الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدارس الابتدائية وخطر تقنين الوعي المعرفي

علي غشام

2014 / 2 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مرت العملية التربوية في العراق وعلى مرّ عقود من الزمن بالأدلجة الحزبية في زمن سيئ الذكر بائع العراق وشعبه القائد الأرعن بتهرؤ علمي وتربوي ، ولم يكن للتعليم ولدور المعلم الركيزة الأساسية بالإسهام في بناء شخصية الطفل العراقي وتهيئته للمستقبل في ظل عالم متسارع الخطى نحو عولمة العالم بعد ثورة التكنولوجيا والاتصالات والاختراعات الكبرى ، لقد عمد النظام السابق الى (تبعيث وعسكرة) المدرسة والجامعة متجاوزاً كل حدود رجالات التربية والتعليم وبغطرسة وتسلط وقمع وتهميش ...!!
اليوم وفي ظل انتشار الاسلام السياسي وتمكنه من الوصول الى دكة السلطة صبغ فكر التلميذ العراقي بتوجه جديد ساهم في أتساع هوة الانقسام الطائفي والمذهبي كتحصيل حاصل بان المذهب والطائفة نتاج فكر ديني بحت دافعين بأقصى قوة نحو رهبنة قشرية سمجة للمجتمع برمته ، ولما للانتماء العقائدي من رواج عاطفي مقنن ودعم خارجي من دول باتت تعرف بطائفيتها ومذهبيتها الدينية وعمل هذه الدول والمجتمعات المحيطة بالعراق على استقطاب من ينتمون الى مذهبها او طائفتها لتنفيذ اجندات سياسية وأبعاد الخطر عن دولهم بارتجال ردة الفعل الاستباقية وتقديم افضل مالديهم من خطط تدميرية وارهابية لقطاع التربية والتعلم في العراق لخلق نوع من التمويه على ما يجري من تحديد لحريات شعوبهم وكبت ما تصبوا اليه تلك الشعوب من تطلع نحو مستقبل واعد يواكب تطورات العصر والعالم في بناء دول مؤسسات وقيام انظمة حكم مدنية لا تعير اي اهمية لاي انتماء اخر للوصول على اقل تقدير لمصاف الدول النامية والمكتفية ذاتياً لتلبية احتياجات شعوبها ...!!
خلاصة القول ان مناهج التربية والتعليم الابتدائي لحد هذه اللحظة لم تصل الى مستوى الأعتراف بخطأ من سبقهم في صياغة هكذا مناهج متخلفة وعمل على استنساخ تجربة الفشل (البعثي) في جعل التلميذ في المدرسة يحدد فكره واتجاهه العام بإطار واحد ولون واحد ونغمة نشاز واحدة تصدع رؤوسنا وتهتم باتجاه معين على حساب التقدم العلمي والفكري للطالب ..!
التغيير حاجة ملحة في بناء المجتمع العراقي في ظل صراع طبقي بدأت تتضح صورة المتجلية في حركة رأس المال والإنتاج عموماً خصوصاً بعد وصول البرجوازية الطفيلية والإقطاعية المتنفذة المتمثلة برجل الدين ورجل العشيرة ونمو رؤوس الأموال الصغيرة في ظل فوضى مالية عارمة تجتاح العراق على حساب لقمة الفقير واليتيم ، فمثلاً في محافظة البصرة وفي حي شعبي اسكنه مكتظ بعدد سكانه الذي يقرب من 500.000 خمسمائة ألف نسمة انتشر بناء الجوامع والحسينيات على نطاق ملفت بحيث في كيلومتر واحد يوجد عشر حسينيات وجامع في محيط سكني بينما في المدرسة الابتدائية للبنات القريبة من سكني وصل عدد تلميذات الصف الخامس الابتدائي 70 سبعين تلميذة ..؟!
ناهيك عن مناطق ومحافظات كاملة في العراق تحوي من المآذن والجوامع ما زاد عن حده رغم صغرها كحال مدينة الفلوجة التي سميت بمدينة المآذن لكثرة المساجد والجوامع فيها ، ان هذا الزخم الفضيع والمفرط لسيطرة قوى الإسلام السياسي بالنتيجة يولد انقساماً حاداً ومدمراً اذا ما اردنا بناء دولة ومؤسسات ترتقي بالانسان العراقي لمصاف الدول النامية ، ولا اريد ان أهمش الدين ورجاله فهذا ضرب من الخيال في مجتمعاتنا ولا اريد ان اصبح عدواً لمجتمعنا بطرحي هذا..
ولكن الحد من سلطة رجل الدين واشتراكه في السلطة بات من مطلباً ملحاً ويجب تبنيه من التربويون ورجال التنظير الاجتماعي واساتذة علم النفس والاعلاميين المخلصين والمفكرين والمثقفين الذين يشعرون بخطورة انحدار المجتمع لدرجات كبيرة من العنف الديني .. لان مشكلتنا اساساً هي صناعة الفتوى ومن كل الاتجاهات والتي تنعكس بالضرورة على صُعُد الحياة كافة لأن المجتمع ما زال يعيش رهبة الخوف المتجذر فيه لتسهل قيادته من المتخلفين والجهلة المتسلقين لدرجات السلطة بحكم المال والقوة ..!!
ولا نريد من يحسب على الثقافة والاعلام وانصاف المثقفين من ان تكون لهم سلطة وامكانيات مشبوهة من استلام ملفات مهمة ومفصلية في بناء مجتمعنا كما هو حاصل اليوم في برلماننا العتيد ومؤسساتنا التي سحقت بزمن النظام البائد الأرعن وتسحق الآن للنهوض بشعبنا ومجتمعنا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة