الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإقليم بين رهانات الداخل وتهميش الخارج

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2014 / 2 / 24
السياسة والعلاقات الدولية


الإقليم بين رهانات الداخل وتهميش الخارج !! زيرفان سليمان البرواري

إن إدارة العملية السياسية في إقليم كوردستان العراق لم تكن عملية سهلة ومرنة ابتداءًا من بدايات تسعينيات القرن الماضي؛ امتدادًا من احتلال العراق مرورًا بتشكيل النظام السياسي الجديد في العراق، فالتغيير السياسي الكبير الذي حصل في العراق، وتغير على إثره النظام السياسي في بلاد الرافدين؛ من رئاسة شمولية قائمة على أساس الطغيان، والاحتكار السياسي؛ إلى نظام برلماني هش ومتذبذب بين خليط من الكيانات السياسية التي لم تجمعها غير النفوذ السياسي، وتقسيم الثروات بين بعضهم البعض، إن الانتقال من حالة الفوضى الأمني إلى دولة المؤسسات منذ 2003؛ لم تشهد النور؛ لأن التغيير لم يكن قائمًا على أساس استراتيجي وعقلاني مثلما حدث في كل من المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ونظرًا لسياسة المجاملات وتقسيم الثروات؛ فقد تكونت في العراق نظام سياسي ضعيف لا تستجيب للمعطيات والتهديدات الداخلية والخارجية، ففي البعد الإداري ظلت الأيدولوجية؛هي المقياس التي تقاس على أساسها كل المعطيات، ولم نصل بعد إلى مفهوم دولة المواطن او الإدارة البيروقراطية التي تخدم الجميع بغض النظر عن الخلفيات الدينية والسياسية والايدولوجية للمواطنين، وهذا ما انعكس على العملية السياسية برمتها؛ فالحملات الانتخابية في العراق لم تتحرر بعد من الانتهاكات وتوزيع التهم والمزايدات والشعارات التي لا تغني عن الحق شيئًا، ومنالمفروض أن تكون العملية الانتخابية والسياسية محكومةبتقديم المشاريع الخدمية والعلمية وغيرها؛ وليست الاوراق الشائكة والأجندة الخفية.
ان الحالة السياسية في العراق قد اثرت سلبا على الإقليم؛ كون الاقليم شريك في العملية السياسية خاصة وان للكورد نوع من الشراكة السياسية مع الشيعة وذلك لما للطرفين من تاريخ مشترك في مواجهة شمولية النظام السابق، إلا ان الشراكة السياسية مع الشيعة لم تكن يوما شراكة استراتيجية قائمة على اساس المصالح الوطنية المشتركة؛ بل على العكس كانت شراكة قائمة على مصالح فئوية وحزبية لم تفرز الاستقرار والمؤسساتية في العلاقات السياسية بين الاقليم والطرف السياسي الحاكم في بغداد، فالازمات بدات بالظهور في عهد الجعفري وظن الكورد ان شخصية الجعفري هي العلة وراء ازمات المركز والاقليم، وبدات الدعوات تعلو باتجاه تغيير الجعفري الا أن تغيير الوجوه لاتعد المقايس في اللعبة السياسية وان شخصنة المصالح السياسية هي التي تؤدي بنهاية المطاف الى تجديد الازمات وتعميقها وتطورها الى ازمات جوهرية قد تنعكس اثارها سلبا على التجربة الكوردية برمتها.
والسؤال الذي يفرض نفسه؛ هل الازمة بين بغداد والاقليم ازمة دستورية ام سياسية؟ او ان ما يجري عبارة عن مناورة بين الطرفين لكسب صوت الشعب في الانتخابات القادمة خاصة وان الجو السياسي لدى الطرفين لا تبشر بكثير من الخير؟
ان الازمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالمناخ السياسي العراقي تعبر عن خلفية دستورية تعمق من الازمة الراهنة وتغذي ازمات لاحقة وفق المقايس السياسية والمعطيات بين الاقليم وبغداد. ان العراق تعيش ازمة دستورية بكل المقايس ليس فقط بين الكورد وبغداد ولكن في النظام السياسي العراقي برمته، فالدستور الجامد الذي صوت عليه الشعب العراقي في 2005 يحمل في طياته الكثير من الثغرات والفقرات المطاطية التي تحمل اكثر من معنى ويسهل استخدام بنود هذا الدستور من قبل الاطراف السياسية في ادارة اللعبة السياسية بين الكيانات المتابينة؛ فالانتخابات التي جرت في 2010 والتلاعب بالنتائج والتفسيرات المضحكة لفقرات الدستور قد ادى الى ابعاد الطرف الفائز و تشكيل الحكومة من قبل الطرف الخاسر تحت ضغط اقليمي واصرار داخلي . اذن ان الازمة الدستورية في العراق هي التي تخلق الازمات الاخرى، فعلى سبيل المثال الحملات العسكرية التي تقوم بها الجيش العراقي في الانبار هل تجري وفق اطار دستوري بحيث تستخدم الجيش بمهنية في التعامل مع الجماعات الارهابية ام ان ذلك تجري وفق لعبة سياسية يتم من خلالها التلاعب بحياة المدنيين العزل في المناطق المنكوبة ضمن المربع السني، وفي نفس الوقت تجري الان التلاعب بقوت الناس من خلال افتعال ازمة مالية مع الاقليم الامر الذي ادى الى خلق حالة من اللااستقرار الاقتصادي المزمن في الاقليم، فالازمة السياسية والاقتصادية والامنية في العراق في الوقت الراهن هي مجرد افرازات للازمة الدستورية وعدم سير السلطة السياسية على الاساس الدستوري الذي قام عليه العراق ما بعد صدام. ونظرا لتكرار الازمات بين فترة واخرى فان المشهد السياسي تعبر عن تبني سياسة خلق الازمات من قبل الحكومة العراقية، لان الانتكاسات السياسية والاقتصادية في العراق تظهر حجم الفشل السياسي الامر الذي يفتح الباب امام الاساليب غير الصحية في ادارة العملية السياسية.
ان الاقليم تحمل جزءا من المسؤوليات السياسية والاقتصادية في التعاطي مع الازمات وكذلك طبيعة العلاقات السياسية بين بغداد والاقليم فالسلطة الكوردية قد اقتنعت بالحلول المرحلية ولم تفهم اللعبة السياسية الا بعد فوات الاوان، ان المالكي تتحرك وفق اجندة خارجية ووفق معطيات واوراق تفوق قدرة الاقليم وكذلك يصعب التقليل من الاوراق التي يستخدمها المالكي في سبيل احتكار السلطة والنفوذ السياسي، فالاقليم لابد وان يغيير العقلية السياسية في التعامل مع المركز، ولا بد من وجود رؤية سياسية كوردية واضحة للتعامل مع الازمات التي تعصف بالاقليم جراء السياسات الشمولية التي يتبناها المركز، ومن اجل تحقيق ذلك لابد من ماسسة العلاقات الكوردية مع بغداد والتحرر من العلاقات الحزبية مع المركز فلا تخفى على المواطن الكوردي تقسيم الاحزاب بين المحاوار في الشرق الاوسط وتاثير تلك المحاوار على الداخل العراقي. اذن الاقليم بين رهانات الداخل وتهميش الخارج تعبر عن حالة الازمة الحقيقية خاصة وان الكثير من الاطراف الدولية والاقليمية رفضت تقديم يد العون للكورد، واستمرت تلك الاطراف الدولية باحترام ما يسمى بالمواثيق والاعراف الدبلوماسية من خلال التعامل مع المركز واعتبار الاقليم جزءا من العراق وان المسالة برمتها داخلية لا شأن لاحد فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية