الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان مجلس الامن وتأثيره على صراعات مراكز القوى اليمنية والحوثة والحراك الانفصالي

نجيب غلاب

2014 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بعد صدور قرار مجلس الأمن الذي وضع اليمن تحت طائلة البند السابع ظهرت اعتراضات على البيان باعتباره يضع اليمن تحت الوصاية الدولية وأيدته اطراف اخرى، وحتى تتضح الرؤية وباعتباري مؤيد ايجابي لما ورد في البيان أؤكد أنه متوافق مع المصالح الوطنية اليمنية، ولا يتناقض مع أهداف المشروع الوطني حتى وان احتواء على مقرارات بالإمكان تفسيره بطريقة مغايرة لمصالح من يتخوف من البيان، ومن وجهة نظري ان القسوة الناعمة التي احتواءها تحمي حتى من يعتقد انها تستهدفه في حالة تم التعامل بمعايير واضحة اثناء مراقبة الفاعلين، وقوة البيان انه أكد على سيادة ووحدة واستقرار وأمن اليمن وسلامته وأكد على اكمال تنفيذ الآلية التنفيذية الخليجية والوصول الى الانتخابات والجديد في البيان أنه اقر تشكيل لجنة تابعة للمجلس عقوبات لمراقبة ومتابعة معرقلي التسوية السياسية وأصبحت التكوينات اليمنية والأفراد تحت الرقابة وقد تفرض عقوبات من مجلس ضد معرقلي العملية السياسية التي انتهت بمخرجات انتجها الحوار الوطني. وقد حظي قراره مجلس الامن رقم 2140 بالاجماع. وأكد البيان على أن الوضع اليمني في اليمن يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين ويهدد الأمن والسلام في المنطقة.
ورغم الاعتراضات التي أكد بعضها بالجزم ان بيان محلس الأمن ليس إلا مؤامرة، إلا ان التكوينات اليمنية الحزبية والدينية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني لم تعترض على البيان بشكل رسمي حتى اللحظة بل ان التأييد هو الغالب وما يبعث على الاطمئنان ان القوى المؤثرة في المنظومة الاقليمية والدولية مع أمن اليمن واستقراره وسلامته، وليس بيان مجلس الامن إلا مؤشر واضح ان الجميع يريد الخير لليمن إذا ما ستثنينا الدور الايراني السلبي، وما سهل الموافقة على البيان وقبوله حتى لدى من اعترض على بعض بنوده توازنه وعقلانيته واحتوائه على مطالب الاطراف الاكثر تأثيرا بل انه يفتح لها الافق لمصالحات حقيقية مراهنة على المستقبل والبيان من جهة اخرى لا يقف ضد أي طرف حتى وان تناقض مع مصالح بعض التكوينات المراهقة والمتهورة والتي تتحرك في سياقات معارضة للتوافق الوطني والتي لم تدرك بعد مصالحها وحاجات اليمن ومتطلباته ودوره القادم في الاقليم وفي المنظومة الدولية، وما يساعد على بناء اجماع حول المسألة اليمنية ان اليمن مسألة أمنية وبالإمكان الاستفادة من موقعه الاستراتيجي من قبل الاطراف الاقليمية والدولية بما ينفع اليمن ويحقق السلام والاستقرار في منطقة حساسة أي فوضى فيها يؤثر على مصالح الجميع كما ان معضلات اليمن المتراكمه جعله عبء دائم على نفسه وعلى الآخرين وحان الوقت لينتقل الى مرحلة جديدة تمكنه من بناء شراكة داخلية وخارجية تحمي أمنه القومي وتجعله قوة مضافة لامن الاقليم والعالم.
حسب تصوري مهما كانت التخوفات من نتائج القرار وهي تخوفات مبررة إلا اني اعتقد لو منح كل طرف الحق في صياغة البيان وكانت الموضوعية موجودة والمستقبل هو الخيار لتطابق البيان الذي اصدره المجلس مع خيارات الاطراف المراهنة على وطنها ومصالحها المعقولة، ومن متابعتي لمطالب الاطراف الفاعلة في منظومة التوافق سأجد انها مضمنة في البيان فهو بيان متوازن وحكيم ويساعد كل الاطراف على الخروج من مأزق صراعاتهم العبثية.
يبدو لي ان الحكمة اليمنية ستفوز مهما كانت المصاعب، فقد تبدو مشاكلنا معقدة وبلا حل وواقعنا يعني من تناقضات لا يمكن تفكيكها والتشتت والانقسام بلغ مداه إلا اننا في لحظة بلغت الازمات المتراكمة نقطتها الحرجة فاما ان نموت او تستمر الحياة لنواجه انفسنا ونحن نبني تاريخ جديد لن يغادر الماضي بين ليلة وضحاها ولكنه سينسج الماضي في ملحمة مغايرة متجهة الى المستقبل.
ولن نفهم طبيعة البيان وفوائده ما لم ندرك واقع الصراع اليمني والمشاكل التي تواجهه فالوضع اليمني معقد جدا وطاقة التكوينات المتنوعة سياسية واجتماعية و اقتصادية وثقافية تعيش صراعات بينيه عبثية تتنامى مع كل نزاع جديد وكل نزاع جديد مستند على خلفية نزاعات متراكمة لم نتمكن من تفكيكها فتتناسل الصراعات وعادة ما تكون مآلاتها خسائر تطارد الكل بلا استثناء.
اليوم لدينا مدخلات جديدة في الصراع وهي التدخل الخارجي بعضها يقوم بدور سلبي إلا ان المنظومة الدولية ودول الاقليم يتدخلون بشكل ايجابي وهذا مهم لضبط التناقضات الداخلية، وفي ظل تحولات عالمية وضعت الكل تحت المجهر فان الفوضى الذي قد تحدثه دولة عالمثالثية كاليمن يؤثر على السلم والامن الدوليين وكلما كانت الدولة اكثر تهديدا لامن اقليمها وللامن العالمي فان التدخل اجباري.
اليمن اليوم بحاجة الى مساعدته على تنظيم تناقضاته وفق آليات سلمية والتركيز على بناء الدولة وتنمية قدراته الاقتصادية، والجميع يتحمل مسئولية بناء التسامح والتعايش والتركيز على بناء الأمن كمقدمة لبناء القدرات ومن لا ينمي قدراته يضعف ويصبح نهبا للفوضى والعزلة والتدخل الجلف من قبل الآخرين. مشكلتنا اليوم ان الاوضاع تزداد سوء والامل الذي يتم الحديث عنه مازال كالخيال وكلام بلا افعال، صحيح ان علينا ان نتفاءل إلا ان قشرة التوافق وقبول ما تم التوافق عليه يواجه الكثير من المعوقات كما ان اسناد المنظومة الدولية لنا بالبيانات ليس كافيا وبالذات واليمن تعيش حالة حرب الكل ضد الكل رغم الجمود الذي اصاب محاور النزاع بفعل الضغوط الخارجية والخوف من الانهاك. ما يخفف انشداد الاطراف للعنف في ظل دولة ضعيفة وهشة هو التدخل الخارجي ومازالت الاطراف المتنازعة تنتظر معركتها، فالصراع بالامكان اشعاله في أي وقت واذا اشتعل بتعقيداته فقد يهدد بقاء الدولة، والمشكلة اليوم ان الكل على مستوى الخطاب يطالب بدولة قوية والسلوك الفعلي يناهض وجودها، ولا فرق بين متمرد او فاسد في بنية المؤسسات او مناضل مثالي وتتركز المشكلة ان كل طرف يسعى لتحويل الدولة الى أداة لاشباع رغباته، فمازال الوعي القبلي حتى لدى التكوينات المحسوبة على العصر محدد أساسي في تحديد الخيارات، وهذا الوعي يتعامل مع الدولة كمجال للغنائم، لا قيمة عملية واخلاقية لتنظيم المجتمع ليحقق غاياته.
نحتاج اليوم الى توزيع قوة المركز بما يقوي من قدرات الدولة التوزيعية ويمكنها من التغلغل والعمل على كل ما من شأنه شرعنة قوة الدولة فقد أدى تركز القوة بأيدي المراكز التي راكمت القوة في ظل مجتمع خاضع لوعيه القبلي البدائي ومحاصر بفوضى ثقافية وسياسية وفقر موارد وخبرة ضائعة إلى انتشار فوضى مستدامة ولم يتمكن المجتمع اليمني بتناقضاته المختلفة والتي يأتي في القلب منها التناقضات القبلية التقليدية والمناطقية والمذهبية والعرقية والجغرافية، من بناء مشروع وطني مجمع عليه.
والواقع يؤكد عجز القوى المتنازعة من التحرر من القيود التاريخية التي يتم إعادة انتاجها باسم القيم والمبادئ الحديثة لتغطية الوعي الغائر. نحتاج بموازة البناء السياسي الى ثورة ثقافية تساعدنا على بناء هوية وطنية متلائمة مع واقعنا ومع التحولات العالمية وفتح آفاق الانفتاح على الآخر بما يسهم في نمو التعايش الداخلي والاقليمي ويحمي دولتنا واقليمنا من الاستغلال الذي تنتجه المنظومات الدولية المتهورة الساعية وراء الارباح دون انتباه لتنمية الدول الفقيرة، وطموحات الدول الاقليمية الغير عربية كأيران وتركيا، فالمنطقة العربية ليست لديهما إلا مجال حيوي لخدمة امنهما القومي.
ومن الاولويات في اليمن تقوية النظام والقانون باعتبار ذلك مدخلا ضروريا لتجاوز معضلاتنا فالوضع في اليمن يتطور باتجاهات مناهضة لبناء هوية وطنية ودولة جامعة وهذا يجعل طاعة القانون ضعيفا ويحتاج الى قوة قهر وقسر لو تم استخدامها لأدى الامر الى انهاك الدولة وهذا يسهل للمتنازعين ان يعملوا من خارج المؤسسات الرسمية الضعيفة وتوظيفها لخدمة مصالحهم الانانية. وهذا يفسر التأييد الذي حظي به بيان مجلس الامن من اغلب القوى الشعبية رعم وجود اعتراضات وتخوف من تطبيقه بطريقة متحيزة تستهدف البعض لصالح مصالح اطراف داخلية لها علاقة بمصالح اطراف خارجية فقد تستخدم لجنة العقوبات لادارة الصراع الداخلي وارتباطاته بالاطراف الاقليمية والدولية بما يحقق استراتيجيته.
ورغم التخوف من التدخل الخارجي السلبي إلا ان الخطر اليوم ان طبيعة إدارة الصراع وطبيعة من يديره يحاولون أن يبنون الدولة بما يساعد على تفكيك الدولة وهيبتها، لا على مستوى الوعي فحسب بل على مستوى اضعاف طاقتها وافراغها من وظائفها، فالمؤسسات الضعيفة مازالت حتى اللحظة موزعة على الاطراف الاكثر قوة بالاستناد على تحيز تقليدي مناطقي او قبلي، وتبدو مؤسسات الدولة ملحقة بالصراعات بوجهها الانقسامي الجغرافي والمناطقي والمذهبي لا أداة محايدة مضبوطة بالقانون.
ومهما يكن فعلينا ان نتفاءل فاغلب الاطراف من ناحية واقعية تحاول الوصول الى توافق يساعد على بناء الدولة إلا ان الخوف يلاحق الاطراف من ان يؤدي بناء الدولة الى سيطرة طرف عليها ولو بالآليات الديمقراطية وهذا الامر قد يزعزع التوازنات التي تتشكل خارجها وبأدواتها، حيث يتم التعامل مع الدولة كمجال لانتاج المحسوبيات التي تحددها قوة الاطراف في الواقع وقدرتها على التأثير على المجال السياسي.
تتعاظم الاشكالية يوميا كلما تأخرت عمليات الاصلاح السياسي وتجاهل المسألة الاقتصادية والثقافية وزادت الانقسامات التي تنتجها عمليات السيطرة على الدولة والتي خلقت سلطات متعددة فوق الدولة لمحاصرة بناء الدولة، ويبدو ان بناء مركز مسيطر متحكم على المؤسسات اليوم شبه مستحيل ونتيجة لضعف الدولة وتشتت قوتها وهشاشة مؤسساتها جعلها نهبا لفساد تفرضه سياسات المصالح الانتهازية، ومع توزيع الوظائف العليا من خلال التقاسم والمحاصصات بين المتنازعين افقد مؤسسات الدولة قدرتها على التماسك ويقود مؤسساتها لتغدو تابعة وملحقة بمراكز القوى التي قد تظهر ملامحها من خلال أشخاص أو تكوينات مدنية او منظومات أهلية.
يبدو لي ان الضغط الخارجي بكافة اشكاله الايجابية سوف يسهم في التخفيف من وطأة الصراع المعقد للنخب القوية ولدى الجميع قناعة اليوم ان الدولة اصبحت هي الحل فالفوضى المستدامة تؤدي الى تعاظم دور الوحوش المعرقلة لبناء الدولة وهذه العرقلة قد تصبح وحش من الخسائر لا محالة انها قد تصيب النخب المتناقضة في مقتل.
ومهما كانت المشاكل التي تواجه اليمن إلا ان مشكلته الاقتصادية تبدو كمدخل لعجز مستدام معيق للتقدم فبناء الدولة كتحدي جوهري لن يحقق اهدافة والاقتصاد منهار، ويرى البعض ان بناء الدولة هو المدخل الاول لتفكيك بقية الازمات المتنوعة التي تعيق بناء الدولة وهذا ربما ما يجعل ايضا التدخل الخارجي خيارا مقبولا حتى لدى من يعاني من حساسية مفرطة ضد انتهاك سيادة اليمن التي ينتهكها ابنائها يوميا من خلال تقويض هيبة الدولة وهذه عقدة بلا حل، فالتحديات المنتهكة للسيادة اليمنية في داخل تشكل منظومات متنوعة تدمر هيبة الدولة وقانونها وتتحدى سيادتها والبعض لا يريد دولة قوية بل يبحث عن استبداد مائع بلا ملامح يجعل القانون فراغ مرتهن لقوة قهرية غامضة يديرها اشخاص لا يمتلكون أي صفات رسمية.
ومهما كان التغيير القادم المسنود من الخارج، فإنه يشتغل في ظل تحولات أضعفت من المسألة المدنية وأضعفت الدولة وهذه زاد من التمرد في ظل دولة مائعة تريد بناء قوتها والفساد يتوسع في بنيتها ويتم اعاقة قدرتها على فرض وجودها، ما يسهل مهام الفوضى واستدامتها منظومة المؤسسات التي يديرها قيادات لا تمتلك الكفاءة ولا التأهيل المطلوب لادوارها وافراد انتهازيين ومنظومات انانية ناهيك عن مافيا الفساد المتجذرة في المؤسسات وهؤلاء مبدعين في استغلال الأوضاع لصالحهم وتحريك القوى الفوضوية ومشاريعهم العديمة التي تمكنهم من عزل الدولة وقانونها في فراغات الصراع العبثي وفي الوقت ذاته تدر غنائمها على دوائر ضيقة مرعوبة من دولة قوية محمية بشرعية الامن والاستقرار لان دولة قوية يعني نفي للخبث الذي يأكلها وهي هشة، فالدولة اذا ضعف جهازها المناعي تنهشها جراثيم الفساد بلا رحمة وقد تقودها الى حتفها!!
يبدو لي ان التدخل الخارجي بحاجة الى التركيز على المسألة الاقتصادية بالموازاة مع تشجيع القوى المتنازعة على بناء الدولة بما لا يهدد مصالحها بل يساعدها على شرعنتها من خلال القانون وتأسيس الدولة القوية، وعلى القوى الداخلية ان تعيد بناء ادوارها واستغلال هذا الاجماع لدى المنظومة الدولية وتوظيف هذا الاجماع في ضبط التناقضات الداخلية ومحاصرة اي تهور من قبل الاطراف الخارجية التي لا تريد اليمن إلا كيانا فوضويا كأيران.
وعلى النخبة اليمنية ان تتفاعل مع الخارج بلا تخوفات لا أساس لها فبيان مجلس الأمن ليس إلا تعبيرا عن الرؤية الحاكمة للقوى الخارجية واضافة قوية لشرعنة التحولات التي اسس لها التوافق اليمني، وعامل دفع اضافي لمحاصرة اي تهور من قبل المتنازعين، وسيفتح البيان افق الاعتدال لدى المتطرفين المناهضين للتسوية السياسية ونتائجها ومساراتها التي لم تكتمل، والاهم انها قد تفتح الطريق لتواصل بين المتنازعين لتخفيف وطأة النزاع وإعادة بناء العلاقات التي دمرتها صراعات المصالح وتناقضات القراءات السياسية للمستقبل.
نشير هنا وبوضوح ان الحراك الجنوبي الانفصالي بعد البيان مازال مصدوما والخيار الاسلم ان يعيد ترتيب اوراقه في اتجاهات اكثر مرونة فاندفاعاته المتهورة باتجاه العنف ستجعله ضحية والاحتمال ان انفعالاته ستخف وطأتها وستبدأ قياداته المتطرفة والغنية في التواري من المشهد أو الاستمرار في اصدار البيانات والتصريحات الذي سيحاصرها اكثر، مع ملاحظة ان خطابها الاعلامي المثير للغرائز قد يكون مدخلا لمعاقبتها، وبإمكان اي مواطن ان يرفع قضية ضد التكوينات التي توظف الانفصال في خطاب مثير للعنف والاضطرابات ومهدد للوحدة الوطنية باعتبارها خيارا محسوما في الدستور والمبادرة الخليجية وفي مقررات وبيانات مجلس الأمن.
بيان مجلس الامن واضح والتزم بوحدة وسيادة واستقرار وأمن وسلامة اليمن، واي عرقلة لمخرجات الحوار والتي يرفضها الحراك الانفصالي سيجعلهم تحت طائلة العقوبات، مع الاشارة ان التكييف القانوني المؤسس للجنة العقوبات قد يتعامل مع الخطاب الانفصالي المثير للكراهية والاحقاد وادواته والرافض لمخرجات الحوار قد يتم التعامل معه كعامل معرقل ومخالف للقوانين الداخلية والبيانات المتوافق عليها من المنظومة الدولية وبالاجماع، الحراك الجنوبي اليوم سيعيد بناء استراتيجية ليحمي قياداته او قد يندفع باتجاهات فوضوية لتقع القيادات في براثن لعبها بالنار.
اما مراكز القوى المختلفة التي هيمنت وسيطرة في عهد صالح فلم تعدّ قادرة حتى لو اعادت بناء لحمة تحالفاتها من انتاج اي افعال لتغيير مسار التحول الذي اصبح محكوما بالتدخل الخارجي وبكثافة عالية قد يشكل بعضها قوة ناعمة لاعاقة تنفيذ المخرجات من خلال التفاعل السلبي معها او تنفيذها بطريقة تؤدي الى افشالها وهذا حسب تصوري ومتابعتي لن يحدث والخيار الاسلم امامها ان تكون شريك فاعل لتهيئة البيئة لتحولات عقلانية تساعدها على العودة بالأدوات الناعمة الى الواجهة عبر ادوار جديدة تلائم المرحلة القادمة. والمراقب الموضوعي يلاحظ انها تسعى في اتجاهات عقلانية رغم الخطاب العالي من قبل مناصريها والخطاب القيادي الذي يدير لعبة دعاية ليس إلا.
ونشير هنا ان الحركة الحوثية واذرعها الواضحة والغامضة وتحالفاتها المشتتة بين المتناقضين والتي انتجت عنف وتهديدات ارعبت بعض اطراف النخبة خلال الاشهر الماضية لن تتمكن بعد بيان مجلس الأمن من انتاج عنف شامل لترسيخ نفوذها وجذورها وحتى خطابها التعبوي ضد الغرب والذي لن يجد اي صدئ قادم الايام وسيحاصر ماحققته من ارباح وربما الخيار الذي قد يساعدها على انتاج عنف وحروب متقطعة يحتاج الى استفزاز الاخوان وشيوخ القبائل المعارضين لهم وجرهم الى معركة مذهبية وتحريك صراعات في البنية القبلية خارج المدن، وهذا الامر لم يعدّ ذات جدوى فالصراعات في منطقة القبائل وفي الريف سيختنق ذاتيا وسيضعف الاطراف المتصارعة في لحظة تحولات تريد ان تصل الى خيار الانتخابات باعتبارها النعومة الآمنة لتحديد قوة كل طرف في الساحة.
وبعد البيان يبدو الطموح الحوثي باحتلال صنعاء كحبل مشنقة للحوثي، حسب تصوري ان الحوثي في المرحلة القادمة لم يعدّ خطرا على خصومه بل على من يعتقد ان التحالف معه سيحميه فقد يجر الحوثي حلفائه المعلنيين والغامضين الى مصيدة لن يخسر فيها الحوثة وانما التكوينات الاخرى التي بالامكان معاقبتها. صحيح ان الحوثية ستحاول ان تتوسع في الجغرافيا عبر عقائدها المناهضة للاخوان إلا ان توسعها لن يساعدها على بناء قوتها في ظل التناقضات المتلاحقة التي تعيشها ما بين الخطاب وواقعها بكافة تفاصيله بل انها وصلت اليوم الى الحدّ الاقصى لقوتها الممكنة وستبدأ في التراجع مع الوقت وكلما تقدمت العملية السياسية وقلت تناقضات التكوينات في ظل رؤية خارجية مجمعة على طبيعة التحولات وتحسنت الاوضاع الاقتصادي وزادت فاعلية الحراك الثقافي التنويري وأعادت البنية القبلية حساباتها فإن كل ذلك سيحاصر الحوثي في قضايا تفقده الطاقة التعبوية التي يستخدمها والتي تحتاج الى حروب وانفعالات متحركة في فوضى سياسية او ثقافية او اجتماعية، الحصار الذي سيلاحق الحوثي سيكون تلقائيا بفعل التغيير المسنود من الاقليم والعالم وبفعل المراجعات التي قد تحدث لدى مختلف الاطراف اليمنية للوصول الى الارادة الشعبية كخيار وحيد للامساك بزمام الحكم.
قد يؤدي التراجع الحوثي الى تبني استراتيجية اشعال الحرائق كخيار لا مفر منه لتحريك الايدولوجيا الاسلاموية الحوثية وتحفيزها وتسهيل انتشارها عبر القهر واثبات الوجود إلا ان امر كهذا اصبح مستحيلا وان حدث فإن الحوثية ستحفر قبرها بيدها وقد تتحول الى ضحية لاجماع داخلي وخارجي يفقدها حيويتها وقوتها التي منحتها الاربعة الاعوم الماضية!!
الخلاصة ان بيان مجلس الأمن كان قويا وملتزما بالخيارات الشعبية اليمنية ومخاطر لجنة العقوبات انها تفتح الباب لخيارات اخرى قد يكون احدها بناء قوة قسرية لمواجهة من لا تؤثر عليه الاجراءات التي وردت في بيان مجلس الأمن وهذا يفتح الصراعات على احتمالات سيئة قد تقود الى تقسيم اليمن وتغييرات جذرية تنفي كل القوى الحالية في الساحة وقد يكون الاخوان المسلمين هم الرابح الاكبر في حالة أي تدخل دولي عبر القوة الصلبة!!
الحوثي اليوم اما ان يتعقلن ويمارس السياسة بادوات ناعمة او ان يحاصر ارباحه التي حققها والتي بامكانه ان يبني عليها مع ملاحظة ان الاطراف المرنة والتي ادارت صراعاتها بحدة في المرحلة الماضية في رقعة شطرنج الصراع السياسي ستكون اكثر حذرا من التعامل مع قوى التمرد حتى لا تكون ضحية في لعبة تتغير مساراتها باتجاهات لا يمكن مقاومتها ولا محاصرتها بالاستراتيجيات الفوضوية!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلتنا: مقتل شخص في غارة استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأسود ج


.. مشاهد جديدة من مكان الغارة التي استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأ




.. صحفي إسرائيلي يدعو إلى مذبحة في غزة بسبب استمتاع سكانها على


.. هجوم واسع لحزب الله على قاعدة عين زيتيم بالجليل وصفارات الإن




.. شمس الكويتية تسب سياسيي العراق بسبب إشاعة زواجها من أحدهم