الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الوهابية النشأة و التطور و المآل

يوسف رزين

2014 / 2 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تقديم :
كثيرا ما يعمد الباحثون عند دراستهم للحركة الوهابية إلى التركيز على العامل الديني و كأنه المرتكز الوحيد الذي قامت عليه ، في حين أن العامل المادي اي الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي هو المحدد الأكبر لتشكل هذه الحركة و هو ما يجب عدم إغفاله عند دراستنا لها.
النشأة :
ظهرت هذه الحركة الدينية السياسية أول مرة في نجد على يد محمد بن عبد الوهاب (1703-1792م) و هي منطقة صحراوية فقيرة الموارد تقع في قلب صحراء الحجاز و كانت تحت حكم نظام الخلافة العثمانية الذي أهمل البلاد العربية و أثقل أهلها بالضرائب الشيء الذي حكم عليها (نجد) أن تعيش على الهامش . و أمام ضعف الموارد المعيشية لأهل نجد و قبائلها البدوية كانت الوسيلة الوحيدة لديهن لتحصيل الرزق هي امتشاق السيف و القتال و سلب الغنائم.
إذن في هذه الأجواء المادية الصعبة ظهرت الدعوة الوهابية أول مرة على يد محمد بن عبد الوهاب الذي ولد سنة 1115ه في مدينة العيينة بنجد في منزل الشيخ عبد الوهاب بن سليمان الوهيبي التميمي قاضي العيينة . و قد تعلم في مسقط رأسه على يد فقهاء حنابلة و حفظ القرآن قبل العاشرة من عمره و تدارس بعد ذلك كتب الشيخين ابن تيمية و ابن القيم مما كان له الأثر الأكبر في تكوين فكره و شخصيته.(1)
التطور :
بعد ذلك شرع في نشر مذهبه القائم على التوحيد و إنكار البدع و معاداة التصوف و قد ألف عدة كتب أهمها كتاب " التوحيد" أراد من خلاله إصلاح العقيدة و الدين حسب تصوره ، و قد ركز فيه على أربع مسائل و هي :
1- العلم : و يقصد به معرفة الله و نبيه و دين الإسلام
2- العمل به
3- الدعوة إليه
4- الصبر على الأذى فيه
هذا و يمكن إجمالا تلخيص أهم مبادئ حركته في التالي :
- إنكار الشرك و الدعوة للتوحيد
- محاربة تقديس الأولياء الصالحين
- إنكار البدع و الخرافات و التوسل بالأضرحة و القبور
- النهي عن الزينة بالملابس كالحرير
- العودة إلى ما كان عليه الصحابة و الأئمة الرابعة ممثلا في المذهب الحنبلي
- تحريم التدخين و شرب القهوة
- تحريم الموسيقى و الضرب على الآلات الموسيقية
- محاربة السحر و الشعوذة
- محاربة الصوفية و الدروشة
و كما يتضح من مبادئ حركته معاداته للتصوف المذهب السائد آنذاك و المعتمد من طرف الدولة العثمانية. بالإضافة إلى ذلك فإنه لم يقتصر على الدعوة لمذهبه بشكل سلمي بل قرنها بالعنف ، فتحالف سنة 1157ه مع محمد بن سعود أمير بلدة الدرعية و قررا معا نشر الدعوة سياسيا و دينيا . و هكذا بعد تأسيس الدولة في الدرعية أطلق الاثنان الحملات العسكرية لمحاربة مخالفيهم من المسلمين على أساس أنهم مشركون يجوز قتالهم و سلب أموالهم . و بذلك استولى الوهابيون على اغلب الجزيرة العربية ثم انطلقوا بعد ذلك في غزو الشام و كربلاء و البصرة و عمان.
المآل :
و أمام هذه التطورات على الأرض العربية كان لا بد للدولة العثمانية أن تتخذ موقفا منهم فاعتبرتهم متمردين على سلطانها و طلبت من محمد علي باشا حاكم مصر آنذاك محاربتهم و القضاء عليهم . هذا الأخير جرد ثلاث حملات عسكرية لقتالهم، الأولى كانت بقيادة ابنه طوسون (1811-1812م) و الثانية بقيادة محمد علي نفسه (1813-1815م) ثم الثالثة و الأخيرة بقيادة ابنه إبراهيم باشا (1816-1818م) و هي التي كتب لها النجاح حيث تمكن في 9/09/1818م من احتلال العاصمة الوهابية (الدرعية) و تدميرها و اقتياد أميرها عبد الله إلى استانبول حيث اعدم هناك سنة 1819م. (2)
لكن مع ذلك فإن الوهابية لم تختف من مسرح الأحداث بل عادت مرة ثانية في أوائل القرن العشرين ، حيث ظهر آل سعود من جديد متحالفين مع آل الشيخ أحفاد محمد بن عبد الوهاب ليؤسسوا دولتهم مرة أخرى بدعم من انجلترا بعد تفكك الدولة العثمانية و انشغال مصر بمشاكلها الداخلية ممثلة في الاحتلال الانجليزي لها.
الوهابية من منظور خصومها :
طبعا لا يمكن إقفال هذا الملف دون الحديث عن موقف المذاهب الإسلامية الأخرى من الوهابية . فقد تعرضت للنقد و التجريح من كثير من علماء السنة من حنابلة و أشاعرة و مالكية و شافعية و حنفية و قد أخذوا عليها ما يلي :
- الإفراط في تكفير و تضليل من اختلف معهم
- تكفير أئمة الشيعة و الصوفية
- تعرضهم لأئمة السنة بالتخطئة و التبديع كالشوكاني و ابن حجر و الشاطبي و أبي حامد الغزالي الخ ..
- قتال مخالفيهم من المسلمين بدعوى أنهم مشركون
- الخروج على الخلافة العثمانية
- هدم الشواهد و الآثار النبوية المتبقية كمكان ولادة النبي محمد (ص) و بستان الصحابي سلمان الفارسي و بيوت الصحابة و قبورهم.(3) (4)
خاتمة :
يمكن القول أن الحركة الوهابية ما كان لها إلا أن تحدث بسبب ضعف الدولة العثمانية و أفولها الشيء الذي سمح للبادية العربية بان تعبر عن نفسها في شكل هذه الحركة العنيفة و المتزمتة، لكن يبقى السؤال : هل ستستمر هذه الحركة مستقبلا أم أنها ستدخل طور الأزمة بسبب تناقض مبادئها مع القيم الكونية ؟
_________________________
المراجع:
1- سلسلة أعلام العلماء / عبد المنعم الهاشمي
2- صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر/ زكي فهمي
3- عنوان المجد في تاريخ نجد / ابن بشر
4- فتنة الوهابية / احمد زيني دحلان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة