الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة قانونية على الدساتير العراقية مقارنة مع الدساتير الاجنبية والدستور العراقي لعام 2005

رزاق حمد العوادي

2014 / 2 / 20
دراسات وابحاث قانونية


نظرة قانونية على الدساتير العراقية مقارنة مع الدساتير الاجنبية والدستور العراقي لعام 2005
الدستور ليس كقانون عادي وانما هو عقد اجتماعي وله صفة العلوية وجاء نتيجة كفاح الشعوب وتنوير المثقفين لتنظيم الحكم وعلاقة المجتمع في الدولة واليه الفصل بين السلطات وحقوق الناس .
واذا كان اول دستور مكتوب صدر إبان ثورة الاشراف والكنيسة على الملك جان وذلك بما يسمى المكناكارتا عام 1215 (انكلترا) وسمى بالعهد الاعظم وقد تقرر بموجبه حرية الكنيسة وتخلص المجتمع من سيطرة الملك وعدم فرض ضرائب الا بموافقة الشعب.(1)
ان الاثار القانونية والتي جاءت بها الثورة الفرنسية عام 1789 وهو صدور لائحة حقوق الشعب وحرياته وصدور اعلان حقوق الانسان الفرنسي الذي تضمن عدة معايير دستورية وقانونية ومنها الدولة التي لا يوجد فيها الدستور هي مذلة لحقوق الوطن والمواطن وان كرامة الانسان يجب ان تصان والمتهم برئ حتى تثبت ادانته (2)
وكذلك صدور الدستور الامريكي عام (1776) وما جاء بنصوص قانونية منظمة لعلاقة الفرد والمجتمع مع الدولة انطلاقا من مبدأ حقوق الانسان .
واذا كان الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو قد اكد على مبدأ الفصل بين السلطات بموجب كتابة روح القوانين الذي صدر في (1778) وقد وضع الاسس القانونية لتنظيم العلاقة بين السلطات في الدولة ومنع التفرد بالسلطة(3)
وقد عالج مسالة الفصل والتمييز الوظيفي بين السلطات واستقلالية كل منها عن الاخرى وذلك كونه الضمان الحقيقي للحفاظ على اسس الدولة المدنية الحديثة ولضمان الحريات والحقوق والابتعاد عن الاحتكار للسلطة وعلى ضوء ذلك ووفقا لنظرية مونتسكيو يمكن اعتبار السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية مستقلة وتحديد واجبات كل منها منعا للأخطاء ومراقبة كل منهما الاخرى .
اما في العصر التنويري الاوربي فقد ظهر مبدأ الفصل بين السلطات ضمن كتاب جون لوك عام (1632_1704) حول الحكومة المدنية وحدد لو كان اعطاء سلطتين تشريع القوانين وتنفيذها سيؤدي الى الطغيان وقد اعتبر كتاب جون لوك المؤسس القانون للثورة الانكليزية عام 1688 التي جاءت باعلان وثيقة الحقوق سنة 1689(4)
الدساتير العراقية
اولا:ـ بدأت الحرب العالمية الاولى ودخلت القوات البريطانية كدولة محتلة في عام 1918 واجهه مقاومة شديدة من الشعب وقواة الوطنية وقد تم تعيين الملك فيصل الاول ملكا على العراق وتوج عام 1921 بناء على طلب قادة الثورة وكونه عربيا من عائلة هاشمية وبعد حين تم تاليف لجنة لوضع الدستور للبلاد (5) تضم السادة يوسف غنيمة وناجي السويدي وساسون حضوري والجادرجي مع المشاركة مع القوات البريطانية وفعلا تم اعداد الدستور من ديباجة تتالف من 21 كلمة وتم المصادقة عليه في 20 اذار 1925

وهناك بعض الملاحظات الايجابية على الدستور:ـ
1ـ ان نصوصه صيغت بصياغة قانونية ذات كفاءة عالية ويحمل في طياته روحا ديمقراطية واعطى للشعب حقوقه (6)
2ـ الاسلام دين الدين ولم يشير الى علاقة الدين بالتشريع م/13 واعطى للطوائف حقوقها كاملة
3ـ اللغة العربية هي اللغة الرسمية وفقا للمادة 17
4ـ اناط السلطة التشريعية بمجلس الامة مع الملك وان مجلس الامة يتكون من مجلسي النواب والاعيان
5ـ الا انه خلى من تاسس محكمة دستورية ولكن م/18 نصت على تاليف محكمة عليا لمحاكمة الوزراء واعضاء مجلس الامة المتهمين بجرائم سياسة او جرائم لها علاقة بوظائفهم
ثانيا:ـ الغى الدستور بقيام ثورة 14 تموز عام 1958 وتم تأليف لجنة لصياغة الدستور وفعلا تم اعداد دستور مؤقت مولف من ديباجة تتألف من 35 كلمة كوصف عامة لمفهوم الدستور
وقد جاء بمبادئ ونصوص قانونية ويتألف من 13 مادة وهي ان العراق جزء من الامة العربية م/2
الاسلام دين الدولة م/4
والشعب مصدر السلطات م/7
وان المواطنين سواسية م/9
ثم انتقل الى نظام الحكم حيث اشار في المادة 20 يتولى رئاسة الجمهورية مجلس سيادة يتالف من رئيس وعضوين وان مجلس الوزراء يتولى السلطة التنفيذية والتشريعية بتصديق من مجلس السيادة
ثالثا//
اما الدستور لعام 1964 المؤقت ويتالف من ديباجة 140 كلمة فقد نص في المادة 85 على استقلال السلطة القضائية ولا يجوز التدخل في قضاياهم وان المادة 61 ان للمجلس الامة 8 باعتباره الهيئة التي تمارس السلطة التشريعية ويتالف المجلس من اعضاء يختارون بطريقة الانتخاب ويمارس المجلس الوطني لقيادة ومجلس الوزراء السلطة التشريعية وتم منح الحكومة صلاحيات شبه مطلقة.
اما الدستور 1968 الموقت قد منح سلطات قضائية وقد اشار الى استقلالية القضاء وان مجلس قيادة الثورة هو الجهاز الثوري كما منحت م/44 صلاحية لمجلس قيادة الثورة اصدار القوانين (9) والانظمة واصدار القرارات التي لها قوة الالزام فضلا عن حصانة مجلس قيادة الثورة ومنح وزارة العدل الاشراف على القضاء واجهزة العدل واخيرا دستور 1970
اما ما بعد 2003 حيث حدثت تحولات معينة على النظام السياسي واخذ بمبدأ الفصل بين السلطات فقد اكد قانون الدولة للمرحلة الانتقالية لعام 2004 الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية في نظام الحكم الاتحادي م/4 فضلا مع استقلال السلطة القضائية ولا يجوز تدخل السلطات بعضها مع البعض الاخر اقرت مسودة الدستور على قاعدة تقسيم السلطات وفقا لمبدا الفصل بين السلطات

اما الدستور 2005
1ـ تضمن الدستور ديباجة 395 كلمة تعبر عن فلسفة الدستور والخلاصة الموضوعية النصوص واذا كانت ديباجة دستور العراق عام 2005 جاء بمفاهيم وهي تحمل الحزن والاسى والبكاء لم تتضمن موقف الشعب العراقي من الواقع الدولي وما له من حقوق وعليه من واجبات كونه من الدول التي صادقت على ميثاق الامم المتحدة وانظم الى الكثير من الاتفاقيات الدولية . ولم تشير الى التزام العراق باحكام القانون الانساني الدولي وان الديباجة ... لم تشر الى المجتمع الذي دمرته الحروب والشخصيات .. لم تشر الى واقع الشعب العراقي . ولم تشر الى احترام القانون الدولي وان الغموض والتردد سادته وخلت من تثبيت حقوق الانسان
2ـ اما المادة (1) من الدستور فقد تضمنت ان نظام الحكم اتحادي يتكون من عاصمة واقليم ومحافظات لامركزية وادارات محلية وبهذا خلط بين شكل الدولة وشكل الحكم لا بل وخلط بين النظام الفدرالي والنظام اللامركزي الوارد في المادة 117 الذي اقر بوجود السلطة المركزية في اقليم كردستان وهو يشير الى اقليم كردستان بصورة عامة وليس الى اقليم كردستان العراق وكونه اقليما اتحاديا ولا بد ان تكون هناك الدقة والوضوح في هذه الحالة.
3ـ ان الدستور وفي المادة 122 منح المحافظات التي لم تنظم الى اقليم الصلاحيات الادارية والمالية الواسعة التي يمكنها من ادارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الادارية وبذلك خلط بين نظامين اذا ما علمنا بان النظام اللامركزية يتطلب وجود هيئات تتمتع باستقلالية العمل الاداري والمالي غير انها تبقى خاضعة لرقابة الدولة كما ان المادة 122/5 لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة او اشراف اية وزارة او اية جهه غير مرتبطة بوزارة مالية مستقلة .
4ـ ورد في الباب الرابع من الدستور (اختصاصات السلطات الاتحادية وفقا للمادة (109-110) وحدد الاختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقليم وفقا للمادة 114 وهي ادارة الكمارك بالتنسيق مع الاقليم والمحافظات وتنظيم مصادر الطاقة الكهربائية ورسم السياسة الهيئة الصحية والتربوية.
الا ان الدستور وفي المادة 115 جعل كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحيات الاقاليم وهذا تناقض تماما وبذلك تمت المساواة بين المحافظات غير المرتبطة باقليم مع الاقاليم لا بل واعطى للاقليم صلاحية دستور واصدار تشريعات قانونية وفقا للمادة 120 والمادة 121 والحق في ممارسة تلك الصلاحيات اذا ما علمنا بان المادة (13)
من الدستور كونه يعتبر القانون الاسمى والاعلى في العراق ويكون ملزما في انحاءه كافة وبدون استثناء وهذا يعني بطلان ما يقع خلافه ويترتب عليه تحديد جميع الصلاحيات للمؤوسسات التي اشرنا اليها وثبات الاحكام الدستورية وسيادة القانون .
لا بل وان الدستور وفي المادة 115 اعطى صلاحية للاقاليم وتعديل تطبيق القانون الاتحادي وقانون الاقاليم بخصوص مسالة او قضية لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطة القضائية وهذا تعارض مع المادة 13 اعلاه والمادة 121 / ثانيا كما تناقض احكام م/111 من الدستور.
5ـ ان من اكبر وافضح العيوب الدستورية انه اوكل الى مجلس النواب حل نفسه بنفسه وهذا مبدأ يتعارض تماما مع مبدأ التوازن والاستقلالية للسلطات الاتحادية الواردة في م/47 حيث ان المادة 64 من الدستور اشارة الى انه يحل مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد واعضاءه بناء على طلب 3/1 اعضاءه او طلب من رئيس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية ...
كما انه لم يرد في الدستور الحق في الاستفتاء الشعبي كونه مظهر من مظاهر الديمقراطية ومنها مثلا الاعتصام الشعبي على اي قانون يصدر من السلطة التشريعية استنادا لاختصاصاتها الواردة في المادة 61 اولا ولم يرد الحق في اعادة الانتخابات.
ان الدستور جعل من الشعب يذهب للاقتراع مرة واحدة كل اربع سنوات لكي ينتخبون مجلس النواب وهذا يعني ان الدستور اخذ بنظرية التفويض لا النظرية النيابية بحيث تنقطع الصلة بين الشعب ونوابه بمجرد انتهاء الانتخابات وخلافا للنظرية النيابية التي تقوم على النائب وكيل يجب ان لا يتعدى حدود وكالته وهي المراقبة والمحاسبة والاستبدال وهذا الذي يفسر تصرفات النواب من حيث رواتبهم ومخصصاتهم دون اي اعتبار للراي العام ولمن انتخبهم لا بل ومنح رواتب تقاعدية لهم خلافا لاحكام م/63 من الدستور.
6ـ لم يرد في الدستور باب خاص ينظم الشؤون المالية ولم يفرد له سوى بعض المواد ومنه م/(27ـ28ـ62) يقدم مجلس الوزراء الموازنة م/80 تخطيط السياسة المالية من قبل مجلس الوزراء مادة 102 البنك المركزية وارتباطه م/110السلطات الاتحادية اذا لا بد من وجود باب خاص لهذه الاحكام اذا ما علمنا بان اكثر الدساتير العربية اشارة لانه من المفروض ان يوضح الدستور النقاط التالية:ـ
1ـ انشاء وتنظيم الضرائب للمكلفين به وان تصدر تعليمات مكملة لها
2ـ لا بد من تحديد الاسس القانونية المالية م حيث حفظ اموال الدولة والحسابات وتنظيم احوال الصرف .
3ـ لم يرد ف يالدستور اسس تنظيمية لعملية القروض العامة الداخلية والخارجية وبموجب قوانين تضع شروطها واليات فرض سعر الفائدة وايفاء القروض
4ـ لم تحدد نصوص لغرض الحسابات النهائية
ولقد ابتعد الدستور كليا عن حلم الدولة القانون والدولة الديمقراطية نتيجة اثارها السلبية على السلطة التشريعية حيث لم تشرع القوانين ذات العلاقة بحياة المجتمع وهي القوانين التربوية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية ... وهناك اكثر من 55 قانونا مكملا لاحكام نصوص الدستور .. لم يشرع قانون النفط والغاز .. كما اثرت التوافقات على عمل السلطة التنفيذية ومسؤولية الوزراء لا بل واثرت هذه التوافقات حتى على السلطة القضائية وكونها احدى السلطات الاتحادية الثلاث .
7ـ الدستور العراقي رغم انه اقره بالحقوق والحريات كما وردت في الباب الثاني المواد 14ـ46 ومع ذلك لم يتضمن الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق واصبح طرفا فيها ولم ينص صراحة على ان ينص ان هذه الحقوق تمثل الحد الادنى للحقوق الطبيعية للانسان ولا يجوز الانتقاص منها بموجب تشريع او لائحة او قرار ولم يرد نص دستوري لفرض جزاء على من ينتهك هذه الحقوق .
8ـ كما ان الدستور وفي باب السلطة القضائية الوارد في الفصل الثالث م/87-101 لم يتضمن ان القضاء العراقي يجب بت في دستورية المعاهدات والاتفاقيات التي يعقدها العراق وفقا للقانون 111 لسنة 1979 والنصوص الدستورية الخاصة بتصديق الاتفاقيات الواردة في المادة 61 / رابعا والمادة 73/ ثانيا والمادة 81 / سادسا والمادة 110 ... كما ان القوانين التي تشرع والتي هي مكملة لنصوص الدستور يجب ان تخضع لنظر المحكمة الدستورية لبيان مدى دستوريتها وعدم مخالفتها لنصوص الدستور والنظام العام..
وهناك بعض الملاحظات على بعض نصوص الدستور سنوالي بعض النواقص مع بحث لاحقا...
وإذا كانت نقابة المحامين وبموجب تاريخها التليد وتضحياتها الجسام وكونها ذات السبق في تشريع القوانين لا بل وحتى الدساتير طبقا لمسوؤلياتها الوطنية والمهنية والأخلاقية وبموجب قانونها فهي اذا تطرح هذه الرؤى والافكار نتمنى من اصحاب القرار ملاحظة هذه الأمور معالجتها وفقا لاختصاصاتها ونكرر ان نقابتنا على اتم الاستعداد للمشاركة في اي جهد بهذا الشأن
(ان اعلى درجات الرقي في الانسان ذوبانه في خدمة وطنه )
(وان النصر دائمالمن كان اشد ثباتا وقوة )
المحامي
رزاق حمد العوادي
المصادر
1) القانون العام ارثر بوسبوم بغداد
2) تدويل الدساتير العام هلين ثيرور
3) الدعاوى الدستورية
4) حقوق الانسان
5) تاريخ الوزارات العراقية د.الحسني
6) دستور 1925
7) دستور1958
8) دستور1964
9) دستور1970
10) قرار مجلس الامن 1483
11) جريدة الوقائع العراق 3977 في 23 ايار 2003
12) دستور 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط


.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا




.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد