الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنترفيرون (قصص قصيرة)

شريف الغرينى

2014 / 2 / 20
الادب والفن


تحركت قليلا نحو النافذة فى أول يوم ترى فيه الدنيا بعد جراحة فى عينيها، كان النور الصادر من صباح عفى يضرب عينيها، كأنها حملت شمعة وراحت تقف بها فى مواجهة الريح، وضعت يدها على عينيها واستدارت تبحث عن الظلام فى أركان غرفتها.
zzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzz
فى الطائرة يجلس فى المقعد المجاور للنافذة ينظر للكون وهو يختفى تدريجيا من تحته فيشعر بوحدة قاسية عندما تصبح الصورة الوحيدة المتاحة هى السحاب والبياض المخيف فيدير وجهه ليبحث عن عالمه المألوف فى وجوه الركاب ، أما هى فكانت تجلس فى العربة الأخيرة فى القطار تنظر للعالم وهو ينسحب تدريجيا ويحل محله عوالم أخرى لا تلبث أن تختفى على وقع صوت عجلاته التى تشبه فى ترتيلها دقات الساعة ،نظرت للسماء عندما أشتاقت للثبات و عندما التقيا فى المطار بعد فراق دام سنوات تعانقا عناقاً يشبه عناق المطر للتراب .
zzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzz

استطاع اقتيادها للتنزه عندما أدرك أنها معجبة بوسامته فى مشهد متكرر لا يمل منه أبدا ،لم يجد يوما مشكلة فى مصاحبة أى عدد من النساء ، عندما التقى بها جذبها من يديها وسار مسرعا وهى تتبعه تكاد تسقط متعثرة فى فواصل الطرقات ، وجد بسرعة برجولة خشبية معزولة فى المتنزه، و فى غفلة من المارة ومن الحراس استطاع طباعة أول قبلة على خدها، لم تحرك ساكنا ، تهافت أخرين على المكان فى الوقت الذى كان يداعب فيه خصلات شعرها ، تجولوا كثيرا و جلسوا فى أماكن أخرى ثم انتفضوا مرة أخرى ليبحثوا عن مكان خال، حاولوا مرات ومرات دون جدوى ، انتصف النهار وأصبحت الشمس فوق رؤوس الجميع وأصبح من المستحيل أن يجدوا مكانا ملائما -بلا رواد - ليمارسوا فيه نجواهم ، وقفوا متشابكى الأياد ينظرون للبحر بعد أن أضناهم السير والبحث ،استدار الفتى حتى صارت الفتاة فى مواجهته تماما نظر فى عينيها بعمق، لأول مرة ينظر بعمق فى عين واحدة من اللاتى اصطحبهن ، ليرى عين ترتعش دامعة مسكونة بالحب والخوف لكنها تحاول أن تبتسم لترضي جنونه ونزقه، الغريب أنها نجحت فى إيصال كل هذه الرسائل المتناقضة فى ثوان معدودة دون أن تتكلم والأغرب أنه استطاع فك شفرات الرسالة وهو من إعتاد ألا يقرأ سوى الرسائل الساخنة فقط ، حاول أن يتكلم لكن الكلمات لم تكن تكفى لوصف ما شعر به ، وفى النهاية لم يتمالك نفسه فجثى على ركبتيه نادما مقبلا يديها أمام العالم، هذه المرة لم يحتاج إلى أن يختبى بها ليعبرعما بداخله ،فوجىء بتصفيق وإلتقاط صور من رواد المتنزه فخرج فى المساء من نفس البوابة التى دخل منها بعد أن غررت بقلبه دمعة مكبوتة .

zzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzz
عشرون عاما إنقضت لم أرى فيها هذا الشارع الذى يضيق كلما تحركت فيه للأمام البيوت كما هى كأنها ستلتقى فى النهاية، الروائح الوافدة من البيوت مازالت كما هى تتعانق فى أنفى فتصنع وطنا غير قابل للتكرار ، السير لمدة طويلة يضع العمر الذى قضيته فى هذ الشارع أمام عدساتى السميكة ، قبل الوصول إلى منتصف الطريق اصطدمت بطفل جميل فسقط فى التراب دون أن أدرى أنه إبن الفتاة التى أحببتها فى سنواتى الخضراء ، لم أكن اعرف أنى ساجد بعد العودة من السفر والغربة فى ضباب الأيام وشموسها طفلا يربطنى بأمه حب منسى ، عندما خرجت مسرعة لتنفض عنه الغبار وتوبخه على شقوته اصطدمت عيوننا المحاطة بجفون الوقت ،مددت يدى لأسلم عليها وعلى الصبى ، قالت باضطراب وهى تتلفت سلم على عمك هذا ..هذا ... قلت لها بصفاقتى المعهودة قولى له : هذا أبوك فى الحب .
zzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzz

الجلوس فى ساعات الليل الأخيرة فى شرفة باردة لتدخين سيجارة لم يكن كافيا وكأس البيرة الذى أصبح أربعة كئوس لم تكفي أيضا ليسكن بعدها للنوم فى هذه الليلة الطويلة، نهض بعد أن القى عقب السيجارة من الشرفة ثم أغلقها واستعد للنبش فى أركان غرفته ،أخرج أوراقا وأقلاما وبعثر كل شىء أمامه على منضدة أضافها مؤخرا لغرفة نومه الواسعة ، وبسط عليها مفرشا قرمزىا ومزهرية قديمة من الخزف ربما كان حلم الليلة الماضية هو السر فيما هو عليه من أرق وحيرة، أخرج كل الصور القديمة نظر فيها بإمعان واستعاد ذكريات مدفونة منذ سنوات ،علقها على الحائط بعد أن أزعج الجميع بالمسامير التى دقها فى لحم الحائط المقابل لفراشه ،انتهى من تعليق أخر صورة ثم راح فى نوم عميق، وعندما استيقظ جمع كل الصور مرة أخرى وأعادها إلى مخابئها ثم مضى إلى عمله لكنه تعمد ألا ينزع المسامير من الحوائط .
zzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzzz
الصدمة فى نزول المسبح فى الشتاء بدأت عندما فكر فى الأمر ؛تحسس البرودة بأطراف أصابعه و بعد أن خلع ملابسة قفز فى الماء، كان صوت عظامة يشبه صوت تحطم الزجاج وهو يغالب دقات قلبه المتسارعة وأنفاسه المتلاحقة ، التى تسابق روحه التى اوشكت على التسرب و الخروج من بين أضلعه ، وصلت يديه لحافة المسبح بعد عناء تعلق بها ليهرب من سياط البرودة المميتة لكنه شعر بسكينة تدريجية وبعد ثوان معدودة لم يعد يشعر بأى برودة، أصبح الأمر مقبولا ثم ممتعا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو


.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا




.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية