والماء ينفدلى القلوب في السجون في وسائل الاعلام وحتى في الأنترنيت
لي في موقع الحوار المتمدن مسجد أسفل مقالات الاخوة الكتاب ويشهد الله في علاه
أني لاابتغي من ذلك الا وجه الله ونشر ما أعتقد أنه حق



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah