الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الببلاوى فدائيا

نصارعبدالله

2014 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



فى أعقاب ثورة يونيو2013 وإعلان خارطة الطريق بدأ الرئيس المؤقت الستشار عدلى منصور اتصالاته مع الشخصيات السياسية التى تحظى بالقبول من جانب القوى المؤيدة للخارطة ومن بينها حزب النور السلفى، لكى يختار من يتولى رئاسة الحكومة، ولم تكن المهمة سهلة على الإطلاق، فممثلو الشباب والثورة يعترضون على الأسماء المحسوبة على نظام مبارك كما يعترضون كذلك على من سبق تعاونهم بأى شكل من الأشكال مع الدكتور مرسى، وممثلو حزب النور يعترضون على من يعتبرونه محسوبا على جبهة الإنقاذ! ،وبقية الرموز الإسلامية (ومعهم حزب النور أيضا) يعترضون على من يعتبرونه ممثلا للتيار العلمانى !، .....وأما الذى يتم عليه التوافق بين هؤلاء وأولئك ( ونادرا ما كان يتم التوافق ) فقد كان يسارع إلى الإعتذار عن قبول التكليف لكى ينأى بنفسه عن مهمة كانت تبدو للكثيرين أشبه ما تكون بالمهام الإنتحارية التى لن يكتب لها على الأرجح إلا نسف الرصيد السياسى لصاحبها والقضاء على مستقبله السياسى تماما ، ...المجتمع المصرى كان يبدو وكأنه منشق على نفسه بين مدنيين وإسلاميين ، والأحوال الإقتصادية والأمنية بالغة التردى ، المصانع المتوقفة تتزايد أعدادها يوما بعد يوم، والسياحة ممعنة فى التراجع ، والفساد والبيروقراطية ضاربان فى الأعماق حتى النخاع ، ومعدل النموالإقتصادى فى مجمله أصبح أقل من معدل النمو فى عدد السكان ( وهذه وحدها كارثة كبرى) ، وبالتالى فقد بلغت معدلات البطالة أرقاما قياسية وتآكل الرصيد الإحتياطى من العملات الصعبة، وأصبت مصر على حافة الإنهيار الإقتصادى الوشيك ، كل هذا فى الوقت الذى ارتفعت فيه سقوف المطالب والأحلام لدى جماهير الناس ولم تعد تقبل إلا بنتائج سريعة وملموسة ...وفى لحظات معينة بدا كأن قبول شخصية معينة ذات وزن يعتد به لتشكيل وزارة خارطة الطريق هو أقرب مايكون إلى المعادلة غير القابلة للحل فالذين قبلوا بالمهمة أو تحمسوا لها لم يتوافق عليهم الجميع، والذين توافق عليهم الجميع نأوا بأنفسهم عنها!، وكان لابد للخروج من هذه الورطة من شخصية لا تضع حساباتها الشخصية فوق كل الحسابات، ولا تقبل أن تتخلى عن أداء واجبها الوطنى كواجب عاجل فى حد ذاته بغض النظر عن انعكاساته على مستقبلها السياسى ، وكان حازم الببلاوى هو هذه الشخصية الفدائية!! . ومنذ اللحظة الأولى التى تولى فيها مسئولية الحكم كانت سياسته تنبىء عن وعى حقيقى لا بحجم التحديات والأخطار التى تواجهها مصر فحسب، ولكن ـ وهذا هو الأهم ـ عن وعى حقيقى بحجم الأخطار التى يمكن أن تواجهها إذا ما انزلقت إلى تلبية تلك الدعوات الغلوائية المتطرفة التى يدعو إليها بعض المراهقين فكريا أو بعض المزايدين سياسيا فى عدد من المنابر الإعلامية... ومنذ الأيام الأولى لتوليه مسئوليته، بدأت حكومة حازم الببلاوى تواجه ليس فقط تلك المشكلات الإقتصادية المزمنة التى كانت تعلم حجمها سلفا، وليس فقط تلك المشكلات الأمنية المستجدة التى ترتبت على مواجهتها لجماعة الإخوان المسلمين والتى كشفت عن وجود تنظيمات مسلحة عديدة تحت الأرض ، لم نكن نعلم ، وربما مازلنا لا نعلم ماهو حجمها ولا ما هو مداها على وجه الدقة والتحديد، ...منذ الأيام الأولى لتوليه مسئوليته بدأ الدكتور حازم الببلاوى يواجه ليس فقط تلك المشكلات سالفة الذكر، ولكنه بدأ يتعرض أيضا لما هو أخطر من كل ذلك ، وما هو أخطر يتمثل فى رأيى فى تفشى النزوع إلى جنى المكاسب الشخصية أو الحزبية أو الفئوية دون نظر أو اعتبار إلى مصلحة الوطن ككل ...يكفى أن نشير إلى بعض النشطين السياسيين وبعض الإعلاميين الذين لم يكن لهم هم إلا أن يحققوا قدرا من النجومية من خلال الطعن فى حكومة حازم الببلاوى واتهامها بما هو فيها وما هو ليس فيها، وكأنما هم وحدهم من ينفردون بالوطنية ومن يملكون وحدهم مفاتيح الحل لكل مشكلات مصر، وقد وصل بهم الأمر فى تجريحهم للببلاوى وتعليقهم لكل مشاكل مصر فى رقبته، وصل بهم الأمر إلى حد أنهم كانوا يتهمون حكومته بالشىء ونقيضه فى آن واحد فهى حكومة متراخية عندما لا تتخذ إجراءات صارمة ضد المتظاهرين، وهى متنكرة للحرية ومهدرة لحقوق الإنسان عندما تصدر قانون منع التظاهر أوعندما يصدر فى عهدها حكم بالحبس لبعض التلميذات المنتميات إلى جماعة الإخوان . يبقى أن نقول إن حازم الببلاوى نموذج وطنى حقيقى تولى المسئولية بأمانة وتجرد فى ظل مرحلة بالغة الصعوبة والحرج علا فيها صوت المتشنجين وتجار الشعارات وأصوت الباحثين عن المكاسب الشخصية والفئوية. وقد دفع الثمن فى النهاية كما يدفعه أى فدائى حقيقى، والسؤال الذى يطرح نفسه الآن بالضرورة هو:هل سينجح محلب فى تحقيق ما عجز عنه الببلاوى أم أننا فى الحقيقة إزاء فدائى جديد ؟؟.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا