الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقا ماتت حركة 20 فبراير ؟

محمد السلايلي

2014 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لازال خطاب تأبين 20 فبراير يجد صداه داخل عينة كبيرة من كتاب الصحف و المواقع، و ليس مهم الان التنبيه، أن عددا منهم كانت له مواقف معارضة للحركة حتى قبل انطلاقها يوم 20 فبراير 2011، يكفي ان هؤلاء يستغلون واقع الفتور و التراجع الذي تشهده الحركة منذ سنة و نصف، للاستدلال على صحة مواقفهم المناهضة للحراك الشعبي.

لنعد قليلا للوراء، و بالضبط ليوم 20 فبراير 2011، و كان يوما دمويا بامتياز سقط فيه شهداء على يد قوات القمع، لم تكن جماعة العدل و الاحسان قد رمت بعد بثقلها كاملا على الحركة. و مع ذلك نسجل، أن معظم النخب السياسية و النقابية و المدنية و الثقافية، ظلت صامتة و مترددة و غير قادرة على الدفع بجمهورها و محيطها الواسع الى صلب معركة اسقاط الفساد و الاستبداد.

لقد ذهلت هذه النخب كما ذهل الجهاز المخزني الملتف حول رقبتها، من قدرة مجموعة من الشباب المغربي لا منتمي حزبيا و لا سياسيا و لا عاطفيا، على تحريك المياه الراكدة و سرعان ما لقي نداءهم للتظاهر من اجل الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية استجابة واسعة همت مختلف ربوع البلاد .

لم تستطع اي حركة سياسية منظمة منذ أكثر من 40 سنة أن تحشد ما حشدته 20 فبراير من جماهير في صراعها ضد السلطة. و لم تتعود الاحزاب الديمقراطية و اليسارية نفسها على الدعوة للتظاهر ضد فساد الدولة و استبدادها خارج منظومة القوانين التي يفرضها الجهاز المخزني.
لا توجد صلافة أكثر من صلافة الاحزاب البرلمانية التي صرحت ان الحراك الشعبي الذي قادته 20 فبراير أدى الى اصلاحات سياسية و دستورية لم يكن منتظرا الوصول اليها. ولم تجرء حتى اليوم للمطالبة بفتح تحقيق نزيه حول ملف شهداء الحركة و اطلاق سراح معتقليها.

ان هذه النخب ليست ناكرة للجميل فقط ، انها الدليل الحي على انها منافقة و مراوغة ، و اصبح وجودها في حد ذاته مشكلة امام تحرير ادوات النضال الديمقراطي و تجديره في المجتمع الذي ياكله الفساد و الاستبداد.

من اهم انجازات حركة 20 فبراير و أخطرها، أنها في وقت وجيز جدا، شيعت هذه النخب الغير المأسوف عليها، الى مثواها الاخير. نزعت القناع عن الوجه الاخر للشعارات الراديكالية التي كان يزايد بها المثقف و السياسي و الجمعوي .. جعلتهم يتراقصون أمامهما مثل الغراب الذي أراد تقيلد مشية الحمامة فنسي مشيته . و أسقطت المهنية المزعومة للصحف، و كشفت ترسخ الانتهازية بابشع صيغها و تجلياتها في صفوف الحداثيين و نقيضهم الموضوعي الاصوليين الدينيين.

ليس غريبا إذن، في واقع كهذا، أن نجد الاموات هي من تشيع الاحياء، أن يصبح الانتهازي و المتملق و الوصولي، ماركة مسجلة تتداولها الصحف و المواقع و أجهزة الاعلام و الصالونات و المنابر. و أن تتهافت الجرائد على نشر مذكرات العملاء و الجلادين و مصاصي دماء .

ليس غريبا، ان يلوذ المثقف بالفرار، أمام المعاناة الصارخة لشباب سرقت منهم حياتهم و زجوا في غياهب السجون لانهم طالبوا بالحرية و الكرامة و العدالة للجميع. و أن يصبح الهم الاول للنقابي هو الحفاظ على امتيازاته و السياسي هو تقديم الطاعة و الولاء لسلطة غاشمة من اجل الظفر بمناصب ادارية أصبحت معروضة للمزاد العلني.

انسحاب حركة 20 فبراير من الساحات و الميادين، لم يكن فشلا و لا تراجعا و لا موتا كلينيكيا كما يتوهم البعض. بعد رميها بحجرها في المياه الاسنة، ها نحن اليوم نكتشف الوجوه على حقيقتها بعما خلت الساحات من شعاراتها، و وٌضعت الطروحات البديلة لمعارضيها أمام المحك و الاختبار.

سقطت مقولة "المغرب الاستثنائي "التي بشر بها حزب أصولي جعل من شعار محاربة الفساد و الاستبداد قنطرة للوصول الى الحكومة. و سقطت مقولة "الانتقال الديمقراطي المؤسساتي " امام حاجز انزال الترسانة الدستورية الجديدة التي تغنت بها " المعارضة الديمقراطية".

و اختلف الرفاق حول من السابق في الوجود : البيضة ام الدجاجة؟ اسقاط النظام ام اصلاحه؟ ملكية برلمانية أم جمهورية مغربية؟ و تخندق كل فصيل منهم خلف قلعته ليوجهون سهامهم لبعضهم البعض.

لقد ورطت حركة 20 فبراير الجميع، يمينا و يسارا، دولة و مجتمعا. وحتى الان، لم تستلم الحركة رغم شراسة القمع المخزن المادي و المعنوي، و لا يمكنها أن تستسلم مادامت أهدافها لم تتحقق، فكيف إذا لحركة من هذا القبيل، أن تستسلم بعد أحدثت كل هذا الزلال؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخطأ حين وضعوا الملك في فوهة بندقيتهم
الصحابي عبدالرحمان بن عديس ( 2014 / 2 / 15 - 10:46 )
حلاكة 20 براير انتهت الى حيث لا رجعة . ان من اسباب نهايتها ، أ نها لن تربط جدليا بين قوتها وبين مطالبها ، فهي كانت اندفاعية اكثر منها عقلانية براغماتية . ان من الاخطاء الاستراتيجية التي افشلت الحركة وحكمت عليها بالموت المحقق ، انها في انطلاقتها الاولى لم تدرس بحساب ميزان القوى ، ولم تستوعب كون الشباب المنخرط في الحركة تنقصه التجربة ، وهو يعبر عن مطالب اجتماعية خاصة ليس هي مطالب الشغيلة ولا الفلاحين ولا المستضعفين والفقراء ، بل كانت تعبر عن مصالح البرجوازية الصغرى ، دون ان يعي هؤلائ الشباب انهم فعلا برجوازية صغيرة . لذا فان الخطأ الفادح للحركة هو حين وضعت الملك لاول مرة في فوهة بركانها ، فخلقت منه عدوا بالمجان ، وكان على الحركة ان تعلنها ثورة جديدة بين الملك والشعب الذي انخرط في الحركة لمحابرة الفساد والظلم والاستبداد وعدم الافلات من العقاب . ان هذا الخطأ مكّن المفسدين من سرقة الملك وبدون ان يشعر ، وبعد ان ضخموا له الخطر الذي لا يوجد الا في ذهنهم ، ووضعه الى جانبهم وليس الى جانب الحركة والجماهير التي خرجت معها .
اضافة الى هذا الخطأ الاستراتيجي هناك اخطاء اخرى كثيرة سنعرض لها مستقبلا

اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال